عرائس الطين | بقلم الكاتب الصحافي / خالد جهاد 

عرائس الطين | بقلم الكاتب الصحافي / خالد جهاد


 ليست الأنانية بخطيئةٍ.. عندما تكون هي الدواء.. واحةً نستريح فيها من رحلتنا.. يداً تمتد إلى أعماقنا.. التي لم يلمسها أحد وعاشت ذبولها في الخفاء.. تنكر إنفصالها عن واقعٍ ترفضه.. تغلي وحدها في عالمٍ تصنعه.. من بقايا أمنياتٍ أجهضتها الحياة.. وعزلت أصحابها خلف سياجٍ من ضباب.. عندما تشير كل الساعات إلى ذات التوقيت وتترك الأحلام بمفردها في مهب الفتن والأكاذيب.. بلا ذاكرة أو حقائب.. بلا رفيقٍ أو كلمات.. الحروف مثقوبة وما من قلبٍ يرتقها.. ذابت الخيوط في أجساد الجرحى وتلاشت اللغة على أعتاب الدموع..


في الحرب.. يعود البشر إلى قانون الغريزة.. تموت الرغبة تحت وسادةٍ من حجر.. يلهو الأطفال بدمىً مصلوبة.. بعرائس من الطين.. لها ابتسامةّ ممسوحة ووجوه لا تعرف الزينة.. تشبه البشر لكنها.. تخاف أن تصبح مثلهم فتصيبها لعنتهم.. فلا روح تسكن إلى أخرى ولا رأس يستند إلى كتفٍ.. البوح جريمةٌ لا تغتفر وصدى الخطوات يشق صمت الليل ليزيده وحشة.. الأعين بوصلة التائهين.. طريقهم إلى الله بلا وسيطٍ أو ترجمان.. وسطورهم التي لا يقرأها سواه.. في زمنٍ يحتفى فيه (بالهذيان) على قارعة الصفحات وتتساقط فيه الكلمات بين الضفاف بحثاً عن قلمٍ يمنحها أبوته..


لم يترك الألم لنا من مفاجآت.. لم يعد لدينا من ملامح نذكرها وكل قناعٍ يذكرنا بسابقه.. الرهبة لا تزول عنه كبقعةٍ تلطخ ثياب العيد التي اهترأت.. الشك لا يبرح الأنفس وتتوالى الأسئلة التي نهابها واحداً تلو الآخر.. من هؤلاء الذين نراهم حولنا ؟ ماذا يفعلون في هذا العالم ؟  هل نشبه بعضنا أم أن (الصدفة) تجمعنا في ذات المكان ؟ هل هم أشخاص (حقيقيون) أم أنني أبحث عن علامة استفهام أخفي خلفها ضعفي ؟ لم أرى السراب واقعاً كما أراه اليوم وهأنذا أحاكم ذاتي عن ما اقترفته من أفكار وعن ما حملته من مشاعر.. أعود إلى نقطة الصفر حزيناً دون أن تهزمني كذبة.. محملاً بسؤالٍ جديد.. أغرسه بين سطوري بلا بداية ولا نهاية.. أطارد به نظراتي التي لم تكن يوماً ملكي.. أقطفها من أماكن هجرتها.. أشيد لها وطناً من الحنان.. يغفو إلى جوارها كنظرة حب لم تكتمل.. كوجهٍ يحلم أن يملك ضحكته.. تتخاطفه أيادي الطفولة المحرومة.. مثل عرائس من طين وكعكٍ من سكر..


Share To: