الافتقار الروحي | بقلم الأديب المصري د. طارق رضوان جمعة
الافتقار الروحي | بقلم الأديب المصري د. طارق رضوان جمعة |
الخيال ليس بالشىء البعيد عن الحقيقة، لكنه يساعدنا على فهم الواقع والحقيقة. والخيال ما هو إلا جزء من الحقيقة. لكن اين باقى الحقيقة ؟ ولصالح من يتم اختفائها ؟
فى الواقع نحن جميعا نرى الحقيقة ورغم انها ثابتة لا تتغير إلا أن كل فرد من البشر يراها حسب وجهة نظره وطبقا لما يلائم مصلحته.
ويبقى السؤال إذا كنا نختلف فى رؤيتنا للحقيقة، فهل الحقيقة نفسها ترانا؟ للإجابة على ذلك عليك أن تعلم أن الحقيقة هى من تختار من يستحق أن يراها بوضوح أو كما يقول رجال الدين هى نور بصيرة أقوى من نور البصر وذلك فضل من الله يهبه لعباده الصالحين.
ففى حياتنا نمر بتجارب ونخطىء أحيانا ونحتاج من يساعدنا فى تصحيح مسارنا، فقد نطلب المساعدة من صديق لكنه ليس له القدرة على حل ما تمر به من مشكلة، وقد نطلب المساعدة من صديق أخر أقوى من الصديق الأول لكن تدخله قد يصلح جانب من المشكلة ويفسد جانب أخر. حتى أقرب الأقربين رغم شدة حبهم لنا تختلف قدراتهم وظروفهم عندما يحاولون مساعدتنا. لكنك بعد المزيد والعديد من التجارب لن تحتاج إلى مارد يظهر امامك ليخبرك أن عقلك هو صديقك الوحيد الذى يمكنه ارشادك بما يتناسب مع ظروفك لحل ما تمر به من أزمات.
فهكذا نلتقى فى حياتنا بأشخاص كُثر، يحل بعضهم مشكلات لنا دون ضرر، والبعض سيساعدنا فى حل مشكلات، لكنه سيترك أثر ضار لنا، فكلاهما يحبنا، ولذلك تذكر دائما أن تضع الشخص المناسب فى المكان المناسب
نلتقى فى حياتنا بأشخاص أقوياء فلا يجب ان ننخدع بقوتهم، فهناك أمور لا يصلح فى حلها استخدام القوة لأنها غالبا تحتاج إلى الحكمة.
وقد يتبادر إلى أذهاننا سؤال هام وهو لما لم أحقق الكثير من طموحاتي رغم أني كنت أمتلك الإمكانية اللازمة لتحقيق تلك الطموحات؟!
للإجابة على هذا السؤال يجب أن نعلم أن المرء يملأ حياته بمعارف وصداقات تحتاج إلى فلترة. فالأصدقاء فى حياتنا لهم دور هام ، لكن من هم الأصدقاء؟ أو لماذا يحتاجون إلى تصنيف وفلترة؟ لأن هناك الصديق الذى يقوم بدور الموظف الذى يتقاضى أجره فى نهاية الشهر من صاحب العمل، فوجوده كما يقال " تأدية واجب" . هذا النوع يعطيك على قدر ما سبحصد منك، فالمشاعر بينكما محسوبة بالألة الحاسبة. وهناك صديق او أب او أم أو أخ أو أخت مبدعين فى العطاء لا ينتظرون المقابل أو الشكر.
إذا فالقضية تكمن فى ان هناك أماكن فى حياتنا فارغة تحتاج إلى مبدعين لدعمنا وليست العبرة بالكثرة ممن يلعبون دور الوظائف الشرفية فقط.
نحتاج أشخاص نلمسهم نشعر بهم.
نحتاج لمبدع، مبدع يدرك معنى الأبوة فيؤدي حقها، مبدع يدرك معنى الصداقة فيحفظها، مبدع يدرك معنى الأخوة فيقدسها، مبدع يدرك معنى البنوة فيحمدها.
انظر لمن حولك ستجد اغلبهم موظفين أجساد بلا روح، اشتقنا إلى أن يملأ تلك الفراغات في حياتنا بدلا من الموظفين أشخاص مبدعين.
أين المبدعين فى حياتنا؟!
فكما أن خطوة واحدة لن تمهد طريقا على الأرض، كذلك فكرة واحدة لن تغير الواقع. لتغيير حياتنا، يجب أن نفكر بالأفكار الصحيحة مرارًا وتكرارًا.
آلاف الأفكار تتطاير في رأسك كل يوم. الكثير منهم سلبيون ومخيفون، ونصفهم ليس ملكك حتى، ما عليك إلا أن تلتقطهم. لا تثق بهم. هذه مجرد أفكار ولن تصبح حقيقة إلا إذا ساعدتهم. عليك أن تثق بهذه الأفكار وتسعى لتنفيذها لأن ذلك يستدعى طاقة إيجابية من الكون حولك. فاستبشروا بالخير تجدوه.
فسر تعاستك هى انك تتبنى الأحزان وهى بدورها تستدعى طاقات سلبية من الكون، ولن يتغير الحال للأفضل حتى تتخلص مما علق بذهنك من مخاوف وأحزان. عليك أن تنطلق فى رحلة النجاح والسعادة بحرية.
كل الاضطرابات التي حدثت في الثلاثين عامًا الماضية لها مصدر واحد فقط: الافتقار الروحي. مليار شخص لم يعودوا يسمعون سوى الروبوتات، ولم يعودوا يفهمون شيئًا سوى الروبوتات، وملياري شخص أصبحوا روبوتات.
أنا أؤمن بطاقة السذاجة. إنها تحرك الجبال وتصبح مفتاح النجاح في الحياة. نحن نسترشد بمشاعر بسيطة: الإهتمام، والفضول، والرغبة في شخص آخر، والحب، والخير والنور. كل ما هو أفضل عنا بسيط، وليس معقدًا.
سر جمال الحب أنه ليس مجرد شعور، بل هو حالة من الوجود تشعر فيها بالوحدة مع الكون. فالحب غير الأناني، بمجرد إيقاظه، يجعل جميع خلايا الجسم متناغمة.
إنه يوجه طاقة العقل بقوة في الاتجاه الذي تريد إنجاز شيء ما فيه.
الحب يمكن أن يجعلك تحلق من جديد، حتى لو انكسرت أجنحتك. الخير ينتصر دائما على الشر.
كذلك قد بتسأل البعض لماذا يعود الخير بالشر ؟ وللإجابة عن هذا يفترض بى أن أطلب منك ان تحاول ان تسير عاريا فى الطريق العام. فماذا تعتقد أن يحدث لك؟ بالطبع ستجد حرجا فى فعل ذلك لأنك تعلم أنك ستصاب بضرر جسيم من المارة. الأمر هو ذاته حين تسير بين الناس كالكتاب المفتوح.
حين تسير في العالم بروحك العارية، مفتوحة على مصراعيها. تكون روحك مرآة، ولهذا السبب نرى أنفسنا منعكسين في الآخرين. ويرى الآخرون انفسهم فينا. ولأن ارواحهم مليئة بالشر والرذائل يروا هذا فينا . هذه هي بالضبط الصورة القبيحة التي يرونها عندما ينظرون إلى روحك الطاهرة. ليس لديهم القوة والشجاعة للاعتراف بأنك أفضل منهم.
وختاما افتح قلبك للناس بعناية.
Post A Comment: