شروط الحج وعلى من يجب ؟ | بقلم فضيلة الشيخ أحمد علي تركي مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف



شروط الحج وعلى من يجب ؟ | بقلم فضيلة الشيخ أحمد علي تركي مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف


الحج فريضة عظيمة من شرائع الإسلام، وشعيرة من شعائره الظاهرة، وفيها فضائل عظيمة، ومكارم جليلة، ومنافع دينية ودنيوية.

فهل يجب الحج على مسلم كما تجب عليهم الصلاة؟ 


قال الله تعالى:


 {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ}


 [آل عمران: 97]


فلا يجب الحج إلا بشروط منها الاستطاعة، وهذه الشروط ستة كما يلي:


أولاً :


الْإِسْلَام : 


فلا يصح الحج من الكافر، ولا يجوز له دخول الحرم، مع الْقَوْلِ بِأَنَّ الْكُفَّارَ مُخَاطَبُونَ بِشَرَائِعِ الْإِسْلَامِ، ومؤاخذون بها يوم القيامة، فلو فعلوها لم تقبل منهم إلا أن يُسْلِمُوا .


قال تعالى: 


{وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} 


[المائدة: 5]


وقَالَ تَعَالَى: 


{وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَبِرَسُولِهِ}


 [التوبة: 54]


وقال عز وجل:


 {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا}


 [التوبة:28]


 وقال تعالى: 


{كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ  فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ عَنِ الْمُجْرِمِينَ مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ} 


[المدثر: 38 - 47]


وقال عز وجل: 


{وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ} 


[فصلت: 6، 7]


وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أنه قَالَ: بَعَثَنِي أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ فِي الْحَجَّةِ الَّتِي أَمَّرَهُ عَلَيْهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَبْلَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ، فِي رَهْطٍ، يُؤَذِّنُونَ فِي النَّاسِ يَوْمَ النَّحْرِ: 


لَا يَحُجُّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ، وَلَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ .


 متفق عليه


ثانيًا :


البلوغ :


فلا يجب الحج على الصغير، ويصح الحج منه، ولكن لا يسقط عنه حجة الإسلام .


فعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلَّم: 


رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ: عَنْ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنْ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ, وَعَنْ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ .


 أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه 


 وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه لَقِيَ رَكْبًا بِالرَّوْحَاءِ، فَقَالَ: مَنِ الْقَوْمُ؟

 قَالُوا: الْمُسْلِمُونَ، فَقَالُوا: مَنْ أَنْتَ؟

 قَالَ: رَسُولُ اللهِ ، فَرَفَعَتْ إِلَيْهِ امْرَأَةٌ صَبِيًّا، فَقَالَتْ: أَلِهَذَا حَجٌّ؟ 

قَالَ: نَعَمْ، وَلَكِ أَجْرٌ . 


أخرجه مسلم


وعنه رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: 


إِذَا حَجَّ الصَّبِيُّ فَهِيَ لَهُ حَجَّةٌ حَتَّى يَعْقِلَ، فَإِذَا عَقَلَ فَعَلَيْهِ حَجَّةٌ أُخْرَى، وَإِذَا حَجَّ الْأَعْرَابِيُّ فَهِيَ لَهُ حَجَّةٌ، فَإِذَا هَاجَرَ فَعَلَيْهِ حَجَّةٌ أُخْرَى .


 أخرجه ابن خزيمة 


ثالثًا :


العقل : 


فلا يجب الحج على المجنون، كما مضى في حديث أمير المؤمنين علي رضي الله عنه: 


وَعَنْ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ .


رابعًا :


الحرية : 


فلا يجب الحج على الرقيق حتى يُعْتَقُوا، ويصح الحج منهم قبل العتق لكن لا يجزئهم عن حجة الإسلام إذا أُعْتقوا. 


فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: 


أَيُّمَا عَبْدٍ حَجِّ ثُمَّ أُعْتِقَ فَعَلَيْهِ حَجَّةٌ أُخْرَى .


 أخرجه البيهقي في السنن الصغير والضياء في المختارة 


خامسًا :


الاستطاعة بالبدن والمال مع أمن الطريق:


 قال الله تعالى:


 {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا}


وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أنه قَالَ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنْ خَثْعَمَ عَامَ حَجَّةِ الوَدَاعِ، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ فِي الحَجِّ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا لاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَسْتَوِيَ عَلَى الرَّاحِلَةِ فَهَلْ يَقْضِي عَنْهُ أَنْ أَحُجَّ عَنْهُ؟ قَالَ: نَعَمْ . 


متفق عليه


ومعنى الاستطاعة يشمل القدرة البدنية والمالية وأمن الطريق.


أما القدرة البدنية المعتبرة فهي التي يتمكن معها من السفر وأداء المناسك. 


وأما القدرة المالية فتكون بملك الزاد الذي يكفيه ومن تلزمه نفقتهم أثناء سفره وحجه وحتى رجوعه، وأن يملك الراحلة التي تبلغه سفره، أو تكلفة السفر.


وأمن الطريق يحصل بالتمكن من الوصول بأمان إلى المناسك فلا يمنع بسبب عدو أو وحش أو وباء أو نحوه، وكذا يمنع من الوصول للحج بالإحصار.


قال الإمام ابن قدامة المقدسي رحمه الله: 


وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ الْحَجَّ إنَّمَا يَجِبُ بِخَمْسِ شَرَائِطَ: 


الْإِسْلَامُ، وَالْعَقْلُ، وَالْبُلُوغُ، وَالْحُرِّيَّةُ، وَالِاسْتِطَاعَةُ. 


لَا نَعْلَمُ فِي هَذَا كُلِّهِ اخْتِلَافًا.


 انتهى من المغني


سادسًا :


المَحْرَم مع النساء:


 فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أنه قَالَ: 


قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: 


لاَ تُسَافِرِ المَرْأَةُ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ، وَلاَ يَدْخُلُ عَلَيْهَا رَجُلٌ إِلَّا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ ، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَخْرُجَ فِي جَيْشِ كَذَا وَكَذَا، وَامْرَأَتِي تُرِيدُ الحَجَّ، فَقَالَ:  اخْرُجْ مَعَهَا .


 أخرجه البخاري، وعنه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: 


لاَ يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ، وَلاَ تُسَافِرَنَّ امْرَأَةٌ إِلَّا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ .


 فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اكْتُتِبْتُ فِي غَزْوَةِ كَذَا وَكَذَا، وَخَرَجَتِ امْرَأَتِي حَاجَّةً، قَالَ: 


اذْهَبْ فَحُجَّ مَعَ امْرَأَتِكَ . 


أخرجه البخاري ومسلم


وعنه أيضًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: 


لَا تَحُجَّنَّ امْرَأَةٌ إِلَّا وَمَعَهَا ذُو مُحْرِمٍ . 


أخرجه الدارقطني




Share To: