Articles by "قصص"
‏إظهار الرسائل ذات التسميات قصص. إظهار كافة الرسائل


 احك يا شكيب : " سيدة سبعينية بشعر أبيض " | بقلم الكاتب والفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير


احك يا شكيب : " سيدة سبعينية بشعر أبيض " | بقلم الكاتب والفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير
احك يا شكيب : " سيدة سبعينية بشعر أبيض " | بقلم الكاتب والفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير


هي سيدة مسنة عاشت كل مراحل حياتها بحب ، طفولة و شباب و كهولة ثم شيخوخة و لا زالت على حالها ، كانت مندمجة في حياة ملؤها الحب  و التفاؤل :  ايجابية في كل شيء ، خدومة  تبذل كل جهدها لخدمة إخوانها في الإنسانية دون تمييز بين  ذكر أو أنثى ولا تمييز كذلك بين العرق و الدين   ، تساعد في الضراء و تألم  عندما ترى محتاجا أو مريضا ، و تسعد لسعادة من تعرف ، لا تتردد في القيام بالواجب ، تجدها حاضرة بقوة في كل ما ذكرت .

مرة دار حوارا بينها و بين شابة معجبة بشخصيّتها .

البنت الشابة : يا سيدتي أنا من المعجبات بشخصيتك ، أنا أعتبرك قدوتي و أتابع كل تحركاتك بل كل خطواتك 

السيدة المسنة : شكرا لك يا بنيتي على هذا الاهتمام و التتبع ، 

البنت الشابة : يعجبني يا سيدتي تواضعك و بساطتك و عفويتك .. من أين لك بهذه الصفات ؟ 

السيدة المسنة ؛ هكذا ربياني  والدي ، ر بياني على الحب و البغض … الشابة دون انتظار تتمة كلمة السيدة المسنة مقاطعة إياها 

البنت الشابة : كيف ذلك ؟ لم أفهم قصدك ؟ و أنا التي ترى كل ما تفعلين خير في خير ، فأين أجد هذا الذي تدعين؟ كونك شريرة ؟ 

السيدة المسنة : أنا بكلامي لم أقصد ما فهمت أنت؟ 

السيدة المسنة : القصد من كلامي يا بنيتي  وهو انني  احب الخير و الأخيار ، و أبغض الظلم و الأشرار ،

البنت الشابة  : يا سيدتي انت جميلة جدا لك جمال ساحر ، لو غيرت لون شعرك من البياض  للسواد لكان أفضل  لتبدين أكثر شبابا  كما تفعل غيرك  من النساء ،  

السيدة المسنة :يا بنيتي لو علم النساء و الرجال ان مراحل تطور حياتنا في هذه الحياة لم يكن عبثا ، بل هو ناموس إلهي   وجب التعامل معه  كما هو ، و في كل ذلك سعادة لا يعرفها سوى من حافظ على ذلك التطور ، بل يمكن فعل ذلك في حالات خاصة منها التشوه الخلقي أو حادثة سير غيرت بعض الملامح فوقع تشوه ، أما أنا  يا بنيتي فكل مرحلة في حياتي احببت تفاصيلها عشت طفولتي كما كان يعيشها الأطفال لهو و لعب و تنزه و تمدرس ومرحلة  الشباب هي كذلك عشتها كما كان يعيشها غيري أحلام شباب و مغامرات شباب مع عدم تجاوز الحدود التي رسمتها لي تربيتي التي تربيتها من والدي التي أساسها الحرية المرتبطة بالمسؤولية و جاءت بعدها مرحلة التخرج و العمل و الزواج و الأبناء و بعد ذلك جاءت مرحلة الشيخوخة مع تقاعد ، ففي هذه المرحلة الذهبية من حياتي بدأت في انجاز ما لم يتيسر الوقت لانجازه من قبل و أنا الان أعيش بشكلي هذا الذي ترين ، و بياض شعري أنا فخورة به و تجاعيد وجهي فخر لي انني وصلت لهذه المرحلة من عمري ، لست نادمة و لا متحسرة على ما فعله الزمان في ، هل فهمت يا بنيتي ، جيلكم فقد متعة العيش على الطبيعة التي خلقنا عليها الله ، 

البنت الشابة : يا سيدتي و يا قدوتي الآن فهمت ما لم أقو على فهمه من قبل ، لكل مرحلة في عمر الإنسان لها مواصفاتها ، لا لتغيير الملامح لا إضافات في الجسم و لا نفخ في الفم و لا تأثر بما يبثه المؤثرون من سموم تجعل الإنسان عبدا  أجيده مغيرا لخلقته و خلقه ، 

السيدة المسنة : أنا الان سعيدة بهذه النتيجة التي وصلت اليها يا بنيتي و اتمنى لك حياة سعيدة 

البنت الشابة : نعم انت مثالي و قدوتي و سأعمل على نشر فلسفتك في الحياة : لا لتغيير خلق الله 

ذ شكيب مصبير




 

مكسور الجناح : أنا الحارس الليلي| بقلم الكاتب والفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير


مكسور الجناح : أنا الحارس الليلي| بقلم الكاتب والفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير
مكسور الجناح : أنا الحارس الليلي| بقلم الكاتب والفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير



جلس فوق صخرة متأملا البحر في فترة هدوئه ، فلفت نظره قارب صغير  عند منتهى حد بصره ، و شمس لم يعد يظهر منها سوى منتهاها و أشعة بلون ذهبي تكاد تغرق في ماء البحر ، في تلك اللحظات أسراب من الطيور بأعداد كبيرة تحاول مغادرة المكان محلقة و هي تهندس لتحليقها بأشكال جمالية تأسر عينيك و تجعلك ترى أشكالا هندسية كأن فنانا أعدها ليشاهدها المتلقي ، و أنا أتأمل كل هذا غصت بخيالي قعر البحر ، فإذا بي أرى كل الحيتان و المخلوقات تأخذ مكانها للراحة ، هكذا هو حال كل المخلوقات الليل سكن لها . 

في هذه اللحظة بالذات ظهر بجانبي مخلوق بشري يحمل صفة إنسان مثلي ، بدوره يعشق البحر و لحظة غروب الشمس و ما يرافقها من أحداث ذكرت لكم بعضها ، فدار بيننا حوار تعارف ، فعلمت منه أنه يعمل حارسا ليليا بإقامة محروسة ، و لم يعرف عملا آخر في حياته سوى هذه المهنة ، و مجيئه للبحر في هذا الوقت هو مقصود به استعداد  لقضاء ليل بتنوع فصوله خريف و شتاء و ربيع و صيف تختلف درجات حرارته و برودته و رطوبته، يعتبر حضوره هو شحن  لنفسيته بطاقة ايجابية ، فسألته كيف استطاع أن يتأقلم مع هذا الوضع النشز ؟ فأخبرني في البداية أنه وجد صعوبة و لكنه اعتاد و حاول ان يتأقلم معه ، فسألته أيضا فكيف  يتصرف مع أسرته الصغيرة و الكبيرة ؟ فأجاب هم بدورهم اندمجوا و قبلوا بوضعي ، فسألته مرة ثالثة : هل انت سعيد بهذا الوضع النشز ؟ أجاب : لا ، و لكن أخوك مضطر لا بطل ، فسألته عن بعض معاناته التي عاشها و هو يمارس مهنته هاته ؟ الحارس الليلي هو إنسان يمتهن مهنة يصعب على كثير من البشر ممارستها لما يحفها من إهانات و مخاطر ، كم من حارس ليلي أصيب بعاهة مستديمة و هو يمارس مهنته ليلا من طرف لصوص محترفين ، و منهم من مات غدرا ، أضف إلى ذلك الاهانات اليومية من طرف بعض السكان كبارا و صغارا ، لا حق له في التغيب بسبب مرض أو طارئ يحدث له ، كثير منا لا عطلة سنوية له بمعنى لا حق له في السفر ، كم من بيت سرق أو ملابس من فوق السطوح فنجرجر في أقسام الشرطة و يكون اللص من بين شباب منحرفين من ساكنة الإقامة ، و الأصعب و هو اننا لسنا مشمولين لا بتغطية صحية و لا ضمان اجتماعي و لا سن لنا للتقاعد ، نحن فئة مهمشة نعيش مكسوري الأجنحة ، لا الدولة و لا الحكومة و لا المجتمع المدني و لا المنظمات الحقوقية بجميع تلاوينها تهتم بقضيتنا ، كم ليلة قضيتها كما هو حال غيري ممن يمارسون الحراسة محموما و مريضا و جائعا و مهموما ، لا أحد يفكر فينا نعيش الضياع ، نعيش البؤس ، و لا خيار لنا … ،

بعد كل ما دار بيننا لم يعد ما جئت من أجله يغريني ، لا الغروب و لا أمواج البحر و لا الطيور و لا الحيتان تبعث في نفسي طمأنينة بعد كل ما سمعت من آهات ، الحجر و البشر و الطير و الحيتان و كل المخلوقات تنام ليلا " و جعلنا الليل سكنا " الاية و صنف من البشر محروم من هذه النعمة و محروم من الآدمية و العيش الكريم و الأمن و الأمان مستقبل مظلم و آمال  أقبرت بأي ذنب كسرت أجنحتهم ، هي صرخة أعلنها بصوت مرتفع : كفى ظلما ، فلسان حال صديقي يقول نريد عدلا ، نريد إنصافا ، نريد حقا مهضوما ، نريد التفاتة تشفي بعضا من آلامنا و جراحاتنا … 

ذ شكيب مصبير




سيارة الإسعاف | بقلم الأديبة المصرية خلود أيمن


سيارة الإسعاف | بقلم الأديبة المصرية خلود أيمن
سيارة الإسعاف | بقلم الأديبة المصرية خلود أيمن

 


 السلام عليكم ، 

سيارة الإسعاف : 

دقَّ سائق السيارة البوق من أجل إفساح الطريق بعض الشيء كي يتمكَّن من الوصول للمشفى قبل أنْ يموت المريض أو تزداد وطأة المرض لديه ، كان الجميع متباطئين وكأنهم مُصابون بالبَلادة ، لا يهتمون لحال أحد ، يبحث كل منهم عن مصلحته وأقصر طريق يُوصِّله لمشواره الذي يَقصِده ، غير مكترثين بهذا الشخص الذي قد يموت فجأة بسببهم وبفِعل تغافلهم وقلة اهتمامهم بالأمر ، فما عليهم سوى إفساح المجال للسيارة كي تَعبُر وتصل للمشفى في أسرع وقت ممكن للَّحاق بهذا الشخص في الحال قبل أنْ تصعد روحه لبارئها ، كان الوقت قد أوشك على التأخر وصارت الحالة تتدهور أكثر من سابق عهدها ، أُصيب السائق بالهَلع والتوتر وأصبح يتصبَّب عرقاً بفعل المسئولية الواقعة عليه فضغط على دواسة البنزين وحاول أنْ يُسرِع المسير غير مكترث بالطريق أو بالسيارات المحيطة ، كان في عَجلة من أمره محاولاً إنقاذ المريض بأي شكل ممكن ، وصل عند باب المشفى عند منتصف الليل وسَحب كرسياً مُخصَّصاً للحالات القادمة مؤخراً وأَجلَس عليه المريض ودفعه للداخل محاولاً إسعافه ونقله إلى أقرب حجرة لتَلقي العلاج اللازم ، وبالفعل تم حجز حجرة باسمه واستدعاء الطبيب المناسب للحالة وتم إجراء اللازم من أجله ، وبمجرد أنْ أَفاق من آلامه حتى اتصلوا بأهله فجاءوا من أجل الاطمئنان على صحته وبأنه صار في حال أفضل ، كان الوضع لا يُحتَمل في البداية وكان السائق في حالة صعبة من القلق والخوف في ظل تلك الظروف التي يَمُر بها المريض وحالته التي كانت يُرثَى لها ولكن الأوضاع استتبت وصارت الأمور على ما يُرام وصار السائق والمُسعفون في نفسية أفضل حينما تمكَّنوا من إنقاذه وهذا ما يُصيبهم في كل مرة تأتيهم حالة في وضع متأخر لتلك الدرجة سواء أُصِيبت في حادث سير أو تعرَّضت لأي حادثة طارئة ولم يكن معها أي شخص من ذويها ، لقد مرَّ الموقف بسلام كما يحدث معهم دوماً بفِعل رغبتهم العارمة في بذل كل جهودهم المستميتة من أجل إنقاذ المريض الذي تم استلامه على الفور قبل أنْ يُصاب بأي مضاعفات أو ينتقل إلى العالم الآخر بسبب التأخير أو التراخي في أداء العمل على أفضل وجه ممكن ، فلم يكن هذا من شِيمهم ذات يوم ، فقد اعتادوا الدأب في العمل منذ أول يوم انتصبوا فيه تلك المهمة ، فتلك أرواح سوف يُسأَلون عنها يوماً ما فعليهم ألا يُقصِّروا في حقهم حتى لا يُلاقوا العقاب العسير على ما اعتراهم من تقصير ...




 

احك يا شكيب : " المنبوذة " | بقلم الكاتب والفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير


احك يا شكيب : " المنبوذة " | بقلم الكاتب والفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير
احك يا شكيب : " المنبوذة " | بقلم الكاتب والفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير


قد يتبادر إلى ذهن القارئ أو القارئة صورة إمرأة عجوز أو زوجة أو بنت مراهقة  طردن بشكل تعسفي أو لسبب أخطاء ارتكبت من طرفهن ، في حين أن الموضوع أكبر من كل ما ذكرت ، المنبوذة قد تكون إمرأة أو قد يكون رجلا ، و لكن في غالب الأحيان تكون إمرأة ، و لمزيد من التوضيح الأمر هنا يتعلق بالإرث ، تكون علاقة زوجية و تكون علاقة مصاهرة بين أسرتي الزوجين و تقع وفاة أحدهما ومن هنا تبدأ الحكايات ، حكاية منبوذة أو منبوذ ، و للتوضيح أكثر أسوق لكم حكايات من واقعنا المعيش على لسان بعض من وقعت لهم مواقف مؤلمة مع  قليل من التغيير زيادة أو نقصانا في الوقائع والأحداث ، و لكن تبقى الحكايات حقيقية . 

" توفي زوجي  و تركني  أنا و بناتي الصغار بعد مرض مزمن ألمّ به و بعد دفنه في المقبرة و في أول يوم و بعد ان خرج الزوار ليلا لحال سبيلهم ، أردت الدخول لغرفة نومي حتى آخذ قسطا من الراحة و اختلي بنفسي من وجع الصدمة ، فإذا بي أفاجأ بأشقاء و شقيقات زوجي يقفون سدا منيعا أمام باب غرفة نومي  و منعوني من الدخول إليها  لأنها أصبحت ملكا لجميع الورثة و كل ما بداخلها و داخل الدار أصبح إرثا و تركة لهم جميعا  من الملعقة إلى الفرش و الأثاث و الحلي ، لحظتها لم أتمالك نفسي و سقطت مغشيا علي حتى وجدت نفسي في غرفة في مصحة لا أقوى على الحركة و لا على الكلام من هول ما شاهدت …"

" توفي زوجي بحادثة سير مميتة ، و ترك لي أبناء صغارا  وله أم ، و كانت صدمتي كبيرة ، و كنت محتاجة لمن يسندني و يقف إلى جانبي ، و لكن صدمتي تضاعفت عندما فاتحتني أم زوجي في موضوع لم يكن الوقت مناسبا لفتحه معي ، أيام قلائل بعد الوفاة  الفاجعة ، أخبرتني أنها قررت بأن أتزوج بعم أولادي و هو ابنها شقيق زوجي ، حتى تضمن أن أولادي الذين هم حفدتها سيعيشون في أمن و أمان و أن تركة والدهم لن تخرج عن العائلة الكبيرة ، و إلا فإنني سأعيش أتعس أيام و أسابيع و شهور و سنين و بقية حياتي في عذاب ، فكان جوابي هو الرفض و أنني حرة في اختياراتي و اختياري هو أنني سأعيش مكرسة كل جهودي لأولادي و أني لست محتاجة لزوج و أن ابنها عم الاولاد وشقيق زوجي هو بمتابة أخي ، و بسبب موقفي عشت بالفعل سنين ذوات العدد في حرب غير منتهية و تضييق علي و على مصادر رزقي مضاف إلى كل ذلك إشاعات و حرب نفسية إلى الآن …"

" توفيت زوجتي   و تركت لي أولادا خمسة  كانت حياتنا هادئة مستقرة  ،  كنا نصل الرحم مع العائلة  الكبيرة  و لم نكن نستثني أحدا أقارب و أصهار ، و لكن حدث ما لم يكن في الحسبان ، أم زوجتي على غير عادتها و طريقة كلامها طلبت معرفة متخلف بنتها  التي هي زوجتي و التي كانت ربة بيت و لم يسبق لها مزاولة أي عمل سوى تربية أولادنا ، فلما أجبتها يا  خالتي   تعرفين بأن الظرف الان ليس مناسبا للخوض في هذا الموضوع الجرح لا زال   في بدايته وبإمكانك تأجيله لوقت لاحق و لك ما طلبت ، بل مباشرة بعد وفاة زوجتي بدأت أشعر بحركات غير عادية من طرف اخت زوجتي و فهمت المقصود و في كل مرة أحاول التجاهل و الابتعاد ، و لكن حماتي كانت مصرة ، و قلت لها رأفة بأحفادك و رأفة ببنتك تريتي ، فكان جوابها صادما من كانت تجمعنا فقد ماتت و نحن أبناء اليوم ، فانقطعت صلتي بأسرة زوجتي رحمها الله و قطعوا هم صلتهم بأولادي منذ  عشرة أعوام إلى الان …" 

نعم هم أناس كانوا يعيشون  حياة طبيعية لم يكونوا يتوقعون في يوم من الأيام و بعد وفاة زوجة أو زوج ان يجدوا معاملة سيئة لم يعهدوها أيام حياة موتاهم زوج أو زوجة ، و الحقيقة أن التعامل الذي أظهروه أقارب المرحومين هو الأصل و ليس هو تعامل طارئ و انما ظهرت حقيقتهم و حقيقة معادتهم عند الوفاة . هي حكايات من واقع معيش مرير واقع إرث دمر و شرد و شتت عوائل بسبب فهم  خاطئ و تقدير فاسد و تربية معوجة. 

ذ شكيب مصبير




 

احك يا شكيب : " عاصفة تنسف الاستقرار " | بقلم الكاتب والفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير


احك يا شكيب : " عاصفة تنسف الاستقرار " | بقلم الكاتب والفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير
احك يا شكيب : " عاصفة تنسف الاستقرار " | بقلم الكاتب والفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير 

 


المغاربة مثلهم كباقي الشعوب يتفاعلون مع الأحداث عامة و مع الاحداث ذات الطابع الاجتماعي بشكل فكاهي و بسخرية خاصة ، و من القضايا التي أثارت جدلا و جدلا كبيرا منذ بداية القرن الواحد و العشرون أي قبل خامس فبراير من عام ألفين و أربعة  ، حديث عن مدونة الأسرة ، حديث ظاهره انتصار للمرأة ضد الرجل ، حديث عن طلاق مكلف للرجل كان ظالما أو مظلوما ، الطلاق معناه نصف ممتلكات الزوج تنتقل للزوجة غصبا ، في ظل مجتمع  نسبة كبيرة من أفراده تعيش هشاشة جاءت عبر تقارير رسمية ، و عزوف عن الزواج بسبب أوضاع مزرية و أزمات منها ما هو عالمي أثر على ما هو وطني " جائحة كورونا " كمثال 

هذا الجدال و الصراع المفتعل جعل أهل النكتة يختلقون حكايا من نسج الخيال أسوق لكم اثنين منهما : 

" دخل  زوج لبيت الزوجية مساء  بعد ان صعد للطابق الرابع  حيث يقطن ، ففتحت له زوجته الباب مبتسمة على غير عادتها  ، مما أثار انتباه  و غرابة الزوج  فسألها مندهشا يا فاطمة ما سبب فرحتك اليوم فأنت على غير عادتك ؟  فأخبرته باستهزاء يا زوجي الغالي ألم تصلك أخبار المدونة الجديدة ؟ أجابها الزوج : أخبريني يا عزيزتي : قالت له باعتزاز و افتخار : إذا فكرت يوما في الطلاق فنصف  شقتنا و نصف راتبك سيصبح من نصيبي ، قال جميل جدا ، و لكنك تجهلين أن الثمن 1/8سيكون هو كل ما ستأخذين ؟ قالت كيف وضح كلامك حتى افهم جيدا ؟ قال إذا مت أنا و تركتك أنت و الأولاد ووالدي فما هو نصيبك في الإرث ؟ قالت هذا معلوم ، الثمن  ، فقال لها : هذا ما ستنالين و لن يكون  لك أكثر من ذلك ، فقالت : أي نعم ، و لم يمهلها طويلا  و للتو اتجه نحو  نافذة غرفة النوم و قال لها مستهزأ حقك هو الثمن و ليس النصف يا مغفلة و رمى بنفسه للشارع " 

"  اتصل صديق بصديقه و طلب مقابلته  في مقهى يلتقيان فيه نهاية كل أسبوع على وجه السرعة لأمر عظيم و مهم ،   فحضر الصديق في الموعد الذي حدداه سلفا ، و شرعا في تناول الموضوع موضوع الساعة و هو ان تعديل المدونة سيحدث  اضطراباً و   خاصة تلك المادة المشؤومة التي تعطي للمفارقة نصف الراتب و الممتلكات و أن زوجته لما علمت بهذا،  تغير حالها فأصبحت تهينه في كل لحظة  و حين مما سبب له أرقاً  ، فقال  لصديقه : يا صديقي علاقتي بزوجتي ازدادت سوءا عما كان من قبل و قرار الطلاق كنا اتفقنا عليه ، و لكن مع سماعها للمستجد تغير حالها و أصبحت تضغط علي بشكل مستفز و فكرت في أمر و حيلة بها سأجعلها لا تأخذ درهما واحدا ، فقال له صديقه كيف؟ وضح يا صديقي فإني لم أفهم ما ذا تقصد بكلامك ؟ فأجابه لقد فكرت في الأمر جيدا و قررت أن أضع حدا لحياتي ، هنا تدخل صديقه : يا صديقي إن ما تفكر فيه يعتبر فعلا حراما و ما دخل زوجتك في هذا ؟ قال له أعددت خطة محكمة ستجعلها تحرم من الميراث نهائيا و سيكون مصيرها الإعدام أو السجن مدى الحياة ، و سأحكي لك الخطة ، هنا ازداد فضول الصديق فقال لصديقه أخبرني عن تفاصيل ما فكرت فيه ؟ هنا بدأ الصديق في الحديث عن خطته قائلا : سأطلب من زوجتي شراء سم قاتل من عند العطار الذي  له محل بجوار بيتنا  بعلة وجود فأر كبير الجحم  ببيتنا وجب التخلص منه ، و بعد إحضاره سأضعه في  كوب عصير ليمون و قبل ذلك  سأترك ورقة مكتوب عليها  ، إنني أشعر بخطر داهم يهدد حياتي  فإن وقع لي أي مكروه فإن زوجتي هي السبب لكونها كانت تهددني في كل شجار أو خصام يحصل  بيننا ستقتلني و أنا عزمت على وضع حد لحياتي و بهذا الفعل ستحرم هي من الارث و القاتل لا يرث و القاتل يعدم و أكون بفعلي هذا أفشلت خطتها " ، لكن الصديق لم يرقه هذا الكلام و هذا المخطط الجهنمي و حاول الاتصال بزوجة صديقه ناصحا إياها  بأن تغير معاملتها مع زوجها  بأن لا تتحدث عن مدونة سربت مضامين بعض موادها   و ليست هي الحقيقة و أن الأسرة  و بيت الزوجية أسمى من أن يصبح حلبة صراع و استقواء وإنما العلاقة الزوجية أساس استقرارها هو الحب الصادق الذي يبنى على المودة و الرحمة و التعاون و التضامن و  الصبر و المصابرة . 

هنا تكون حكايتنا قد انتهت و هي رسالة موجهة لمن يهمهم الأمر قصد  إنصاف الرجل و المرأة و الأطفال و إشاعة روح المحبة و التسامح عبر قانون منصف و إعلام موجه و رفع الهشاشة بعدالة اجتماعية و حرية  و كرامة إنسانية 

ذ شكيب مصبير



 

قهوة بالمطر  | بقلم الكاتب الجزائري عبدالعزيز  عميمر


قهوة بالمطر  | بقلم الكاتب الجزائري عبدالعزيز  عميمر
قهوة بالمطر  | بقلم الكاتب الجزائري عبدالعزيز  عميمر



_يختفي ولا يُشعِر أحد بخروجه للشرفة،يريد أن يتنفّس بعمق ويملأ رئتيه،لا شكّ أن تسربات التشاؤم

تهرب وتنبهر بالهواء الجديد مشبّع أكثر بالأكسجين .

المطر خيط من السماء ،مطر غاضب يرمي حباته

على الأسطح بعنف ،لا أدري أهو للتخلص منها،أم يريد 

اعتراف البشر بقوّة الطبيعة وتنبيههم لغفلتهم وتماديهم في ظلمها.


برق يخطف الأبصار ،يفضح كلّ سارق أو خجول،مخيف،ترتعد له الأفئدة بعد الإعجاب والأنبهار

بقوّة الإضاءة ،يتابع كل ذلك بشغف يحبّ المطر خلق معه منذ صغره وهو يراقب ويسامر الوديان،والسواقي

ويغطس في الماء ينط مع الضفادع،وفرحته تنطٌ وقهقهته تعلو فتمزّق الصمت ويلتفت الكبار،ويبتسمون

له،ويتابعون عبثه ،عبث صبيان،جميل وصادق ونيّته

صافية، صفاء قلبه الصغير والمغامر .


_مازالت الأمطار والرعود قابضة ومهيمنة على الفضاء،الرعود تخيف الظالمين وتنزل أبصارهم للأرض،وتمرّغ أنوفهم ويبقى كبرياؤهم مذلولا حقيرا،قوّة الخالق تذكّرهم وتتوعد كبار الأنوف 

يرتعدون ،ربما تأخذهم فجأة ولم يرتبوا حقائبهم ،ولم يزوروا بنوكهم لمعرفة الرصيد الجديد الذي يتضخم ويمتصّ عرق المقهورين .


_مازال يمتّع نفسه ،وقد جاء بفنجان قهوة،قطرات الأمطار تسقط،وقطرات القهوة تسقط وتنعش الفكر،آه صفاء كليّ ،القهوة والمطر متعاونان،الأولى تكنس ادران الفكر وترمي تشاؤمه،والثانية تكنس فضلات البشر المتحضّرين،الذين الذين يرمون كلّ شيء ثمّ

يشكون تقلّب الطقس وحرارته .


القهوة تسري في خلايا المخ فتنعشها وتبلغ ذروة الفطنة ،وتتغلغل بين أنسجة المخّ ،فتتولّد شرارة العبقرية ،ويظهر القلم يحرث ارض البور فتعطي الخير.

وكذلك الأمطار تبتلعها الأرض العطشانة،المتشقّقة شوقا للماء،فتنتفخ البذور وتحمل بالأجنة وتخرج البراعم،وتتزيّن الطبيعة بحلّتها وتصبح عروسة مزيّنة

تنتظر ليلة زفافها،لتسافر لقضاء شهر العسل.

القهوة والمطر متشابهان متكاملان ،إنّه ذكي وجد هذه

المعادلة( قهوة ومطر) ومنفعتهما مشتركة وهو يحبّهما معا،والجميل،والأجمل،عندما زاد ،وأردف سيحارة،إنّه سيّد في الكون،ضمّ كلّ السعادة ،احتوته ،وسيطر كذلك هو عليها،نشوة لا تعادلها نشوة،قلبه يرقص بين

ضلوعه تيها وابتهاجا، ينزل الإلهام ويمسك القلم وتفرح

الورقة البيضاء عندما يدغدغها القلم ،فتترك. القلم يرقص وتتمايل معه والحبر يقذف ويقذف والقلم يخربش،والفكر يعتصر،إنّها فكرة القهوة  بالمطر.


الكاتب الجزائري عبدالعزيز  عميمر




 احك يا شكيب : " إني أرى بعينها و هي تراني بقلبها و عقلها" | بقلم الكاتب والفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير


احك يا شكيب : " إني أرى بعينها و هي تراني بقلبها و عقلها" | بقلم الكاتب والفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير
احك يا شكيب : " إني أرى بعينها و هي تراني بقلبها و عقلها" | بقلم الكاتب والفنان التشكيلي ذ. شكيب مصبير


شابتان التقيتا على غير ميعاد ، كل واحدة منهما تقطن بمدينة تبعد عن الأخرى بكيلومترات ، القاسم المشترك بينهما هو الدراسة في الجامعة ، و تشاء الأقدار أن تلتقيا في مدرج الجامعة ، و من حسن الحظ أنهما جلستا جنبا إلى جنب في  مقدمة الصفوف ، و دار بينهما سلام و حديث حول صعوبة الدخول الجامعي و صعوبة الحصول على السكن و مشقة التنقل في مدينة اقتصادية عدد سكانها كبير ، تبدأ حركة السير فيها مبكرا بل لا تكاد تنقطع ليل نهار ، تخف وطأتها ليلا و لا تنعدم ، مع كثرة المتنقلين الشيء الذي يتطلب صبرا ، و في لحظة من اللحظات ناولت شيماء صديقتها خديجة ورقة و قلما فاكتشفت على الفور أن صديقتها الجديدة من ذوي الاحتياجات الخاصة "كفيفة "، و تداركت الأمر بأن وضعت الورقة و القلم في يدها ، و استمرتا في تجاذب أطراف الحديث ، و تواعدتا على ان تبرما عقد صداقة بينهما يكون شعارها التعاون و التضامن والوفاء ، 

شيماء وجدت صعوبة في الحصول على سكن بالحي الجامعي ، مما جعلها تعاني مشقة التنقل يوميا لحضور الدروس ، بل كم من مرة كانت تأتي متأخرة بسبب تأخر الحافلة التي تقلها للجامعة، فاقترحت عليها صديقتها خديجة المكوث معها في بيت والديها و هي فرصة تستطيع معها ربح الوقت و مراجعة دروسها مساء و ترتاح من مشقة التنقل ، و كذلك مساعدة صديقتها خديجة في مهمتها التي تبدو صعبة لوجود عائق و هو فقدان البصر ، فمنذ أن قطنتا معا بدأت علاقتهما تتوطد بل أصبحتا شخصا واحدا بسبب وجودهما في كل مكان معا ، فرحتا معا أسرة شيماء و أسرة  خديجة بهذه الصداقة التي جمعت بين بنتيهما ، و بسبب هذه العلاقة ظهر تفوقهما من خلال مشاركتهما في النقاشات التي كانت تفتح في قاعات و مدرجات  الجامعة ، و كانتا معا ترتادان مكتبة الجامعة مما سهل عليهما التفوق و ربح الوقت ، و مضت السنوات اتباعاً  ، و هما على ذلك الحال ، و كم كان صعبا  فراقهما في فترة العطل ، فكانت سلوتهما هي مكالمات مطولة ليل نهار ، مما كان يخفف عنهما ألم البعاد ، علاقتهما كان ملؤها الحب الصادق و البذل في العطاء  بدون حساب ، فلم يكن يتخلل  هذه العلاقة لا  حساب و لا عتاب، و تشاء الأقدار أن تحصلا معا على شهادة الدكتوراه بامتياز في تخصصيهما ، و كانت هذه العلاقة الفريدة  حديث كل الطلبة بل مثالا قل نظيره ، فشيماء كانت  تخبر معارفها و صديقاتها و كل من تعرف  بأن خديجة هي  توأم روحها ، كما كانت تحب ان تناديها بهذا اللقب  بل كانت بمثابة أختها  التي لم تلدها أمها ، منحتها العطف و الحنان الأخوي و الأمن و الاستقرار  و فرصة التفوق عندما احتضنتها و فتحت لها بيتها و شاركتها غرفتها و منحتها مفاتيح البيت تأتي متى شاءت و تلج الدار دون إذن بل إذنها معها منذ ان وطأت قدميها ذلك البيت ، و كذلك  كانت خير موجه و مرشد لها عندما تضيق بها الارض … و نفس الخطاب كانت تقوله خديجة لمعارفها و صديقاتها و كل من تعرف بأن شيماء هي توأم روحها ، وجدت فيها خصالا يصعب تعدادها بحيث كانت عينيها  التي  طلت بهما على  العالم بكل تلاوينه ، عالم المعرفة بحيث كانت شيماء  لا يرتاح لها بال حتى تتم خديجة ما تشتغل عليه من بحوث ، و قراءة ما تطلبه  منها دون كلل و لا ملل ، و كانت تصحبها للمعارض و المنتزهات و حضور المناقشات التي يعلن عنها في الجامعة…  و هي تعدد خصال صديقتها شيماء  لم تتمالك نفسها حتى بكت و بحرقة  و بدموع مسترسلة لسبب ليس بالبسيط   و هو أن العمل  بعد التخرج باعد بينهما المسافات و كذلك الزواج حيث تزوجتا معا في وقت متقارب …" 

و كانتا ترددان نفس المقولات لشدة التصاقهما الواحدة بالأخرى لسنوات ليست باليسيرة "هو قدرنا الجميل  و الله قادر على جمعنا في قريب الآجال كما جمعنا في البداية من غير ميعاد ، قادر على أن يجمعنا ثانية " 

ذ شكيب مصبير