حكم شراء الأضحية من مال الزكاة | بقلم أ. د روحية مصطفى أحمد الجنش أستاذ ورئيس قسم الفقه الأسبق بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات القاهرة 


حكم شراء الأضحية من مال الزكاة | بقلم أ. د روحية مصطفى أحمد الجنش أستاذ ورئيس قسم الفقه الأسبق بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات القاهرة
حكم شراء الأضحية من مال الزكاة | بقلم أ. د روحية مصطفى أحمد الجنش أستاذ ورئيس قسم الفقه الأسبق بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات القاهرة 


صورة المسألة : رجلٌ يملك مالًا فاضلًا عن حاجاته الأصلية، وقد بلغ هذا المال نصاب الزكاة (ما يعادل 85 جرامًا من الذهب)، وحال عليه الحول، فاستحق عليه إخراج الزكاة ، ويريد أن يقتطع جزءًا من هذا المال، ويشتري به أضحية ، فهل يجوز له ذلك ؟ 

الجواب : 

أولا : زكاة المال فريضة شرعية وركن الإسلام الثالث ، تجب إذا بلغ المال نصابًا وحال عليه الحول، وكان زائدًا عن حاجة المزكّي ومن يعول ، أما الأضحية، فهي سنة مؤكدة عند جمهور العلماء، يُثاب فاعلها ولا يأثم تاركها، حتى وإن كان قادرًا عليها.

ثانيا  : للزكاة مصارف شرعية محددة بالنص القطعي من كتاب الله تعالى ، حيث أنها تؤخذ من مال أغنياء المسلمين وتُعطى لفقرائهم : قال الله تعالى: ﴿ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ ۖ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ [التوبة: 60] أما الأضحية فليس في توزيعها طريقة محددة شرعا ، فيجوز للمضحي أن يأكلها كلها، لأن المقصد الأصلي منها هو إراقة دم لله تعالى في يوم الأضحى وأيام التشريق الثلاثة ، ويجوز له أن يوزع جزءً منها على أقاربه من باب الصلة والتراحم حتى وإن كانوا قادرين وله أجرين أجر الصدقة وأجر الصلة ، ويستحب إخراج جزء منها للمحتاجين والفقراء ، قال تعالى : (﴿ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ﴾ [الحج: 36]) ، كما يجوز إعطاء أهل الكتاب منها خاصة إذا كانوا جيران للمضحي ، وهذا من باب القسط والبر إليهم المأمور بهما شرعا ، في قوله: ﴿ لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ﴾ [الممتحنة: 8] ، والأولى في تقسيمها أن تُقسم اثلاثاُ ثلثا للمضحي وثلثا لأقاربه ، وثلثا للمحتاجين .

ثالثا : يأثم المسلم إذا ترك إخراج الزكاة لمستحقيها بعد وجوبها ، ولا يأثم بترك الأضحية حتى وإن كان قادرا عليها  .

رابعاً : لا يجوز للمضحي أن يشتري أضحية  لنفسه من مال الزكاة؛ لأن مال الزكاة حق خالص للفقراء، وقد خرج من ملكه شرعًا، وليس له أن يتصرف فيه بما ينفعه، لأنه ليس مالكًا له ولا وكيلًا عن الفقراء..

خامساً : أما إذا أراد المسلم أن يشتري بجزء من مال الزكاة اًضحية ويوزعها كلها على الفقراء والمساكين في صورة لحم فليس فيه حرج ، فهو من باب إخراج القيمة مكان المنصوص عليه في الزكاة وقد أجازها كثير من أهل العلم وعلى راسهم السادة الأحناف ، كما أنه لا يوجد دليل صريح أو قياس معتبر يمنع ذلك فنعود للأصل وهو الإباحة .

سادساً : ومع التسليم بجواز شراء أضحية من مال الزكاة وصرفها في مصارف الزكاة الشرعية إلا أن الأولى إخراج الزكاة مالا ؛ تحقيقاُ للمصلحة ؛ لأنه أيسر للمزكي وأنفع للفقير ، حيث أن المحتاج يقدر أولوياته ويصرف المال وفق احتياجاته ورغبته ، فقد تكون حاجته للمال أكثر من حاجته للحم  ، كما أنه من اليسير عليه أن يشتري لحماً بالمال ، ومن المشقة أن يحصل على المال ببيع اللحم ، وحيثما وجدت المصلحة فثم شرع الله تعالى  . والله تعالى أعلى وأعلم .




Share To: