دليل تصحيح الأخطاء الخاصة بالاحرام | بقلم أ. د روحية مصطفى أحمد الجنش أستاذ ورئيس قسم الفقه الأسبق بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات القاهرة 


دليل تصحيح الأخطاء الخاصة بالاحرام | بقلم أ. د روحية مصطفى أحمد الجنش أستاذ ورئيس قسم الفقه الأسبق بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات القاهرة
دليل تصحيح الأخطاء الخاصة بالاحرام | بقلم أ. د روحية مصطفى أحمد الجنش أستاذ ورئيس قسم الفقه الأسبق بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات القاهرة 


بسم الله الرحمن الرحيم 

الحمد لله الذي شرع لعباده مناسك الحج، ويسّر سبل أدائها، وجعل في تعلّم أحكامها رفعةً في الدرجات، وتكفيرًا للسيئات، وهدايةً للطريق المستقيم، والصلاة والسلام على خير من حجّ واعتمر، وعلّم الأمة مناسكها بالحكمة والموعظة الحسنة، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد:

فإن الإحرام هو أول مناسك الحج والعمرة، وبه يدخل العبد في عبادة عظيمة تتطلب حضور القلب وتعظيم الشعائر والامتثال التام لأوامر الله ورسوله ﷺ. وقد يقع بعض الحجاج والمعتمرين – عن جهل أو تقليد – في مخالفات وأخطاء، بعضها يفسد النسك أو يُنقِص الأجر، أو يُعرّض صاحبه للفدية دون علمٍ منه.

لذلك جاء هذا الدليل:  "الدليل الفقهي لتصحيح الأخطاء الشائعة في الإحرام"، ليكون مرشدًا عمليًا، مُحرّرًا منضبطًا ، يجمع بين سهولة العبارة، ودقة الاستنباط، واعتماد أقوال أهل العلم في المذاهب الأربعة، و بيان القول الراجح حيث يقتضي المقام، والتنبيه على ما يخالف الأولى.

وقد تم ترتيب الأخطاء بحسب المواضع المتعلقة بالإحرام، مع توضيح الصواب فيها بلغة ميسّرة، تعين القارئ على تصحيح النية والعمل، والاقتراب أكثر من مقاصد النسك وروحانيته.

نسأل الله تعالى أن ينفع به الحجاج والمعتمرين، وأن يجعل هذا العمل خالصًا لوجهه الكريم، نافعًا لعباده، سببًا في تصحيح النسك، ورفع الجهل عن أنفسنا وأحبابنا.

وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.

الأخطاء الشائعة في الإحرام وتصحيحها

.1- الخطأ: الاعتقاد بأن الحج يمحو كل الذنوب بما فيها حقوق العباد.

الصواب: الحج يُكفّر الذنوب التي بين العبد وربه إذا أُدِّي بإخلاص وعلى الوجه المشروع، لكن لا يُسقط حقوق الناس وذلك من تمام عدل الله تعالى ، لذا يجب على من أراد الحج أن يُخلِص النية لله تعالى، وأن يُعيد الحقوق إلى أصحابها إن كانوا أحياء، أو إلى ورثتهم إن كانوا قد تُوفّوا، حتى يكون حجه مقبولًا ويؤدي هذه الفريضة العظيمة وهو بريء الذمة من المظالم.

2- الخطأ: الاعتقاد بأن إذن الزوج غير لازم لحج الزوجة أو عمرتها، خاصة في نسك التطوع.

الصواب: يجب على المرأة أن تستأذن زوجها قبل الخروج لأداء الحج أو العمرة، سواء كان ذلك فرضًا أو تطوعًا، وخاصة في حج التطوع، لأن إذن الزوج من مظاهر المعاشرة بالمعروف، ومن حقوقه الشرعية عليها ما دامت في عصمته ، ولا يجوز لها أن تخرج للحج أو العمرة بدون إذنه، إلا إذا كان الحج حج الفريضة وقد توفرت شروطه ولم يتحقق مانع شرعي، ففي هذه الحالة يُقدَّم أداء الفريضة مع التنبيه على ضرورة التفاهم والاحترام المتبادل بين الزوجين.

3- الخطأ: الاعتقاد بأن حج المرأة لا يصح بدون وجود زوج أو محرم.

الصواب: الصحيح أن حج المرأة يصح ويجوز إذا كانت مع رفقة آمنة، وهو قول جمهور الفقهاء ومنهم المالكية والشافعية، خاصة في حج الفريضة ، فالمقصود من وجود المحرم هو تحقيق الأمان، فإذا تحقق ذلك بوجود رفقة مأمونة ووسائل سفر آمنة، جاز للمرأة أن تحج دون محرم، بشرط أن يكون الحج مستوفيًا لسائر شروطه الشرعية، وهذا من تيسير الإسلام ورفقه بالمرأة.

فعن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال: قال لي النبي ﷺ: «فوالذي نفسي بيده، لَيُتِمَّنَّ اللهُ هذا الأمرَ، حتى تخرجَ الظعينةُ من الحيرةِ، حتى تطوفَ بالكعبةِ لا تخافُ أحدًا إلا اللهَ» البخاري ، في هذا الحديث الشريف إخبارٌ نبويٌّ صادقٌ عن انتشار الأمن ورفع الخوف في بلاد الإسلام، حتى تتمكن المرأة من السفر من الحيرة إلى مكة – وهي مسافة بعيدة – دون أن تخاف إلا الله. وقد تحقق هذا في عهد الصحابة ثم في عصور الاستقرار الإسلامي، ويدل الحديث على أن مناط المنع في سفر المرأة بدون محرم هو خوف الفتنة وانعدام الأمان، فإذا زال الخوف وتحقق الأمان، زال المانع الشرعي ، وعليه، فإن هذا الحديث أساسٌ يُستند إليه في القول بجواز سفر المرأة بلا محرم إذا كانت في رفقة آمنة ووسائل مأمونة، خاصة في أداء حج الفريضة، وهو قول جمهور العلماء من المالكية والشافعية ورواية عن أحمد، وبه أفتت دوائر الفتوى المعاصرة، لما في ذلك من التيسير ودفع الحرج، وعملاً بمقاصد الشريعة في التيسير والرحمة.

4- الخطأ: الاعتقاد بأن الرفقة الآمنة لا بد أن تكون من الأسرة أو من بلد الحاج.

الصواب: الرفقة الآمنة لا يُشترط أن تكون من أقارب الحاج أو من بلده الأصلي، بل المعتبر هو تحقق الأمان والثقة في سلامة السفر وأداء المناسك ، فإذا كانت الرفقة مضمونة، يُؤمن فيها على النفس والعِرض والمال ، وتتوفر فيها المعايير الشرعية للأمان، جاز السفر معها، سواء كانوا من الأسرة أو من غيرها، وسواء انطلقت الرحلة من بلد الحاج أو من بلدٍ آخر اجتمع فيه الحجاج.

5- الخطأ: الاعتقاد بأن التلفظ بنية الإحرام واجب.

الصواب: النية محلها القلب، وهي ركن من أركان الإحرام، ولا يُشترط التلفظ بها، بل يكفي أن يُعقَد القصد في القلب للدخول في النسك ، لكن يُستحب التلفظ بها على لسانه كأن يقول: "لبيك عمرة" أو "لبيك حجًا"، وهو ما ذهب إليه الشافعية والحنابلة وغيرهم من أهل العلم، لأنه أدعى لاستحضار النية وموافقة لفعل النبي ﷺ، حيث قال: «لبيك عمرة» و«لبيك حجًا»، فكان ذلك دالًا على مشروعية التلفظ لا على وجوبه . 

.6- الخطأ: الاعتقاد بأن الغسل عند الإحرام واجب.

الصواب: لصواب: الغسل عند الإحرام سنةٌ مستحبة باتفاق العلماء، وليس بواجب، فلو أحرم المسلم بدون غسل، صحّ إحرامه ولا شيء عليه؛ لأن الطهارة الكبرى (الغُسل) والطهارة الصغرى (الوضوء) ليستا شرطًا لصحة الإحرام. وقد نقل ابن المنذر في كتابه الإجماع قوله: "وأجمعوا على أن الاغتسال للإحرام غير واجب ، ويُستحب أن يكون الغسل متصلًا بالإحرام، أي أن يغتسل الحاج قبل عقد النية مباشرة. 

7- الخطأ: اعتقاد أن محظورات الإحرام تبدأ بمجرد الاغتسال.

الصواب: محظورات الإحرام لا تبدأ إلا بعد عقد نية الإحرام والدخول في النسك بالتلبية بإجماع العلماء أو ما يقوم مقامها، أما الاغتسال فليس من الإحرام، بل هو استعداد له، ولا تترتب عليه أحكام المحرم.

8- الخطأ: الاعتقاد بأن غسل الإحرام غير مسنون للمرأة الحائض.

الصواب: غسل الإحرام مسنونٌ للحائض والنفساء كغيرهما من النساء بإجماع الفقهاء ، لأن الغسل عند الإحرام سنة نبوية، وهو لأجل النظافة والتطيب واستقبال عبادة عظيمة، وليس شرطًا للطهارة من الحيض ، فقد أمر النبي ﷺ أسماء بنت عميس، وكانت نفساء، أن تغتسل وتحرم، مما يدل على أن الحائض والنفساء تُشرع لهما السنة كغيرهما في هذا الموطن.

9- الخطأ: الاعتقاد بأن المرأة الحائض لا يجوز لها الإحرام، وأنه يجوز لها تجاوز الميقات دون إحرام.

الصواب: الحيض والنفاس لا يمنعان المرأة من الإحرام، بل يجب عليها أن تُحرم من الميقات إذا وصلت إليه وهي تنوي الحج أو العمرة، ولا يجوز لها تجاوزه دون إحرام ، لكنها لا تطوف بالبيت حتى تطهر، فتؤخر الطواف فقط، وتؤدي بقية المناسك كالدعاء والوقوف بعرفة ورمي الجمار وسائر الأعمال التي لا تتطلب الطهارة، حتى تُطهَر فتغتسل وتطوف بالبيت ، وقد أمر النبي ﷺ أسماء بنت عميس، وكانت نفساء، أن تغتسل وتحرم، وقال لعائشة رضي الله عنها لما حاضت:"افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري."  (رواه البخاري ومسلم)

10- الخطأ: اعتقاد بعض النساء أن للإحرام ثيابًا خاصة أو لونًا معينًا.

الصواب: المرأة تُحرم بثيابها المعتادة المحتشمة، دون اشتراط لون أو زيّ معين، ولا يُشترط أن تكون بيضاء أو خالية من الخياطة ، لكن تجتنب لبس النقاب والقفازين، وتغطي وجهها عند وجود الرجال بغير النقاب إن أرادت ذلك ، كما فعلت نساء الصحابة رضي الله عنهن.

11- الخطأ: الاعتقاد بجواز رفع النساء أصواتهن بالتلبية كالرجال.

الصواب: المرأة تُلبي بصوت منخفض لا يسمعه إلا من بجوارها، بخلاف الرجل باتفاق الفقهاء.

12- الخطأ: الاعتقاد بأن الإنابة في الحج لا تصح إلا من الرجال.

الصواب: الإنابة في الحج جائزة للرجال والنساء على حد سواء باتفاق الفقهاء ، إذا توفر شرط العجز الدائم عن أداء الحج بنفسه، كأن يكون مريضًا مرضًا لا يُرجى شفاؤه، أو عاجزًا عجزًا لا يُزال ، ويجوز أن يُنيب رجلٌ امرأةً، أو تُنيب امرأةٌ رجلًا، بشرط أن يكون النائب قد أدى حجة الإسلام عن نفسه أولًا ، عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: جاءت امرأة من خَثْعَم فقالت: يا رسول الله، إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخًا كبيرًا لا يثبت على الراحلة، أفأحُجُّ عنه؟ قال: "نعم". متفق عليه ، ففي هذا الحديث الشريف أجاز النبي ﷺ للمرأة أن تحج عن والدها العاجز، وفي هذا دلالة واضحة على صحة إنابة المرأة عن الرجل في أداء الحج، بشرط أن تكون قد حجّت عن نفسها أولًا، كما ثبت في روايات أخرى.

13- الخطأ الاعتقاد بأن لبس المحرم لساعة أو نظارة أو كمامة تُغطي جزءًا من الوجه أو الرأس ممنوعة .

الصواب: لا يُمنع لبس الساعة أو النظارة أو الحزام أو الكمامة (إن لم تكن تغطي الرأس بالكامل)، لأن المنهي عنه هو ما فُصّل على عضو معين كالعمامة والثوب.

14- الخطأ: الاعتقاد بأنه لا يجوز أداء صلاة ركعتي سنة الإحرام في أوقات الكراهة.

الصواب: صلاة ركعتين قبل الإحرام مشروعة لأنها ذات سبب، فتُصلى حتى في أوقات الكراهة، لأن النهي عن الصلاة في تلك الأوقات لا يشمل الصلوات التي لها سبب مشروع.

15- الخطأ: الاعتقاد بأن ركعتي سنة الإحرام واجبة.

الصواب: ركعتا سنة الإحرام ليستا واجبتين، بل هما سنة مستحبّة باتفاق الفقهاء، فإن وافق وقت الإحرام صلاة فريضة، أجزأت الفريضة عن سنة الإحرام، ويُستحب أن يُؤخر الإحرام حتى تُصلَّى الفريضة، ثم يُحرِم بعدها، وهذا أولى وأفضل.

16- الخطأ: الاعتقاد بحل تجاوز الميقات دون إحرام لمن قصد الحج أو العمرة.

الصواب: يجب على من نوى الحج أو العمرة أن يُحرِم من الميقات الشرعي الذي مرّ به، ولا يجوز له تجاوزه دون إحرام ، فمن جاوزه غير محرم، ثم تذكّر قبل أن يتلبس بالنسك، فعليه أن يرجع إلى الميقات ويُحرم منه ما دام يستطيع، ولا شيء عليه ، أما إذا تجاوز الميقات وتلبّس بالنسك دون رجوع، فقد ترك واجبًا، ويجب عليه حينئذٍ دم (فدية) يُذبح في مكة ويوزَّع على فقرائها.

17- الخطأ: الاعتقاد بأن الإحرام يقتصر على ارتداء ملابس الإحرام فقط.

الصواب: الإحرام ليس مجرد ارتداء ملابس خاصة، بل هو نية الدخول في النسك (الحج أو العمرة)، وهي التي تجعل الإنسان محرمًا، لا مجرد تغيير اللباس ، فلو نوى الشخص الإحرام بقلبه دون أن يلبس ملابس الإحرام، صح إحرامه، لكنه يكون قد ترك السنّة، وتلزمه الفدية ، وهي إحدى ثلاث: ذبح شاة، أو إطعام ستة مساكين، لكل مسكين نصف صاع (أي ما مجموعه 3 آصع، أي تقريبًا 6 كيلوجرامات من الطعام) ، أو صيام ثلاثة أيام ، لقوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة: 196].أما إذا كان الفعل عن سهو أو جهل بالحكم، كمن غطّى رأسه ثم تذكّر فنزع الغطاء فورًا، فلا شيء عليه على القول الراجح.

18- الخطأ: الاعتقاد بأن وضع الطيب على ملابس الإحرام قبل عقد النية محرم.

الصواب: يرى الشافعية والحنابلة جواز تطييب ثياب الإحرام قبل عقد نية الإحرام، قياسًا على تطييب البدن، لأن كليهما من سنن الاستعداد للنسك، بشرط أن يكون ذلك قبل الدخول في الإحرام ، ولا يُمنع من بقاء رائحة الطيب في الثوب أو البدن بعد الإحرام، ما لم يُجدد الطيب أو يضعه بعد النية ، لكن إن نزع المحرم الثوب المطيّب بعد الإحرام، فلا يجوز له إعادة لبسه إلا بعد إزالة أثر الطيب عنه ، والعلة في ذلك عدم وجود نص صريح يمنع تطييب الثوب قبل نية الإحرام ،  والتحريم في حديث البخاري : «لا يلبس المحرم ثوبًا مسَّه زعفران ولا ورس " مقيَّد بكون الثوب مُطيَّبًا وقت لبسه بعد الإحرام، لا قبله ، لأن المسلم لا يسمى محرما إلا بعد التلبس بنية الإحرام ، وكذلك القياس على تطييب البدن قبل الإحرام ، وهو قياس قوي ومعقول المعنى، لأن الهدف هو التزيّن لعبادة عظيمة ، ومراعاة التيسير ورفع الحرج، وهو مقصد شرعي معتبر. 

19- الخطأ: عدم مراعاة المواقيت المكانية، خصوصًا للقادمين عن طريق الجو.

الصواب: حدد الشرع مواقيت مكانية للإحرام لا يجوز لمن نوى الحج أو العمرة أن يتجاوزها إلا وهو محرم، سواء جاء برًا أو بحرًا أو جوًا ، فيجب على الحاج أو المعتمر أن يُحرم من الميقات الذي يمر به أو يُحاذيه، فإن اشتبه عليه الميقات، أحرم قبله احتياطًا، ولا يجوز له أن يتجاوزه دون إحرام، كما سبق بيانه ، والقادمون جوًا ينبغي أن يُحرموا قبل الوصول إلى الميقات الجوي، أو في وقت مناسب قبله، لأن الطائرة تمر به سريعًا.

20- الخطأ: كشف المُحرِم (الرجل) كتفه الأيمن منذ الإحرام من الميقات وطوال النسك، فيما يُعرف بالاضطباع.

الصواب: الاضطباع (كشف الكتف الأيمن) سنة للرجال فقط، وهو خاص بطواف القدوم أو طواف العمرة، ولا يُشرع من الميقات ولا يُستمر عليه بعد الطواف ، فالسنة أن يُحرِم الرجل بردائه على كتفيه كالمعتاد، ولا يكشف كتفه إلا عند بداية الطواف، فإذا فرغ من الطواف، غطى كتفيه واستمر على حاله في باقي المناسك.

أما النساء، فليس عليهن اضطباع أصلاً، ويُحرمن بثيابهن المعتادة المحتشمة دون كشف أي جزء من الجسد ، وقد ثبت أن النبي ﷺ وأصحابه فعلوا الاضطباع عند الطواف فقط، ولم يستمروا عليه بعده، فدل على أنه سنة موضعية لا عامة.

21- الخطأ: التحرج من تغيير لباس الإحرام أو غسله أثناء النسك.

الصواب: لا حرج على المحرم في تغيير ملابس الإحرام أو غسلها أو تبديلها بمثلها متى احتاج إلى ذلك.

22- الخطأ: الاعتقاد بأن كل ما فيه خيط لا يجوز لبسه للمحرم، كالنعال أو الحزام

الصواب: المنهي عنه هو "المخيط" الذي فُصّل على قدر أحد أعضاء الجسد كالثوب والسروال والقميص، وليس كل ما فيه خياطة ، لأن مجرد الخياطة ليس هو مناط الحكم كما قد يتصور بعض الناس، بل مناطه هو لبس الأشياء المعتادة المفصلة على قدر البدن أو العضو ، وهذا هو الراجح من أقوال أهل العلم. 

23- الخطأ: تحرّج البعض من تمشيط الشعر أثناء الإحرام ظنًّا أنه من المحظورات.

الصواب: يجوز للمحرم تمشيط شعره برفق، بشرط ألا يتعمد إزالة الشعر .

24- الخطأ: اعتقاد أن استخدام الصابون ذي الرائحة أثناء الإحرام محرم مطلقًا.

الصواب: الأصل جواز استخدام الصابون المعطر إذا لم يكن القصد منه التطيب، بل النظافة، لأنه ليس من الطيب المقصود شرعًا، بل من أدوات التنظيف المعتادة ، لكن من باب الخروج من الخلاف والمحافظة على كمال الإحرام، يُستحب استخدام الصابون الخالي من الروائح، خصوصًا وأن بعض الفقهاء يُلحق المعطرات الحديثة بالطيب المنهي عنه للمحرم.

25- الخطأ: اعتقاد تحريم استعمال مزيل العرق ظنًّا دخوله في محظورات الإحرام.

الصواب: لا حرج على المحرم في استعمال مزيل رائحة العرق، إذا كان لا يشتمل على ما يتطيب به عادة، فإذا اشتمل على ما يتطيب به فلا يجوز استعماله، وعلى من استعمله الفدية ، أما من فعل ذلك ناسياً أو جاهلاً بالحكم، فلا إثم عليه ولا فدية، لقول النبي ﷺ: "رُفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استُكرهوا عليه." صححه ابن حبان وغيره . 

26- الخطأ: الاعتقاد بأن استخدام الكريمات والمراهم مطلقًا محظور على المحرم.

.الصواب: استخدام الكريمات الخالية من الطيب أثناء الإحرام محل خلاف بين الفقهاء:

الحنفية والمالكية: يمنعونها قياسًا على الطيب، لما فيها من ترفه ولين ، والشافعية: يجيزونها لغير شعر الرأس والوجه فقط ، الحنابلة: يجيزونها مطلقًا في جميع البدن ما دامت خالية من الطيب، وهو القول الراجح في زماننا للضرورة وكثرة الحاجة إليها.

والراجح: الجواز إذا كانت خالية من الروائح والمواد المعطرة، خاصة للحاجة، مع مراعاة عدم وضعها على الشعر عند من يأخذ بالقول الوسط. والله أعلم.

27- الخطأ: الاعتقاد بأن استخدام الكحل أثناء الإحرام محرم مطلقًا.

الصواب: استعمال الكحل أثناء الإحرام تفصيل بحسب نوع الكحل وغرض استعماله: فإن كان الكحل يحتوي على طيب:  يحرم استعماله لغير ضرورة، ومن فعله فعليه فدية ، وإن كان الكحل خاليًا من الطيب: فعند المالكية: يُمنع إذا كان لغرض الزينة وليس لضرورة، وتجب فيه الفدية ، وعند الشافعية والحنابلة: يُكره استخدامه إن كان للزينة فقط، كالكحل بالإثمد، ولا فدية فيه ، وإن لم يكن لغرض الزينة (بل لعلاج أو ضرورة)، جاز بلا كراهة ، الراجح: تجنّب استخدام الكحل أثناء الإحرام للزينة أولى خروجًا من الخلاف، ويجوز للضرورة أو للعلاج بشرط أن يكون خاليًا من الطيب.

28- الخطأ: الاعتقاد بأن استخدام الحناء مطلقًا أثناء الإحرام محظور.

الصواب: الحناء المجرّدة (غير المخلوطة بالطيب) لا حرج في استخدامها للمحرمة على ماذهب إليه السادة الحنابلة ، سواء على اليدين أو القدمين، أما إذا كانت الحناء مخلوطة بعطر أو طيب، فـيحرم استعمالها أثناء الإحرام، لأنها تدخل في محظور الطيب، وتجب الفدية إن استُعملت عمدًا ، ولا باس باستعمالها قبل الاحرام وان بقي أثرها .

29- الخطأ: قص الأظافر أو إزالة الشعر عمدًا أثناء الإحرام، سواء من الرأس أو الجسد.

الصواب: يحرم على المحرم قص أظافره أو إزالة شيء من شعره عمدًا، سواء كان من الرأس أو من باقي الجسد، إلا إذا وُجدت ضرورة أو أذى ، فإن فعل ذلك عمدًا فعليه فدية (ذبح شاة، أو صيام 3 أيام، أو إطعام 6 مساكين)، أما إن سقط الشعر أو انكسر الظفر بدون قصد، فلا شيء عليه.

30- الخطأ: الاعتقاد بأن ارتداء الرقبة الطبية واللاصقات الضاغطة أثناء الإحرام لا يجوز مطلقًا.

الصواب: يجوز للمحرم ارتداء الرقبة الطبية ويضع اللاصقات الضاغطة إذا احتاج إليها لأمرٍ صحي، وهو من باب التيسير ورفع الحرج، ولا يُعد من محظورات الإحرام المقصودة لذاتها.

31- الخطأ: الاعتقاد بأن لبس الساعة أو الخاتم من محظورات الإحرام.

الصواب: يجوز للمحرم لبس الساعة والخاتم، لأنهما ليسَا من المخيط المنهي عنه، ولا مما فُصِّل على قدر عضو معين بقصد اللباس، بل هما من الزينة المباحة التي لم يرد نص بتحريمها.

32- الخطأ: لبس الجزمة أثناء الإحرام، ظنًّا أنها جائزة إذا كانت دون الكعبين.

الصواب: يحرم على المحرم لبس الجزمة لأنها مفصّلة على القدم، وتأخذ حكم الخف، ولو كانت دون الكعبين ، لكن إن اضطر المحرم إلى لبسها لعذر كمرض أو جرح، جاز له لبسها ولا فدية عليه.

33- الخطأ: الاعتقاد بأن على المرأة المحرمة كشف قدميها أثناء الإحرام، أو أن لبس الخفين ممنوع عليها.

الصواب: يجوز للمرأة المحرمة لبس الخفين (شراب القدم)، ولا يلزمها كشف قدميها، بل تسترهما بثوب طويل ساتر ، أما القفازان (شراب اليد)، فلا يجوز لها لبسهما، لأن النبي ﷺ نهى المحرمة عن لبس القفازين.

36- الخطأ: الاعتقاد بأن معجون الأسنان والصابون ذو الرائحة لا يجوز استعمالهما للمحرم.

الصواب: يجوز للمحرم استعمال معجون الأسنان والصابون، ولو كانت لهما رائحة ذكية، ما دامت ليست رائحة طيب مقصودة، بل هي لأجل التنظيف وإزالة الروائح الكريهة، فلا يدخلان في الطيب المنهي عنه شرعًا، ولا فدية فيهما.

37- الخطأ: الاعتقاد بجواز شرب ماء الورد أثناء الإحرام دون قيد.

الصواب: لا يجوز للمحرم أن يشرب ماء الورد إذا كانت رائحته باقية، لأنه يُعد من الطيب، فيدخل في محظورات الإحرام ، أما النعناع، فلا بأس بشربه، لأن رائحته ليست من الطيب المقصود شرعًا، بل هي نكهة طبيعية، كالتفاح والأترج، ولا يُعد من محظورات الإحرام.

38- الخطأ: الاعتقاد بأن الاحتلام يُبطل الإحرام أو يوجب الفدية.

الصواب: الاحتلام لا يُبطل الإحرام، لأنه أمر خارج عن إرادة الإنسان، ولا إثم فيه، ولا فدية عليه ، لكن يجب على المحتلِم إذا خرج منه المني أن يغتسل بعد الاستيقاظ من النوم، ثم يُكمل نسكه، ولا يُمنع من شيء من أعمال الحج بسبب ذلك.

39- الخطأ: الاعتقاد بأن مجرد لمس الرجل لزوجته أثناء الإحرام يُبطل النسك أو يوجب الفدية مطلقًا.

الصواب: لمس الزوجة دون شهوة لا شيء فيه، أما إن كان اللمس بشهوة، أو كان مع التقبيل أو المداعبة، فهو محظور من محظورات الإحرام، فإن وقع ذلك دون جماع، فعليه فدية (ذبح شاة أو صيام ثلاثة أيام أو إطعام ستة مساكين). أما إذا حصل الجماع قبل التحلل الأول، فقد فسد حجه ووجب عليه إتمامه وقضاؤه لاحقًا، مع الهدي.

40- الخطأ: عدم الالتزام بالتلبية، أو التوقف عن ترديدها بعد فترة من الإحرام.

الصواب: التلبية سنة مؤكدة للمحرم، يبدأ بها بعد عقد نية الإحرام، ويستمر في ترديدها عند تغير الأحوال: كركوب أو نزول، أو صعود أو هبوط، أو ملاقاة رفقة ، وهي من شعائر النسك، وتركها يُفوّت أجرًا عظيمًا، لذا يُستحب الإكثار منها حتى بداية الطواف أو رمي جمرة العقبة في يوم النحر.

41- الخطأ: اعتقاد حل صيد الحيوانات البرية أو إيذاؤها أثناء الإحرام.

الصواب: يُحرَّم على المُحرِم أن يصيد صيدًا بريًّا أو أن يؤذي الحيوانات البرية بأي صورة، فإن فعل ذلك متعمِّدًا وهو ذاكر لإحرامه، وجب عليه الجزاء، كما قال الله تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ ۚ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُم مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌۭ مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ ٱلنَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍۢ مِّنكُمْ هَدْيًاۢ بَـٰلِغَ ٱلْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّـٰرَةٌۭ طَعَامُ مَسَـٰكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَٰلِكَ صِيَامًۭا لِّيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ ) المائدة: 95 ، أما إن وقع الصيد نسيانًا أو عن غير قصد، فلا شيء عليه..

42- الخطأ: مبالغة بعض النساء في التزين أو ارتداء الحلي الزائد أثناء الإحرام.

الصواب: يُستحب للمرأة أن تُحرم بثياب محتشمة دون تبرج أو مبالغة في الزينة، إذ إن الإحرام موضع تعبد وخشوع، لا زينة وتجمّل.

43- الخطأ: تغطية الرجل رأسه أثناء الإحرام بشيء ملاصق، كالغترة أو الطاقية أو العمامة.

الصواب: يُحرم على الرجل المحرم تغطية رأسه بما يلاصقه مباشرة، لأنه من محظورات الإحرام، سواء كان الغطاء قماشًا أو قبعة أو نحوها ، أما الاستظلال بالشمسية، أو ظل السيارة، أو حمل المتاع على الرأس دون قصد التغطية، فلا حرج فيه.

44 - الخطأ: الإكثار من الحديث في الأمور الدنيوية أثناء الإحرام والتنقّل بين المشاعر.

الصواب: يُستحب للمحرم أن يُقبل على الذكر والدعاء وتلاوة القرآن، ويقلّل من الحديث في شؤون الدنيا، لأن ذلك يُذهب روحانية النسك ويضعف الخشوع والسكينة المطلوبة في هذه العبادة العظيمة.

45- الخطأ : الإفراط في الانشغال بالتصوير أو توثيق اللحظات أثناء الإحرام وأداء المناسك.

الصواب: الأصل أن ينشغل الحاج أو المعتمر بالعبادة والخشوع والتقرب إلى الله، لا بتصوير نفسه أو توثيق كل لحظة، فإن ذلك قد يُذهب روحانية النسك ويشغل القلب عن المقصود الأعظم، وهو الإخلاص والتجرد لله تعالى ، ولا بأس بالتصوير البسيط إذا دعت إليه الحاجة، بشرط ألا يُخرج عن هيبة العبادة أو يوقع في الرياء.

46- الخطأ: الاعتقاد بأن صيام الثلاثة أيام في هدي التمتع يجب أن يكون داخل الحرم.

الصواب: صيام الثلاثة أيام من هدي التمتع لا يشترط أن يكون داخل الحرم، بل يُستحب أن تُصام في أيام الحج لمن لم يجد الهدي،فإن لم يتيسر له صيامها هناك، جاز له أن يصومها في بلده قبل يوم النحر، ويُكمل السبعة أيام بعد الرجوع، كما قال تعالى:{فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم} [البقرة: 196].

47- الخطأ: الاعتقاد بأن الصلاة في المسجد الحرام تُغني عن قضاء الصلوات الفائتة.

الصواب: الصلاة في المسجد الحرام عظيمة الأجر، وقد ثبت أن الصلاة فيه بمئة ألف صلاة، لكنها لا تُسقط الفريضة الفائتة ولا تُغني عن قضائها ، فالصلوات الفائتة تبقى في الذمة، ويجب على المسلم قضاؤها مرتبة بحسب استطاعته، ولو صلى في أقدس البقاع.

48- الخطأ: الاعتقاد بأن من ارتكب محظورًا من محظورات الإحرام، كلبس النقاب أو قص الشعر، يجب عليه ذبح شاة مباشرة.

الصواب: من وقع في محظور من محظورات الإحرام متعمدًا، فعليه فدية، وهي مُخيّرة بين ثلاثة أمور، كما ورد في قوله تعالى:{فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة: 196]. والفدية تكون على التخيير: صيام ثلاثة أيام ، أو ذبح شاة ، أو إطعام ستة مساكين، لكل مسكين نحو 2 كيلو من الطعام الجاف (كالأرز أو القمح).

49  الخطأ: الاعتقاد بأن مراجعة المطلقة في عدتها ممنوعة على المُحرِم  .

الصواب: يجوز للمحرِم أن يُراجع زوجته المطلقة رجعيًا في العدة، إذا كانت الطلقة أولى أو ثانية، وكانت المراجعة بقصد الإصلاح، ولا يُشترط رضاها، وهو مذهب الشافعية والمالكية ورواية عن أحمد. ويُستحب المسارعة بالمراجعة إذا أوشكت العدة على الانتهاء، لئلا تفوته الرجعة، لقوله تعالى: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِى ذَٰلِكَ إِنْ أَرَادُوا۟ إِصْلَـٰحًۭا} [البقرة: 228].50- 

50 - الخطأ: الاعتقاد بأن خِطبة الزواج من محظورات الإحرام .

الصواب: المحرَّم هو عقد النكاح للنفس أو للغير ، أما الخطبة (طلب الزواج) فليست محرّمة، لكنها تُكره للمحرم حسبما ذهب إليه الشافعية والحنابلة ، والأفضل تأجيلها حتى يتحلل  حتى لا ينشغل عن النسك .  والله تعالى أعلى وأعلم .



Share To: