فيضان آخر | بقلم الشاعرة السودانية ندى موسى


فيضان آخر | بقلم الشاعرة السودانية ندى موسى
فيضان آخر | بقلم الشاعرة السودانية ندى موسى 

 


 لم أشأ أن أغادرك أو أن أبتعد عنك...

عن شمسك الحارقة

وصباحك الممزوج حبا

وذاك البراح الذي نتميز به... 

روائح المطر... 

سحائب الحب.. 

وأغنيات الشتاء..

مدارسنا التي تحتشد بالذكريات... 

دروس العصر وزقزقة

 العصافير مع الغروب..

أبي عليه رحمة الله  وهو يحمل الخبز طازجا بعد صلاة الفجر.... 

وأمي عليها رحمة الله وهي تعد شاي الصباح بنكهة الحب...

اليوم وأنا أتصفح ذلك الأزرق عاودتني الذكرى.. 

فيضانات عام ثمانية وثمانون .... الأحداث تمر الأن امامي... 

أنقطاع الكهرباء...

انعدام الوقود.. 

انعدام الغاز والفحم... 

ندرة السكر... 

كنا نعاني لنتاول شاي الصباح

لازلت أذكر أبي عليه  رحمة الله حينما يأس في الحصول على غاز او فحم   وهو يكسر جريد النخل ويوقد النار لعمل شاي الصباح... 

هناك لحظات يتساوى فيها الناس جميعا... 

لاتنجيك كثرت المال من العنت.... 

في ذاك العام... تفشت الأمراض الملاريا.. الكوليرا... وامتلات المستشفيات بالمرضى.. 

سمعت حينئذ أن مصر أرسلت طائرتين محملتين بالخبز الطازج  لدعم منكوبي الفيضانات...  واسعافهم وسمعت ايضا أن الخبر أتى وهو محتفظا بحرارته.... 

هذه الأحداث تحدث لتذكرنا بمدى ضعفنا.. وقلة حيلتنا..

اليوم يتكرر الموقف ولكن في ظروف أشد قسوة... 

ظروف حرب  وتشريد وفساد.. 

الذي خرج من بيته بحثا عن الأمان...  داهمه  خريف شرس ليخرجة مرة أخرى... 

وتظل رحلة  البحث عن الإمان مستمرة... 

ذلك الظلم الذي حرمه الله على نفسه وأحله البشر على أنفسهم 

ونحن كسودانيون نلنا ما نلنا من ظلم ... من قهر... من تميز.. 

ماذا لو أعلنا الحداد منذ أمد بعيد على موت الضمير... 

على موت الانسانية... 

رغم كل ماحدث ويحدث.. 

مازلنا نكابر ولانعترف بالخطأ

ليس عيبا أن نخطي ولكن العيب أن نكابر ونستمر في الخطأ... 

نحن ندفع ضريبة مافعله الآخرون وليس لنا يد فيه.. 

أصبح الهروب ديدننا والكثير منا يتمنى أن يحصل على هوية غير هويته... 

إذا كان هذا هو حالنا فكيف بالاجيال القادمه... 

وهل هناك من يحب السودان بصدق.. فالذي يحب لايقوى٠٠٠

على فراق محبوبه.... 


#ندى_موسى



Share To: