من أخلاق رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم | بقلم أ. د روحية مصطفى أحمد الجنش أستاذ ورئيس قسم الفقه الأسبق بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات القاهرة 


من أخلاق رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم | بقلم بقلم أ. د روحية مصطفى أحمد الجنش أستاذ ورئيس قسم الفقه الأسبق بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات القاهرة




خلق الرأفة :


سيدي يارسول الله يكتمل في شخصك الكريم كل خلق عظيم ، فنجدك كريما في موطن الكرم ، وشجاعا في موطن الشجاعة ، ورحيما في موطن الرحمة ، فأنت مكمن الجمال والجلال والرقي والكمال ، في موسوعات بني الإنسان بلغت المرتبة الأسمى ، والدرجة العلى في مقاييس كرامة الإنسان، خير معلم ، وخير صاحب ، وخير صديق ، وخير زوج ، وخير أب ، وخير قائد ، وخير جار ، وخير راعي لأمته ، بل خير إنسان لأخيه الإنسان ، لم تكن رحيما بالمؤمنين فقط تدعوهم إلى كل مافيه الخير لهم ، بل كنت بهم رؤف تدفع كل مكروه وعنت وشدة عنهم ، جاهدت في الله حق جهاده ليصل الدين بأنعمه صافيا إلى عباد الله تعالى ، لم تكتفي بإيصال الخير لأمتك بل أردت أن يصلهم دون ألم أو شدة أو عنت أو عسر ، تلك الرأفة التي لازمت رحمتك بهم كما وصفك بها رب العزة سبحانه وتعالى ( لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) التوبة 128 ، فهذا صحابي جليل يبتغي ملازمتك في الجهاد وله والد أو والدة تحتاج من يرعاها وليس عندها غيره ، فترحم قلبه وضعفها ، وتعفيه من جهاد السيف ، وترشده لجهاد البر والإحسان وخفض الجناح ، وبرأفتك تدفع عن نفسه ألم تخلفه عن الجهاد معك بأن برهما جهاد ، وهذا الذي يصوم النهار ويقوم الليل ، وله زوجة فترشده رحمة ورأفة بأن للتفس حق وللزوج حق ، وتؤكد هذا المعنى له وأنت المثل والقدوة بأنك تصوم وتفطر وتقوم الليل وتنام ، وتُعاشر بالمعروف ، وهذه التي جاءتك تسأل عن إعطاء الزوج زكاة مالها إذا كان فقيرا ، فتبين لها جواز ذلك رحمة بها وبزوجها وبأولادها ، ويتجلى مظهر الرأفة معها في قولك لها لك أجرين أجر الصدقة وأجر الصلة ، حبيبي يارسول الله ما أعظم رأفتك بأمتك جاءتك المجادلة بقضيتها وقضية كل امرأة عاشت مع زوجها وأنجبت منه الأولاد وقدمت له الغالي والنفيس ، وأفنت شبابها في خدمتهم ، ثم في لحظة غضب ظاهر منها فتخبرها بأنه فراق قبل التشريع ، فتدافع المرأة عن بيتها وأسرتها وتذكر العلل والأسباب التي قد تكون شفيعا في دفع الطلاق ، فينزل وحي السماء ، ويتهلل قلب المرأة فرحا ، ولكن ليس عند زوجها مايُكفر به عن يمينه ، فتتجلى رحمتك وتعطيها عرق تمر لتتصدق به عنه ، ثم تبلغ رأفتك بها مبلغا أسمى حين أقررتها على التصدق به على نفسها وزوجها وأولادها ؛ لأنهم أحوج إليه من غيرهم ، سيدي يارسول الله سلكت بأمتك مسلكا وسطا سهلا هينا ، فما خُيرت بين أمرين مشروعين إلا اخترت أيسرهما تعليما وإرشادا ورحمة ورأفة بأمتك ، فلا مكان لمتنطع في رحاب هذه الرحمة ، ولا متشدد في ظل هذه الرأفة  ، تترك الأمر الذي تحبه خوفا من أن يُفرض على أمتك رأفة بهم ، فلم تأمرهم بالسواك عند كل صلاة ، ولم تستمرفي صلاة التراويح بعد أن تأسى بك بعض أصحابك خشية أن تُفرض عليهم ، تدخل الصلاة وأحب إلى نفسك أن تُطيل فيها فترحم الصغير وترأف بالكبير والمريض والحامل والمرضع ؛ فتخفف فيها رحمة بهؤلاء وإرشادا لأمتك بهذا المنهج الرباني النبوي لكي يأتي هؤلاء وغيرهم الصلاة على وجهها دون شدة أو عسر أو مشقة . صلوات ربي وسلامه عليك ياأرحم خلق الله ، صلوات ربي وسلامه عليك يامن وضعت للرأفة بمظهرك ومخبرك وقولك وفعلك دستورا لبني الإنسان .



Share To: