دليل تصحيح أخطاء المحرم في السعي بين الصفا والمروة | بقلم أ. د روحية مصطفى أحمد الجنش أستاذ ورئيس قسم الفقه الأسبق بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات القاهرة 


دليل تصحيح أخطاء المحرم في السعي بين الصفا والمروة | بقلم أ. د روحية مصطفى أحمد الجنش أستاذ ورئيس قسم الفقه الأسبق بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات القاهرة
دليل تصحيح أخطاء المحرم في السعي بين الصفا والمروة | بقلم أ. د روحية مصطفى أحمد الجنش أستاذ ورئيس قسم الفقه الأسبق بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات القاهرة


 

يُعَدُّ السعي بين الصفا والمروة أحد أركان الحج والعمرة العظيمة، وهو شعيرة جسّد فيها الإسلام معنى الطاعة والانقياد، وخلّد بها قصة هاجر رضي الله عنها في بحثها عن الماء لابنها. وقد بيّن النبي ﷺ صفة السعي وهديه فيه قولًا وفعلاً، وحرص الصحابة من بعده على اتباعه دون زيادة أو نقص. غير أن بعض الحجاج والمعتمرين – عن جهل أو تقليد – يقعون في أخطاء متكررة تُخلّ بكمال الشعيرة أو تُخرجها عن صورتها المشروعة. لذا نعرض في هذا القسم أبرز تلك الأخطاء، مع بيان الصواب فيها، تحقيقًا للاتباع وتجنبًا للزلل.

1- الخطأ : البدء بالسعي من المروة بدلًا من الصفا.

الصواب:السنة أن يبدأ السعي من الصفا ويختم بـ المروة، كما قال النبي ﷺ: «ابدؤوا بما بدأ الله به» [رواه مسلم]، في قوله تعالى: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ﴾ [البقرة: 158] ، فمن بدأ بالمروة فقد أسقط الشوط الأول، ويُحسب له السعي من الصفا فقط.

2- الخطأ: إضافة أو نقصان عدد أشواط السعي عمدًا، ظنًّا بجواز الزيادة أو التخفيف.

الصواب:عدد أشواط السعي سبعة، يبدأ من الصفا وينتهي بالمروة، ولا يصح السعي إن زاد أو نقص عمدًا ، لأن العبادات توقيقية ومن أحدث في هذا الدين ماليس منه فهو بدعة مردودة .. 

3- الخطأ : الركض في كامل المسافة بين الصفا والمروة. 

الصواب : الركض أو الإسراع في السعي سنة للرجال فقط، ويكون في الموضع المحدد بين العلمين الأخضرين، في جميع الأشواط السبعة ، وليس في الأشواط الأولى كالطواف وهي منطقة الوادي التي كانت تهرول فيها أمنا هاجر عليها السلام، أما النساء فلا يُشرع لهن الركض؛ حفظًا لسترهن، حتى وإن كانت الحكمة الأصلية مستمدة من سعي هاجر عليها السلام، لكنه في حق الرجال سنة .

4- الخطأ: الاعتقاد بأن الوضوء شرط لصحة السعي كما هو للطواف.

الصواب: فالسعي لا يُشترط له الوضوء، وهو مذهب الأئمة الأربعة: أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد. بل يجوز للحائض أن تسعى بين الصفا والمروة، لعدم اشتراط الطهارة له، ولأن النبي ﷺ لم يمنع الحائض من السعي، وإنما منعها من الطواف فقط، كما قال لعائشة رضي الله عنها لما حاضت: "افعلي ما يفعل الحاج، غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري" متفق عليه ، وإن كانت الطهارة مستحبة لمن قدر عليها باعتبار المسعى الآن داخل الحرم . 

5- الخطأ: قراءة الآية: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة: 158] في كل شوط من أشواط السعي.

الصواب: السنة أن تُقرأ الآية مرة واحدة فقط عند الاقتراب من الصفا أول مرة، كما فعل النبي ﷺ، ثم يقول بعدها: «نبدأ بما بدأ الله به»، ولا تُعاد الآية في بقية الأشواط.

6- الخطأ: اعتبار أن الشوط الأول في السعي من الصفا إلى الصفا، أي الذهاب والعودة يُحسب شوطًا واحدًا.

الصواب: الصحيح أن الشوط يكون من الصفا إلى المروة شوطًا، ومن المروة إلى الصفا شوطًا آخر، وهكذا حتى تُكمل سبعة أشواط، تبدأ بالصفا وتنتهي بالمروة. قال الشوكاني في السيل الجرار: "لو كان السعي من الصفا إلى المروة ثم منها إلى الصفا شوطًا، لكان قد طاف الطائف بينهما أربع عشرة مرة، لا سبعًا، والذي ثبت في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن النبي ﷺ طاف بين الصفا والمروة سبعًا".

7- خطأ: الاستمرار في السعي بعد إقامة الصلاة وعدم التوقف لها

الصواب: يجب على الساعي إذا سمع إقامة الصلاة أن يقطع سعيه ويصلي مع الجماعة، ثم يعود ليكمل السعي من حيث توقف، ولا يعيد من البداية، لأن الموالاة في السعي ليست شرطًا عند جمهور العلماء. والله تعالى أعلى وأعلم .



Share To: