القَلبُ يُدرِكُ ما لا يُدرِكُ البَصَر | بقلم الأديبة المصرية آيات عبد المنعم
أن تفقدَ بصركَ في الحربِ مُصابٌ جلل، لكن إن فقدتَ بصيرتك الّتي تميز بين الحقّ والبـاطل، فأعلم أنَّكَ بصقتَ عقلكَ الحيِّ علىٰ مائدة الموتىٰ، وما تبقى منكَ سوىٰ عينين مفتوحتين تلتهمُ فُتات الدُّنيا، ومآلها أن تغدو طعام الدُّود.
كلُّ العيونِ سَتفنىٰ ويَبقىٰ الأثر، فانظر إلى حصاد يديك...
هل زرعتَ حبَّة زيتونٍ في الجليل، ومسحتَ عن عيون غزّة دموع الدّم، هل أطعمتَ جائعاً وسقيتَ زهرة؛ أم كنتَ بين صفوف المُتخاذلين تُصلي وتصوم صامتاً، وبعدها تمضي تائهاً، تُغني بعلو حنجرتك «اللهم لا أبالي.. أحفظ بلادي.. ولغزّة خالص دعائي»..
إنْ رفعتَ شعار اللَّهم نفسي، لا تعتب علىٰ من جعل جسدهُ فداءً للخلاص، ومضىٰ خلفَ قافلةِ كربلاء يُنشدُ الفتح المبين.
لم يكن يحملُ في جيبِ بندقيتهِ سوى عينيهِ، تُرتلُ آيةً في سورة الحج، بسم اللّٰه الحكيم البصير: {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَٰكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (46).
لقد وهبَ بصرهُ بملءِ روحهِ، دونتْ بصيرتَهُ وصيتها الأخيرة، قصيدةَ "أمل دنقل" يحفظها عن ظهر قلب..
«لا تصالحْ!
.. ولو منحوك الذهبْ
أترى حين أفقأ عينيكَ،
ثم أثبِّتُ جوهرتين مكانَهما..
هل ترى..؟
هي أشياء لا تُشترى..
إنها الحربُ!
قد تثقل القلبَ..
لكنّ خلفك عارَ العربْ..
لا تصالحْ..
ولا تتوخَّ الهرَبْ!»
آيات عبد المنعم
ضاحية بيـروت الجنوبيّة..
19/ ربيع الأول/ 1446هـ
23/ أيلول /2024مـ
Post A Comment: