واسمها شغف | بقلم الأديب الفلسطيني طلعت قديح
واسمها شغف | بقلم الأديب الفلسطيني طلعت قديح |
"شكل متخيَّل لكتابة لا غاية منها سوى الثرثرة"
نقطة من أول سطر لا يملك لقاءها أو هي تملك ذلك.
عجيبة هي، كأنها تنفث من الحروف مزنا من رذاذ خافت، تحاول إكثاره بالقراءة، سبيلها للنجاة من الكون!
أحاول أن أشذب حديثي معها، ولكن أهواء الكتابة لا تخبو، أحب الكتابة الورقية، كم كنت أتمنى أن تكون قريبة مني، وتكون مراسلاتنا ورقية لا كيبوردية، بعض من الزمن الجميل كفيل بإشعال شغف في وجهي لو كنا قريبين من بعضنا.
كيف يمكن لكاتب حروف أن يلتفت لكتابة بأسطر قليلة ليكتشف أنه أمام قاموس رائق بلغة أنثى أو امرأة، مهلًا؛ ما الفرق بين لفظيّ أنثى وامرأة؟ أم أنني أريد التَّذاكي فقط للفهلوة وإبراز عمق فكري مثلا.
إن جئنا كمصطلح لغوي -بدأت فلسفتي- فإن الأنثى هو مصطلح علمي يصف الشكل الظّاهر، دون النظر إلى العمر ، ثم أننا نذهب إلى المصطلح باعتباره النصف الآخر من الكون البشري، وكلمة امرأة فأميل إلى معنى مكتمل شكلا ومضمونا، بالمعنى المعروف ويمكن الإشارة إليه بالبنان؛ هذه امرأة.
وأما بالاستناد إلى التفسير الاصطلاحي، فإن الأنثى تفوح منها رائحة الغواية وبقسوة، أن تحب أنثى يعني أن لديها ماليس لغيرها، وليس مهما أن تكون ذات جمال فاقع، بل يكفي أن تلمح منها قولا أو عملا لتلتقط علامة الأنوثة، حتى وإن كان شكل حاجبين!
وأما كلمة امرأة، فهي تكتسب نمط الإلهام في الحياة، ولا تبرز إلا في مواقف يجب أن تكون فيها امرأة، أشبه بزجاجة عطر راق، موضوعة على الرفّ ليس كمعنى للإهمال بل كرونق لا يشير له أو يُشار إلا لمقتدر نمط أو فاهم مكانة، فالمرأة تحوي غواية الأنثى بمقدار موزون، كما توزن المعادن الأثمن بميزان يفرق معه القليل من غرام وأقل!
هكذا أفهم أن الاقتراب من امرأة يعني أنك تتسلل على أطراف قدميك، كي لا يكون اعتياد المشي مدعاة للخطأ.
ربما كان من الممكن أن يطول الحديث لو كانت شبكة الإنترنت متاحة طيلة الوقت في مكان الإقامة الحالي، يمكن وقتها أن أبرمج وقتي على فراغ وقتها أو يحدث العكس في أن تُفرغ وقتها من أعباء الحياة، وأن تمارس النجاة مع قراءة حروفي؛ أليس كذلك. لكن القدر ربما لا يريد الاحتفاء أو الاحتفال أو التهيؤ أو أو إلا بقليل وقت، أراني محظوظا فيه في أنه وقت الصباح، وإلا لما كان القليل من القليل سيكون متوفرا.
ربما كان ذاك المنشور سببا في إرسالي لك على الشات لملاحظة، والذي رأيته غير متاح، فأسقط في يدي، ورأيت من الضروري إعلامك فكان على العام، وعلى ذكر النائمون؛ لا هي النائمين لأنها تأتي من باب مضاف إليه، ولن يشفع لك أنها بداية سطر جديد، فالنقاط المتتابعة تعبّر عن حديث متتابع يُختزل وصولا للتواقون وهي النائميييين.
آنست قولك أنك من الصعيد، هل معنى ذلك أنك تعيشين في قرية أو لنقل قرية مودرن قليلا، لأن شبكة الانترنت متوفرة أم أن توفر الانترنت هو لتوفر شبكة فودافون أو موبينيل أو الاتصالات، وبالتالي فوجود شبكة يعني وجود انترنت، ما علينا، وما يعزّز قولي بأنك تعيشين في قرية هو عدم وجود مكتبة! ربما كنت تسكنين في مكان بعيد عن مركز المدينة أو ما شابه ذلك.
ربما معك حق وبقوة أنك ترفضين أن تمنحيني رقم الواتساب لإرسال مجرد كتاب، ولو كان كتابي الخاص، كثيرة هي المعاكسات أو الإشغالات، لكني أعلم أن وجود رقم الواتساب هو للأقارب والذين في جلّهم عقارب، أو أصدقاء، والذين باتوا عملة غير موجودة في ظل انتشار غبار ردم العلاقات الإنسانية وسط تفاقم ظاهرة الأقنعة المطلوبة مجتمعيا.
سررت حينما عرضت عليك أن نقرأ كتابا من موقع أبجد معا، أتدرين ما معنى كلمة "معا"، هي كأن أجلس بجانبك أمام الأهرامات ويبدأ كل منا القراءة ونتوقف عند حد معين أو عدد معين من الصفحات، ونغلق الكتاب، ويبدأ كلامك أولا -الليدز أولا-: بص يا سيدي.. وأقاطعك مشاغبا: وإن كان ليك عند الكلب حاجة قوله يا سيدي. وهنا تبتسمين قائلة: بلاش بياخة والنبي، فأقول: هي بياخة ولا بواخة؟ فتردين: وبعدين احنا هنهزر من أولها ولا ايه، بص يا سيدي الكتاب بيتكلم عن .... وده طبيعي في ظل .... إلخ. يمر في خاطري هذا التخيل الذي يمتد كلما قرأنا كتابا "معا" من موقع أبجد، وأتساءل: كيف يمكن لجماد أن يجمع "معا"؟ فتردين على تخيلي: جماد ايه يخرب بيتك انت هتودينا في داهية.
وهنا يتدخل التخيل: انتو مش كنتو متفقين ولا انتو طب هوا ايه الكتاب وفين ال ال ... اخصييييه عليكم بوظتو ال ال......
وهنا تتدخلين: ايييه يا عم انت بتسرح بيا ولا ايه، ماتصحصح حضرتك. أنا خارجة من زفت طين وحياة قرف، ما تلم الدور يا لمبي انت. الله... انت بتهزري يا سهير وهنا تنفجرين: سهير مين يابا؟ أبتسم: افتكرت سهير البابلي لما تفت على أحمد بدير.
وهنا تتأفففين قائلة: طيب كمل يا أستاذ كلامك كمممممممل، أنا عارفة كل ده عشان مابعتش ليك الواتساب ومش حتاخده هييه.
أجمع البوح حين يكون تلقائيا حتى وإن كان عن بعد، وهو الأجمل، فالقرب مكلف ما بين اجتياز مسافة وتأنق في اللبس وصرف وقت وجهد وووووالخ، أما ضغطة زر فلا تكلف شيئا، لك أليست التكلفة والوقت والجهد هي الحياة المحسوسة!
وأنا أقرأ ما كتبت عن حالتك القليل، وصلت إلى قولك أن الكتابة "ونس" أحسست بأني جزء من هذا الـ "ونس" وإن كان في وضح النهار، وإن كان في الشارع أو في المطبخ، أو عند الحلّاق مثلا.
أعجبني "رفث القهوة" لمجرد أنني لمحت شخصيتك في هذا المعنى، لن أقول لم حتى تستوضحي مني ويكثر كلامنا، فكرة ذكية أليس كذلك.
"عن الرافعية التي ترف خلف طرق الصوفية المنتشرة طوعا في ربوع البلد".
ماذا لو كانت:
"عن الرافعية المرفرفة خلف جبة الحلالجة القابعين طوعا في عباءات القلوب!"
هل أعترف لك بشيء؛ لقد ذبت من هذا المقطع، صحت في داخلي: وااااو هي صوفية إذن، وتعرف أشهر طرقها، طرت فرحا، لو كنت أمامي لقبّلت هواءك، لا أدري لم قرأتها وكأني أتنفسها عميقا بنكهة الشغف.
وهنا تهمسين: نكهة ايه يا خويا، لا بص بقا، ماتتسحبش زي البتاع من تحت الباب، أنا مش فنكوش يا عم انت.
وهنا أقول، هل يمكن أن تعيدي ما قلت باللغة الفصحى؟
زممت شفتيكِ ثم قلت: أي نكهة تقصد يا رجل؟ أرجوك لا تأخذني بعيدا، فأنا مرهقةّ من ذلك البحر الذي نجوت منه بأعجوبة، مرهقةٌ، أتفهم ذلك، أريد هدوءا يا رجل.
وهنا أخذت نفسا عميقا وطويلا، خلت أنك تمسكين الهواء بتلابيبه كي لا تختنقي، وقلت لي: تبا لك.
"وشغف الألق في خيمة حروفها، تراود سطور البوادي الناعسات على شفا جرف آنس طيرا حط على سفح مرود كحلها."
أتعلمين أنها لك أنتِ وفقط، وحين كتبتها كنت أنظر لصورتك بتفاصيل! فقط أردت أن أسجل اللحظة.
"حزينة لاني بقالي ٣ أيام لم اقرأ"
هل تعلمين ما معنى أن تحزن امرأة لأنها صامت عن القراءة 3 أيام؟ أحسست بالنشوة حين قرأت هذا السطر وقلت في نفسي: تبا لك.
أن تقرئي كتاب حسن مطلك في سنة ونصف ولم تنهه؟!
وهنا قفز سؤال أسجله للحظة: هل يمكن أن أطل على عالمك لسنة ونصف ولا أنتهي منه؟ وقد كانت بصيغة أوضح لكني خجلت، ثم تذكرت أنك واضحة، وها أنا أعيده بصياغته الحقيقية: هل يمكن أن أعشقك لسنة ونصف ولا أنتهي منه؟
أن تجهزي قائمة بقراءاتك الشهرية، يعني أنك ترتبين عقلك جيدا، وبأنك اشتغلت عليه حتى تكوني كما أنت الآن، وإلا لغمرتك مياه البحر.
"بمفرق ظهرك
حنّ إصبعه
ليشاغب ما تليَّن وما طريَ من منابت طلاوة جسد ناعس
لا يكون اللَّمس إلا بارتشاف همس تلوَّى
ونثار تأتأ حروف وجد تأنَّى في ميلانه
يا نِنَّ العين ومفرق الحاجبين
تأنَّى
فأنا أنت
وأنَّت أنا".
أتدرين: أحسست أن هذا المقطع كُتب خصيصا لي - وهو ليس كذلك - وكم أنت هنا هشة ورقيقة جدا، حتى حسبت أنك كتبته بالقطن لا بالحبر، ياااه كم أنت رقيقة.
أما بالنسبة للمقترح الأخير فأعلم أنني "طهقتك" من عدم الإفصاح، ربما أقوله اليوم، لا أدري.
هل تعلمين أن كل هذا الكلام هو وقت مابعد الفجر تماما، والآن الساعة6:30تماما، ولا رغبة أن أترك الهاتف المحمول، والذي تسمونه الموبايل ونحن نسميه الجوّال.
أنا مسرور بما كتبت، وآمل في أنك تشعرين بالسرور كذلك، ولا أعلم كيف سيكون تعليقك على ما كتبت، هل سيكون عبارة عن سطور أم تكون هناك رسالة الكترونية بنفس الطريقة، رغم أني أحبذ الطريقتين، طريقة الرد السريع والمباشر، والطريقة مابينك وبين ذاتك.
لكن أتعلمين، أتساءل: هل يمكن أن ينتظر شغفي لقراءة حروفك؟ اف،، هناك شيء في هذا البوح لا أريد توصيفه، امرأة تحاول لملمة نفسها بعد النجاة، ورجل يعيش في أكبر موت لم ينج منه بعد! أليس ذلك بالملهاة القدرية.
وصلت حروف الحديث إلى6000حرف وأكثر، هل سيأتي ستكون هذه الرسالة نواة لكتاب يزن60000كلمة! ربما نعم، وربما........ لم أستطع كتابتها، لأني أريد إبعادها من هنا.
عشرة دقائق بعد الـسادسة والنصف وأنا أكتب باسترسال، ولا أحب التوقف، بالمناسبة لماذا أنت صامتة؟
تبا لكِ شغف :)
تبتسمين قائلة: ولك بالمثل :)
أجيبك: قوليها.
تهمسين: تبا لك طلعتتت :)
ولماذا تتتتت؟
تجيبين: لأنها تاء تطل على شغف!
4-11-2024
غزة المحتلَّة.
(ملاحظة: ما كُتب سابقًا هو خيال، لا يمت للواقع بِبَصَلة(البصل 20شيكل الكيلو)، وأي تشابه في الأحداث، سيكون من تخاطر لا تدَّخل لي فيه، والشعر لي، حتى الطرافة متخيلة؛ وجب الإعلام).
Post A Comment: