حياة | بقلم الكاتبة المصرية أميرة محمد
سأقص عليكم قصة ربما تجدون أنفسكم فيها.
قصة إنسان اكتشف أن العمر قد مر فجأة، وأصبح هو الكبير الذي يلجأ إليه الأصغر سنًا، لعلهم يجدون لديه الحكمة والمشورة.
نظر فجأة إلى نفسه في المرآة، واندهش: متى مر العمر؟ فهو لم يشعر به حقًا.
لم يرَ في نفسه الكبير الذي يحتاجه الآخرون، بل ما زال يحتاج إلى من يتكئ عليه، ويهون عليه حاله، ويرشده في بعض الأوقات.
يحتاج إلى أن يضع رأسه وهو يشعر تمامًا بالأمان الذي اختفى من قلبه منذ وقت طويل؛ في حين أنه أصبح الأمان للأصغر منه!
أصبح وحيدًا تمامًا؛ لا يرد من احتاجه، ولكن لا يجد فيمن حوله من يفهمه ويهون عليه قسوة الحياة، بل ربما يكون منهم مصدر الحزن والتعاسة في حياته.
فالحياة أطعمته من مرّها جميع أنواع العذاب.
فكان يصبر ويقول: "إن الصابر أجره بغير حساب."
فاستمر في وحدته وغلفها بعزلة عن الجميع؛ فالعزلة أفضل من ضجيج المنافقين. وكان ليلًا يجلس ويكلم ربه، ويدعو الله أن يشفي كسرة قلبه، ولا يملّ الدعاء.
فرزقه ربه خيطًا لبداية رحلة جديدة إلى التعافي والشفاء، ولكن لكي يبدأ رحلة التعافي يجب أن يترك عزلته ويسعى؛ "فالله يستجيب وعلينا بالسعي."
فبدأ واستعان بربه؛ فهو ليس وحيدًا لأن الله معه ومعنا جميعًا، فوجد في رحلته من يفهمه ويرى الطفل المكسور بداخله، ووجد من يعاني مثله ويسير في رحلة تعافٍ مماثلة، فلعل الله كسر عزلته ليثبت له أنه ليس وحده.
هو الآن لم يتعافَ تمامًا، ولكنه أدرك أن كل خطوة في مشوار حياته كانت مهمة، ولم يندم على أي قرار اتخذه في أي وقت مضى من حياته، فلولا ما مرّ به لما انتهى إلى طريقه الحالي.
في النهاية... إننا جميعًا تألمنا وانكسرنا من أقرب الناس إلينا، ولكن ربنا يفتح لنا طرقًا أخرى ليجمعنا بأشخاص يعوضوننا عن الوجع الذي مررنا به.
الحياة عمرها ما وقفت على أحد، وطالما في العمر بقية، فدروس الحياة لك لم تنتهِ بعد.
واعلم أن ليس كل البشر سيئين، ولا جميعهم طيبين، ولكن عليك أن تختار مع من تتعامل.
وحافظ على نفسك ومشاعرك، ولتتمكن من مساعدة من حولك، عليك أن تساعد نفسك أولًا.
Post A Comment: