قراءة في ( على قيد البقاء ) للكاتبة أشواق الدعمي | بقلم الأديب العراقي/ عماد الدعمي


قراءة في ( على قيد البقاء ) للكاتبة أشواق الدعمي | بقلم الأديب العراقي/ عماد الدعمي

قراءة في ( على قيد البقاء ) للكاتبة أشواق الدعمي | بقلم الأديب العراقي/ عماد الدعمي




على قيد البقاء نصوص نثرية استطاعت 
الكاتبة من خلالها أن تعبر عما يدور في خلجاتها بشفافية عالية وبسلاسة مفرطة فهي لم تطرق أبواب الضباب والانزياح بل عبرت بطريقة سلسلة لا تحتاج الوقوف والتأمل مستخدمة طريقة المباشرة فيما أرادت الوصول إليه،  وأغلب نصوصها كانت واقعية ولا نستبعد أنها صدرت من تجارب عاشتها الكاتبة مع الزج بالمخيلة التي ينتج عنها الإبداع. 

النصوص مالت للسرد والقص مع زج بعض التساؤلات...

قالت في نص ( لا تكن كالشمس )ص ٣٥

لا تقطف أزهارك بحجة انعقاد رحيقها 

فلا تعود لك بعد القطف 

ليلك ونهاري حينما أدعوك إلى الضياء

لا تدعوني إلى العتمة .

وقد استعانت بالاقتباسات القرآنية في هذا النص / لو أرجعت البصر كرتين /

الشمس والقمر متناقضان أحدهما يفضح الأسرار والآخر يعتني بها .

وقد ورد اقتباس اخر في نص ( هل تنطق القصيدة ) ص ٧٨

ماذا لو

خذلني الصمت 

وانحلت عقدة لساني ...

إن غاية الكاتب تكمن في مواضع الدهشة والضربات الحادة التي تؤثر على المتلقي ونحن نؤكد أن الكاتبة استطاعت الزج بهذه الضربات .. كما ورد في نصها ( قد لا يطول انتظاري كثيرا ) ٣٣ قالت :

البطولة ليست بالوصول إلى القمة

البطولة هي المحافظة 

على بقائك في القمة ...

وقالت في نص( بحرٌ وصمتان) ص ٩٥

إلى أن يأتي ذلك اليوم

سأتكلم فيه عنك بحيادية تامة

حديث لاشأن لقلبي به...

إن الخطاب الشعري منذ وجود الشعر وللآن يحاكي النفوس ويدخل القلوب وكأنه ترجمة لأحاسيس الناس في كل زمان ومكان وهذه السطوة الكبيرة على النفوس جعلت من الشعر العربي أن لا يموت أبدا مهما دارت الدنيا ومهما اختلفت الحياة وتطورت ، وذلك يعود لعملية الابتكار وخلق التجديد فالكل ينتظر ما سيأتي به الشاعر من جديد ومن إبداع يهز الوجدان ويجعلنا منغمسين في عالم جديد لم نعرفه من قبل ، وهذا يولد لدينا أن عملية الخلق والإبداع والابتكار في النصوص الشعرية هي سر تواجد الشعر في كل الأزمنة ، ومن خلال هذه العملية نستطيع معرفة التفاوت بين الشعراء وذلك من خلال الهيمنة الشعرية على أكثر المتلقين والتي لا تحدث إلا من خلال الإبداع والابتكار والتجديد بما لم يطرق سابقا، وإن كان موجودا ولكنه جاءنا بطريقة أقوى من التي جاء بها مسبقا.

وحين ظهرت ما يسمى بقصيدة النثر كان لابد على الجديد أن يضع قدما له وبقوة ، خاصة بعد قرون مضت وقصيدة العامود هي المهيمنة على الساحة الأدبية لذا توجب على كتّاب النثر أن يتسلحوا بما يجعل لهم الشأن بذلك . ونحن نرى أن كتابة النثر وإن وصلت لقمة الذروة فهي لا تؤثر كما يؤثر الجرس الموسيقي على المتلقي ..

والكاتبة أشواق الدعمي كتبت بطريقة الشعور السليم والفطرة والسليقة رغم سيطرتها على اللغة وهذا بحد ذاته نجاح يحسب لها لأنها ابتعدت عن التكلف في جميع نصوصها التي وردت في المجموعة 

قالت في نص ( اصمت ) ص ٦٨

اصمت ودع الحروف تتطاير

اصمت لا تتكلم ولا تكتب

اجعل اوراقك فارغة

فأي الكلمات لا تستطيع

وصف الألم 

لذا أنظر إلى الورقة البيضاء

وتأمل .. حجم الألم 

وقالت في نص ( قارورة المواعيد ) ص ٥٠

آه يا قارورة مواعيدي التي امتلأت 

وزادت جرحا فوق جرح 

لم يخرج منك موعد

يحظى بذاك اللقاء ...

كلمات غاية من الجمال والرقة تصل فيها إلى المعاني بسهولة ومن دون رتوش وتكلف معبرة بطريقة جميلة عما تريد أن تصل إليه. 

المجموعة ضمت ٧٩ نصا وطبعت في بغداد دار السرد للطباعة والنشر والتوزيع




Share To: