لم يتغيّر شيء | بقلم الشاعرة السورية فاطمة يوسف حسين


لم يتغيّر شيء | بقلم الشاعرة السورية فاطمة يوسف حسين

 

 لم يتغيّر شيء.. 

لا يزال طائر السنونو يغرّد باكراً.. 

والجارات في حارتنا يتناولن الأحاديث.. 

كما تتناول الجرائد الأخبار.. 

والمثل الشّعبي الذي يقول: 

كلّ الطّرق تؤدي إلى روما.. 

لم يغيّر وجهته.. 


لم يتغيّر شيء.. 

العم مؤنس في مسرحية سعد الله ونوس.. 

 لا يزال يؤدي دور الحكواتي.. 

الدّور الذي نؤديه جميعنا هنا.. 

فوق مسرح الحياة الكبير.. 

والأمّ في رواية غوركي.. 

تستمر في كونها أعظم شخصيات الأدب الرّوسي.. 

لأنّها مثّلت صورة الأمّ في الآداب العالمية كلّها.. 

القطّة الشّقراء الجائعة.. 

تتمرّد على غرفتي.. 

وتنتزع وجبة العشاء.. 

وحين تسألني والدتي إذا أنهيت طعامي.. 

أجيبها: أجل.. 

حتّى لا ترمي بسيل غضبها على القطة.. 

وتغلق في وجهها الباب..

وتنام كما أنام حين ألبسها ثوب فمي.. 

جائعة!


لم يتغيّر شيء.. 

ما زلت أطالع رواية عالم صوفي.. 

وكأنني أطالعها للمرّة الأولى.. 

وأتمهل وأنا آكل من خبز محمّد شكري.. 

حتّى لا يخنقني الشّبع.. 

ليالي الشّمال في أغاني فيروز

 تقضمها ريح الحزن.. 

ورسائلي تقطّع داخلي وحدي.. 

تحوّله إلى طائر مذبوح.. 

يؤدي لعبة الموت بإتقان.. 

فيسافر إليه من دون جناح.. 


لم يتغيّر شيء.. 

ما زلت تكره نصوصي العمودية.. 

لأنّك بطلها.. 

وأنت تحبّ أن تظلّ متخفياً عن الأنظار.. 

كقوس قزح في جزيرة لا يسكنها أحد.. 

ما زلت أحبّ نصوصي العمودية.. 

لأنّك بطلها.. 

وأنا أحبّ أن أراك.. 

تائهاً هنا وهناك.. 

بين ثورتي على نفسي.. 

وبين ثورتي على الآخرين من أجل نفسي. 


لم يتغيّر شيء.. 

فقط أقفلت الباب الذي يطلّ على شرفتك.. 

وقطعت الشّجرة التي عانقنا ظلّها معاً.. 

وأخفقت كما دائماً.. 

في أن أحتسي قهوتي.. 

وأنا أتذكّرك..! 


لم يتغيّر شيء.. 

أنا فقط تخليت عن كوني ميلينا.. 

ولم أعد أنتظر رسالة منك!



Share To: