أيام معدودات | بقلم الأديبة المصرية خلود أيمن 


أيام معدودات | بقلم الأديبة المصرية خلود أيمن
أيام معدودات | بقلم الأديبة المصرية خلود أيمن 



السلام عليكم ، 

أيام معدودات : 

ينصرف العبد عمَّا يجعله تقياً وينشغل بأمور الدنيا السفيهة التي لن تُوصِّله لشيء ولن تنفعه بقيد أنملة ويُهمل تلك الأمور الأخرى وكأنه يَضعها على الهامش ولا يدري أنها ما تُفيده وتأخذ بيده لطريق الفلاح والصلاح وهذا ما ينطبق بحذافيره على شهر رمضان الذي يُعَد شهر العبادة الحقَّة الذي من المفترض أنْ يؤجل المرء كل مهامه الثانوية ويَصُب كل طاقته فيه كي يخرج منه بالراحة التامة التي تسري بجسده وتجعل حياته هادئة نوعاً ما وتُبعِده عن وساوس الشيطان والأفكار المأسوية التي يَدِسها بعقله ليلَ نهار ولكنه مع الأسف يُضحي بكل هذا في سبيل المتعة ويركض وراء كل ما هو وضيع ، هادر للوقت ، بلا أي منفعة ، ولا يدري أنه بذلك يُضيِّع نفسه وحياته هباءً ، ويظل على هذا الحال إلى أنْ ينقضي الشهر الفضيل دون أنْ يُقدِّم فيه ما ينبغي ويظل في انتظار تغيُّر حاله العام القادم ولكنه يبقى على نفس الوضع الذي يسرق عمره ويجعل حياته كبندول ساعة تعطَّل لتوِّه وكأن أصابه العَطب ثم يلوم الحياة ويتهمها بأنها غير منصفة إذْ لا تمنحه ما يريد وهو مَنْ يقصر في حق ذاته حينما يمنعها من أداء أبسط الفروض بمَحض إرادته وكأنه يَوِد القضاء عليها أو الولوج بها في طريق الضلال والفساد الذي يُصِرُّ من يسلُكه على الاستكمال فيه لأمد حياته بلا أي شعور بالذنب أو تأنيب الضمير ، فعلَّنا نمنح كل وقت حقه ، علَّنا نُقسِّم حياتنا على الأعمال المُستحَقة التي يتحتَّم علينا أنْ نستثمر أوقاتنا فيها دون أنْ يُصيبنا أي فتور أو كسل تجاه أدائها فهي ما تحمينا من أي علة قد تُداهِمنا أو أي مُصاب قد يعترينا ، فذاك هو دور العبادات فهي تُنقِذ العبد من دوامة الحياة المُهلِكة التي قد تُفسِده وتُضيِّع عمره سدى دون أنْ يدري أو يلتفت لوهلة ...




Share To:
Next
This is the most recent post.
Previous
رسالة أقدم