لحياتك بُنيان حصين | بقلم رانيا لبيب / كاتبة مصرية
لحياتك بُنيان حصين | بقلم رانيا لبيب / كاتبة مصرية |
تمر السنين والأيام ويجري العُمر بنا وخاطرنا مملوء بالمقولات التي نقرؤها أو تمرّ أمامنا صدفةً أو بعد بحث تغيّر فينا الكثير في هذه الحياة!
أغلب ما جاء في تلك المقولات كان عبارة عن نزفٍ وحكمة ووعيٍ وإدراك بعد جولات وصولات من التجارب والمواقف والأحداث..
هي خلاصة اختمار عمر كامل، وأيامٍ متقلّبات بكلّ ما فيها من مشاهد وأمور مختلفة!
قد لا تتشابه حياتنا، وقد لا تتشابه أيامنا، ولكنّ الدهر كفيل بجعلنا حكماء في بعض مراحل هذه الدنيا، ولكي نعين الآتين بعدنا على عدم الوقوع في ما وقعنا فيه!
قيل قديمًا:
"ما كلُّ ما يُعرفُ يُقال، وما كلُّ ما يُقال حَضُر أهله، وما كلُّ ما حضُرَ أهلهُ حان وقته".
علّمتني هذه المقولة أن الكلام له شروط، ويحتاج الى ذكاء المتحدث والمتكلم،وأننا حتى لو شعرنا بطاقة على الحديث والشكاية والتعبير والتفريغ عما يختلج الذات من شعور وأحاسيس وتخبّطات،إلا أننا يجب أن نحسب ألف حساب،وأن نفكّر ألف مرة قبل أن نندم في اللحظة التي لا ينفع فيها الندم!
يقول دوستويفسكي :
" إن هناك أشياء نقولها لجميع الناس، وأشياء نقولها لبعض الناس، وأشياء لا نقولها لأحد"..
نعم تمامًا..! الأمر كذلك!
فهناك أشياء نتشاركها مع الجميع، يكمن جوهرها في حضور وتواجد الجميع، وسرّ سعادتها في أن تكون جزءًا في يد كل واحد منا لا تكتمل إلا بالآخر.
الأمر أشبه بالطرفةِ المضحكة والفرحة العارمة، مثل لحظات السعادة والسرور! جمالها في أن يتقاسمها الجميع، وهنالك أشياء نختص بها الصفوة من المخلصين من الناس فليس البعض النادر النفيس مثل الكل، وليس أولي القلب والروح مثل العامة.
إذ أنهم وبهم تسكن الروح مطمئنة من غدرات الحياة ولطمات الخيانة، ونختصّ بهم ونخصّهم بما يفور في لواعج الفؤاد، وما يشوب القلب من أمورٍ لا يعرف عنها إلا الله! وتلك خاصة يختص الله بها من حولك من الناس!
وعلى الرغم من كل هذا.. هناك أشياء لا يمكن أن تُقال!فحين يُمنى القلب بخيبةٍ عظمى ووجعٍ فظيع فإنك تتفرّد بتلك العذابات الأليمة لنفسك لا تشارك بها أحدًا ولا تشرك فيها أحدًا، أعني تلك اللحظات التي ينهار فيها بنيان الثقة ويتساوى بالأرض!
حينها لن تجد أحدًا يستحق أن تشاركه آلامك! فتهرب من الخلق إلى الخالق، ومن ضيق البسيطة إلى رحاب سمائها ومن وجع الحياة إلى فرج المولى سبحانه.
أذكر جملة للروائية أحلام مستغانمي تتحدّث فيها عن الوجع والتفرّد فيه، وأنّه لدينا فائضٌ من الأحزان وعجز في الأفراح في ميزانية الأقدار، لذلك نتقاسم الأفراح لقلّتها، ونتفرّد بالأحزان لكثرتها..!
فاقتسموا ما تحملونه من فرحٍ من دون أن تسرفوا، وتحدّثوا عن نعم الله، واحتضنوا انكساراتكم فقد تبني في داخلكم بنيانًا حصينًا يقوّيكم على القادم من الأيام.
Post A Comment: