الثيب التي تريد العفة هل لها أن تزوج نفسها بدون ولي خشية اعتراض أولادها؟ | بقلم أ. د روحية مصطفى أحمد الجنش أستاذ ورئيس قسم الفقه الأسبق بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات القاهرة
![]() |
| الثيب التي تريد العفة هل لها أن تزوج نفسها بدون ولي خشية اعتراض أولادها؟ | بقلم أ. د روحية مصطفى أحمد الجنش أستاذ ورئيس قسم الفقه الأسبق بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات القاهرة |
نقول وبالله التوفيق
الأصل في عقد النكاح أن يتولاه الولي الشرعي لما في ذلك من حفظ لكرامة المرأة، وصيانة لها عن الابتذال،وغشيان مجالس الرجال ، وتوثيق ودعم للعلاقة الأسرية على وجه مشروع، وقد اتفق الفقهاء الأربعة على أن للولي دورًا جوهريًا في عقد النكاح، لكنهم اختلفوا في اشتراط ولايته لصحة العقد.
أولًا: مذهب الجمهور (المالكية والشافعية والحنابلة): يشترطون لصحة النكاح وجود ولي، لحديث النبي ﷺ: «لا نكاح إلا بولي» (رواه أبو داود والترمذي وصححه ابن حبان).
فإن كان الولي عاضلًا يمنع المرأة من الزواج بالكفء بغير مسوغ شرعي، أو غائبًا غيبةً تمنع توليه العقد، انتقلت الولاية إلى من بعده من العصبة على الترتيب.
ثانيًا: مذهب الحنفية:
يجيزون للمرأة البالغة العاقلة الرشيدة أن تزوج نفسها من كفءٍ بكرا كانت أم ثيبا بمهر المثل، ويكون العقد صحيحًا نافذًا، لأنهم لا يشترطون الولي لصحة النكاح، وإنما يثبت له حق الاعتراض إن زوّجت نفسها من غير كفء. فإذا تم الزواج من كفء، ودخل بها الزوج، أو أنجبت، سقط حق الاعتراض.
ثالثًا: في واقعة السؤال:
إذا كانت المرأة ثيبًا رشيدة راغبة في العفة وتخشى من اعتراض أولادها على زواجها، فالأولى أن يُعرض الأمر على وليها الأقرب بحسب الترتيب الشرعي؛ فإن وُجد الأب أو الجد فهو أولى بتولي العقد، فإن لم يوجد أحدهما، كان أولادها هم الأَولى بالولاية، ما داموا عدولًا راشدين.
فإن امتنع الأولاد عن تزويجها بغير مسوّغ شرعي وكان الخاطب كفئًا في دينه وخلقه، عُدّ امتناعهم عضلًا، وحينئذٍ تنتقل الولاية إلى من بعدهم من العصبة (كالأخ أو العم)، فإن لم يوجد أحد من هؤلاء، أو لم يتيسر الوصول إليهم، زوجها القاضي أو من يقوم مقامه.
فإن تعذر وجود ولي أو قاضٍ في موضعها، وكانت تخشى على نفسها الفتنة، فلها أن تُوكِّل رجلًا مسلمًا صالحًا يباشر العقد عنها، فإن تعذر ذلك كله، جاز لها أن تزوج نفسها بالكفء محافظةً على العفة وصونًا للنفس، على أن يُوثّق العقد بالطرق الرسمية المعتمدة حفظا لحقوقها وحقوق أولادها ثمرة هذا الزواج . والله تعالى أعلى وأعلم


Post A Comment: