شريك الحياة ... حب بين الحضارة والبربرية بقلم د. طارق رضوان جمعة / أديب مصري


شريك الحياة ... حب بين الحضارة والبربرية بقلم د. طارق رضوان جمعة / أديب مصري
شريك الحياة ... حب بين الحضارة والبربرية بقلم د. طارق رضوان جمعة / أديب مصري

 


بدون الحب لن تتقدم الأمة قيد أنملة، فالحب الحقيقى لابد أن ينبع من ذاتك كضؤ الشمس الذى يغمر جميع من يقابله لا يستثنى أحد، وستجد من يبادلك هذا الحب الحقيقى عندما تجد من يستطيع أن يعكس ما تشعه روحك من الحب بنفس الدرجة. حينئذ ستكون علاقة الحب حقيقية لأنها لن تكون انتقائية قائمة على احتياج جسدى ونفسى زائلين.


يقول الله سبحانه وتعالى: ( يا أيها الذين أمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتى الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين اعزة على الكافرين يجاهدون فى سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم)

"إننى لا أعانى من عقدة المثقفين

لكن طبيعتى ترفض الأجساد التى لا تتكلم بذكاء... والعيون التى لا تطرح الأسئلة...إن شرط الشهوة عندى مرتبط بشرط الشعر...فالمرأة قصيدة أموت عندما أكتبها... وأموت عندما أنساها."

من منا لا يريد الوصول إلى السلام النفسى الكامل ، والسمو فوق جميع مشاكل الحياة ، وأن يضع قدمه على الطريق الصحيح للعلاقات الاجتماعية والعاطفية؟ إن كنت تشعر بالحب تجاه شريكك وفى بعض الأحيان تشعر برغبة فى الإنتقام منه ومهاجمتة بسبب بعض الأفعال الصادرة عنه، فأنت على الأرجح هنا خلطت بين الحب الحقيقى والتعلق بالأنا ومفاهيمها المغلوطة، فالحب الحقيقى لا يجتمع مع الرغبة فى الإنتقام والكراهية التى غالبا ما تظهر فى نهاية العلاقات عندما يفشل الشريك فى تلبية احتياجات الأنا طوال الوقت.

"دعينى أضيفك حرفا جديدا

على أحرف الأبجدية

دعينى أناقض نفسى قليلا

وأجمع فى الحب بين الحضارة والبربرية

أحد أهم القضايا فى حياة الإنسان هى فكرة اختيار شريك الحياة ورحلة البحث عن الحب الحقيقى الذى يجد فيه الفرد ذاته الحقيقية. تكمن مأساة العلاقات الرومانسية فى أنها تقوم بين اثتين اتخذ قرارهما بناء على شعور بالاحتياج والنقص، وهى طبيعة بشرية. الاحتياج هنا له صورتان: احتياج جسدى وآخر نفسى. يعد الاحتياج الجسدى من اقوى الدوافع التى تقف وراء اتخاذ قرار إقامة علاقة ، فحتى وإن لم يكن هدفا معلنا، فالحقيقة الثابتة أن الرجل لا يشعر باكتماله الجسدى إلا فى وجود إمرأة والعكس صحيح. إلا أنه سرعان ما يشعر بالسعادة الزائفة ويبحث عن بديل

"أريدك أن تكونى حبيبتى

حتى تنتصر القصيدة

على المسدس الكاتم للصوت

وينتصر التلاميذ... وتنتصر الوردة

وتنتصر المكتبات... على مصانع الأسلحة" 

فى بداية العلاقة يشعر الإنسان انه فى علاقة تغنيه عن العالم كله، حتى تصبح العلاقة بين الشريكين كإدمان

المخدرات، يشعر كلا منهما بالسعادة فى حضور الأخر والاضطراب فى غيابه، ثم يبدأ هذا الاضطراب يأخذ أشكالا متعددة مثل الغيرة الجنونية وحب التملك، ثم لوم واتهامات متبادلة، لتتحول الحياة بالتدريج إلى معاناة بعد أن كانت العلاقة من أكبر مسببات السعادة، إذا فقد نكون على خطأ إن أطلقنا على مثل هذ العلاقات " علاقة حب".

"الحب يا حبيبتى... قصيدة جميلة مكتوبة على القمر... الحب مرسوم على جميع اوراق الشجر... الحب منقوش على ريش العصافير وحبات المطر... لكن أى إمرأة فى بلدى إذا أحبت رجلا... تٌرمى بخمسين حجر."


ويحدث أمر مشابه فيما يتعلق بالاحتياج النفسى، فالشخص المستسلم لسيطرة عقله ومنفصل عن ذاته الحقيقية، يندفع نحو الدخول فى علاقة إرضاء لاعتبارات كثيرة، مثل صورته أمام المجتمع او ربطه النجاح والفشل فى الحياة بمثل هذه العلاقات، فضلا عن وجود احتياج عاطفة لشخص يبدى اهتمامه به ومشاركته أنشطته، إلا أن كل هذه الاحتياجات وليدة الأنا او الذات المزيفة، لذا فسرعان ما يزول أثر السعادة التى تحققه ويبقى الخوف والقلق اللذان بميزان الأنا أيضا.

"اشكوك للسماء.. .كيف استطعت، كيف أن تختصرى...جميع ما فى الكون من نساء؟"

بالتأكيد ليس الحل فى تجنب العلاقات مع الجنس الآخر، بل فى التركيز على اللحظة الحالية واستشعار السعادة النابعة من الذات الحقيقية المتحررة من أطماع الجسد ومفاهيم العقل المغلوطة واحتياجات الأنا، لكن البعض يظن أنه إن انتبه للحظة الحالية لن يجد فيها سوى الألم والقلق، لكن ذلك غير صحيح، فالألم والقلق ليست سوى نتيجة طبيعية للندم على الماضى والخوف من المستقبل، أما جمال وقوة الذات الحقيقية لن تظهر سوى فى اللحظة الحالية وفقط.

"لأن كلام القواميس مات... لأن كلام المكاتيب مات... لأ كلام الروايات مات... أريد اكتشاف طريقة عشق... أحبك فيها بلا كلمات"

فمهما كانت درجة وعى الإنسان ، واحتياجاته النفسية لشريك لا يمكن إغفالها وبالتأكيد نحن لا ندعو لذلك. يمتلئ العالم الأن بملايين البشر الذين قرروا استكمال حياتهم بمفردهم خوفا من تكرار تجارب ماضية مؤلمة، وملايين ممن استسلموا لفكرة الإستمرار فى علاقات تستنزف طاقة ارواحهم، نحت ذريعة أنهم يفعلون ذلك بسبب وجود أطفال أو لمجرد أن ذلك يعطيهم شعور وهمى بالأمان او بحكم تعودهم او حتى خوفا من الشعور بالوحدة، وهو شكل أخر من أشكال اللاوعى او الانسياق وراء أفكار العقل، التى لا يضع لها حدا سوى اتخاذ الخطوة الأولى وهى الاعتراف بانك غير سعيد فى وضعك القائم ومحاولة تقبل الفكرة تمهيدا للتعامل معها وليس إنكارها.

"أكره أن أحب مثل الناس...اكره أن أكتب مثل الناس... أود لو كان غنى كنيسة... وأحرفى أجراس"




Share To: