بهاء الغياب | بقلم الكاتبة السودانية / تسنيم عبد السيد 


بهاء الغياب | بقلم الكاتبة السودانية / تسنيم عبد السيد
بهاء الغياب | بقلم الكاتبة السودانية / تسنيم عبد السيد 



لم أرَ  في حياتي شيء مفزع، أكثر من فكرة غياب الأم..

اختفاؤها لمرَّة واحدة، استحالة عودتها،

إن العقل البشري وقدرته على الاستيعاب تقف عاجزة أمام هذا المشهد المهيب..

هكذا فجأة تتقزّم بنظرك كل الأحداث، الإنجازات، الانتصارات، والنجاحات، ما هذا الهُراء! وما هذا السر الرهيب الذي ينسف الفرح ويهدم الأماني والأحلام... 


الفجأة مؤلمة في كلِ شيء، تعوَّذ منها رسولنا صلى الله عليه وسلم حين قال: "اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك وتحوّل عافيتك وفجاءة نقمتك.."، تحرمنا "الفجأة" من رحمة الوداع، آخر كلمة آخر عناق آخر ضحكة، بها نتعزَّى ونتصبَّر، هكذا نظن وهماً، لكن الحقيقة أنه لا عزاء يواسي حجم الفقد ولا دواء للغياب إلا اللقاء، فكل ألفاظ الوداع مُرّة والموت مُر وكل شيء يسرق الإنسان من الإنسان مُر.. 


فـ لولا رحمة الله علينا، لأفزعنا موت الأحباب وذهب بعقولنا..

ولولا إيماننا بأنه قدر الله وعلينا التسليم والرضا، لأصابنا الجنون من هول الفاجعة..

لولا هذه الرحمة وهذا الإيمان لأهلكنا الفقد وقضى علينا.. 


أمي إمرأة صالحة.. حُقَّ لها أن ترتقي لأعلى درجة في الجنة، أفنت روحها في اسعاد من حولها، لم أرَ إنسانًا راضياً كأمي، لم أعاشر قلباً متسامحاً كقلبها، ولا أظن أن أحداً غيرها يملك كل هذا القدر من الخير والرضا والسلام، لله درها من أُم، لقد تزيَّنت بها وبالمخلصين من أمثالها تلك العوالم الأخرى..

الحمد لله أنها ليست دارنا ولا ديارنا والمستقر بجوار رب العالمين..

جعلنا الله وإياكم من خير الأبناء لآبائهم ومن خير الآباء لأبناءهم ومن خير المسلمين للمسلمين. 




Share To: