أزهري وأفتخر | بقلم أ. د روحية مصطفى أحمد الجنش أستاذ ورئيس قسم الفقه الأسبق بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات القاهرة


أزهري وأفتخر | بقلم أ. د روحية مصطفى أحمد الجنش
أزهري وأفتخر | بقلم أ. د روحية مصطفى أحمد الجنش

 

#الأزهر_معقل_الوسطية_الفكرية

مما لا شك فيه أن حركة الحياة على سطح الأرض تحتاج لدعائم قوية كي تسير في الاتجاه الأمثل والذي يحقق المصالح لجميع الناس ويدرأ عنهم الضرر الواقع أو المتوقع ، ومن أهم هذه الدعائم الحوار والمناقشة بين الأطراف المعنية بالأمر ؛ لإذابة كل ماينغص حالة الود والتراحم والتعايش الآمن بين بني الإنسان بصفة عامة ، وبين أبناء الوطن الواحد بصفة خاصة ، والناظر في منهج شريعتنا الغراء يظهر له جليلا حرص الشريعة على تحقيق هذا المقصد والذي يُعد  سيد المقاصد حيث به تُحفظ الأنفس ، والأموال ، والأعراض ، وتُحترم المباديء والقيم والمقدسات ، فها هو رسولنا الكريم صلوات ربي وسلامه عليه يرسخ هذا المبدأة بتشاوره مع أصحابه فيما يخص العلاقات الدولية في السلم والحرب ، وينزل الجناب الكريم ، والحمى الرفيع ، والشرف المنيع إلى رأي صائب يحقق المصلحة القومية بغض النظر عن كون هذا الرأي صدر من رجل أم من امرأة فالكل في ميزان الشريعة سواسية والحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها فهو أحق بها ، ولم يكتسب المجتمع الإسلامي قوته في صدر الإسلام إلا بتفعيل مبدأ المشاورة والمشاركة والمناقشة في أمور الدين والدنيا التي تحتاج إلى خلاصة رأي الجماعة دون تعصب ، وهذا المنهج من أقوى الدلالات على سماحة ويسر ووسطية شريعة الإسلام ، هذه الوسطية التي تبناها الأزهر الشريف خاصة في تدريس علومه الشرعية ، فلم يتعصب لمذهب بعينه أو يزدري آخر ، وإنما تعددية المذاهب والحوار بينها ، فكل إنسان يؤخذ من كلامه ويُرد عليه إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد اكتسب الأزهر بهذا المنهج قوته واحترام العالم له ، فهو المؤسسة التي تدعو إلى حرية الرأي  ، واحترام الآخر ، وتنشر العلوم التي تساهم في تقدم وأمن واستقرار المجتمع ، وتفتح آفاقا جديده للحوار حول القضايا التي تهم المسلمين بصفة خاصة والعالم بصفة عامة ،  وهذا يلقي الضوء على الدورالحيوي للأزهر الشريف الذي تبنى منهج الفقهاء الأربعة في نقل أحكام الدين الصحيح إلى المجتمع ، وتصحيح المفاهيم المغلوطة ، ورد الشبهات ، والمحافظة على سفينة المجتمع من الانحراف الفكري والانهيار الأخلاقي ، فهذه الوسطية هي سر من أسرار بقاء الأزهر شامخا ، فهوالقلعة الوحيدة التي لم ينقطع سندها وهي متصلة بالنبي صلى الله عليه وسلم .

ويعتمد الأزهر في منهجه الوسطي على قواعد خمسة وهي " قاعدة العلم، وقاعدة الحفظ والتثبيت،وقاعدة الحجة، وقاعدة بناءالإنسان ، وقاعدة تحقيق الأمن الفكري "،وهذا ماعلمه النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه في نقل العلم ، فكيف للأزهربعدهذا أن يخرج إرهابيا أومتطرفا؟! ولكن حتى يحقق الأزهر هذا الهدف المنشود على أكمل وجه لابد من تكاتف جميع مؤسسات المجتمع معه ، وعلى رأسها المؤسسة الإعلامية ، والتي يقع على عاتقها تحسين الفهم القائم للأفراد داخل المجتمع ، وتوجيههم نحو البناء والمشاركة المجتمعية والتعاون بدلا من النزاع والاختلاف . حفظ الله الأزهر جامعا وجامعة.



Share To: