قراءة الأرقام بين الحقيقة والتقريب | بقلم أ.د. روحية مصطفى الجنش أستاذ ورئيس قسم الفقه الأسبق بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات القاهرة 


قراءة الأرقام بين الحقيقة والتقريب | بقلم أ.د. روحية مصطفى الجنش أستاذ ورئيس قسم الفقه الأسبق بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات القاهرة
قراءة الأرقام بين الحقيقة والتقريب | بقلم أ.د. روحية مصطفى الجنش أستاذ ورئيس قسم الفقه الأسبق بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات القاهرة 



السؤال : أستاذتي الفاضلة، أرجو منكم إفادتي بخصوص أمر يشغلني، لقد حصلت في درجة الليسانس على تقدير جيد جدًا بنسبة 89.73%. ولكن عندما يسألني الأقارب أو الأصدقاء عن تقديري، أجد نفسي أقول إنني حصلت على 90% للتقريب أو التسهيل في الفهم ، فهل يُعد ذلك من الكذب المحرم شرعًا؟ وهل هناك ضابط فقهي في مثل هذه الأمور التي تعتمد على التقريب أو التسهيل؟ أرجو توجيهكم وإرشادكم بما فيه الخير والصواب، جزاكم الله خيرًا.

الجواب : أقول وبالله التوفيق: إن الكذب محرم في الشريعة الإسلامية، وهو ينافي الصدق الذي يُعد أساس الإيمان وركيزة من ركائز الأخلاق الإسلامية، خصوصًا إذا ترتب على الكذب تعدٍ على حقوق الآخرين أو إلحاق ضرر بهم. فالصدق فضيلة عظيمة أمر بها الإسلام في كل شؤون الحياة، وهو يهدي إلى البر، والبر يهدي إلى الجنة، كما أخبر بذلك النبي ﷺ.

أما فيما يتعلق بحالتك الخاصة، فإننا نستأنس بما قرره أهل العلم في القاعدة الفقهية التي تنص على: "ما قارب الشيء يُعطى حكمه"، أي أن ما كان قريبًا من الأمر يمكن أن يُعامل على أساس حكمه. وبناءً على هذه القاعدة، فإن القول بأنك حصلت على نسبة 90% عند تقريب النتيجة، لا يُعد كذبًا بالمعنى المحرم، طالما أن النسبة الحقيقية (89.73%) قريبة جدًا من الرقم المذكور.

ومع ذلك، من الأفضل دائمًا أن تكوني دقيقة وصادقة في التعبير عن الحقيقة الكاملة، خاصة إذا لم تكن هناك حاجة معتبرة لتقريب الرقم ، وإذا كانت هناك مصلحة معتبرة، كإيضاح الأمر بشكل مبسط لمن قد يجد صعوبة في استيعاب الأرقام التفصيلية، فيمكنك التورية بأن تقولي: "حصلت على 90%" وأنتِ تقصدين قريبًا من هذا الرقم ، دفعا للحرج ؛ ففي المعاريض مندوحة عن الكذب . 

ورغم جواز التقريب وفق القاعدة المذكورة، إلا أن الصدق التام في مثل هذه المواقف هو الأولى، لأن الصدق منجاة وهو يعزز الثقة والمصداقية مع الآخرين، كما أن التزامك بالصدق الكامل يعكس حرصك على تطبيق القيم الإسلامية في حياتك العملية.

والله تعالى أعلم وأحكم، وهو الموفق للصواب.




Share To: