اهل غزة يستقبلون شهر رمضان المعظم | بقلم فضيلة الشيخ أحمد علي تركي مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف
![]() |
اهل غزة يستقبلون شهر رمضان المعظم | بقلم فضيلة الشيخ أحمد علي تركي مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف |
يَقُولُ الله عَزَّ وجَلَّ:
﴿ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ﴾
لَقَدْ عَظَّمَ اَلْمُسْلِمُونَ اَلسَّابِقُونَ شَعِيرَةَ اَلصِّيَامِ، فَكَانُوا يَسْتَعِدُّونَ لَهُ اِسْتِعْدَادَ اَلْإِنْسَانِ اَلَّذِي يَرْجُو هَدِيَّةً غَالِيَةَ اَلثَّمَنِ، يَنْتَظِرُهَا وَيَسْتَعِدُّ لَهَا، وقد َكَانَ اَلنَّبِيَّ ﷺ لَمَّا يَرَى هِلَالَ رَمَضَانْ يَقُولُ: اللَّهُمَّ أَهِلَّهُ علَيْنَا بِالأَمْنِ والإِيمَانِ، وَالسَّلامَةِ والإِسْلامِ، رَبِّي ورَبُّكَ اللَّه، هِلالُ رُشْدٍ وخَيْرٍ .
وَكَانَ اَلْمُسْلِمُونَ يُعْطُونَ هَذَا اَلشَّهْرَ مَهَابَةً وَتَقْدِيرًا عظيما، وكَانَ اَلْخُلَفَاءُ يُقِيمُونَ اَلْمَوَائِدَ اَلضَّخْمَةَ، يَذْبَحُونَ اَلذَّبَائِحَ وَيُقَدِّمُونَ اَلطَّعَامَ وَيَجْمَعُونَ اَلْفُقَرَاءَ، وَكَانُوا يَأْمُرُونَ اَلْأَغْنِيَاءُ لِيَفْتَحُوا بُيُوتَهُمْ لِلْفُقَرَاءِ عِنْدَ اَلْفِطْرِ وَالسُّحُورِ، وَكَذَلِكَ لِقِرَاءَةِ اَلْقُرْآنِ وَلِسَمَاعِ اَلْأَحَادِيثِ وَالْفِقْهِ وَعُلُومِ اَلْقُرْآنِ وَكَانُوا يَسْتَقْبِلُونَ اَلْجُنُودَ اَلْعَائِدِينَ مِنَ اَلْجِهَادِ وَيَفْتَحُونَ لَهُمُ اَلْأَبْوَابَ اِسْتِعْدَادًا لِشَهْرِ مَضَانْ.
وَمِنْ تَعْظِيمِ اَلدَّوْلَةِ اَلْإِسْلَامِيَّةِ لِشَهْرِ اَلصِّيَامِ، فَقَدْ كَانَتْ تَتَفَقَّدُ اَلْمَرْضَى وَالْفُقَرَاءَ، وَتَتَفَقَّدُ اَلْأَسْوَاقَ، حَتَّى فِي عَصْرِ اَلضَّعْفِ كَانَتْ تَهْتَمُّ بِرِعَايَةِ اَلْمُسْلِمِينَ جَمِيعًا، فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وكَانَ اَلْحُكَّامُ وَالْخُلَفَاءُ يَدْخُلُونَ اَلْأَسْوَاقَ وَيَتَفَقَّدُونَ اَلْأَسْعَارَ وكانوا يعطون ِكُلِّ اَلْفُقَرَاءِ مِنْ بَيْتِ مَالِ اَلْمُسْلِمِينَ مَا يَكْفِيهِ مُؤْنَةَ شَهْرِ رَمَضَانَ.
يأتي شهر رمضان هذا العام بطعم اخر ولون اخر، فأهل غـ.ـزة صائمون جوعا وعطشا منذ خمسة اشهر كبيرهم وصغيرهم اطفالهم ورضعهم وكأنهم مكلفين بالصيام حتى الموت من جراء حصار العدو والجار ومدعي الصداقة، لا ماء ولا غذاء ولا دواء ولا امن ولا امان، اهل غـ.ـزة يموتون جوعا محرومون من متع رمضان ويعانون، فموائدهم غير عامرة، وطعامهم غير وفير، وبيوتهم مهدمة الجدران، لا سقف فيها يقيهم حر الشمس، ولا لهيب السماء، فقد عاث كيان َيـ.ـهُوْدِ في أرضهم خراباً وفساداً، فلم يبق لهم بيتٍ عامر، ولا سقفٍ مرفوع، ولا جدارٍ قائم، بيوتٌ قد غاب معيلوها، وفقدوا السند فيها، فإما أبٌ أو أخٌ شهيد أو أسير، وإما جريحٌ مقعدٌ أو مشلول، أو مريضٌ متعبٌ قد أثخنته الجراح والأمراض، أو عمالٌ لا عمل لهم، ولا دخل لديهم، جيوبهم فارغة واحوالهم بائسة يعيشون على المساعداتٍ والمعونات، حملوا أراوحهم على أكفهم ورغم كل هذا الواقع الاليم ان أهل غزة يستقبلون شهر رمضان المعظم، وهم يدركون أنه شهر الرحمة، وأنه الشهر الذي حمل انتصارات الأمة، وفيه حقق المسلمون أعظم انتصاراتهم، وخاضوا أشد المعارك، وصنعوا فيه امجادهم وهزموا اعدائهم فلم تضعف عزيمتهم معتمدين على قوة إيمانهم وما أعدوا، متوكلين على الله ثابتون على الحق بإذن الله ظاهرين .
اما العدو فانه يخشاهم ويخشى شهر رمضان، ويحسب لدخوله ألف حساب، وهو يعلم أن عزمهم في شهر رمضان يزداد، ورغبتهم في المواجهة تتعاظم، وتطلعهم إلى الشهادة يتنامى، ويعلم العدو أنه لا شيء يقوى على الصمود في وجههم، أو كسر إرادتهم، أياً كانت آلته العسكرية التي تتحداهم .
في شهر رمضان الفضيل، شهر الانتصارات وشهر التحرير فان الاقصى ينتظر المحررين أهل غـ.ـزة ينتظرون المناصرين الزاحفين، ينتظرون أنصارا كأنصار رسول الله ﷺ، ويتطلعون الى امة الخير لتزحف الى القصور فتكنسها وتزحف الى الحدود لتكسرها، يتطلعون الى جيوش جراره مجاهدة في سبيل الله، تهب هبه رجل واحد لنصرتهم وهم ثابتون على ارضهم مرابطون .
ولكن السؤال كيف سيصومون من غير فطور ولا سحور ولا حتى عيد، لان الصيام عندهم لن ينتهي بالعيد، فعيد غزة يوم وقف المقتلة .
ويوم وصول الحليب لرضعها والخبز لصغارها والدواء والطعام لجائعها، وكيف سياتي العيد وعشرات الالاف من الشهداء ومئات الالاف في الجرحى، والاف البيوت مهدمة، وهم يفترشون الارض المبتلة ويلتحفون السماء الممطرة برد او مطر او صواريخ، أهذا حال يرضي الله تعالى لامة تملك العدة والعتاد والطعام والشراب وتتصدق به لدول أخرى وتحرم منه اهل غـ.ـزة؟
ورغم الالم فلا نفقد الامل فالأمة عائدة والنصر قريبا، وستنتصر غـ.ـزة وسيعود بإذن الله حالنا قريبا.
﴿وَلَا تَهِنُواْ وَلَا تَحْزَنُواْ وَأَنتُمُ ٱلْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾
ففي رمضان تزداد التقوى ويعود المسلمون الى دينهمَ وتتوحد الامة في صيامها وفي افطارها .
ان الواجب على الجميع نصرة اخواننا .
فاَللَّهُمَّ نَصْر وَتَمْكِينٍ .
اَللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى صِيَامِهِ وَقِيَامِهِ إيماناً واحتساباً
اللَّهُمَّ انْصُر الإِسْلَامَ وَالمُسْلِمِينَ بِأَتْقِيَاءِ المُؤْمِنِينَ، وانصر اللَّهُمَّ المجـ.ـاهدين في فلسطين.
اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الكِتَابِ سَرِيعَ الحِسَابِ اهْزِم الأحْزَابَ مِنَ اليَـ.ـهُوْدِ وَزَلْزِل الأَرْضَ تَحْتَ أَقْدَامِهِمْ .
اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَوْدِعُكَ فِلَسْطِينَ وَأَهْلَهَا وَأَرْضَهَا وَسَمَاءَهَا رِجَالَهَا وَنِسَاءَهَا وَأَطْفَالَهَا .
Post A Comment: