في جسم الفراشة | بقلم الأديب الجزائري : عبد العزيز عميمر


في جسم الفراشة | بقلم الأديب الجزائري : عبد العزيز عميمر
في جسم الفراشة | بقلم الأديب الجزائري : عبد العزيز عميمر

 


_هو فراشة جميلة ،لا تملك إلاّ الابتسامة،معجونة بماء الورد،رُشّت بالمسك ،وبديع الألوان،زُخرفت بهندسة خيوط حرير لا تخطر على البال،تطابق الجناحين بمنتهى الدقّة،ترفرف بجناحيها تتنفّس رائحة الورد والياسمين،تشقّ طريقها برفرفة جناحيها برفق ولطف حتى لا يسمع ذلك الصوت،هي رقيقة فإذا أردت الإمساك بها ألحقت بها ضررا .

مايعجب في الفراشة ليس الألوان وتناسق الجسم،بل هي لا تعرف الحقد ولا الغلّ ،تحب كل المخلوقات على وجه الأرض،قلبها مملوء بالابتسامة وحبّها مسكوب دون طلب على رؤوس الناس .

نعم هو فراشة وليس ذلك بمستحيل ،جسمه معتصر ومكثّف في جسمها،أعرف أن تصديقه أمر عجبب،لكن ذلك شعوره،وإحساسه لا يكذب ،وخاصّة على الفراشة،أراها تضحك وتهزّ رأسها موافقة ،وتقول :

لايهمّك تصديقهم ،هذا فوق درجة معرفتهم ،وما أوتوا من المعرفة إلاّ النصيب القليل ،وذلك ما اتيح لهم وما جبلوا عليه.

مازال يرفرف ويطير مع الفراشات صانعا استعراضا عجيبا ودورات راقصة ،إنه بدون ثقل خارج الجاذبية،صنع آخر لإنسان الفراشة،مزيج مختلط،بانسجام، وبعبقرية مدهشة،

نعم هو فراشة وخال من الحقد والغلّ ،وقاموسه اللغوي تجد فيه كل الحروف،ولكن بين دفتيه بعض المفردات فقط مثل : الحب،والتسامح والأخوة،والتضامن ،وحب جميع المخلوقات،والشعور بألمها وفرحها ،بعذابها،وغبنها وبراحتها وعرسها،تحكمه الدمعة والابتسامة ،لذلك فرقصة الإنسان الفراشة مختلفة باستمرار، وطيلة الوقت .

إنّ الشعور بحالة الناس هي التي تصنع نوع الرقصة ،لكن الناس لا يميزون بين رقصة العذاب،ورقصة النصر على الشرّ،وبين اليد الدافئة الممدودة وبين شفرة السيف،عالم آخر يدخله إنسان الفراشة لوعرفت قيمة صانع هذا الكون،وتأمل صنعه،لكان بمقدور كل واحد التحوّل إلى فراشة ،وانتصر على الشهوة وغادر التصاقه بالتربة وبثقلها،الذي يبقيه في غرائزه .



Share To: