لحظات الشتاء بين سحر المطر ودفء الأحاسيس | بقلم الكاتبة والشاعرة المصرية ريهام كمال الدين سليم
لحظات الشتاء بين سحر المطر ودفء الأحاسيس | بقلم الكاتبة والشاعرة المصرية ريهام كمال الدين سليم |
أشتاق إلى فصل الشتاء حين تنساب قطرات المطر على زجاج نافذتي فتُعيدني إلى لحظاتٍ نادرةٍ من التأمل الصافي، كأنها تطرق على نافذة روحي، تدعوني لاسترجاع ما ضاع من الهدوء بين زحام الأيام.
كل قطرة مطر تحمل معها شذى الحب، تبعث ذاك الدفء الذي يتسلل إلى القلب رغم السقيع وكأنها تذكرني أن الشتاء ليس بفصل البرودة فقط بل هو حضن دافئ من السماء للأرواح التائهة.
أشتاق إلى لحظات هطول الأمطار حين يغمرني السكون وأنا أشاهد الكون يتوضأ بالماء ليمسح عنه هموم العام ويصلي صلاة الخشوع تحت سماء تتنفس النقاء لتبعث في الأرواح راحةً وهدوءًا يسكنان في أعماق الوجود.
أشعر حينها أنني أقرب إلى ذاتي الحقيقية، أقرب إلى تلك الأجزاء الخفية التي تختبئ تحت سطح الوعي تنتظر اللحظة المناسبة للظهور، ربما يعود ذلك إلى اسمي، فلكل امرئ من اسمه نصيب، وقد كان نصيبي من "الرهام".
في الشتاء تُزيل الطبيعة قناعها لتظهر بجمالها الحقيقي، جمالٍ يخلو من زيف الصيف وصخبه، جمال ينبع من الصدق والبساطة.
الشتاء هو الوقت الذي أجد فيه نفسي أقترب من أسرار الكون، أستمع إلى حديث الرياح، أراقب الرقص البديع للغيم وأشعر أن الطبيعة تهمس لي بأسرارها التي لا تُباح إلا لمن يشاهدها بحبٍ واهتمامٍ ويستمع إليها بإصغاء.
في تلك اللحظات يبدو لي أن الكون كله يتآمر لصنع تلك اللحظات الآسرة بيني وبين الطبيعة، لحظات تذوب فيها الفواصل بين الإنسان والعالم، بين القلب والكون، لأصبح جزءًا من هذا النسيج الرقيق الذي يربط كل شيء ببعضه.
أشتاق إلى دفء القلوب في أيام الشتاء، ذلك الدفء الذي ينبع من عناق الكلمات وصمت النظرات، حيث تصبح الأحاسيس أكثر نقاءً والعواطف أكثر عمقًا، وكأن البرد يجبرنا على البحث عن دفء الحب في أعماقنا في تلك الزوايا المهملة من أرواحنا.
الشتاء هو فصل الحب الصامت حيث نكتشف أن الحب ليس في الضجيج والمظاهر، بل في تلك اللحظات الهادئة التي نتقاسمها مع من نحبهم، إنه الحب الذي يشبه قطرات المطر، يتسلل برفق إلى قلوبنا ليطهرها ويعيد إليها الحياة🤍
Post A Comment: