حكم تقبيل الخبز | بقلم أ. د. روحية مصطفى أحمد الجنش أستاذ ورئيس قسم الفقه الأسبق بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات القاهرة 


حكم تقبيل الخبز | بقلم أ. د. روحية مصطفى أحمد الجنش أستاذ ورئيس قسم الفقه الأسبق بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات القاهرة
حكم تقبيل الخبز | بقلم أ. د. روحية مصطفى أحمد الجنش أستاذ ورئيس قسم الفقه الأسبق بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات القاهرة 


ينتشر في بعض البيئات المصرية والعربية عموماً عادةُ تقبيل الخبز إذا سقط على الأرض؛ فيأخذه الشخص، يمسحه، يُقبِّله، ثم يأكله، وأحياناً يرفعه إن لم يكن صالحاً للأكل ويضعه في مكان مرتفع حتى لا يُهان، أو لعلّ ذا كبدٍ رَطْبةٍ ينتفع به.

وهذا التصرف ـ في أصله ـ لا حرج فيه، ولا يُعد مكروهاً، بل هو من قبيل استحباب إكرام النعمة وتعظيم رزق الله تعالى إذا قصد به الاحترام والتقدير، لا على جهة التعبُّد أو اعتقاد خصوصية شرعية في تقبيله.

وقد قوّى هذا الرأي جمعٌ من أهل العلم، منهم الحافظ السيوطي رحمه الله في " الحاوي للفتاوى " (1/221)، حيث ذكر أن تقبيل الخبز ونحوه من الطعام إذا سقط، ثم تنظيفه وأكله، من باب شكر النعمة وصيانتها عن الامتهان، وهو أدب حسن لا يُنكر.

واستدلوا على ذلك بما رواه ابن ماجه في سننه، عن عائشة رضي الله عنها قالت:دخلَ عليَّ رسولُ اللهِ ﷺ، فرأى كِسْرَةً مُلْقاةً، فمشى إليها فأخذَها، ثم مسحَها فأكلَها، ثم قال: " يا عائشةُ، أَحسِنِي جِوارَ نِعَمِ اللهِ تعالى، فإنها قلَّ ما نَفَرَتْ من أهلِ بَيْتٍ، فكادتْ أنْ ترجِعَ إليهِمْ. " إسناده رجاله ثقات، غير أن العباس بن منصور الفرنداباذي مجهول الحال؛ لذا فإن الحديث في أصله ضعيف، لكنه يُعمل به في فضائل الأعمال، ومعناه صحيح تشهد له مقاصد الشرع في حفظ النعمة وشكرها.

فالمسألة في النهاية من الآداب المستحسنة، لا من الأحكام التعبدية، ولا يُنكر على من فعلها، ولا يُلزم بها من تركها. والله تعالى أعلى وأعلم



Share To: