حكم الجمع بين الأضحية والعقيقة في ذبيحة واحدة | بقلم أ.د روحية مصطفى الجنش أستاذ ورئيس قسم الفقه الأسبق بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات القاهرة 


بقلم أ.د روحية مصطفى الجنش أستاذ ورئيس قسم الفقه الأسبق بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات القاهرة

بقلم أ.د روحية مصطفى الجنش أستاذ ورئيس قسم الفقه الأسبق بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات القاهرة 






صورة المسألة : مسلمٌ وُلد له مولود ولم يُعقّ عنه، ويحلّ عليه عيد الأضحى، ويرغب في إحياء سنة العقيقة والأضحية معًا، لكن بسبب غلاء المعيشة وتزاحم الأولويات، تعذر عليه أن يُفرد لكل منهما ذبيحة مستقلة، فيريد أن يذبح ذبيحة واحدة بنية الأضحية والعقيقة معًا، ويسأل عن جواز ذلك وثوابه.

الإجابة : 

أولا : العقية والأضحية سنتان مؤكدتان عن النبي صل الله عليه وسلم عند القدرة عليها ؛ لقول حبيبنا محمد صل الله عليه وسلم : " من ولد له ولد فأحب أن يُنسك عنه فليفعل " مالك في موطأه بإسناد جيد . ومعنى أحب أي رغب على سبيل السنة لا الأمر الواجب على الراجح من خلاف أهل العلم ، وقدرها شاة للولد وشاة عن البنت على الراجح تيسيرا ، أو سُبع بقرة لكل واحد منهما . 

ثانيا :  السنة أن تُذبح العقيقة في يوم السابع ، وإذا أخرها جاز ذبحها في أي وقت شاء ولا يأثم المسلم بتأخيرها.

ثالثا : الأصل أن الأضحية والعقيقة عبادتان مستقلتان، لكلٍ منهما سبب خاص ومقصد معين، وقد شُرعتا على جهة الانفراد، لا التداخل ، وهذا هو مذهب المالكية والشافعية ورواية عن الإمام أحمد رحمهم الله، حيث يرون أن كلا منهما مقصود بذاته، فلا تُجزئ إحداهما عن الأخرى، كما أن اختلاف السبب يمنع قيام إحداهما مقام الثانية، قياسًا على دم التمتع والفدية، إذ لا يُغني أحدهما عن الآخر، لكن الأحناف ، وأحمد في رواية ثانية ، والحسن البصري ومحمد بن سيرين وقتـادة رحمهم الله ذهبوا إلى جواز الجمع بين الأضحية والعقيقة في ذبيحة واحدة إذا نواهما معًا، لأن المقصود منهما التقرب إلى الله بالذبح ، فدخلت إحداهما في الأخرى ، كما أن تحية المسجد تدخل في صلاة الفريضة لمن دخل المسجد وقد أحرم الإمام بالصلاة ، وكما لو اتفق يوم عيد وجمعه فيكفي غسلا واحدا لهما  وهذا القول مبني على مراعاة الحال، وتحقيق المقصد، والتيسير على الناس، لا سيما عند تزاحم النفقات، وتعذر التوسعة.

رابعا  : بناء على ماسبق نقول : من قدر على ذبيحتين، فالأفضل أن يُفرد العقيقة عن الأضحية خروجًا من الخلاف، وإتمامًا للسنة، ومن تعذر عليه الإفراد بسبب غلاء المعيشة أو ترتيب الأولويات، جاز له أن يجمع النيتين في ذبيحة واحدة في وقت الأضحية ، فينوي المضحي بذبيحته مع نية الأضحية نية العقيقة أو العكس ، لأن الهدف من العقيقة أنها شكر لنعمة الذرية ، كما أن فيها نوع من التكافل والتواد والتراحم بين أفراد المجتمع بالاطعام ، كما أنها أحد أسباب شفاعة المولود لوالديه إن توفي وهو طفل صغير ، والقصد من الأضحية هو إراقة دم لله تعالى ، وتوسعه على الأهل والمحتاجين ، وقد تحقق الأمران في تداخل الأضحية مع العقيقة، كما تداخلت تحية المسجد مع الصلاة إذا دخل المصلي وقد أحرم الإمام بالصلاة .

رابعا : أما عن طريقة توزيع اللحم فليس فيه نص ، وإنما المراعى فيها هو المصلحة ، فيجوز للمسلم أن يأكلها كلها أو يجعلها على قسمين ، أو يجعلها أثلاثا ، ثلثا لبيته ، وثلثا لأقاربه ، وثلثا للفقراء ، ويجوز له أن يجعلها وليمة يدعو إليها للطعام ، والأولى في ذلك ، أن يوزعها لحماً ليتصرف فيها من أُرسلت إليه على وفق احتياجاته وطريقته في إعداد الطعام ، ويُثاب عليهما بإذن الله تعالى ؛ فالله أكرم من أن يتقرب العبد إليه بطاعة طمعا في تحصيل ثواب مضاعف ويرده صفرا . والله تعالى أعلى وأعلم



Share To: