خير صفوف النساء | بقلم أ. د روحية مصطفى أحمد الجنش أستاذ ورئيس قسم الفقه الأسبق بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات القاهرة
خير صفوف النساء | بقلم أ. د روحية مصطفى أحمد الجنش أستاذ ورئيس قسم الفقه الأسبق بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات القاهرة |
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلُهَا وَشَرُّهَا آخِرُهَا وَخَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ آخِرُهَا وَشَرُّهَا أَوَّلُهَا.". مسلم في صحيحه.
لا زالت الفتوح الربانية ، والإضاءات المحمدية تتدفق حباً وحرصاً ورحمهً ورأفة بالمرأة المسلمة التي لا نقول أنها نصف المجتمع ، بل تمثل كل المجتمع ، فإذا صلحت النساء صلح المجتمع بأسره ؛ لأنها الأم ، والزوجة ، والبنت ، والأخت ، والجارة ، وزميلة العمل ، وشريكة النهوض بالمجتمع ، وفي النص الكريم والمنطق الطاهر الذي بين أيدينا تتلألأ وتتجلى معاني الرحمة في تنبيه المرأة المسلمة وتطييب خاطرها وإسعاد قلبها حينما حرصت على إدراك فضائل الأعمال وحصاد أجورها أُسوة بالرجال ، فتأتي سفيرة النوايا الحسنة والمطالب العادلة إلى رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم بأمر يؤرق النساء ، أليس لنا نصيب في أجوركم المتواترة في الجهاد دفاعا عن الدين والوطن ، وحضورالجمعة ، والجماعات ، وشهود الجنائز وغير ذلك ، ونحن في ذات الوقت نتحمل عنكم العناية بأولادكم ، وإصلاح بيوتكم ، إضافة إلى حسن تبعلكم في المظهر والمخبر ، فيتعجب رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم من سؤالها الذي لم يتكلف أحد الرجال بسؤاله عن امرأته ، ولكن نلتمس العذر ؛ لأن الموطن يتنافس فيه المتنافسون ، فيطيب رسولنا الكريم خاطرها ، ويطمئن جبهة النساء الباحثات عن المساواة في الأجور بأن رعاية المرأة لبيتها وأولادها وحسن تبعلها لزوجها يعدل كل مورد للأجور في حق الرجال ، بل يتعدى الأمر أكثر من ذلك ؛ بأن أجر الرجل في جماعة المسجد سبع وعشرون درجة ، وأجرها أعظم من ذلك ، بل أفضل من أجر الصلاة في مسجد المصطفى الذي تعدل الصلاة فيه مائة صلاة في غيره من المساجد إلا المسجد الحرام ، وما ذلك إلا لما وضُع على عاتق المرأة من رعاية للبيت واهتمام بالأولاد ، وتوجيه وإرشاد ، مما يصعب معه الجمع بين هذه المصالح الأسرية وصلاتها في المسجد ، لذا غُلبت الضروريات الأسرية على المصالح التحسينية ، تحقيقا للأمن والاستقرار الأسري ، والذي بدوره يتعدى إلى تحقيق أمن واستقرار المجتمع ، لذا كانت أفضل الصفوف في الصلاة الجامعة للرجال هو الصف الأول تناسبا مع مسؤولياتهم والتي في الغالب تنصرف إلى العمل والكسب ، الذي أمر الله تعالى الرجال بتركه والسعي للمسجد عند سماع النداء إدراكا للصف الأول ، فليس هناك عذر لهم في التخلف عن ذلك إلا لمرض أورعاية مريض أو عائق حال بين إدراك الصف الأول ، وشرها آخرها ، دلالة على من يتقاعس ويجلس في بيته كحال بعض الرجال اليوم يسمع خطبة الجمعة في البيت ، بل ربما انشغل بتلفاز أو تليفون ولا يدرك منها شيئاً ثم يسعى للمسجد بعد إقامة الصلاة ، فلا يُدرك من صفوفها إلا آخرها ، ولا يدرك من أجرها إلا قشر بيضها .
وأما النساء بما وضع الله تعالى عليهن من التكليفات الأسرية في رعاية الصغار والكبار في البيت ، والقيام على شؤونه من تنظيف وترتيب وإعداد طعام وغير ذلك ، مما يُشغل المرأة غالبا عن إدراك الصف الأول للنساء في الصلاة ، فخير الصفوف لها مع هذه المسؤوليات آخرها ؛لأنها لم تضيع واجباً لإدراك سنة ، ولو أراحت نفسها وصلت في بيتها لكان أفضل . أما من أهملت بيتها وشؤون أسرتها ، أو تحرت الذهاب للمسجد غير ملتفتة إلى مسؤولياتها الأسرية ؛ لإدراك الصف الأول فالتعلم أن هذا شر الصفوف لها ؛لأنها توسلت في إدراك سنة بضياع فريضة . صل عليك الله ياأرحم خلق الله .
Post A Comment: