سهام القدَر | بقلم الأديبة المصرية خلود أيمن
![]() |
| سهام القدَر | بقلم الأديبة المصرية خلود أيمن |
السلام عليكم،
سهام القدَر :
كنت جالساً على حافة النهر أراقب أسراب الطيور التي وقفت لتوِّها لتَروي ظمأها ، لكَمْ اندهشت لهذا المشهد الجليل فكيف يمكن لتلك المخلوقات أنْ تكون بهذا النظام ؟ ، كيف تقف في صفوف بحيث ينتظر كل منهم دوره حتى يتمكن من أخذ ًًكفايته من الماء فلسوف يقطع طريقاً طويلاً لا يعرف نهايته أو يعلم أين سيجد منبعاً آخر يمدَّه بالمزيد من قطرات الماء ؟ ، فكيف تملِك هذه المخلوقات ذاك الذكاء وتلك الفطنة ؟ ، كيف يمكن تصوُّر أن كل شيء في الكون يسير بتلك الدقة المتناهية التي تجعلك تقف مشدوهاً لا تُصدِّق ما تراه عيناك ؟ ، وكيف يُساورك القلق بعد رؤية هذا المشهد ؟ ، ألا تدري أنَّ رزقك يُساق إليك حيثما كنت ، أن قدَرك يجلب إليك الخير الذي ظننت أنه ممنوع عنك ، أن ربَك عليمٌ بحالك لا يؤخِّر عليك أمراً كما قد تتوهم أو يُصوِّر لك خيالك ، أن كل أمور الكون مُيسَّرة بفضل الله وكرمه وعلمه بما يحتاجه كل فرد في كونه ؟ ، فلا عليك أنْ تقلق أو تحمِل هم الغد فكلُّ بأمره فهو الذي يقول للشيء كُنْ فيكون فكيف يمكن أنْ تقلق بعد علمك ويقينك بهذا الأمر ، فاحسن الظن بالله وتوكَّل عليه تَجِد الحياة رَحِبة يسيرة وكأنها تحتضنك بحفاوة وترحاب وتفتح لك ذراعيها وكأنك شخصٌ عزيز افتقدته منذ زمن طال وتُقدِّم لك المنح والعَطايا بلا حدود لدرجة تُذهِلك وتجعلك تحمِد الله ليل نهار دون أنْ توفيه شكراً على وافر فضله ، فهذا هو حال مَنْ يضع كامل ثقته في خالقه دون أنْ يدَع الظنون السلبية تتلاعب بعقله وتُودي به لطرق مسدودة لا نهاية لها …


Post A Comment: