شهر القرآن الكريم | بقلم أ.د روحية مصطفى الجنش أستاذ ورئيس قسم الفقه الأسبق بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات القاهرة
![]() |
شهر القرآن الكريم | بقلم أ.د روحية مصطفى الجنش أستاذ ورئيس قسم الفقه الأسبق بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات القاهرة |
كان رسول الله ﷺ قرآناً يمشي على الأرض، خلقاً وعملاً، فقد جمع الله عز وجل القرآن في صدره، وكان جبريل عليه السلام يراجعه معه في كل عام خلال شهر رمضان. وعلى الرغم من ذلك، كان النبي ﷺ يحب أن يستمع إلى تلاوة القرآن من أصحابه، خصوصاً من وهبهم الله أصواتاً ندية تخشع لها القلوب.
وتأسياً بالنبي ﷺ، فإن من أعظم العبادات في شهر رمضان بعد الصيام، الإكثار من تلاوة القرآن الكريم، بقدر ما نستطيع، فهو شهر تتضاعف فيه الحسنات أضعافاً مضاعفة. ومن كرم الله عز وجل أنه جعل لكل حرف من كتابه حسنة، والحسنة بعشر أمثالها في غير رمضان، أما في رمضان فتتضاعف إلى ما شاء الله من الفضل والرحمة. فقد قال النبي ﷺ:"من قرأ حرفاً من كتاب الله فله حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول: (الم) حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف" الترمذي بإسناد حسن صحيح
وإن كان تدبر معاني القرآن أمراً مطلوباً في غير رمضان، حتى قال ابن عباس رضي الله عنهما:"لَأَنْ أتدبر آية من كتاب الله خير لي من أن أختم القرآن ثلاثين مرة"" إلا أن شهر رمضان هو شهر الإكثار من التلاوة، حيث يُندب فيه الاجتهاد في القراءة، حتى وإن لم يدرك القارئ معاني جميع الآيات. ومن لم يستطع القراءة، سواء بسبب المرض أو كبر السن أو الأمية أو لأي سبب آخر، فلا يُحرم من الأجر، بل يمكنه الاستماع إلى القرآن الكريم من أي مصدر متاح، فالأجر لا يقتصر على التلاوة فقط، بل يشمل الاستماع أيضاً، قال تعالى:﴿وَإِذَا قُرِئَ ٱلْقُرْآنُ فَٱسْتَمِعُوا۟ لَهُ وَأَنصِتُوا۟ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ (الأعراف: 204.
ويا حبذا لو جمع المسلم بين القراءة والاستماع، خصوصاً النساء اللواتي ينشغلن بأعمال المنزل، فبإمكانهن استغلال أوقاتهن في الاستماع إلى التلاوة أثناء أداء المهام اليومية، ليحصلن على الأجر مضاعفاً بفضل الله.
فما أطيب أن يكون غذاء القلب والروح هو آيات الذكر الحكيم، فهي طعام القلوب الذي يزكيها، ويضيء الصدور، ويمسح الهموم، ويمنح الطمأنينة.
اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا، ونور صدورنا، وجلاء أحزاننا، وذهاب همومنا، ومغفرة لذنوبنا، وارزقنا تلاوته آناء الليل وأطراف النهار على الوجه الذي يرضيك عنا. اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد في العالمين إلى يوم الدين.
Post A Comment: