من يديرها؟! | بقلم الكاتبة السودانية تسنيم عبد السيد 


من يديرها؟! | بقلم الكاتبة السودانية تسنيم عبد السيد
من يديرها؟! | بقلم الكاتبة السودانية تسنيم عبد السيد 



أحد قادة الحركات المسلحة التي اندمجت قواته مع الجيش في حربه على المليشيا، قام بسحب قواته من الميدان قبل أيام إلى حين انتهاء رئيس الوزراء الجديد من تقسيم الحصص الوزارية، في محاولة للضغط على الحكومة لمنح الحركة نصيباً من "كيكة" السلطة وحقائبها الوزارية.

العجيب في تلك الأخبار ليس بؤسها وشناعة أبطالها، لكن ما يدعو للوقوف والاستفهام فعلاً هل أولئك البشر سودانيون؟! هل يهمهم أمر هذا البلاد وأهلها حقاً؟! أين أفعالهم على أرض الواقع من شعارات السلام والاستقرار والعيش الكريم في بلاد من شدة بؤسها وسوء طالعها جعلت لأمثالهم قيمة! توسّدوا كراسي الحكم الوثيرة فـ طالت أيديهم وألسنتهم، يفتون في أمر العامة وشؤون العباد "ضجيج بلا طحين"، لكن الأوان ليس أوان حسابات ومراجعات فـ "الحصة وطن"، إما يعود مرة أخرى لوجوده ومكانته وأمانه وإما يزول، ومع ذلك تجدهم بلا حياء يتحاصصون على المناصب، ويتحسسون أسلحتهم مهددين ومتوعدين من يقترب من تلك الوزارات التي يبدو أنهم ورثوها عن آباءهم، فلو إستمر أولئك المغيّبون على ذلك المنوال فلن يجدو بلداً يحكموه.

معلوم أن السودان فيه تنوع قبلي وعرقي كبير، لكن السبيل للتهدئة والاستقرار ليس المناصب الحكومية، إنما مسؤليات شعبية ومجتمعية بتنظيم وتنسيق من قيادة الدولة، لكن الوزارات والمناصب الحكومية بالكفاءة والقدرة وليس القبيلة والحزب والقرية، يجب أن يعلم أولئك أن السلام الحقيقي ليس أوراقاً وتوقيعات وإنما تعايش وقبول ومحبة على الأرض لا المنابر أو الغرف المغلقة. 


عندما قرأت ذلك الخبر البائس تذكرت مقولة لـ عمر بن الخطاب حينما سأل أصحابه في يوم أن يتمنّوا، فقال رجل: أتمنى لو أن لي هذه الدار مملوءة ذهباً أنفقه في سبيل الله، وقال آخر: أتمنى لو أنها مملوءة لؤلؤاً وزبرجداً أنفقه في سبيل الله وأتصدق.. ثم قال عمر: أتمنى لو أن هذه الدار مملوءة رجالاً من أمثال أبي عبيدة بن الجراح أفتح بهم البلاد..   

فـ القصة ليست ماذا نملك من مقدرات وموارد وخيّرات، لكن في من يدير ذلك الخير وينفع به الناس، الأزمة الحقيقية في بلادي أزمة رجال، أزمة قادة، أزمة ضمير، نحن في أمسّ الحاجة لقيادات تنجز، تُغيّر الواقع، تعمل أكثر مما تتحدث، يهمها أمر هذه البلاد بحق. 



Share To: