"منمنات الجمر والرماد" نفث(2)| بقلم الأديب الفلسطيني طلعت قديح 


"منمنات الجمر والرماد" نفث(2)| بقلم الأديب الفلسطيني طلعت قديح
"منمنات الجمر والرماد" نفث(2)| بقلم الأديب الفلسطيني طلعت قديح 



ليس سوى انجذابا للتراب، ساقطا دون انحناءات، دون تذاكر "المحصّل"، قد يكون رسالة أو وعدا أو وعيدا أو خيبة إلى مكان متناه في الازدواجية بين الصوت والضوء والعتمة والظلال والسلال والبرق والرعد والموت والحياة والشبق واللامبالاة والجمر والرماد والحق والباطل والسمين والغث والأخضر واليابس.وفي هذا هو أب للازدواجية التي تقضم شيئا من الحقيقة، لكنه يمنحنا بضع أمنيات من مرابع ومراتع الحقيقة اللذيذة...يمنحنا لذة الطفولة وخشوع الكهولة للذكريات وتمنيا في سكينة الوادعين بين نحرين من عاج.

يمكن أن يكون قنديلا من انتظار لرحمة تطال دون تميز، يحدث فور ارتقاء كفين بمنحة أو محنة، الكفّان يتيمان، في ندم ذبحة نائم الظهر، رفة منه تعني المواظبة على تفسير وجوده أو حضوره، بجدوى أو بلا جدوى، سنغدو لاهثين لحوار بين عناقين أمام مرآة العالم. ربما تحصل على مشهد عاشقين أمام نافذة شفافة في الطابق74، وهما يتعريان دون حائل بينهما دون خجل بل إصرار لتفنن في إذكاء ذاكرة الجسد أو استدعاء لذاكرة، ربما ستحصل عليه لكنه سيكون مشهدا تمثيليا لا أكثر. فالعشق لا يحب الكشف كما أكتب عنه، رغم رؤيته الكون!

سيغطينا من الاقتراحات الكثير، كي يختار اللقطة الصحيحة لانصهار حياتين؛ حياة قبل التأثيث وحياة بعد التصدير لصورة ولادة جديدة.

لما أحس أن الأغوار دوما تناجيه، ترهقنا حتى الثمالة في أطياف السكارى، لماذا تكون أيها المتأنق الأعلم بسحائب نزولك، لماذا تحب أن نطاردك دوما، تبتسم لمرآك وأنت تمارس هيبتك في عرشك المتعجل تارة والمتأني تارة أخرى، يا ذا الصوت الناعم القاسي النائم المتأهب اللامع الغافي على صدر أمنيات من نقاء الروح.

يا العالي في همة الكون، لسنا عابرين على أسلاك بالية تفتح مذبحة تلو مذبحة لكل الخائنين، لكل المجرات، لكل المراهقين في تيه الحياة المهدرجة، لسنا على يقين الموت، حين ترتجف كل القلوب مثل توابيت محشوة بالفقد.

لست متأكدا أن الذكريات خادمات للتاريخ، والتاريخ مجال واسع، فيه كل الخطايا والمزايا والأرشفة والهرطقة والسفسطة.

الذكريات كالبورصة حين تنتقل تقفز، وتقتل أفواه الكثيرين، وتعني أعين اللاهثين لسكينة ما.

الذوبان لا يعني الانخراط في الكينونة أو الاستيلاء، الذوبان يعني أن تنتظر كي نحس بالمتبقي منا قبل الذوبان.

لا شيء يكون، حين لا نكون في أنفسنا، كما كنا.


9-5-2024

غزة المحتلة


طلعت قديح




Share To: