حكم التداول بالعملات الرقمية | بقلم أ. د روحية مصطفى أحمد الجنش أستاذ ورئيس قسم الفقه الأسبق بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات القاهرة
![]() |
| حكم التداول بالعملات الرقمية | بقلم أ. د روحية مصطفى أحمد الجنش أستاذ ورئيس قسم الفقه الأسبق بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات القاهرة |
إن التداول بالعملات الرقمية ينطوي على جملة من المخاطر، كل واحد منها كافٍ في نفسه لتحريم هذا النوع من المعاملات، ومن أبرزها ما يلي:
أولًا: انتفاء الصورة الحقيقية للعملة
فالعملات الرقمية لا وجود مادي لها كالعملات المعروفة من الجنيه والدولار والدينار والدرهم، وإنما هي رموز رقمية وخوارزميات إلكترونية لا يُدرَك لها كيان محسوس، مما يجعل حقيقتها غامضة ومحلًّا للجهالة المانعة من صحة التعامل شرعًا.
ثانيًا: عدم وجود غطاء حقيقي أو جهة ضامنة
فمن المعلوم أن العملات التقليدية تصدرها الدول ويكون لها غطاؤها في البنوك المركزية، وتخضع لرقابة مالية وأمنية تحمي المتداولين وتحفظ أموالهم، أما العملات الرقمية فلا تخضع لأي رقابة رسمية ولا تستند إلى غطاء من ذهب أو فضة، مما يوقع المتعاملين فيها في مخاطر جسيمة وفقدان للحقوق.
ثالثًا: الغرر والجهالة الفاحشة في قيمتها
فقيم هذه العملات غير مستقرة، ولا تستند إلى معيار معلوم من ذهب أو فضة أو سلعة حقيقية، بل تتقلب بشكل حاد وسريع دون ضابط، وهو ما يُعد من الغرر الفاحش والجهالة المانعة من صحة البيع والاستثمار في الفقه الإسلامي.
رابعًا: اشتمالها على المقامرة والمخاطرة الشديدة
فهي أقرب إلى الميسر منها إلى الاستثمار الحقيقي، إذ يربح بعض المتداولين أرباحًا طائلة في لحظات، بينما يخسر آخرون كل أموالهم في وقت وجيز، مما أدى إلى مآسٍ إنسانية وصلت إلى انتحار بعض المتداولين بعد الانهيارات المفاجئة في الأسواق الرقمية.
ولهذه الأسباب حرّمت دار الإفتاء المصرية والأزهر الشريف الاستثمار والتداول بالعملات الرقمية، لما فيها من مفاسد عظيمة ومخاطر اقتصادية واجتماعية، ولخلوّها من مقاصد الاستثمار المشروع الذي يقوم على الإنتاج والتنمية وتحقيق النفع العام.
أما التداول باستخدام الرافعة المالية فهو محرم أيضًا، سواء أكانت الرافعة قرضًا بفائدة أم بغير فائدة؛ لأنها في الحالة الأولى ربا صريح، وفي الثانية لا تخلو من شبهة الربا، إذ يستفيد الوسيط من العمولات المتكررة على كل عملية تداول، حتى وإن منح القرض بلا زيادة مشروطة.
والله تعالى أعلى وأعلم.


Post A Comment: