نساء فى حياة الأنبياء ..." يعقوب" | بقلم الأديب المصري د. طارق رضوان جمعة


نساء فى حياة الأنبياء ..." يعقوب" | بقلم الأديب المصري د. طارق رضوان جمعة
نساء فى حياة الأنبياء ..." يعقوب" | بقلم الأديب المصري د. طارق رضوان جمعة

 


لا شك أن الأنبياء معصومين من إرتكاب الكبائر معصومين من الخطأ فى تبليغ الرسالات، لكن هناك بعض الزلات التى فعلها بعض الأنبياء والتى لا تنتقص من قدرهم ولله فى ذلك عبرة وهدف وهو تعليم البشر فقد خلق الأنبياء من البشر. يقول الله :" وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم لياكلون الطعام ويمشون فى الأسواق وجعلنا بعضكم لبعض فتنة"

من هذه السقطات عدم صبر موسى على ما فعله الخضر، خطأ داود فى الحكم فى قضية الحرث الذى نفشت فيه الغنم ووفق الله سليمان للصواب.

اليوم 

نمر معا بابتلاءات مر بها نبى الله يعقوب عليه وعلى جميع الأنبياء صلوات ربى وسلامه. هذه سقطات تتحدث إلينا لنتعلم منها وأكرر أنها لا تنتقص من حقه ، مر يعقوب باحزان عميقة وطموح أصابه بضرر. 


فمن هو يعقوب؟ هو ابن نبى الله إسحاق ابن إبراهيم. وكان يعقوب يدعى إسرائيل ( عبد الله)، لذلك أحببت التحدث والبحث عنه. مر يعقوب بما نمر به نحن البشر العادى من هجر الوطن والخوف والجوع وصراع من أجل الرزق، حياة بها من المكر والخداع وفقدان للأحبة والمرض الكثير والكثير، حتى لا نيأس من رحمة الله.

نحن هنا فى هذا المقال سنحتاج لاستكماله فيما بعد باذن الله لأبين لحضراتكم أن هناك فرق بين محبة الله للبشر وبين مفهوم المحبة عند البشر. فنظرة البشر للمحبة نظرة فاسدة مفسدة فهى تهدف لتذليل العقبات وللتلاطف وأن تكون المحبة درعا فلا تهب علي أحبابنا عواصف الدهر، بينما محبة الله لعبده هى محبة مؤدبة، تنقي الروح وتطهرها بالابتلاء والمصاعب، يذكرنا الأمر بصناعة الحديد والصلب حين يكون من الضرورة أن يمر الحديد بضغط و درجات حرارة عالية ليصل لقوته وصلابته.


تجارب يعقوب النبى عليه السلام تفيدنا وتجيب على من يشكوا أن الله لا يستجيب لدعائه، فأخبره أن إجابة الله لدعوة العبد قد تأتى على شكل نصيحة او ارشاد على لسان شخص آخر ربما قر يب لك أو غريب عنك او غير ذلك من صور الاستجابات . لذلك المشكلة عندنا نحن حيث يجب علينا أن نتعلم كيف نستقبل ونتعلم من رسائل الله لنا عبر حواسنا المختلفة الواعية، بالطبع الأمر لا يحتاج لشيء سوى القرب من الله.


الدرس والابتلاء الأول:

كان ليعقوب أخ توأم ولد قبله بدقائق يدعى (عيسو). وحين كبر يعقوب أصبح هو المفضل لأمه( رفقة)، بينما كان ( عيسو) المفضل لإسحاق. وهنا درس يستفاد منه الآباء والأمهات حتى لا يفرقوا بين أبنائهم فى المعامله، حرصا على سلامتهم النفسية. لأن ذلك سبب عداوة بين يعقوب وأخيه ، عداوة بين شعب يعقوب وشعب عيسو فيما بعد.


وكان فى العهد القديم للأبن الأكبر، البكورية، بعض الامتيازات : فهو يرث نصيب اثنين وله الحق فى أن يهبه أباه البركة الروحية أو النبوة. وفى يوم من الأيام عاد عيسو للمنزل منهكا من عمله كصياد للحيوانات، فوجد يعقوب يطهوا بعض العدس. طلب عيسو طبق عدس من يعقوب ، لكن يعقوب راوده عن التنازل عن بكوريته، فقبل عيسو واقسم على ذلك مقابل طبق عدس. بذلك يكون عيسو قد باع الجانب الروحاني مقابل لذات الحياة، لم يكن يدرك أن المسيح عيسى قد يأتي من نسله.


فلما كبر إسحاق وضعف بصره، أراد أن يهب البركة لعيسو، فاستدعاه وطلب منه أن يذهب للصيد ويعد له طعام شهى لأنه سيهب له البركة وهى دعاء الأب لأبنه بالبركة فى الرزق والزرع والعمر والنسل. ونسى عيسو او تناسى أنه تنازل ليعقوب عن بكوريته. وكانت الام( رفقة) قد سمعت ما دار بين إسحاق وعيسو. فدبرت مع يعقوب حيلة لكى ينال يعقوب بركة ابيه. فاعدت الطعام لإسحاق ودخل به يعقوب مدعيأ أنه عيسو. ونال بالفعل البركة من ابيه إلذى حزن لهذا المكر لكن لا يمكنه التراجع. وعاد عيسو ليعلم بما حدث فيصرخ ويبكى وينوى قتل يعقوب لكن ليس الان ، بعد وفاة إسحاق. 


هنا تلاحظ أن النفس البشرية والشيطان نجح فى إقناع الأم أن الغاية تبرر الوسيلة. ولو صبروا لنفذ أمر الله وتحقق المراد دون ذنب يرتكب. كان ينبغى أن تكون الوسيلة نبيلة كغايتها. لذلك صدق أحمد شوقى حين قال:

الام مدرسة إذا أعددتها...أعددت شعبا طيب الأعراق


هنا نذكر أن إبراهيم عليه السلام كذب حين سأله فرعون مصر عن زوجته فقال أنها أخته خشية من فرعون، ونفس الكذبه أرتكبها إسحاق حين ذهب لأرض فلسطين وها هو يعقوب يكذب حين شجعته أمه وقالت افعل وسأتحمل عنك الخطيئة. 


وهنا تنبهت الأم فأرسلت يعقوب ليعيش عند خاله (لابان). وابتعد يعقوب عن امه ٢٠ عاما، فكان فى هذا عقاب للجميع خاصة يعقوب إذ خرج من بيت أبيه خائفا من بطش أخيه ، خرج لينام فى البرية وهو لا عهد له بهذا الشقاء، ليواجه مستقبل مجهول، بالإضافة لتأنيب ضميره له. 


ويصل يعقوب بعد رحلة طويلة إلى خاله وكان له ابنتان رحيل ولينة. ورأى يعقوب رحيل فاحبها وكانت اجمل من لينة، وطلب أن يتزوجها وكان مهرها أن يعمل لدى خاله سبع سنين دون اجر. فوافق الخال. وليلة العرس اكتشف يعقوب أن العروسة هى لينة، فذهب غاضبا لخاله، الذى بدوره قال كيف نزوج الصغيرة قبل الكبيرة وان كان يريد رحيل فعلى يعقوب أن يعمل سبع سنين أخرين دون أجر. فقبل يعقوب الشرط.

وصارت لينة مسكينة مكروهه من زوجها لأنها ضعيفة البصر وليست جميلة مثل رحيل ومكروهه من رحيل اختها بينما لينة لا ذنب لها فى هذه الزيجة. 


هنا نرى أن الله يحب عباده دون النظر لعيوبهم، بينما نحن البشر قلوبنا قاسية فلا نعطف على محناج. وأصبح يعقوب عبدا ل ١٤ عاما حبا فى الوصول لرحيل. فهل نحن نحب الله ونتقن عبادته هكذا؟


ولتنظر لحكمة الله فى أن يضع رسالته بين أنبياء سمتهم الضعف بمقاييسنا البشرية، فموسى عليه السلام على سبيل المثال كان ثقيل اللسان، وكان تلاميذه من البسطاء وليس من الأثرياء....يتبع




Share To: