كُلُّ إِنْسَانٍ مَسْؤُولٌ | بقلم فضيلة الشيخ أحمد علي تركي مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف
كُلُّ إِنْسَانٍ مَسْؤُولٌ | بقلم فضيلة الشيخ أحمد علي تركي مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف |
خَلَقَ اللهُ الْإِنْسَانَ وَفَضَّلَهُ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقَ تَفْضِيلًا، وَأَمَرَهُ وَنَهَاهُ وَجَعَلَهُ عَنْ أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ مَسْؤُولًا، فَمَا مِنْ صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ، وَلَا جَلِيلٍ أَوْ حَقِيرٍ؛ إِلَّا سَيَسْأَلُهُ اللهُ عَنْهُ، وَإِنَّ اللهَ سَيَبْعَثُ النَّاسَ أَجْمَعَهُمْ لِيَسْأَلَهُمْ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ.
قَالَ عَزَّ وَجَلَّ:
فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ
[الحجر:92-93]
وَفِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ:
وَسَتَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ، فَسَيَسْأَلُكُمْ عَنْ أَعْمَالِكُمْ.
[أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ
وَكُلُّ امْرِئٍ سَيُسْأَلُ عَنْ أُمُورٍ كَثِيرَةٍ، تَعْقُبُهَا بِشَارَةٌ أَوْ نَدَامَةٌ وَمِنْهَا:
سُؤَالُهُ عَنْ رَبِّهِ وَدِينِهِ وَنَبِيِّهِ فِي الْبَرْزَخِ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ .
فَعَنِ الْبَرَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي حَدِيثِهِ الطَّوِيلِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَ عَنِ الْمَيِّتِ الْمُؤْمِنِ إِذَا دُفِنَ وَتَوَلَّى عَنْهُ النَّاسُ قَالَ:
وَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ فَيُجْلِسَانِهِ، فَيَقُولَانِ لَهُ: مَنْ رَبُّكَ؟ فَيَقُولُ: رَبِّيَ اللَّهُ، فَيَقُولَانِ لَهُ: مَا دِينُكَ؟
فَيَقُولُ: دِينِيَ الْإِسْلَامُ، فَيَقُولَانِ لَهُ: مَا هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ؟
فَيَقُولُ: هُوَ رَسُولُ اللَّهِ.
قَالَ: فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ: أَنْ قَدْ صَدَقَ عَبْدِي، فَأَفْرِشُوهُ مِنَ الْجَنَّةِ، وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى الْجَنَّةِ، وَأَلْبِسُوهُ مِنَ الْجَنَّةِ .
وَأَمَّا الْكَافِرُ فَقَالَ:وَتُعَادُ رُوحُهُ فِي جَسَدِهِ، وَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ فَيُجْلِسَانِهِ، فَيَقُولَانِ لَهُ: مَنْ رَبُّكَ؟
فَيَقُولُ: هَاهْ هَاهْ، لَا أَدْرِي، فَيَقُولَانِ لَهُ: مَا دِينُكَ؟ فَيَقُولُ: هَاهْ هَاهْ، لَا أَدْرِي، فَيَقُولَانِ: مَا هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ؟
فَيَقُولُ: هَاهْ هَاهْ، لَا أَدْرِي، فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ: أَنْ كَذَبَ، فَأَفْرِشُوهُ مِنَ النَّارِ، وَأَلْبِسُوهُ مِنَ النَّارِ، وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى النَّارِ.
أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ
وَسَيَسْأَلُ اللهُ الْعَبْدَ عَنْ عِبَادَاتِهِ وَصَلَوَاتِهِ، أَحْسَنَ فِيهَا أَمْ أَسَاءَ.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:
إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ العَبْدُ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ عَمَلِهِ صَلَاتُهُ، فَإِنْ صَلَحَتْ فَقَدْ أَفْلَحَ وَأَنْجَحَ، وَإِنْ فَسَدَتْ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ، فَإِنِ انْتَقَصَ مِنْ فَرِيضَتِهِ شَيْءٌ، قَالَ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ: انْظُرُوا هَلْ لِعَبْدِي مِنْ تَطَوُّعٍ فَيُكَمَّلَ بِهَا مَا انْتَقَصَ مِنَ الفَرِيضَةِ؟
ثُمَّ يَكُونُ سَائِرُ عَمَلِهِ عَلَى ذَلِكَ.
أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ
وَكُلُّ إِنْسَانٍ مَسْؤُولٌ عَنْ عُمُرِهِ وَعِلْمِهِ وَجَسَدِهِ وَمَالِهِ فَعَنْ أَبِي بَرْزَةَ الأَسْلَمِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
لَا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ القِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ؟
وَعَنْ عِلْمِهِ فِيمَ فَعَلَ؟
وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ؟
وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَ أَبْلَاهُ؟
أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ
وَهُوَ مَسْؤُولٌ عَنْ حَوَاسِّهِ وَجَوَارِحِهِ، وَسَتَنْطِقُ شَاهِدَةً لَهُ أَوْ عَلَيْهِ.
قَالَ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ:
وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا
الإسراء:36
وَكُلُّ امْرِئٍ مَسْؤُولٌ عَنْ وَاجِبِهِ تُجَاهَ مُجْتَمَعِهِ: هَلْ أَمَرَ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَى عَنِ الْمُنْكَرِ ؟ هَلْ أَرْشَدَ وَوَجَّهَ وَنَصَحَ، أَمْ أَعْرَضَ وَأَهْمَلَ وَعَيَّرَ وَفَضَحَ؟
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:
إِنَّ اللَّهَ لَيَسْأَلُ الْعَبْدَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، حَتَّى يَقُولَ: مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَ الْمُنْكَرَ أَنْ تُنْكِرَهُ؟
أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ
وَلَيُسْأَلَنَّ مَنِ اعْتَدَى عَلَى الدِّمَاءِ، وَهُوَ أَوَّلُ سُؤَالٍ فِيمَا يَخُصُّ حُقُوقَ الْخَلْقِ مِنَ الْقَضَاءِ.
عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
أَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي الدِّمَاءِ.
[أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ]
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
إِنَّ الْمَقْتُولَ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُتَعَلِّقًا رَأْسَهُ بِيَمِينِهِ أَوْ قَالَ: بِشِمَالِهِ آخِذًا صَاحِبَهُ بِيَدِهِ الْأُخْرَى، تَشْخَبُ أَوْدَاجُهُ دَمًا، فِي قُبُلِ عَرْشِ الرَّحْمَنِ، فَيَقُولُ: رَبِّ، سَلْ هَذَا فِيمَ قَتَلَنِي؟
أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ
إِنَّ مِنْ مَسْؤُولِيَّةِ الْإِنْسَانِ رَعِيَّتَهُ الَّتِي جَعَلَهَا اللهُ فِي ذِمَّتِهِ، وَأَوْجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُومَ بِحَقِّهَا وَيَسُوسَهَا وَفْقَ دِينِ اللهِ وشِرْعَتِهِ.
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
أَلَا كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالإِمَامُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَهُوَ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى أَهْلِ بَيْتِ زَوْجِهَا وَوَلَدِهِ وَهِيَ مَسْؤُولَةٌ عَنْهُمْ، وَعَبْدُ الرَّجُلِ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْؤُولٌ عَنْهُ، أَلَا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ.
[أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ]
وَهَذِهِ النِّعَمُ مِنْ إِيمَانٍ وَأَمْنٍ وَأَمَانٍ، وَصِحَّةٍ وَعَافِيَةٍ فِي الْأَبْدَانِ، وَمَالٍ وَعِيَالٍ، الَّتِي نَتَقَلَّبُ فِيهَا صَبَاحَ مَسَاءَ.
وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ
[النحل:53]
أَلَسْنَا مَسْؤُولِينَ عَنْهَا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ.
قَالَ اللهُ تَعَالَى:
ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ
[التكاثر:8]
وَقَدْ ذَهَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ إِلَى مَنْزِلِ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ فَانْطَلَقَ فَجَاءَهُمْ بِعِذْقٍ فِيهِ بُسْرٌ وَتَمْرٌ وَرُطَبٌ، ثُمَّ ذَبَحَ لَهُمْ، فَأَكَلُوا مِنَ الشَّاةِ وَمِنْ ذَلِكَ الْعِذْقِ وَشَرِبُوا، فَلَمَّا أَنْ شَبِعُوا وَرَوُوا، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ:
وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَتُسْأَلُنَّ عَنْ هَذَا النَّعِيمِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمُ الْجُوعُ، ثُمَّ لَمْ تَرْجِعُوا حَتَّى أَصَابَكُمْ هَذَا النَّعِيمُ.
[أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ]
فِيَا مَنْ تَوَلَّيْتَ مَسْؤُولِيَّةَ وِزَارَةٍ أَوْ شَرِكَةٍ أَوْ إِدَارَةٍ أَوْ أَكْبَـرَ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَصْغَرَ اتَّقِ اللهَ فِيهَا وَارْعَ أَمَانَتَكَ، وَاحْفَظْ عُهْدَتَكَ، وَقَدِّرْ مَسْؤُولِيَّـتَكَ؛ فَإِنَّكَ مَوْقُوفٌ بَيْنَ يَدِيْ رَبِّكَ، وَمَسْؤُولٌ عَنْ كُلِّ صَغِيرَةٍ وَكَبِيرَةٍ، وَالْعَاقِلُ مَنْ أَعَدَّ لِلْقِيَامَةِ عُدَّتَهَا، وَأَحْضَرَ لِلْأَسْئِلَةِ إِجَابَتَهَا، فَأَعِدُّوا لِلسُّؤَالِ جَوَابًا، وَلِلْجَوَابِ صَوَابًا.
قَالَ اللهُ سُبْحَانَهُ:
وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ
[الصافات:24]
أَلَا وَإِنَّنَا مَبْعُوثُونَ، وَعَلَى أَعْمَالِنَا مَجْزِيُّونَ
فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ
[الزلزلة:7-8]
Post A Comment: