جُرح غائر | بقلم الأديبة المصرية خلود أيمن
![]() |
جُرح غائر | بقلم الأديبة المصرية خلود أيمن |
السلام عليكم ،
جُرح غائر :
لقد كان جُرحه غائراً صعب الاندمال وكأنه يَشجِب دماً إنْ حاول أحدُهم النَبش في أعماقه أو تذكيره به بأي شكل كان ، كان يرغب أنْ يضمده أحد أو يُخفِّف عنه وطأة ذاك الشعور الذي يراوده ويجتاح جسده بمجرد التفكير في هذا الموقف الذي تسبَّب له في ذاك الجُرح ، فلم يَكُن الفِراق أمراً هيناً عليه ذات يوم ، لم ينسَ تلك الآلام التي سَرت بجسده وقتما رحل عنه أقرب شخص إليه والتي ما زالت تنخُر داخله حتى اليوم ، تلك الليالي التي قضاها بين حزن وشقاء ودموع انسالت على خديه وملأت وسادته ، تلك الأيام التي مرَّت في صمتٍ تام ، تلك الكلمات التي لم تبلغ الحلقوم وكأنها غصةٌ عَلِقَت به فلم يستطع البوح بها ، تلك الصدمات التي جاءته من أجمَع البشر عقب ذلك اليوم الذي يُعِدُّه مشئوماً رُغم علمه أنَّ التصديق في تلك المعتقدات لهو أمرٌ خاطئ فيه درجة من الحُرمانية ، فهذا الأمر يقيني لا مَناص منه أو مفر فلسوف يناله الجميع ويكون مصيرهم ذات يوم لا مَحالة ، ولكنه لم يتمكَّن من تجاوز هذا الموقف العصيب ذات لحظة وسيظل كذلك إلى أنْ يلْحَق بمَنْ أحبَّه من أعماق قلبه ولن يُطيِّب جراحه أحد مهما بلغت محاولاته ، لذا صار انطوائياً عقب ذلك الحدث الأعظم الذي بدَّل حياته وقلَبها رأساً على عقب فقرر تحمُّل الألم وحده إلى أنْ تنتهي حياته وتفنَى تلك الآلام من تلقاء نفسها بمجرد الرحيل التام عن تلك الحياة التي صارت سلسلةً متصلة من المعاناة والعذاب بعد مرور ذلك اليوم القاتم ، فليس كل البشر على نفس درجة التحمُّل حتى يتمكنوا من اجتياز المسائل الصعبة التي قد تُقابلهم في مسيرة الحياة والتي لولاها ما اكتسبوا القوة والقدرة على مُجابهة الأصعب ، فلم تَكُن الحياة يسيرةً سلسةً طوال الوقت لذا علينا أنْ نكون على قدرٍ من التحدي والمثابرة والصلابة والصمود حتى نتمكَّن من عيشها بالشكل المناسب الذي يليق بنا ...
Post A Comment: