رجال على عرش الدلال | بقلم د. طارق رضوان جمعة / أديب مصري


رجال على عرش الدلال | بقلم د. طارق رضوان جمعة / أديب مصري
رجال على عرش الدلال | بقلم د. طارق رضوان جمعة / أديب مصري 

 


سقياِ للماضى الجميل فقد كان الرجل يبذل جهود مضنية، لم يبخل بالمال او الوقت ربما يسعده الحظ فيرى ولو طرف ثوب حبيبته. فقد كانت المرأة شحيحة الظهور فى الشارع، درة مصونة وجوهرة مكنونة. كانت رؤيتها ولو لدقيقة حلم يراود الرجال، ورؤيتها مصدر للتباهى. وكان الرجل يسعى دائما أن يكون طيب السمعة. تلك السمعة الطيبة التى يرغب الرجل فى أن تكون رسوله إلى اذن حبيبته وأهلها، لينال رضاهم. وكان سبيل التواصل نادر ومغامرة انتحارية حين يلقى الشاب برساله فى شرفة بنت الجيران، أو يشير إليها من بعيد ، أو ربما يقف يتلصص فينظر من خلف الشيش، كل ذلك ليرى يدها وهى تروى الزهور، وفى النهاية لا يجد بد من إرسال الخاطبة ليفوز بها زوجة عفيفة. لم يكن هناك من سبيل للتقرب من المرأة سوى الزواج.

لكن مع مرور الوقت خدعناها تحت مسميات مغرية براقة مثل الحرية والحضارة والمساواة. فالتهمت الطعم بشراهة... ولما لا فالممنوع مرغوب. لم تكن تدرى أن بعض الرجال يريدوا بتلك الشعارات الزائفة أن يتنصلوا من مسؤولياتهم، فيلقوها على عاتق المرأة. لم تكن تدرى أن خلف هذا مخططات وأغراض خارحية غريبة على ثقافتنا. وخرجت المرأة لميدان العمل، وبرعت فى إظهار مفاتنها، املا فى الحصول على وظيفة مرموقة وراتب يفتخر به او رغبة فى شراء سيارة فارهة.

وبرغبتها أصبحت رؤيتها مجانا متاحة، وامتلأت أذانها بشعارات الحضارة الواهية بأنها فاتنة ولن يستقيم المجتمع بدون مشاركتها ومساواتها بالرجال. نست او تناست أنها السكن والرحمة. وبالتالى هدمت ما فى الرجل من سكن واحتواء ورحمة وقوامة لها.

وبروح البطلة المناضلة، أخذت دور الرجال وتركت لبعض الرجال دورها من اعمال منزلية ورعاية الأطفال. هنا تلاشت هيبة بعض الرجال، هنا فقدت المرأة عزتها وندرتها. وأصابت الرجال تخمة رؤية بعض النساء الكاسيات العاريات.

وتحت شعار زائف اخر نادى بعض الرجال باسم الحب حتى ينالوا مرادهم من الأنثى، ليتركوها فريسة الضياع، فلا هى عفيفة كما كانت ولا هى قادرة على الاكتفاء والارتقاء لنهاية سلم الرذيلة. ذلك لأنها ولأنه لم يعلموا عن أمر الحب شيء إلا اسمه المجرد من المشاعر. 

ولكن ما الذى يمنع رجلا من تنفيذ وعده للمرأة بالزواج؟ لا شك أن بعض الرجال خبثاء يعشقون النساء فقط للهو. لكننا بصدد البعض الآخر من الرجال ممن يكثرون الخوف: الخوف من الضعف، الخوف من ألا بجد الزوجة المخلصة، الخوف على قوته وماله، الخوف من أن يضحى بحريته وبكل شىء ولا يجد راحة باله، فيبنى بيتا لا يعلم مصيره. والحق يقال أن لبعض هذه المخاوف صدى، فبعد الزواج أحيانا تتبدل كل الحسابات والمنطق فبدلا من أن يصبح الرجل لبيته سيدا، يجد نفسه عبدا للعديد من المسؤوليات.

وهناك مفارقة عجيبة فبالرغم من أن رجال ونساء اليوم أكثر رفاهية من كسرة وقارون الأمس، إلا أنهم كثيرى الشكوى. فلما الشكوى؟ لأن الإنسان ينظر لما فى بد غيره، فلا يرضى بما قسمه الله له من مال او زوجة او عمل. فأصبح الإنسان فى حالة من الجوع الدائم . إذا فالأمر يرجع للحسد وليس الفقر والافتقار. لذلك الشكوى سوف تزداد كلما إزداد الناس غنى. فيزداد إحساسهم بالفقر كلما ازداد ما يمتلكون. فالغنى الحقيقة هو حقيقة نفس وليس حقيقة مال كما ذكر د. مصطفى محمود فى كتابه ( المسيح الدجال).

نعود للتأثير السلبى للحضارة الملوثة أو الحضارة المظلومة، فلم نأخذ منها إلا ما يضرنا ويفات شمل الأسرة. فترى أن بعض النساء أصبحت على دراسة بالقوانين أكتر من شئ قبل، عرفن كم أين تؤكل الكتف. بعضهن استغلوا رابطة الزواج المقدس كمصدر سريع للثراء، عرفن كيف يصبحن مليونيرات فى اقل من عامين، وحين تستمع لرواية إحدهن ترى أنها صاحبة أبحاث و دراسات وتخطيط حربى لإختيار الزوج الفريسة. ففى البداية تسعى المرأة للزواج من مليونير ، ثم تحبل، ثم وبلا مقدمات تطلب الطلاق. وتبدأ رحلة عذاب الرجل واستنزافه من نفقة الطفل لتبديد العفش لإيجار مسكن للتربية واجر رضاعة وبدل علاج للطفل. 

الحياة هنا ملوثة بنشوز وعصيان وأكل الحرام واحتكام لغير شرع الله وكم هائل من الكبائر تستدعى لعنة الله وغضبه.

فكيف نسيتى يا حواء أن للكون رب خبير عليم؟ وأين هذا مما تربينا عليه من حب وعفة مشاعر. يقول الشاعر 

قتلنى عشقا من أهوى فتاهت فيه أوصافى

فلا حبى بدانيه ولا موتى له كافى

شغوف انت يا قلبى هو فوق الصفا صافى



Share To: