أمي الفريدة | بقلم الأديبة المصرية خلود أيمن 


أمي الفريدة | بقلم الأديبة المصرية خلود أيمن
أمي الفريدة | بقلم الأديبة المصرية خلود أيمن



 السلام عليكم ، أمي الفريدة : 

كل ما يأتيني منكِ يحمِل مذاقاً مختلفاً وإنْ لم نَكُنْ على وفاقٍ في معظم الوقت ، فهذا يرجع إلى اختلاف الطبائع ووجهات النظر في بعض الأمور الحياتية العادية التي لا تُفسِد الحب الكامن بقلبي تجاهكِ ، فأنتِ تحوزين مكانة لا تتزحزح من قلبي مهما مرَّت الأيام أو انقضت السنون أو احتدمت الخلافات أو تغيَّرت الدنيا من حولي يبقى حبك ثابتاً في قلبي ، راسخاً في وجداني ، فجذوره عميقة ممتدة إلى كل كياني ، إلى أخمص قدمي ، فكل ذرة فيّ تعشقك وتتمنى أنْ تصير مثلك ذات يوم ، لا أستطيع تخيُّل حياتي بلاكِ ، فكيف لو لم تكوني أمي ، لو منحني الله بغيرك ؟ ، فلا بديل لكِ أو شبيه لسِماتك ، فلكِ روحٌ لم يُخلَق مثيلاً لها ، لكِ قلبٌ كلؤلؤة براقة يُبرِز كل ما هو طيب ورقيق ، تجودين عليّ بعطفكِ وحبكِ وحنانكِ مهما بلغت من العمر عتياً تظلين تريني كطفل لم يتجاوز الثالثة من عمره رغم ما مررت به في منعطفات الحياة وتجاربها القاسية المَريرة التي فتكت بي في بعض الأحيان ، فما زلتِ الملاذ الآمن الذي أرتكن إليه وقت الضيق والضَجر إذْ تتمكنين من تضميد جراحي رُغم ما  أَلمَّ بكِ من آلام أو نزل بكِ من مِحن ، فلم تتخلِّ عني في أي مشكلة أطاحت بقلبي ووضعته في مَحِل لا يليق به إذْ دوماً ما تكترثين بحالي أكثر من أي شخص آخر ، لا أدري كيف يمكن تصوُّر الحياة دون مشاعركِ الفياضة التي تُسكِّن آلامي التي قد تضرب بي بين الفينة والأخرى ، تنقض عليّ بغتةً دون سابق إنذار ، تهاجمني وتوشك أنْ تقضي على آخر ذرة عقل بكياني ، فعلَّك تبقين معي لآخر نفس ألفَظه كي أتمكن من مواجهة الحياة والتصدي لكل مشاكلها المستعصية التي لا أقدر عليها وحدي ، فدوماً ما كنتِ الدرع المنيع الذي يحميني وقت المعارك الطاحنة والحروب الضَروس التي أخوضها مع ذاتي في محاولة للانتصار على ضعفي الذي ما يلبث أنْ يتبدد حتى يعود مرة أخرى بقوة أكبر وكأنه لا يَوِد أنْ يرحمني أو يدَعني وشأني كي أَنعم بحياتي بعض الشيء ، دُمتِ لي خير الأنام ، مميزة ، فريدة ، مِن بين كل الوَرى ...




Share To: