حاجة الانسان للدين | بقلم الدكتور/ أحمد الطباخ 


حاجة الانسان للدين | بقلم الدكتور/ أحمد الطباخ
حاجة الانسان للدين | بقلم الدكتور/ أحمد الطباخ


خلق الله الانسان على صورة عجيبة واعطاه من الغرائز ومنحه من العواطف ليكون فيه المنحة الالهية والنفخة الربانية وكذا المحنة الشيطانية والوسوسة الابليسية ووهبه مع كل ذلك عقلا وجعله مخيرا في افعاله مرخى العنان في اعماله فهو بهذا مهيا للتنافس في اللذائذ الجسدية والتصارع في المطامع المعيشية ولكن الله لم يتركه هملا يكابد مشاق الحياة وحيدا دون منهج يضبط ايقاع حياته او رسالة تبين له طريق الحق والرشاد لانه في امس الحاجة الى مرشد يهديه والى طريق يسجيه بسياج العدل لكي لا يضل او يطغى وهذا لا يصلح ان يكون منهجا ارضيا او نظاما ملكيا وانما لابد ان يكون قبسا الهيا ومشكاة ربانية من قبل الله الذي خلق ويعلم من خلق وما يصلحه تتلقاه العقول عن رجال اختارهم الله للبلاغ عمن ارسلهم بدين الناس في امس الحاجة اليه ومهما بلغ الناس من المادة فلا غنى لهم عن دين يقيم لهم ما اعوج من حياتهم ويصلح لهم ما فسد من اخلاقهم ويطهر لهم ما تغير لهم من فساد قلوبهم ويبين لهم ما يقيم لهم علاقة سوية مع ربهم و الناس لان الانسان كان ظلوما جهولا خلقه الله هلوعا اذا مسه الشر جزوعا واذا مسه الخير منوعا جبل على الحرص لذا كان الدين الذي اكسب عقول البشر كما يقول جمال الدين الافغاني ثلاث عقائد واودع نفوسهم ثلاث خصال كل منها ركن لوجود وعماد لبناء هيئتها الاجتماعية واساس محكم لمدينتها وفي كل متها سائق يحث الشعوب والقبائل على التقدم لفايات الكمال والرقي لذرا السعادة  وفي كل واحدة وازع قوي يباعد النفوس عن الشر ويردعها عن مقارفة الفساد ويصدها عن مقاربة ما يبيدها ويبددها والعقائد الثلاث هي 

الاولى التصديق بان الانسان ملك ارضي وهو اشرف المخلوقات

والثانية يقين كل ذي دين بان امته اشرف الامم وكل مخالف له فعلى ضلال وباطل

الثالثة جزمه بان الانسان انما ورد هذه الحياة لاستحصال كمال يهيئه للعروج الى عالم ارفع واوسع من هذا العالم الدنيوي والانتقال به من دار ضيقة الساحات كثيرة المكروهات جديرة بان تسمى بيت الاحزان وقرار الالام الى دار فسيحة خالية من المؤلمات

وهذه العقائد الثلاث لها أثار جليلة ومنافع عظيمة على الانسانية لانه لا يمكن للانسان ان يعيش دون عقيدة تحميه وتحصنه وتلهمه وتعينه على نوائب الحياة ومنغصات المعيشة لذا كان لهذه العقيدة لوازم تدفعه الى اكتساب المعالى واستحواذ الامجاد واستنهاض الهمم واستشراف الامال والتسابق لغايات المدنية والعمل على ارساء قواعد العدل والحق واستلهام قيم الاخلاق لبناء الاوطان وعمارة البلاد

ومهما يكن من امر فان مع هذه العقائد لابد من خصال وخلال توارثتها الامم وطبعتها الاديان في النفوس لتقيد حركة الانسان وتكبح جماح نفسه وتربي فيه قيم الحشمة والوقار وتزين اخلاقه بزينة الحياء الذي به شرف النفوس وعزة الرجال وجمال النساء ومنبع الغيرة والاباء فان الامة التي تفقد الحياء تفقد الرقي فتعطي الدنية ولا تانف من الخسائر وتضرب عليها الذلة والمسكنة حتى ينقضي اجلها من الوجود




Share To: