تقدير الذات وإتلاف العلاقات المؤذية | بقلم الأديبة المصرية خلود أيمن


تقدير الذات وإتلاف العلاقات المؤذية | بقلم الأديبة المصرية خلود أيمن
تقدير الذات وإتلاف العلاقات المؤذية | بقلم الأديبة المصرية خلود أيمن

 

السلام عليكم ، 

تقدير الذات وإتلاف العلاقات المؤذية : 

بمرور الوقت تخلَّصت من تلك الفكرة البغيضة التي طالما سيطرت على وجداني وهي كيفية الحفاظ على بقاء الآخرين في حياتي ، رؤيتهم سعداء ، مطمئنين ، هانئين ، ربما عانيت من تلك المعضلة سنوات عمري الماضية ولكني تحرَّرت منها للتو ، كانت تُنغِّص عليّ حياتي بالفِعل ، تجعلني في حيرة من أمري ولأن إرضاء الجميع أمر صعب وربما محال فقد قررت أنْ ألتفت لذاتي ، أهتم بشأنها وأُقدِّرها ، أكترث بما يُهمها ويُطوِّرها ويُسعِدها ، فقد قررت التغلُّب على تلك العادة التي سِرت عليها لفترة طويلة فقد عانيت الأمرَّين بسببها وها قد نفضتها من حياتي تماماً وللأبد ، فلم أَعُد أهتم بشئون الغير أكثر من اللازم بل أكثر ممَّا يستحقون ، صِرت أكثر اهتماماً بذاتي ، أُولِّي كل وقتي لنفسي محاوِلة تقديم شيء لحياتي ، تغييرها للأفضل ، تطوير شخصيتي بما يجعلني واثقة بنفسي ، راغبة في حياة أفضل ، لقد شعرت أنني خرجت من السجن الذي حبست فيه نفسي لسنوات فكيف يمكن لشخص أنْ يُخصِّص كل وقته للغير ، يُكرِّس كل حياته ويُفنيها من أجل إسعاد الآخرين ولا يجد مَنْ يولِّيه اهتماماً أو يمنحه بنفس القَدْر أو يُحبه بنفس الطريقة أو يبادله أي شعور كان أو يبادر بالسؤال عن حاله على أقل تقدير ؟ ، لم أَعُد أُقدِّم شيئاً لأحد سوى القليل وهذا أمر مريح للغاية ، لم يَعُد يعتريني من جرائه أي شعور سلبي بتاتاً ، صِرتُ أكثر هدوءاً وسكينةً ولم أَعُد أنتظر شيئاً من أحد ، فإنْ قدَّم لي أحدهم خيراً فجزاه الله كل الخير والثواب وإنْ لم يفعل فلا ضرر ولا ضِرار فقد صِرت مكتفية بذاتي لحد كبير ، يُرضيني أقل القليل من كل بني البشر ، صِرت أكثر رغبةً في رؤية المستقبل بشكلٍ مختلف ، رسم صورة براقة له وكأنني أُجيد حياكته بكل ما أُوتِيت من مَلكات ومقومات دون النظر لكل مَنْ تخلَّى عني أو فرَّط في وجودي فلم يخسر سواه ، لم أَعُد أرى البشر سوى مجرد أدوات ، وسائل من أجل تنفيذ رغبات ، فكُلنا محطات في حياة الآخرين ولو علمنا هذا في وقت متأخر قليلاً فذاك خيرٌ من البقاء على نفس الجهل لمزيد من السنوات ، وها أنا اليوم أكثر ثباتاً ونجاحاً واستقراراً من ذي قَبْل إذْ لم تمنحني العلاقات أياً ممَّا كنت أتمنى أو أتوقع فقررت الخلاص منها جميعاً ولو رُغماً عني ، فلم أرغب يوماً في التفريط في أي امرئ كان وما رَغبتُ سوى بودٍ لم أحظَ به يوماً ، فلم تُخلَق العلاقات للفناء بل من أجل بَعث الطمأنينة والراحة والسعادة والهدوء ولكن إنْ لم تؤدِ هذا الغرض فلا بد من قَطعِها للأبد ، فالوَصل هو الهدف الأساسي منها وإنْ غاب فلا جدوى منها تماماً فالوحدة خير من علاقات كتلك لا تُعطيك بقَدْر ما تمنح ولتحمد الله على فنائها لآخر نفس تلفَظه دون ندم أو حسرة على رحيل أحد ، فكلٌ أدرى بكل قرار يناسبه فيتخذه بلا أدنى شك أو تردد فلا تَلُم أحداً على خسارتك والتفت لحياتك غير متحسرٍ على أحد قط ...



Share To: