تآلفتِ القلوب | بقلم الأديبة المصرية ريهام كمال الدين سليم
![]() |
تآلفتِ القلوب | بقلم الأديبة المصرية ريهام كمال الدين سليم |
تآلفتِ القلوبُ على صفاءِ
كأنّ النورَ يسري في الخفاءِ
إذا نطقتْ بنبضِ الحبِّ يومًا
تسامتْ كالنجومِ إلى السّماءِ
فإنَّ الودَّ يرفعُ كلَّ قلبٍ
يُضيءُ الروحَ في حُلَكِ الشقاءِ
الأرواحُ التي تتآلفُ بصدقٍ عميق لا تُفرّقها المسافاتُ، ولا تُغيّرها تقلّباتُ الأزمنة. هي خيوطُ نورٍ ممتدةٌ بينَ السماواتِ والأرض، نسيجٌ مقدسٌ من المشاعرِ التي تُزهرُ خارجَ مواسمِ البشر.
ليسَ التآلفُ اجتماعَ العيونِ ولا توافقَ الحروف، بل هو نداءٌ خفيٌّ تتلقفهُ الأرواحُ من أعماقِ المجهول. نداءٌ يُعيدُ ترتيبَ الفوضى، ويرسمُ خارطةً لقلوبٍ كانت تائهةً في ظلالِ العالمِ، تُشرقُ ببريقِ يقينٍ لا يُبدّدهُ ظلامُ الشك.
هكذا تتلاقى الأرواح، وكأنَّ الكونَ بأسرهِ يُعيدُ صياغةَ ذاتهِ ليجمعَ بينهما. هي لحظةٌ تشبهُ بياضَ الغيمِ في كبدِ السماءِ الصافية، حيثُ الأرواحُ تلتقي خفيفةً، بلا أثقالٍ ولا قيود، كأنَّها خُلِقَت لتنسجمَ معًا منذ الأزل. لا شيء يشوبُ هذا اللقاء، كلُّ ما فيه نقيٌّ كأوَّلِ نبضٍ للحياة، وكأنَّهما انعكاسٌ لبعضهما في مرآةِ الخلود.
ومهما عصفتِ رياحُ الظنون، ومهما تقاذفتها أمواجُ الزمنِ، تبقى الأرواحُ التي توحدتْ بخيوطِ القدرِ شاهدةً على جمالٍ لا يفنى، تنبضُ بالحياةِ في كلِّ غيابٍ، وتستدعي الأملَ في كلِّ انكسار. هي الدليلُ الوحيدُ أنَّ السماءَ تسكنُ أحيانًا بيننا، في همسِ الروحِ الذي لا يسمعهُ إلا من وُهِبَ قلبًا مُرهفًا يقرأُ ما وراءَ الصمت.
Post A Comment: