قصيدة : أنين المنبر | بقلم الشاعر الدكتور معصوم أحمد - كاليكوت


قصيدة : أنين المنبر | بقلم الشاعر الدكتور معصوم أحمد - كاليكوت
قصيدة : أنين المنبر | بقلم الشاعر الدكتور معصوم أحمد - كاليكوت 



هذه الأبيات الشعرية ألقيت في ملتقى الخطباء لولاية كيرالا في الثلاثين من شهر نوفمبر في الجامعة السلفية – بوليكال، وقد تم فيه تكريم أكثر من ثلاثين خطيبا حيث أنهم يقومون بإلقاء خطبة الجمعة منذ خمسة وعشرين عاما وذلك على منبر واحد. حفلة مباركة بحضور مئات من الخطباء والعلماء من جميع أنحاء الولاية. عقدتها الجامعة بشكل مبدع ومنير على رئاسة سعادة الأستاذ عبد الرزاق الباقوي عميد الكلية العربية والشريعة. 


لَولَاكَ خَيْرَ الوَرَى نَاهَضتَني بِيَدٍ

لَاسْوَدَّ جَوْفي مِنَ الأَحْزانِ كَالرَّمَدِ

لَولاكَ قَبَّلْتَني، عَانَقْتَني حِينَها،

حَتّى القِيَامَةِ تَلْقاني عَلى النَّكَدِ

أَبْكى الرَّسُولَ أَنِينُ الخشبِ قائلهُ

أَقْضِ الحَياةَ عَلى دَمْعٍ بِلا نَفَدِ

هذا الحَدِيثُ وَكَمْ أَبْكَى مَنَابِرَنا،

خُطَباءَ أُمَّتِنَا قَامُوا إِلى أَمَدِ

ما طالَ ذِكْرُهُمُ، بَلْ طَالَ بِرُّهُمُ،

دهرًا عَلى مِنْبَرٍ مِنْ واحِدِ العَدَدِ

خمسٌ وعِشْرونَ عَامًا كان قائمَهم

يدْعُو إِلَى اللهِ مِنْ مِحْرَابِه الصَّلِدِ

والذكرُ يبقَى على الأجيالِ بعدَكَ يا

مَن ذكّرَ القومَ بالآيات للأحدِ

إن تُلقِ سَمعكَ في أنَّاتِ منبرِكَ الْ

مَفجوعةِ اتَّقَدت أنفَاسُكَ البرَدِ

إنِّي المَنارَةُ لِلآلافِ حَامِلةٌ

نُورًا عَلى النُّورِ، بالقرآن في البَلَدِ

إِنِّي أَسَمِّعُكَ الأَشْوَاقَ مُنْتَحِبًا،

وَالنَّبْضُ يَبْكِي عَلَى المَفْقُودِ كَالْوَلَدِ

مِنْكَ المَوَاعِظُ كَم في النَّاسِ شاهدَةٌ

أجفانُهُم ذَرفتْ بِالدمعِ في رَشَدِ

قَد قُمْتَ للنَّاسِ في جَنْبِي بمَوعِظَةٍ

تُشْفِي الْقُلُوبَ مِن الأدواءِ والكدَدِ

كَم مِّن حَيَاةٍ إلَى الآيَاتِ قَد سَمِعتْ،

قَد كَادَتِ النفسُ أَن تَهْوِي إلَى الفَسَدِ

كَمْ مِنْ نُفُوسٍ عَمَتْ في العَيْنِ ظُلْمَتُهَا،

لولايَ أحملُهُم للحقّ في السَّدَدِ

رُوحِي مُعَلَّقَةٌ بِالرُّوحِ خُطَبِكُمُ،

تُلْقُونَ لِلنَّاسِ مِنْ عَيْنِي وَمِنْ كَبِدِي

اليومَ أبكِي عَلى الوَيلاتِ أَشْهَدُها

تَنْمُو الجَهالَةُ في الجُمُعاتِ كالزَّبدِ

يُلْقُونَ ما كُتِبتْ مُنْذُ القُرون كذا

ليس الكتابُ ولا هديٌ مع السَّندِ

نَفْسي تَئنُّ عَلَى ما فَاتَ مِن شَرفٍ

بِالجهلِ مَن صَعِدُوا فَوقِي دُعَاةَ غَدٍ

هَذَا الزَمانُ مِن الْوُعَّاظِ مُنْخَنِقٌ

لَكِنَّنِي أَبْكِي السُّفَهَاءَ فِي عَمَدِي

لَوْ تَنْصِتُ اليومَ من قَلْبِي لَتَسْمَعْه،

أَشْتَاقُكُمْ أَيُّهَا الخُطَبَاءُ لِلأَبَدِ!




Share To: