الإسراء والمعراج دروس وعبر | بقلم فضيلة الشيخ أحمد علي تركي مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف 


الإسراء والمعراج دروس وعبر | بقلم فضيلة الشيخ أحمد علي تركي مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف
الإسراء والمعراج دروس وعبر | بقلم فضيلة الشيخ أحمد علي تركي مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف 



قال الله تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} سورة الإسراء


الإسراء والمعراج رحلتان وقعتا للنبي صلى الله عليه وسلمَ قبل الهجرة في ليلة واحدة، حيث أُسْرِيَ به من مكة إلى بيت المقدس، وعُرِجَ به من بيت المقدس إلى سدرة المنتهى بروحه وجسده يقظة لا منامًا جزمًا ويقينًا .


ولقد حوت رحلتي الإسراء والمعراج كثيرًا من الدروس والعبر ومن ذلك:


الله سبحانه وتعالى قادر على كل شيء والكون ملكه يفعل ما يشاء زيؤيد رسله بالمعجزات الباهرة والبراهين الساطعة.


فقد كانت رحلتي الإسراء والمعراج بلاء وامتحان:


فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أنه قَالَ: أُسْرِيَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، ثُمَّ جَاءَ مِنْ لَيْلَتِهِ، فَحَدَّثَهُمْ بِمَسِيرِهِ، وَبِعَلَامَةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَبِعِيرِهِمْ، فَقَال نَاسٌ: نَحْنُ نُصَدِّقُ مُحَمَّدًا بِمَا يَقُولُ؟! فَارْتَدُّوا كُفَّارًا، فَضَرَبَ اللهُ أَعْنَاقَهُمْ مَعَ أَبِي جَهْلٍ، وَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: يُخَوِّفُنَا مُحَمَّدٌ بِشَجَرَةِ الزَّقُّومِ، هَاتُوا تَمْرًا وَزُبْدًا فَتَزَقَّمُوا. أخرجه أحمد 


وعن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: لَمَّا كَذَّبَتْنِي قُرَيْشٌ، قُمْتُ فِي الحِجْرِ، فَجَلى اللَّهُ لِي بَيْتَ المَقْدِسِ، فَطَفِقْتُ أُخْبِرُهُمْ عَنْ آيَاتِهِ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِ. رواه البخاري.


الأنبياء أحياء في قبورهم يصلون: 


فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلـم قال: الأنبياء أحياء في قبورهم يصلون. أخرجه أبو يعلى 


منزلة النبي صلى الله عليه وسلم بين إخوانه من الأنبياء حيث صلى بهم إمامًا.

منزلة الصلاة وأهميتها: 

حيث فرضت في تلك الرحلة، فوق سبع سموات، وحيًا مباشرًا من الله تعالى، وكان ما كان من أمرها حتى فرضت خمسًا بعد خمسين، وصارت خمسًا في الفعل وخمسين في الأجر. 


عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه انه قال: فَأُعْطِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثًا أُعْطِيَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ وَأُعْطِيَ خَوَاتِيمَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ وَغُفِرَ لمن لَا يشرِكُ باللَّهِ من أمته شَيْئا الْمُقْحمَات. رَوَاهُ مُسلم


والمقحمات أي: الذنوب العظام الكبائر التي تهلك أصحابها وتوردهم النار.


فضل الذكر: فعَنْ عبدالله بن مسعود رضي الله عنه أن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: 


رأيت إبراهيم ليلة أسري بي فقال: يا محمد أقرئ أمتك السلام وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة عذبة الماء وأنها قيعان وغراسها: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله. رواه الطبراني 


مكانة المسجد الأقصى وبيت المقدس :


حيث كان إليه مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم، كيف لا وهو من البقاع المباركة، والتي يجوز شد الرحال إليه، وهو ثاني مسجد وضع في الأرض، وقبلة كثير من الأنبياء، وأول قبلة للمسلمين، وفيه الملحمة الكبرى، وهو من أرض الشام ويثبت له ما ثبت لها من فضائل كثيرة جليلة، والصلاة فيه لها فضل خاص.


فعَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنه قَالَ: 

تَذَاكَرْنَا وَنَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّهُمَا أَفْضَلُ مَسْجِدُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ مَسْجِدُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ.

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَرْبَعِ صَلَوَاتٍ فِيهِ، وَلَنِعْمَ الْمُصَلَّى، وَلَيُوشِكَنَّ لَأَنْ يَكُونَ لِلرَّجُلِ مِثْلُ شَطَنِ فَرَسِهِ مِنَ الْأَرْضِ حَيْثُ يَرَى مِنْهُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ خَيْرٌ لَهُ مِنَ الدُّنْيَا جَمِيعًا .

 أخرجه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي 

 

وللصلاة فيه فضل خاص من رجاء غفران الذنب: 

فعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: 

أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ دَاوُدَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا بَنَى بَيْتَ الْمَقْدِسِ سَأَلَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ خِلَالًا ثَلَاثَةً: سَأَلَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حُكْمًا يُصَادِفُ حُكْمَهُ فَأُوتِيَهُ، وَسَأَلَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ فَأُوتِيَهُ، وَسَأَلَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حِينَ فَرَغَ مِنْ بِنَاءِ الْمَسْجِدِ أَنْ لَا يَأْتِيَهُ أَحَدٌ لَا يَنْهَزُهُ إِلَّا الصَّلَاةُ فِيهِ أَنْ يُخْرِجَهُ مِنْ خَطِيئَتِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ.

 رواه النسائي وابن ماجه 


لزوم الحذر من خطر اللسان والوقوع في الغيبة والنميمة وأعراض الناس والكلام بالباطل والقول بلا علم: فقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم عذاب مهينًا لهؤلاء عياذًا بالله .



Share To: