لسنا كما نبدو | بقلم الكاتبة السودانية تسنيم عبد السيد


لسنا كما نبدو | بقلم الكاتبة السودانية تسنيم عبد السيد
لسنا كما نبدو | بقلم الكاتبة السودانية تسنيم عبد السيد 

 


كان يمشي مسرعاً ومتخبطاً فاصطدام بأحدهم وأوقع منه شراباً كان في يده، غضب الرجل واستدار نحوه ليشتمه فرأى عصاه، إنه كفيف ما رأى وما قصد!

تأثر الرجل وأسرع إليه يعتذر منه وحاول مساعدته حتى يصل للمكان الذي يريده..

نسي الرجل غضبه وشرابه الذي سُكب، بل بادر بالمساعدة واعتذر من الكفيف وطلب السماح.. ليس لشيء سوى أنه علم ظرفه وقدَّره.. 


كلنا نحتاج لتك النظرة في كثير من أمور حياتنا وفي تعاملاتنا مع البشر باختلافاتهم وظروفهم وخلفياتهم.. إننا رُحماء حين نفهم، ونشفق على كل من رأينا عجزه وضعفه وشاهدنا كواليس حياته..

يتوجب علينا أن نتعلم أن مراعاة جروح البشر وضغوطهم وآلامهم النفسية أولى وأهم وأجدر.. 


لو كان يظهر في جبين كل إنسان حالته النفسية، مثلاً: هذا الشخص مات له عزيز، هذا يمر بظرف مادي سيء، وهذا رُفد من عمله اليوم، وذا يتعافى من جرحٍ أو غدرٍ أو خيانة.. 


كم سنبدو رُحماء حينها، نكُف أذانا عن الخلق، نخلع رداء القسوة، نقلل أحكامنا على الآخرين، نفعل كل ما بوسعنا حتى لا نتسبب لأحدٍ في مزيد من التعب والأسى، فكل إنسان يكفيه ما يحمله من مآسي وهموم.. وجميعنا على هذه الأرض بشر ليس بيننا ملائكة، فينا الخير والشر، نُخطئ ونصيب، نجرب ونتعلم..


حقيقة الحياة أنها قاسية مهما بدت لنا وردية في أحايين كثيرة، لكن لا بد أن تقسو وتصفعنا يوماً بكفها الخشن، فنحن هنا في إختبار ولسنا في الجنة.. 

فليخفف كلٌ منا على الآخر ولا يكن سبباً في جرحٍ أو ألم.. الرحلة قصيرة مهما استطالت أيامها، فلنحرص على غرس أثر طيب ولو بكلمة أو ابتسامة صادقة، في قلب كل إنسان نقابله في قطار حياتنا هذه، حتى إذا وصلنا محطتنا الأخيرة والتفتنا لوداع كل صحبنا في تلك الرحلة فلا نجد إلا لمعة العيون ومحبة القلوب، فنمضي مطمئنين في سكينة ورضا وسلام، لنكمل ما تبقى في العالم الآخر..



Share To:
Next
This is the most recent post.
Previous
رسالة أقدم