من سرق "الجيران"؟! | بقلم الكاتبة السودانية تسنيم عبد السيد 


من سرق "الجيران"؟! | بقلم الكاتبة السودانية تسنيم عبد السيد
من سرق "الجيران"؟! | بقلم الكاتبة السودانية تسنيم عبد السيد 



أهل الخرطوم العائدون لها هذه الأيام، ليسو هم من غادروها قبل نحو ثلاثة أعوام، لقد غيَّر النزوح ملامحهم؛ فقد، قسوة، فراق أحباب، وفوق كل ذلك أصابتهم حالة غريبة من انعدام الثقة، جُل من تعرضت منازلهم للسطو بالخرطوم وجدوا مسروقاتهم في منازل مجاورة أو قريبة..

إما أن سارقها غريب ثقل الحمل عليه فخزَّنها في أقرب مكان ريثما يعود، أو أنه من أهل الحي ينقل ما يريده دون رقيب أو حسيب، طاعناً جاره في ظهره وضارباً بالثقة والعشرة عرض الحائط.. 


الكثير من حكاياتنا اليوم نهاياتها حزينة، أبطالها وجوه معروفة خابت فيهم الظنون وسقطت الأقنعة..

بعض من جيران الأمس أصبحوا أعداء اليوم، وأعتقد أننا سنحتاج لوقت طويل لبناء ما تهدَّم من ثقة، فكل المفقودات قد تُعوض إلا ما اهتز أو انكسر بين الأحباب.. 


أعرف أُناس تعرضوا لصدمات عنيفة بسبب مواقف من أحباب وأصدقاء، كانوا يظنون بهم خيراً؛ بعض من هؤلاء قد غيَّرته الحرب فعلاً، لكن توجد فئة من الناس هذه صفاتهم أصلاً، لكن لم تضعهم الظروف في اختبار حقيقي يفضح ذلك الجانب من سلوكهم.. 

فالفرق بين السارق والشريف؛ أن السارق احتاج أن يسرق ففعل لضعف إيمانه وقلة عقله، أما الشريف فلم يحتاج بعد، وإن تغيّرت الظروف قد يقع في السرقة وقد لا يفعل، لكن لا تستطيع أن تجزم باستقامته وكريم خصاله دون مواقف حقيقية، اختار فيها السلامة من حقوق الخلق فما تجاوز ولا تعدى ولا أفسد ولا سرق.. 


ليت تلك المدينة تعود كما كانت، بذات البساطة والثقة والمحبة، وأهلها الرائعون أكثر وفاءًا وسلاماً وصلاحاً، فالجيران في ديننا وعاداتنا وثقافتنا السودانية، ليسوا مجرد أُناس يسكنون بجوارنا، إنهم السند والظهر والأمان، الأبواب في وجوههم مشرعة وكل الديار ديارهم، هم الأحباب الأقربون مكاناً لا دماً..  "ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه"






Share To: