حرية الضباب | بقلم الأديب الجزائري: عبد العزيز عميمر


حرية الضباب | بقلم الأديب الجزائري: عبد العزيز عميمر
حرية الضباب | بقلم الأديب الجزائري: عبد العزيز عميمر 

 


_ ذكريات نظنها دفنت للأبد، وتعود عندما نتعرّض لما يثيرها،والغريب أنها تعود أحيانا قويّة جدا،أكثر من قبل 

وتضغط علينا ،حتى تؤلمنا ،ونودّ رجوعها لتدفن مرّة

لنتخلّص منها،لكن تبقى عنيدة لا تتزحزح، وتدفعنا للتفكير 

في ايجاد حلول ،حتى نتأكد فعلا أنها لا تزعجنا مستقبلا.

ليس كل الذكريات مؤلمة، بعضها مفرح يزيدنا قوة واعتزازا

بالنفس، وثقة مدعّمة فنشعر بأننا مهمّون في الحياة ولنا دور

ومركز في الحياة الاجتماعية ، لكن الذكريات السلبية والمؤلمة ،تجعلنا نخجل ونتوارى عن الأنظار،خاصة عندما نكون مسؤولين على بعض الأخطاء ارتكبناها بعفوية ،أو كانت بايعاز من البعض .

العقل هو ما رميت فيه من عادات وتقاليد ومبادئ ومعارف

وتجاربك الشخصية وردات فعلك كلها مسجّلة وهي التي تبرمج سلوكنا،وكلامنا وتقولب وجداننا ،لذلك فقضية الحرية و الحرية المطلقة مشكوك فيها حتى وإن شعرت بأن أفعالك

حرّة،فالأمر ليس كذلك،وليس مثلما تظن،أنت مقيّد بمرجعيات

عديدة،ونظرا لتكرارها ثبتت وترسّخت وأصبحت صفة من صفاتك ،وجميع ما تفعل وتقول فإنها تمرّ على محكّ هذه المرجعيات ،فأنت ابن بيئتك ،أحببت أم كرهت،اعترفت،أو رفضت،إنها ملازمة لك ،تأخذ قرارا وتفرح لأنك تشعر بأن القرار قرارك لكنك جمعت المعطيات من حولك،وأكيد رجعت للذاكرة و المرجعيات ثمّ بنيت قرارك وأدليت به .

 نحن أمام كرة ثلج متدحرجة وفي طريقها تلمّ أشياء وتحتفظ بها وتكبر الكرة وتقيّد أفعالنا ،والكرة مجمّدة تحت درجة برودة عالية،ولا تذوب إلاّ عند الموت .


  

Share To: