(مركزُ تكوين) شِرذِمةٌ ضالَّةٌ مُضِلَّةٌ | بقلم حسين صلاح حسين / كاتب وأديب من مصر


(مركزُ تكوين) شِرذِمةٌ ضالَّةٌ مُضِلَّةٌ | بقلم حسين صلاح حسين / كاتب وأديب من مصر
 (مركزُ تكوين) شِرذِمةٌ ضالَّةٌ مُضِلَّةٌ | بقلم حسين صلاح حسين / كاتب وأديب من مصر



(مركزُ تكوين) شِرذِمةٌ ضالَّةٌ مُضِلَّةٌ  (*) 

ظهرَ مؤخرًا مركزٌ يَدَّعِي مؤسِّسوهُ الصَّلاحَ والإصلاحَ، والتَّثقيفَ، والتَّنويرَ والاستِنارةَ، وأنَّهُم أقاموهُ لِنشرِ الثَّقافةِ، وأنَّه ليسَ إلَّا نقلةً نوعيَّةً في الثَّقافةِ العربيَّةِ، ودعوةً لإعمالِ العقلِ، وأنَّه مُجرَّدُ فضاءٍ مَعرِفِيٍّ وتفكيريٍّ، ليس لهُ علاقَةٌ بالأديانِ والمُعتقداتِ، وأنَّ هدفَه ليسَ الطعنَ في الثوابتِ الرَّاسخةِ، ولا تغييرَ المَفَاهِيمِ السَّائدةِ.

والحقيقةُ أنَّ مُؤسِّسي هذا المركزِ لهُم عقولٌ معروفٌ تاريخُها ومِلَّتُها وأفكارُها التي تُشَكِّكُ في الدِّينِ الإسلامِيِّ والسُّنَّةِ والعقيدَةِ، وتنكِرُها، وتَزدَرِي الشَّرائعَ الرَّبَّانِيَّةَ وتَعملُ على تَفتِيتِها. فاستقطبوا مِن كُلِّ مكانٍ أصحابَ الأفكارِ الإلحاديَّةِ الدَّاعيةِ إلى تجديدِ الدِّينِ، والخَوضِ والعبَثِ في أمورِهِ بغيرِ عِلمٍ، ونقضِ آياتِ اللهِ المُحكَماتِ. ثُمَّ أعلَنوا عن فِكرِهم وهدفِهم من حركتِهم بشِعاراتٍ بهيَّةٍ مدسُوسَةٌ فيها المكائِدُ؛ شعاراتٍ تلفِتُ وتُغوي أَنظارَ مَن لَا يعرِفُهم ويعرِفُ خُبثَهم الخَفِيَّ مِن تِلكَ الحرَكةِ الزَّاعِمَةِ أنَّها أتَت لِنَشرِ الثَّقافةِ ونشرِ الإبداع.

لقد خرجَ هذا الفِكرُ على هذه الشَّاكلةِ التي نراهَا بعد أن عرَفوا أنَّ يدًا واحِدةً لن تُغَيِّرَ ولن تُغوِي، فأصبحَت حركةً ممنهجةً مُنظَّمَةً مدعومةً من الخارجِ والدَّاخِل، غيرَ معلومٍ من يدعمُهُم ويقِفُ خلفَ ظُهورِهِم، إلَّا أنَّ أحدَ أعضاءِ المركزِ صرَّحَ أن فكرةَ المركزِ بدأت مُنذ مُدةٍ ليسَت بالقصِيرةِ فهو نِتَاجُ فِكرٍ أزَلِيٍّ خرجَ لِلُّنورِ بعدَ مُشاوَراتٍ كثيرةٍ ولقاءاتٍ عديدةٍ في الداخلِ والخارجِ، وتكوينِ عقولٍ فِكريةٍ واحدةٍ.

والذين دعَموا (تكوين) هم أصحابُ الفِكر والثَّقافةِ، روَّجُوا له عبر المنصَّاتِ بإعلاناتٍ مُمَوَّلةٍ على نِطاقٍ واسعٍ، ليصِلَ المَركزُ إلى عددٍ كبيرٍ منَ النَّاسِ ويُذاعُ صِيتُه، فأعلَنوا عن انطِلاقَتِهم في نَدوَةٍ أقامُوها في المتحَفِ المِصرِيِّ الكبيرِ وحضَرَهُ العديدُ من الشَّخصِيَّاتِ الهُلامِيَّة المعروفِ عنها اللَّغَطُ والدَّجَلُ والأفكارُ المُتَطَرِّفَةُ وحُبُّ التّريند. 

ولا يُخَيَّلُ لأحدٍ مِمَّن يعرفُ خبثَهم أن حُسنَ نوايَاهمُ الظَّاهرةِ التي عبَّروا عنها وخرَجوا لنا بها عَبر مِنَصَّاتهم ومن خلال أعضاءِ مركزِهم قَد تكونُ توبةً نصوحًا لا عَودةَ بعدَها إلى ما كانوا عليه، أو قد تكونُ تصحِيحًا لأفكارِهِم ومنهجِهم وإنكارًا لتُهَمِهِم وتجميلًا لصورَتِهم القبيحةِ، فالجميعُ يعرفُونَ مكائدَهُم وطَوَاياهُم، وهذا السُّمَّ المدسوسَ في عَسَلِ البِداياتِ، فبِداياتُهم المعسولةُ لن تُغَيِّرَ من دناءَةِ فِكرِهم وجَهلِهم وأفكارِهِم البَاطِلَةَ الآثِمَةَ التي ناقشوها سلَفًا، ولن تكونَ محلَّ نِقاشٍ، بل سيزيدُ الفُحشُ ويكثُر وما تُخفِي صُدُورهُم مِن السُّوءِ أكبرٌ. 

وقد اشتبَهَ على البعضِ  فكرُهم وحركتُهم، فقالوا: "إنَّهم جاءوا لإحياءِ الفنِّ والإبداعِ والارتقاءِ بالمستوَى الثَّقافيِّ، وهذه أمورٌ دُنيويةٌ بعيدةٌ كلَّ البُعدِ عن أمورِ الدِّينِ، فلا بأسَ فيمَا سلَكوا إليهِ، فهو مَعروفٌ لن نُحَقِّرَهُ". وهؤلاء مِنهُم من يعرفُ منهجَ ومُرادَ المركزِ، وبعضهم الآخرُ يلهثُ خَلفَهم بِلا عِلمٍ ولا دِرايةٍ بماهيتِهم وصنيعِهِم، ويرحِّبُ بهم؛ لأنهُم رجالُ ثقافةٍ من الدرجةِ الأولى، ولهُم صَولاتٌ وجَولاتٌ على حدِّ زعمِهم، ويرونَ أننا نرتقي بهم إلى مَكامِنِ الإبداعِ، وأن مياهَ الفِكر الراكدةِ تُحرَّك بِفضلِهم. 

والحاصلُ أنَّ أصحابَ الضَّلالاتِ والفِكر الإلحادِيِّ قد شجِّعوا أمثالَهم إلى فِكرهم وأخَذوا يُمَجِّدُونهم وينبِذون من يُعارضُ المركزَ وأعضاءَه، وزعَموا أن الفِكرَ العربيَّ لن يرتقيَ وأننا لن ننجوَ من الانحطاطِ الفِكريِّ الذي يُلازمنا، وسنُصبِحُ (محَّلكَ سِر) إلا إذا تركنَا لمثلِ هؤلاءِ المجالَ، ويَسَّرنا سَيرَهم نحوَ الفَلاحِ، واتَّهمُوا كلَّ من يعارضُ المركزَ بأنه لا يَفقَهُ عِلمَهم وعقلِيَّتَهم الإبداعِيَّةَ السَّاعِيَةَ إلى نشر الثَّقافَةِ وإعمالِ العُقُولِ وِفقَ منهَجٍ سليمٍ، وأكَّدُوا أن ما نَراه من راياتِ الحربِ والتَّوبيخِ وعدمِ الرِّضا والقَلَقِ التي شُنَّت على المركزِ لا داعيَ لها، فهيَ عكسُ المُشاهَدِ؛ وأنَّ رُوَّادَهُ ذَوُو عقليَّةٍ واعيةٍ مُرادُها ليسَ الشَّرَّ، بل نشرَ الخَيرِ وتنويرِ الأبصارِ.

ولا شَكَّ أن أفكارَهم مُتناقِضةٌ فيما بينَهم رُغم أنهم تَحتَ سقفٍ واحِدٍ ومِظَلَّةٍ فِكرِيَّةٍ خبيثةٍ واحِدةٍ، وأنَّهم مُفَرَّقون مُشَتَّتُون فيما بينهم، يُبررون اختلافَ آرائِهم بأنَّ الفِكرَ مُختلِفٌ لكنَّ هدَفَ المركزِ واحدٌ.

وهُم بهذا يظنُّون أنهم مُحسِنُون في صُنعهم، وأن دأبَهم تصحيحُ مفاهيمَ خاطئة، لكنهم مُغرِقُون في ضلالٍ مُهلِكُ وجَحِيمٍ آتٍ من الله. يظنون أنهم على الطريق الصحيحِ لكنهم واقعون في ظلامٍ دامِسٍ مُضِلٍّ، في خَوضٍ يلعبونَ، يُجادلِون في آياتٍ مُحكَماتٍ من عند الله لا جِدالَ ولا مِراءَ فيها.

أضلَّهُم الشيطانُ وأغواهم، فظلُّوا على فِكرهم حتى استحالَ في نفوسهم إلى فِكرٍ أكثر ضلالًا، فِكرٍ مُتَوَطِّنٍ، لا تعرِفُ النفسُ منه خلاصًا، فصار هدفُهم نشرَ الأفكارِ المَغلُوطةِ المُتَطَرِّفة وتَحطيمَ الحقِّ، لا وزنَ ولا قيمةَ لهم في الدُّنيا بعدما أَخرجوا للملأِ ضلالَتَهم، فنُبِذُوا، وأصبحوا شياطينَ في أرضِ الحقِّ والإسلامِ، مَلعونين أينما ثُقِفوا، يُجادِلون في الحق حتى بعدَما تبَيَّنَ، ولو ظهرَ أمامَهُم الحقُّ لاختاروا الباطلَ وطريقَ الضلالِ؛ لأن الشيطانَ أغواهم وطَبَعَ على فِكرهم بهذه الخِصلَةِ السَّيِّئَةِ.

سلكوا طريقَ الضلالِ وأدمنوهُ، وأحبُّوا ما فيه من هُراء، لهُم باعٌ طويلٌ في الأوساط الإلحاديةِ، حُجَجُهم وأفكارُهم أُضحُوكةٌ باهِتُةٌ لا يُصَدِّقُها عاقِلٌ، عَمِيَت أعينُهم عن الحق، أفئِدتُهم هواءٌ، لبَسُوا الحقَّ بالباطلِ وأنكروا ما جاءَ في دستورنا الإسلاميِّ وسُنتنا المُشَرَّفَةِ، ناقَشوا أمورَ الدينِ بكلِ جهلٍ واستهزاءٍ، لا دِرايةَ لهم بعِلمٍ من العُلومِ، ولا يفقهونَ إلا الوهمَ والكذِبَ الذي سوَّلَ لهم وظلَّ مُلازمًا لهم، فسكنَهُم وحالَ بينهم وبين الحقَّ والصَّلاحِ.

رُفِعت عليهم العَديدُ من الدعَواتِ القضائيةِ من بعض العُقول التي تَخشى انتشارَ هذا الفِسقَ، وتدميرَ الثوابتَ الدينيةَ السليمةَ الراسخةَ في الأذهانِ، أو توسيعَ دائرةِ الانحرافِ التي أحاطت بشبابِنا، وتحطيمِ ما تبقى من خيرٍ فيهِم، فتهوِي عقولُهم إلى ضلالٍ بعيدٍ عما عرفُوه وتربَّوا عليه، وينشأُ فكرُهم على إنكارِ دينِ اللهِ والخوضِ في آياتِه ومخالفةِ الحقِّ واتِّباع الباطلِ. 

كما شنَّت عِدةُ مؤسَّساتٍ وهيئاتٍ ومراكزَ وجماعاتٍ دينيةٍ وشخصياتٍ قوميةٍ هُجومًا على المركزِ؛ لأنَّ هذا الفكر سيسمَحُ لكل سوءٍ، وسيفتحُ أبوابًا لن تُغلَقَ، وسيضِلُّ معه الكثيرون، فهو ناقوسُ خطرٍ يقرَعُ، وشيطانٌ يُحاوِلُ أن يغوِيَ، وسيكونُ خطرًا جسيمًا على أُمَّةٍ بأكملِها وبدايةَ اندِثارِ الحقِّ. 

وقد عرَض عليهم بعضُ رجالِ الدينِ وغيرُهم مواجهةَ فكرِهم ومناظرتَهم، لكنهم رفَضوا؛ بدَعوى أن حركتَهم ليس الخطابُ الدينيُّ عمودَها الفقريَّ، وأنها ليسَت في حالةِ صِدامٍ مع الدينِ الإسلاميِّ أو أي دياناتٍ أُخرى، ولأن المُناظراتِ لا تندرجُ ضِمنَ الأدواتِ التي يَستخدمونها لتحقيقِ أهدافهم، وبهذا قابَلوا تلكَ الدعَواتِ بالرفضِ لحُججٍ باهتةٍ؛ ولقلةِ حيلتِهم وجهلِهم وبضاعتِهم الضالَّة، وأفكارِهم الكاذبة التي تسعَى للخرابِ ونشرِ الإلحادِ. 

فالحذرَ كُلَّ الحذرِ من نشرِ فِتَنِهم وتداولِها واتخاذِهم ومادَّتَهُم الخبيثةَ مرجعًا يُستعانُ أو يُستعاضُ به، والحذرَ من تصديقِ أمثالِ هؤلاءِ، وتصديقِ ادِّعائِهم أنهم دُعاةُ علمٍ وإصلاحٍ وتنويرٍ. 

وإن أشَرَّ ما نراهُ وقوعُ هذه الخُرافاتِ تحتَ أيدي صغارِنا وشبابِنا، وهذا هدفُهم المُوَجَّهُ الذي دَأبُه تحطيمُ عقولِهم، وتغييرِ مفاهيمِهم الدينيةِّ الصحيحةِ التي تَرَبَّوا عليها وعرَفُوها منذُ نعومةِ أظفارِهم، والفطرةِ السليمةِ التي فُطِرُوا عليها.

فأفكارُهُم تمسُّ قضايَا تربويةً وقضايَا تخُصُّ الشبابَ، يُرَوَّجُ لها بطَريقةٍ احتِرافِيَّةٍ فتجذبُهم للاطِّلاعِ على هذه المادةِ، وقد تُصَدَّق أو تُصبحُ محلَّ شكٍّ وتفكيرٍ دائِمٍ، وقد طالَت أفكارُ هؤلاء البعضَ من شبابِنا وأصبحوا لقمةً سائغةً لها.

والناظرُ إلى حالِنا يجِدُ أنهم أصبحُوا يُمجَّدون ويتمُ اتخاذُهم قدوةً من البعضِ،وصارَ لهُم برامجُ تلفزيونيَّةٍ دائمةَ البثِّ تُعرَض بلا تَوَقُّفٍ، ولهم حِساباتٌ على منصَّاتِ التَّواصُلِ الاجتماعِيِّ، وندَواتٌ ومؤتمراتٌ تُعقَدُ باستِمرارٍ.

والعجَبُ العُجَابُ هو أن لهُم ثِقَلٌ في بعضِ الأوساطِ، تُؤخَذُ بآرَائِهم، رُغمَ أن أفكارَهم وآراءَهم شاذةٌ دنيئةٌ، تُعد ضربًا في الثوابتِ ونشرًا للإلحاد، وهذا هُوَ مكمَنُ الخَطرِ، فمادَّتُهم التي لا قيمةَ لها، والمادةُ الوهميةُ الخُرافيةُ من الكائناتِ الهلاميةِ هذه أصبحَت مادةً علميةً وتوعوِيَّةً وتربويةً تلعبُ في عُقُولِ شبابِنا. 

إن غَيَّهُم صار جرسَ خطرٍ  على أُمتِنا إن لم تُكبَح جِماحُه، ونقفْ في طريقِهم، ونُجابِهُّم، سينتشرُ كالنارِ في الهشيمِ، وسيكونُ بدايةَ فكرٍ خبيثٍ أبديٍّ، ينشرُ السُّوءَ ويَهدمُ الثوابتَ والمبادىءَ والحقَّ، وسيكون مُستَهّلَّ خُروج الفِئرانِ من أوكارِها وتكوينِ جماعاتٍ خبيثةٍ شتَّى، انتظرَت بُزوغَ فجرِها وتحقيقِ مُرادِهَا الذي أخفاهُ البَعضُ خَشيةَ زوالِه؛ لأنهم لم تسنح لهم فرصةُ الظهورِ، فما زالَت الأُمَّة على الحقِّ آمِرَةً بالمعروفِ ناهيةً عن المُنكر. 

فعلى كُلِّ فردٍ أن يعيَ حجمَ الخطرِ الذي قد يقعُ، وأن يتصدَّى ويُواجهَ، وأن يفعلَ كل ما بوِسعِه، وأن ينتبهَ لدسائِسِهم، وبهذا نُوقف هذه الأفكارَ التي تتوغلُ، أما إذا أدَرنا ظُهُورَنا فسَتُمَسُّ أمتنا بسوءٍ لا خلاصَ مِنه، وسينبُتُ نباتٌ خبيثٌ وستأتي العواقبُ الوخيمةُ التي إذا أرَدنا إصلاحَها ورأبَ هذا الصدعِ فلَن يَسمحَ لنا الوقتُ بعد أن ينتشرَ الفسادُ، ولن تُسعِفَنَا المجرياتُ، وحينئذ سنندمُ حين لا ينفعُ الندمُ؛ فمثل هذه الأفكار تنتشرُ بسرعةِ البرقِ، ونحن سنكونُ كالقشةِ في مهب هذه التَّوَغُّلاتِ. 

ومُواجهة المركز لا تكونُ بإغلاقِه بالقانونِ، فما دامَ الأمرُ قد ذاعَ صيتُه، وصدَّق البعضُ فِتَنَه؛ لا بُد أولًا من مواجَهتِهم بالفكرِ، وفضحِ وَهمِهم وتنويرِ العقولِ التي قد تكونُ اشتبه عليها الأمرُ أو أُغوِيَ بعضُها.

لا أجهلُ دورَ من حاولوا اللُّجوءَ للقانونِ أو أُنكِرُ فضلَهم ومجهوداتِهم، وأعلمُ مخاوِفَهم، وأن هذا الأمرُ أوغرَهم، لكن مثل هذه الأمورِ لا تُحَلُّ هكذا، وإنما بالرَّدِّ عليهم وكشفِهم لأولئِكَ الذين صدَّقُوهم وسارُوا معَهم واتَّبعوا هذه الفتنَ، وتَبيينَ افترءَاتهم وصورتِهم القذِرةِ ونواياهُم، وتَرْكُنَا الردَّ عليهم وردعُهم بالقانونِ وإصماتُ عقولِهم سيجعلُ من البعضِ في حِيرة من أمرِهم ومن أفكارِهم، وبهذا سنُقيم وزنًا لمن لا وزنَ لهُم، والأشدُّ ضراوةً والأضلُّ سبيلًا في هذا أنَّ شبابَنا وُضِعَ وتُرِكَ أمام فِكرٍ أعوَجٍ، صَدَّقوه وحلَّلتهُ عقولُهم وجرى هذا اللَّبس في مجاري أجسادِهم، وتمَكَّنَ وغيَّرَ من أفكارِ بعضِهم، ومن يَأتي من الأجيالِ القادمةِ ستكونُ هذه المادة محلَّ اطلاعٍ لشهواتهم الاستطلاعيةِ.

وقد يكونُ من رفعوا تلك القضايا مُحِقين في فِعلهم؛ فمنهم من يعلمُ أن الأمةَ شأنُها مزرٍ يتفاقَمُ فيها السوءُ، فثمتَ أمور كثيرة تخاذَلوا معها، ولم تعُد أمتنا ورجالُ الدين والدعوةِ ومكانة عالِم الدين كما كانت عليه. 

لذا فعلى رجالِ الدين أن يُناقشوا ويناظروا هذه الأفكارَ؛ حتى لا يقَعوا في بعض المُهاترات، فيزعُمَ البعض أن أفكارَ المركز وأعضاءَه سليمة دقيقة لا سوءَ ولا خللَ فيها، ولا يُستراب فيها، وأن تلك الشكوكُ مُجرد أضغاثِ أحلامٍ وافتراءاتٍ مَوهومة ومُشكِّكة في فكرٍ مُبتغاه الإصلاحُ الفكري ما استطاع، لذا علينا كسرُ شوكتِهم الزائفةِ وتنظيفُ هذا الدنَسِ وتنويرُ العقولِ التي زاغَت. 

فإن أصروا على آرائهم وفكرِهم وأكملوا مسيرتَهم الخبيثةَ بعد كشفِهم وانتصارِ الحقِ المحتومِ؛ حينها يأخذُ القانونُ مجراهُ كدعوى عليهم بتهمة ازدراء الأديانِ ونشر الأفكارِ المَغلوطةِ والدعوةِ إلى الفكر الإلحادي.

إن ذلك المركزَ الساذجَ يلفظُ أنفاسَه الأخيرةَ بعدما وقعوا في الحرجِ، وكُشِف جهلُهم وخيباتُهم وعَوارُهم، ويمكن أن يرافق تلك الدعَاوَى دعَواتٌ إلى مناظرتهم والردِّ عليهم.

فإن خلافاتِهم بانَت باكرًا في العلنِ، وسلطانُهم كبيرُ هذه الشرذمةِ استقالَ وملَّ من شيءٍ لا مَفادَ منه، ولخلافه مع أعضاءِ المركز، لا تسمعُ منهم اليومَ إلا الهمسَ، ولولا الفضيحةُ التي ستأتي عليهم لكشَفوا لنا أوضَارَهم وفِكرَهم المأفونَ.

إن هؤلاء لن يجدوا ملاذَهم وغايتَهم وأمانيهم وما خطَّطوا له وما عزَموا على فعلِه وترويجِه وإثارتِه ونشرِه مهما دُعِموا ومُجِّدوا، ولو جمَعوا كلَّ شياطينِ الفكرِ، ولو كانَ بعضُهم لِبَعض ظهيرًا ونصيرًا، فالضلالُ نهايتُه الزوالُ، لا يمكثُ في الأرض طويلًا، ولا يُغوِي من بالحق اهتدَوا وساروا فالحقُّ دوماً مُنتصِر، ولن تزيغَ قلوبُنا وقلوبُ شبابنا، ولن نوليَ وجوهَنا وعقولَنا شطر هذا الضلالِ ما دام فينا من يأمُر بالمعروفِ وينهى عن المنكر ويرُدُّ حقَّ الإسلامِ، وما دمنا متمسكين بحبلِ الحقِّ ودين الله لن نضِلَّ أو نذِلَّ أو نهونَ.


__________________________

*«مركز تكوين الفكر العربي» مركز تم تدشينه في الرابع من مايو عام ألفين وأربعة وعشرين، يهدف -وفقًا لما أعلنه المركز- إلى تنوير العقول ونقد الأفكار الدينية المتطرفة وإعمال العقل ونشر الثقافة، أبرز أعضائه: الكاتب/يوسف زيدان، الكاتب/إسلام بحيري، الإعلامي/ إبراهيم عيسى.

______________

كتبه: حسين صالح حسين فرج 

- بريد إلكتروني: h.salah192002@gmail.com

- فيس بوك: Hussein Saleh Hussein 

https://www.facebook.com/husseinsalah.hussein.73?mibextid=ZbWKwL


Share To: