"منمنمات الجمر والرّماد" | بقلم الأديب الفلسطيني طلعت قديح
"منمنمات الجمر والرّماد" | بقلم الأديب الفلسطيني طلعت قديح |
نفث(1)
1
على إيقاع طواحين لا تعرف لها وظيفة، كان العالم يكتب مراثي الكائنات الغضة، وقبل كذب كل عرافات الكائنات، تنفست مرتفعات أنارت ما بين النحرين، قضت على كل فرصة لولادة عالم من حرف، حرف لا تهمه صواعق الذاكرة أو استقامة رقبة الكتابة...
هو حرف انقطع في رحم عانى من ويلات حدث غاب عنه النور!
كان إثم اقترافه عبر فقاعات أودت بحروف عددها أنفاس اليقين وحمى الشك.
قبل الذاكرة وطوفان ما!
لم يكن أحد من الذين غسلوا النزف الدامع يعلم أن الحال سيكون مسودا بقبلة متقنة من ثياب بيضاء، أحدثت قرقعة وبضعة حشرجات في قميص الصراخ الذي قدّ ظهر عظام أرقتها جراح يد قيل أنها ساحرة.
لم يعلم الكثير أن هناك اتفاقا ضمنيا من طرفي المغناطيس أن يرهقا برادة الحديد الناعمة المُخاط فمه، عبر تكبيل ألباب تتحلى بطلقة واهمة نحو أمنية على مقاس حلم مستورد يفتعله، كلما جاءت على استحياء قذيفة مخادعة.
2
لا يجثم الشّر على فم أو أذن سمّاعة، الصدر مكان مناسب لتلاوة الحمى المجرّسة بأوحال بين فئتين، فئة لا تعرف إلا قرع الأبواق وأخرى تزحف كالثعابين ليلتهم الشظايا، وتسأل الدخان عن مكان لايقاع ضحايا جدد ... الضحايا معلقون على شفاه النحرين.
في كل صحن صدئ يدق الحصى باب الوحل، كأنه يسترق منه تبغ الحداد ورقابة الموتى في سرادق حدادهم، يساقون إلى الأفواه المتمتمة بذاكرة وطوفان.
3
المنام لا يعرف الركون للحقيقة، هي نصل فوق خزان الوقت، لا بد لموت بطيئ أن يكون شاهد الإثبات لنعش تململ مرارا في قتل أعمار المنسيين، لماذا نعد الحصى ونحن معلقون هباء في اصبعين يجراننا نحو نعوش النسيان.
لا يمكن لأي نهر أن يقول للبحر ما طعمك؛ فالأنهار مكائد لا تستطيع المرور على جهاز كشف الكذب، لتقول أنها بنت البحار!
للنهر مكر تجميع الرقاب على دفتيه، فلأنه وريث شرعي للأرض، لذا فالطمأنينة فيه يحملها متكآن موصولان بتجاذب مغناطيسي يكتب معنى أن يكون القبر مآل كل الحروف!
هل يمكن أن تخرج كل الحروف كي تكشف مالم يقله فم من صوت وصورة!
هل يمكن أن تدق الحروف مرات ومرات كولادة اللون في سماء لم يرش الكون أزرقه على غيمة حبلى!
الرايات الكبيرة لا تصمد كثيرا حين تتمزق أنفاس من أخاطوا نسيجها، هي سنة كونية في التقاط أنفاس عظام من نسجوا.
الرايات الصغيرة تعرف كيف هي الأسرار تتطاير فوق الأقمشة والأنسجة ومخرجات رفرفة الغيم.
الرايات تلويحها لا يغير وجود ولادة، قد تكون من تطاير دمعة لموت قادم، استرق من الآتي شيئا من سكون.
4
لم أعلم، ولن يعلم أحد أن الغروب مفتاح لانتهاء يوم غامض، ولا علم لي قبلها أن النقش في صدر تمثال يمكن أن يصنع منه شيئا أو معدنا يعلو ثمنه كلما فاضت روحه!
من يعلم أن اليم يحمل مفاتح غيب لم يأت بعد، أو طلبا من سماء أن تلد غيثا لسماء حبلى!
لا فكرة لدي عن تخلق ما أكتب، سوى أن جلّه عبارة عن تعاويذ ورقائق لشريحة مفتوحة الجرح عبر شبكة إرسال في ذاكرة صقر قرّر عمدا أن يمارس لعبة الموت بمخالبه غير عابئ بذاك الموظف الذي انهارت أعصابه وهو يبحث عن سبب!
ربما يكون عاشقا للطيور وعلى الأخص الصقور، لا يعلم أن انهياره هذا، سببه مجرد لعوب، أرادت بصبيانية أن تمارس لعبة ارتداء طاقية الشقاوة، وإهدار الوقت والثمن، لإنها نسيت رائحة أحدهم على شفتين! دون أن تحاول أن تزيح عنها إثم الخيانة، وقبل أن يندس في عينيه ظل وهم متبدد، بذاكرة وطوفان.
حاولت في نهاية المطاف، وصرير الأمكنة أن أعبر عن امتعاضي من هزة أرادت بي دحرجة الأجفان نحو مظلة مصابة بالإبر، عن أنبوب مصاب باختراق الأنفاس.
مانفع الأنبوب الماثل دون مريض يتنفس منه! هل نستخدمه لملء الماء مثلا أو دليلا على أن هناك مريضا في حالة تتطلب صورة سيلفي مع أنبوب!
الأنبوب لا يحتاج لساعة كي نرخيه، نحن في ذلك ننتظر نفسا متمردا يعالج هزة المريض المسماة "صحوة الموت"، ترى هل نبتعد عنه لنترك له حرية طريقة في اختيار السكون! أم نقتفي أثر من ماتوا على هذه الحالة، من يملك جفنا يقترب من الهمس لرمش ينتظر تأتإة البؤبؤ لسكينة لا تغسل وحشة الموت.
8-5-2024
غزة المحتلة
طلعت قديح
Post A Comment: