Articles by "نقد"
‏إظهار الرسائل ذات التسميات نقد. إظهار كافة الرسائل

 

أميرة الغندور.. معاني لا يعرفها أحد | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد 


أميرة الغندور.. معاني لا يعرفها أحد | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد



اختارت أن تصحب عدستها في رحلة تأمل بين الإحساس والضوء متجهةً صوب الإنسان، تبحث في علاقته بالمكان وعلاقته بذاته عبر خيطٍ رفيع من المشاعر المتوارية خلف سياجٍ من الصمت والحروف الشاردة، تسافر بين أكثر من فجر.. محلقةً بجناحي فراشةٍ تعشق الشمس ولا تخشى الغربة، تفتش في الأرواح عن مواسم لا بداية لها أو نهاية.. باحثةً عن مصر التي لا يعرفها أحد، فهذا البلد الذي يحمل في جعبته الكثير لا يكشف خباياه إلا لمن يتقن التفرس في الوجوه والغوص في المعاني ورؤية ما هو أبعد من الملامح.. لتتضح معالم طريقٍ رسمته بصبرٍ وثبات المصورة المصرية أميرة الغندور..


فالأعمال التي تقدمها تتسم بشفافيةٍ عالية ومسحةٍ إنسانية تتوحد مع الطبيعة في سكونٍ عذب يشد المتفرج إليه بعيداً عن البهرجة وتكلف البساطة، توجه الأنظار فيها نحو الجانب الآخر من كل شيء، نحو حكايةٍ مجهولة ومشاعر خفية تتولد من أصغر التفاصيل وأبسطها، تلك التي تعني الحياة بشكلٍ أو بآخر وتجسد الوجه العاري لها دون رتوشٍ أو مساحيق، حيث تنطق العيون بلغةٍ لا يفهمها سوى أهلها الذين حولوا مفرداتها إلى عوالم خاصة يعيشون في أكنافها ويتقنون التخفي بين شعابها، وهناك.. على مسافةٍ واحدة من الحلم والواقع وبين شيء من الأمل وأشياءٍ تبعث على الشجن نجد عدسة (أميرة الغندور) توثق لعدة أزمنة احترفت العزف على أوتارها في الكثير من الصور التي قدمتها سابقاً وكأن عقارب الساعة تشكل تحدياً بالنسبة لها، وتسعى من خلال أعمالها إلى مصادقتها والهمس في أذنها بعد أن اختبرت استحالة التفوق عليها، محاولةً بذلك استعادة بعضٍ من اللحظات التي عاشت في وجدان مصر.. فالكثيرون تحدثوا عن مصر وتحدثوا بإسمها لكنهم لم يحاولوا الإستماع إليها أو محاورتها، فالأرض، الشجر، البحر، المعمار، الشوارع، همسات الناس وضحكاتهم، سكوتهم، هي الوطن الذي ننسى وجوده بينما نبحث عنه في مكانٍ آخر..


وتسعى عدسة مصورتنا في تجربتها الفوتوغرافية المستمرة إلى التركيز على الجانب الذي يعبر عن الحياة وما تثيره في النفوس من أحاسيس متفاوتة بين التناغم والتضاد والرضا والتفاؤل والتفكر في مختلف جوانبها وعطاياها وأقدارها من خلال توأمةٍ بين الإنسان والأرض، ورحلته التي لا يخوضها وحده أو يقوم فيها بالبطولة منفرداً بل يؤدي فيها دوره الذي يتقاطع مع أدوارٍ أخرى تكون مجموعة صور في  لوحة كبيرة هي بدورها جزءٌ من لوحةٍ أكبر تمد الجسور بين البصر والبصيرة وتعبر عن جوهر هذا الوجود..


كما أن استخدام الألوان في صور ولقطات أميرة الغندور يضفي على الدوام أكثر من بعد لذات المشهد، بحيث يزيده عمقاً يدفعنا للمقارنة بين حالتين أو زمنين قد نعيش بين كليهما معاً دون أن ندري، حيث تولي اهتماماً كبيراً للعامل النفسي الذي تقوم بتدريسه إلى جانب العمل الدؤوب على اختيار أفكار ومواقع جديدة بإستمرار تضيف إلى رصيدها الذي حققته وشاركت به في عدة معارض هامة تؤكد فيها على أهمية المعنى وجمال الصورة والفن الذي يلامس الإنسان ويرتقي به معبراً عن هويته الحقيقية التي تبقت له وسط هذا الصخب الذي لولاه لما أدركنا قيمة ما نملكه الآن مهما كان متواضعاً.. 


خالد جهاد..


أميرة الغندور.. معاني لا يعرفها أحد | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

أميرة الغندور.. معاني لا يعرفها أحد | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

أميرة الغندور.. معاني لا يعرفها أحد | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

أميرة الغندور.. معاني لا يعرفها أحد | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

أميرة الغندور.. معاني لا يعرفها أحد | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

أميرة الغندور.. معاني لا يعرفها أحد | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

أميرة الغندور.. معاني لا يعرفها أحد | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

أميرة الغندور.. معاني لا يعرفها أحد | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

أميرة الغندور.. معاني لا يعرفها أحد | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

أميرة الغندور.. معاني لا يعرفها أحد | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

أميرة الغندور.. معاني لا يعرفها أحد | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

أميرة الغندور.. معاني لا يعرفها أحد | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

أميرة الغندور.. معاني لا يعرفها أحد | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

أميرة الغندور.. معاني لا يعرفها أحد | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

أميرة الغندور.. معاني لا يعرفها أحد | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

أميرة الغندور.. معاني لا يعرفها أحد | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

أميرة الغندور.. معاني لا يعرفها أحد | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

أميرة الغندور.. معاني لا يعرفها أحد | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

أميرة الغندور.. معاني لا يعرفها أحد | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

أميرة الغندور.. معاني لا يعرفها أحد | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

أميرة الغندور.. معاني لا يعرفها أحد | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد



أميرة الغندور.. معاني لا يعرفها أحد | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد
أميرة الغندور 



أميرة الغندور.. معاني لا يعرفها أحد | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد
خالد جهاد 

الأديب الفلسطيني طلعت قديح يكتب : "منمنمات على مقام غصن وبندقية"من ديوان "غصن وبندقية" للشاعرة الفلسطينية "نهى عودة"


*من نص (نداءُ استغاثة) كيف لي أن أرتلَ اسمًا يزيدُ ولا ينقصُ إن كثرَت المتاهاتُ بينَنا وهل أستطيعُ صبرًا على هجرٍ بعدَما زيَنْتَ الروحَ بحجِّ العشقِ فكبّرتُ على اسمِك ثلاثًا حتى أكونَ آخرَ المرسلين إليك وكيف لي أن أغزلَ من حرفي قصيدةً إن لم تكنْ يدُك تداعبُ يدي يا كلَّ كلي دنوْتُ منك حتى صرْتَ كلي فلا تتركْني أتوهُ بزمنٍ أنت فيه كلُّ جيشي وفرساني.  حوار داخلي متخم بالتساؤلات وتعابير مدجنة في قلب يمرق بين الحروف، فتنساب التساؤلات برفق رغم وقعها في حوار محكي يتناوله عبر تساؤلات في ظاهرها، لكنها أجوبة تثبت حالة العشق الماثلة في النص. ولعل ما يعزز اختيار التساؤل بقصد الجواب هو استخدام حرف "إن" للتأكيد في قولها: " إن كثرَت المتاهاتُ بينَنا" " إن لم تكنْ يدُك" يلاحظ في هذا المقطع تناص مختلف الدرجات من التراث، ويظهر ذلك في قول الشاعرة: " أن أرتلَ اسمًا" " فكبّرتُ على اسمِك ثلاثًا حتى أكونَ آخرَ المرسلين إليك" واقترابا من لمحات صوفية في قولها: " زيَنْتَ الروحَ بحجِّ العشقِ" " تداعبُ يدي يا كلَّ كلي دنوْتُ منك حتى صرْتَ كلي" من خلال هذين المنعطفين، نحس أن هناك بعدا فكريا يرتكز على الثقافة التحصيلية للشاعرة من خلال الاطلاع على محسنات تراثية باتت واضحة من الأمثلة السابقة. وتبرز ملكة التأمل من خلال المقتطف التي تذهب إلى تأمل عميق في الذات، ليس بقشرتها الخارجية الظاهرة بل في جوهرها الذي يتخذ من العشق ملاذا يفتح أفقا واسعا لتأمل تكويني، غير مغادر نطاق المعشوق، فإن اختزال الحالة عمل على حصر التأمل في بوتقة لا تخرج من البشرية رغم اتخاذ منمنمات تصويرية تراثية، وهذا واضح في قولها: "...يا كلَّ كلي دنوْتُ منك حتى صرْتَ كلي" متماهيا في الفكرة مع قول الحلّاج: " أَدَنَيتَني مِنكَ حَتّى ظَنَنتُ أَنَّكَ أَني" "يا كُلَّ كُلّي فَكُن لي إِن لَم تَكُن لي فَمَن لي يا كُلَّ كُلّي وَأَهلي عِندَ اِنقِطاعي وَذُلّي" مع اختلاف أن عشق الحلّاج كان سماوي المخاطبة. الملاحظ أن هذا المقتطف أوجد جوّا داخليا أشبه بالاحتراق الذاتي حتى كان لزاما على الشاعرة أن تخلق تعبيرا يمثل فرجة للتخفيف من حالة الصراع إلى حالة الاستسلام والذي أراه أنيقا رغم نهايته الماثلة في قولها: " فلا تتركْني أتوهُ بزمنٍ أنت فيه كلُّ جيشي وفرساني" وكأن هذا الختام يمثل سحقا لحالة التساؤلات في حال الأجوبة، وإثارة لحال التغلب على حالة التماس الجسدي نحو نسق تعبيري تركيبي، ينتج دفقة أخيرة باعتراف لخّص كل التساؤلات في إجابة مانعة.  *من نص (امرأة لا تقرأ) يسبغُ الليلُ حلّةً جديدةً يراوغُ قوتي على انبلاجِ صبحِهِ إن كانَ قمرُهُ يختبئُ خلفَ غيمتِهِ السوداءِ  في بداية نص "امرأةٌ لا تقرأ" تسير ممهدات تصويرية، تثير أفعال استمرار في الشق الأول منه، ولا يعني ذلك أن النص بدأ فعلا في مستهله! ففي تكوينه أراه في جوَه التصاعدي قد كان قبل بدء النص، لكن الحالة المتفاعلة أخرجت التفاعل الظاهر في قولها: "يسبغُ الليلُ حلّةً جديدةً" وهذا مرد تنشيط التأمل بأن مفردة "يسبغُ" لا تكون حالة فجائية بل هي نتاج حالات سابقة متعاضدة مع الحالة المكتملة "يسبغُ"، والإسباغ في المعنى هو الإتمام، فحال الإسباغ ليس جديدا، وهذا ما نفهمه من وصف "حلّةً جديدةً". نلاحظ في اختيار الأفعال (يسبغ ــ يراوغ ــ يختبئ) أن هناك انتقالا بين الاقتدار التجسيدي للمعنى في "يسبغ" وحالة انكفاء غير تامة، بمعنى أن من يستخدم "يسبغ" فهو متمكن في تكامل الفعل واقتداره، وأما "يراوغ" فهو معنى يمثل تقهقرا ولو جزئيا في حالة الفعل، فالمراوغة تعني عدم السيطرة الكاملة والبحث عن موطن هامش من المكر والخديعة، وتعنى أيضا التمكن في إدارة الأمر بشكل يضمن النجاعة المطلوبة دون استخدام المواجهة المباشرة، وهذا في كينونته قوة وحكمة. هناك ثراء جمالي في هذا المقطع، مما يعطي انطباعا بقدرة تكوينية للوحة تشبيهية في تداخل المتناقضات ما بين "الليل" "صبحه" "قمره" "يختبئ ..."، ورغم ذلك؛ نرى توازنا في بنية المقطع، وهدأة في التأمل للوحة.  أنا انعكاسُ مرآةٍ وضعوها على جنبٍ فمن لي إن هبَّتْ رياحي ولم أستطعْ أن أتعرّفَ مرَّةً أخرى على وجهي  أرادت الشاعرة تشكيل بصمة في نهاية النص، حيث عمدت إلى التمدّد الذاتي باستخدام ضمير "أنا" تارة، وإخفائه تارة أخرى في توظيف للتخفيف من وقعه دون إتخام. لكنها وفي الوقت نفسه؛ أوصلت الفكرة كما هي من خلال القفلة الأخيرة للنص، فكأنها استعاضت عن الضمير "أنا" بالإشارة إلى الذات الكلية باختزاله في مفردة "وجهي"، فكان الاختزال إعلاما بكلية الوصف والمعنى. ولعل الشاعرة قد وُفقت باستخدام مفردة "رياحي" بدلا من مفردة "ريح" لما لها من استلهام للذات، في كينونة فيها من الرفق رغم الفعل الذي لا نعرف انعكاسه على نفسية الشاعرة بقولها: "أنا انعكاسُ مرآةٍ وضعوها على جنبٍ" هناك صراع داخلي أوجده اختيار مفردة "رياحي"، وكأن هناك بعض المواربة في المباشرة لحالة تستدعي السؤال: لماذا ارتأت الشاعرة أن تكون انعكاس مرآة في صورة لا تململ فيها، ثم تعاند برفق هذا التململ؟ كأن هناك انكسارا داخليا، لمسناه في تعبيرها "وضعوها على جنبٍ" وعدم القدرة التعامل مع ردة الفعل "فمن لي إن هبَّتْ رياحي"، ثم جاء التبرير بشكل جمعي للمقطع، يمثل استبدالا للمشاهدة ما بين دلالة استخدام الضمير "أنا" وبين الاختزال "وجهي" الدال عليه.  طلعت قديح



من الصوت ترسم الكلمات تباعا، فالحروف حين ترويها رقائق الانتماء لوطن يعيش في داخل كل عاشق له؛ لا بد أن تفيض المشاعر بما يعتمل من عبرات الشّوق وملكة التعبير.

في قصائدها النثرية المعنونة بـ "غصن وبندقية" عزفت الشاعرة نهى عودة موسيقاها ضمن قول خالد للشهيد القائد ياسر عرفات "أبو عمار" حين ألقى كلمته في الأمم المتحدة: "جئتكم حاملًا بندقية الثائر بيد وغصن زيتون باليد الأخرى، فلا تسقطوا الغصن الأخضر من يدي"، ومن خلال هذا التناص نعي خارطة الطريق للديوان.

ولعل استباق وضع "غصن" قبل كلمة "بندقية" جاء تماهيا مع الحالة الشعورية بدور الحياة الكريمة أولا، وهي الأساس، فإن كانت بالبندقية "الحالة الفلسطينية" كمحدد نضالي؛ فلا بأس، فلا معنى للغصن في دورة حياته إن لم يكن متوجا واقعا بالحرية والمكان المهيأ لهذا!

وإلا فإن المحصل الطبيعي لانتفاء الحرية والأرض هو البندقية، لذا فإن تجمع الكلمتين في عنوان واحد يدل على وجود الحالة السابقة وهذا ما استلزم ذلك.


*من نص (ما تيسَّر منك)

أعرْني

ما تيسَّر منك

فأنا طفلةٌ أراقبُ الأضواءَ

المنبعثَةَ من آخرِ الشارعِ

لكن أمي

تلعنُ المسافةَ حيثُ ركَضْتُ نحوَها

يا أيُّها القادمُ

من زمنٍ اعتكفْتَ به

كم من الأسئلةِ تحيطُ بك

أرضي تنتظرُ هطولكَ

وأنا لا حولَ لي

إلا عينين

تمنحانك جميعَ الأجوبةِ.


رغم ما يكون من فعل الأمر "أعرني" من توجيه يقتضي الاستجابة، إلا أن ما يجيء بعد، يحتمل أن فعل الأمر جاء بصيغة الطلب لا بصيغة الوجوب، فالجو النفسي يُبين كذلك، والدال عليه في قولها: "ما تيسر منك"، فالعادة في الأمر كلية التوجه لتثبيت تحقق الفعل كله لا نسبيته، وعلى هذا فإن الطبيعة التكوينية تتأرجح ما بين ذات الشاعرة المتكلمة، وذات الصياغة المتوقّدة لولادة الشعور الإنساني، والذي اختصرته الشاعرة في مفردة "طفلة"، ولنا أن نقول إن اختيار هذه المفردة أراح التتبع السردي من المراوغة إلى سكون حال البراءة في مفردة "طفلة".

وقد تم تعزيز هذه الفرضية بقولها:

" فأنا طفلةٌ أراقبُ الأضواءَ

المنبعثَةَ من آخرِ الشارعِ"

وهنا كان لا بد من الانتقال من حال "البراءة" إلى حال الوعي الذاتي، وقد وُفقت الشاعرة في اختيار ذات "الأم"، فشكّل ذلك اتزانا بين حال البراءة وحال الوعي، لذا اتخذ الحال انتقالا؛ اتكأ على فعل الوعي من خلال الانحراف الفعلي من حال المراقبة إلى حال اللعن!

وفي المقابل تعاود الشاعرة تأسيس الجو النفسي للأم في ملاذ "تلعن" إلى شكل يأخذ معنى (الفلاش بك)، فكان اللّعن مرده المراقبة لزمن المسافة في حال الركض! فارتد الشعور من اللّعن للمراقبة في سياق البوح " تلعنُ المسافةَ حيثُ ركَضْتُ نحوَها" فكان وعي الأم في سلوكها هو من صميم مراوغة الطفلة في المراقبة!

يبدو أن قيمة الوعي التي أنتجها حال الأم قد جعل الصياغة تسير لمنحى تصاعدي في الجو النفسي، فانتقل من الأمر إلى صيغة النداء بقصد الإشعار والإشهار، إشعار لافت بالقول، وإشهار لموقف بالتصريح، وعودة لـ (الفلاش بك) بوضوح لا مراوغة في قولها:

" يا أيُّها القادمُ

من زمنٍ اعتكفْتَ به"

هنا عمدت الشاعرة إلى إغلاق دائرة اللوحة الأولى، وتشكيل لوحة جديدة، ليس بقصد إغفال السابقة بل بجعل السابق حجر أساس لما سيأتي، لكنها في نفس الوقت عملت على اختيار ألوان مختلفة في الإغلاق والافتتاح، بين الرجاء واللّوم، وما بين الرمادي والأسود، وهذا ما نراه في قولها:

" من زمنٍ اعتكفْتَ به"

" أرضي تنتظرُ هطولكَ

وأنا لا حولَ لي

إلا عينين

تمنحانك جميعَ الأجوبةِ"

السياق العام في المقطع يأتي ضمن محاولة درامية بلغة بسيطة لكنها تشعل أفق التفكر في الصراع النفسي الدائر بين البراءة والوعي والاقتدار في آخر المطاف من خلال سردية مخاطبة "للكاف" في (منك ــ بك ــ هطولك ــ تمنحانك) مقابل استخدام ضمير "أنا"، وكأن استخدامه؛ المرتكز النفسي، وما كان غيره فهو إرهاصاته.


*من نص (نداءُ استغاثة)

كيف لي

أن أرتلَ اسمًا

يزيدُ ولا ينقصُ

إن كثرَت المتاهاتُ بينَنا

وهل أستطيعُ صبرًا على هجرٍ بعدَما

زيَنْتَ

الروحَ بحجِّ العشقِ

فكبّرتُ على اسمِك ثلاثًا

حتى أكونَ آخرَ المرسلين إليك

وكيف لي أن أغزلَ من حرفي قصيدةً

إن لم تكنْ

يدُك

تداعبُ يدي يا كلَّ كلي

دنوْتُ

منك حتى صرْتَ كلي

فلا تتركْني

أتوهُ بزمنٍ

أنت فيه كلُّ جيشي وفرساني.


حوار داخلي متخم بالتساؤلات وتعابير مدجنة في قلب يمرق بين الحروف، فتنساب التساؤلات برفق رغم وقعها في حوار محكي يتناوله عبر تساؤلات في ظاهرها، لكنها أجوبة تثبت حالة العشق الماثلة في النص.

ولعل ما يعزز اختيار التساؤل بقصد الجواب هو استخدام حرف "إن" للتأكيد في قولها:

" إن كثرَت المتاهاتُ بينَنا"

" إن لم تكنْ

يدُك"

يلاحظ في هذا المقطع تناص مختلف الدرجات من التراث، ويظهر ذلك في قول الشاعرة:

" أن أرتلَ اسمًا"

" فكبّرتُ على اسمِك ثلاثًا

حتى أكونَ آخرَ المرسلين إليك"

واقترابا من لمحات صوفية في قولها:

" زيَنْتَ

الروحَ بحجِّ العشقِ"

" تداعبُ يدي يا كلَّ كلي

دنوْتُ

منك حتى صرْتَ كلي"

من خلال هذين المنعطفين، نحس أن هناك بعدا فكريا يرتكز على الثقافة التحصيلية للشاعرة من خلال الاطلاع على محسنات تراثية باتت واضحة من الأمثلة السابقة.

وتبرز ملكة التأمل من خلال المقتطف التي تذهب إلى تأمل عميق في الذات، ليس بقشرتها الخارجية الظاهرة بل في جوهرها الذي يتخذ من العشق ملاذا يفتح أفقا واسعا لتأمل تكويني، غير مغادر نطاق المعشوق، فإن اختزال الحالة عمل على حصر التأمل في بوتقة لا تخرج من البشرية رغم اتخاذ منمنمات تصويرية تراثية، وهذا واضح في قولها:

"...يا كلَّ كلي

دنوْتُ

منك حتى صرْتَ كلي"

متماهيا في الفكرة مع قول الحلّاج:

" أَدَنَيتَني مِنكَ حَتّى

ظَنَنتُ أَنَّكَ أَني"

"يا كُلَّ كُلّي فَكُن لي

إِن لَم تَكُن لي فَمَن لي

يا كُلَّ كُلّي وَأَهلي

عِندَ اِنقِطاعي وَذُلّي"

مع اختلاف أن عشق الحلّاج كان سماوي المخاطبة.

الملاحظ أن هذا المقتطف أوجد جوّا داخليا أشبه بالاحتراق الذاتي حتى كان لزاما على الشاعرة أن تخلق تعبيرا يمثل فرجة للتخفيف من حالة الصراع إلى حالة الاستسلام والذي أراه أنيقا رغم نهايته الماثلة في قولها:

" فلا تتركْني

أتوهُ بزمنٍ

أنت فيه كلُّ جيشي وفرساني"

وكأن هذا الختام يمثل سحقا لحالة التساؤلات في حال الأجوبة، وإثارة لحال التغلب على حالة التماس الجسدي نحو نسق تعبيري تركيبي، ينتج دفقة أخيرة باعتراف لخّص كل التساؤلات في إجابة مانعة.


*من نص (امرأة لا تقرأ)

يسبغُ الليلُ حلّةً جديدةً

يراوغُ قوتي على انبلاجِ صبحِهِ

إن كانَ قمرُهُ

يختبئُ خلفَ غيمتِهِ السوداءِ


في بداية نص "امرأةٌ لا تقرأ" تسير ممهدات تصويرية، تثير أفعال استمرار في الشق الأول منه، ولا يعني ذلك أن النص بدأ فعلا في مستهله! ففي تكوينه أراه في جوَه التصاعدي قد كان قبل بدء النص، لكن الحالة المتفاعلة أخرجت التفاعل الظاهر في قولها:

"يسبغُ الليلُ حلّةً جديدةً"

وهذا مرد تنشيط التأمل بأن مفردة "يسبغُ" لا تكون حالة فجائية بل هي نتاج حالات سابقة متعاضدة مع الحالة المكتملة "يسبغُ"، والإسباغ في المعنى هو الإتمام، فحال الإسباغ ليس جديدا، وهذا ما نفهمه من وصف "حلّةً جديدةً".

نلاحظ في اختيار الأفعال (يسبغ ــ يراوغ ــ يختبئ) أن هناك انتقالا بين الاقتدار التجسيدي للمعنى في "يسبغ" وحالة انكفاء غير تامة، بمعنى أن من يستخدم "يسبغ" فهو متمكن في تكامل الفعل واقتداره، وأما "يراوغ" فهو معنى يمثل تقهقرا ولو جزئيا في حالة الفعل، فالمراوغة تعني عدم السيطرة الكاملة والبحث عن موطن هامش من المكر والخديعة، وتعنى أيضا التمكن في إدارة الأمر بشكل يضمن النجاعة المطلوبة دون استخدام المواجهة المباشرة، وهذا في كينونته قوة وحكمة.

هناك ثراء جمالي في هذا المقطع، مما يعطي انطباعا بقدرة تكوينية للوحة تشبيهية في تداخل المتناقضات ما بين "الليل" "صبحه" "قمره" "يختبئ ..."، ورغم ذلك؛ نرى توازنا في بنية المقطع، وهدأة في التأمل للوحة.


أنا انعكاسُ مرآةٍ وضعوها على جنبٍ

فمن لي إن هبَّتْ رياحي

ولم أستطعْ أن أتعرّفَ مرَّةً أخرى

على وجهي


أرادت الشاعرة تشكيل بصمة في نهاية النص، حيث عمدت إلى التمدّد الذاتي باستخدام ضمير "أنا" تارة، وإخفائه تارة أخرى في توظيف للتخفيف من وقعه دون إتخام.

لكنها وفي الوقت نفسه؛ أوصلت الفكرة كما هي من خلال القفلة الأخيرة للنص، فكأنها استعاضت عن الضمير "أنا" بالإشارة إلى الذات الكلية باختزاله في مفردة "وجهي"، فكان الاختزال إعلاما بكلية الوصف والمعنى.

ولعل الشاعرة قد وُفقت باستخدام مفردة "رياحي" بدلا من مفردة "ريح" لما لها من استلهام للذات، في كينونة فيها من الرفق رغم الفعل الذي لا نعرف انعكاسه على نفسية الشاعرة بقولها:

"أنا انعكاسُ مرآةٍ وضعوها على جنبٍ"

هناك صراع داخلي أوجده اختيار مفردة "رياحي"، وكأن هناك بعض المواربة في المباشرة لحالة تستدعي السؤال: لماذا ارتأت الشاعرة أن تكون انعكاس مرآة في صورة لا تململ فيها، ثم تعاند برفق هذا التململ؟ كأن هناك انكسارا داخليا، لمسناه في تعبيرها "وضعوها على جنبٍ" وعدم القدرة التعامل مع ردة الفعل "فمن لي إن هبَّتْ رياحي"، ثم جاء التبرير بشكل جمعي للمقطع، يمثل استبدالا للمشاهدة ما بين دلالة استخدام الضمير "أنا" وبين الاختزال "وجهي" الدال عليه.


طلعت قديح


ماهر بيطار.. حكاية حلبية عنوانها السمو | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

ماهر بيطار.. حكاية حلبية عنوانها السمو | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

 


أحياناً.. نجد أنفسنا ضمن أحداث قصة.. بين سطور رواية أو سيرةٍ ذاتيةٍ لإحدى الشخصيات الملهمة، فنتماهى مع فصولها وتذكرنا حواراتها بجزءٍ منا.. من تاريخنا.. من أيامنا.. فنتعلق بها وبكل تفاصيلها ونعتبرها صرختنا ولسان حالنا عندما تضيق الظروف والحروف بمشاعرنا، تلك المشاعر التي قد تعبر عنها لوحةٌ أو قصيدة، وقد تختزلها صورة أو مجموعة صور توثق بصمتها المكتنز بالحكايا..حياتنا، تلك الحياة التي تشكل توأماً لمدننا، مدننا التي احتضنت لحظاتنا وشهدت على ميلادها وكانت رفيقة دروبنا التي يصعب أن نبوح بأسرارها لبشر، فماذا يمكننا أن نقول عندما تتقاطع أنفاسنا وأحلامنا مع مدينة متفردة كحلب.. تلك المدينة المتجذرة في قلب الإنسانية والتي سطرت اسمها بحروفٍ من الذهب في كتاب الحضارة الذي لا يكتمل بدونها.. فلها في نفوس العشاق والمريدين ومحبي الأصالة مكانٌ لا يملؤه سواها، لذا كان البحث عن عاشقٍ حقيقيٍ هو الخطوة الأهم في طريقنا إليها.. خطوةٌ قادتنا إلى عدسة المصور الفوتوغرافي السوري ماهر بيطار..

فهو ليس مجرد مصور بل هو محبٌ غيور يسعى إلى توثيق ذاكرة مدينته وإبراز مواطن الجمال فيها والتجوال بين فصول حكاياتها المتعاقبة، فهذه التربة المعجونة بالثقافة والفنون والشاهدة على عناق الحضارات وترقي الإنسان تحمل تركيبةً نادرةً عصيةً على التفكيك ولا تفتح أبوابها إلاّ لمن يشبهها أو يحبها بصدق، فالمدن أكثر عطفاً، أنفذ بصيرةً، وأنقى روحاً من البشر.. وهو ما يجعل ميزانها أكثر عدلاً منهم..

يأخذنا (بيطار) بعدسته في عدة أسفارٍ عبر الزمن من خلال تجواله الدائم بين (عوالم حلب) بشوارعها وطرقها ومعمارها وبصمات أهلها التي تميزها عن غيرها، عدا عن حرصه على فرد المساحة الكافية لها كي تجود بما تملكه من نفائس وكنوز تتجاوز آثارها ومعالمها وتمتد إلى الأحاسيس التي تتركها في وجدان من يتدثرون بحنانها من برد الليالي، فتنثر عطرها في ذاكرتنا، وتختبىء في نظراتنا.. ما بين أجفاننا، تتجسد في خطواتنا، تطغى على ملامحنا، وتستقر في صدورنا كحلمٍ طفوليٍ لا نهاية له..

وبرغم جنوح الكثيرين نحو التقنية بشكلٍ كبير يضيف في كثيرٍ من الأحيان إلى جمال الصورة إلاّ أن عدسة (بيطار) استطاعت دون تكلف أن تنقل روح هذه المدينة إلى جانب عددٍ من المدن والقرى السورية إلينا لأنها كالسهل الممتنع، عظمتها تكمن في بساطة تفاصيلها التي لا تحتاج إلى ما يجملها والتي لا تكف عن تذكيرنا بأنها صادقت الزمن حتى باتت أكبر من أفراحه وأتراحه على حدٍ سواء وجعلت من دروبها حضناً دافئاً يتسع لكل وحيدٍ ومحروم فيظلله ويحنو عليه ويخلق بداخله أكثر من حياة، كل منها تزاحم الأخرى وتستفز البراءة التي أوشكت على أن تخبو في أعماق كلٍ منا.. ولأن ل(حلب) سحرها الخاص استطاع (ماهر بيطار) بنبل عاطفته أن يصبح رفيقاً لها، يستحضر عبر عدسته أمسها في مرآة حاضرها وغدها بين حجارة قلاعها، في تجربة حبٍ خالصة عنوانها السمو، كيف لا وهي استثناءٌ لا يعرف المقارنات، شموخٌ لا ينحني أمام النازلات، ملكةٌ لا يغويها بريقٌ فالمجد خلق للملكات..

خالد جهاد..


ماهر بيطار.. حكاية حلبية عنوانها السمو | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

ماهر بيطار.. حكاية حلبية عنوانها السمو | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

ماهر بيطار.. حكاية حلبية عنوانها السمو | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

ماهر بيطار.. حكاية حلبية عنوانها السمو | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

ماهر بيطار.. حكاية حلبية عنوانها السمو | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

ماهر بيطار.. حكاية حلبية عنوانها السمو | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

ماهر بيطار.. حكاية حلبية عنوانها السمو | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

ماهر بيطار.. حكاية حلبية عنوانها السمو | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

ماهر بيطار.. حكاية حلبية عنوانها السمو | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

ماهر بيطار.. حكاية حلبية عنوانها السمو | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

ماهر بيطار.. حكاية حلبية عنوانها السمو | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

ماهر بيطار.. حكاية حلبية عنوانها السمو | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

ماهر بيطار.. حكاية حلبية عنوانها السمو | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

ماهر بيطار.. حكاية حلبية عنوانها السمو | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

ماهر بيطار.. حكاية حلبية عنوانها السمو | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

ماهر بيطار.. حكاية حلبية عنوانها السمو | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

ماهر بيطار.. حكاية حلبية عنوانها السمو | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

ماهر بيطار.. حكاية حلبية عنوانها السمو | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

ماهر بيطار.. حكاية حلبية عنوانها السمو | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد




ماهر بيطار.. حكاية حلبية عنوانها السمو | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد
ماهر بيطار 

ماهر بيطار.. حكاية حلبية عنوانها السمو | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد
خالد جهاد 





بعض من إطلالة على مقتطف من نص "إلى كاترين" من كتاب"حكايات لجبين كاترين" للدكتورة نداء عادل الصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب | بقلم الأديب الناقد الفلسطيني طلعت قديح


بعض من إطلالة على مقتطف من نص "إلى كاترين" من كتاب"حكايات لجبين كاترين" للدكتورة نداء عادل الصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب | بقلم الأديب الناقد الفلسطيني طلعت قديح

 


 من مزن الكلم


بابتسامة ملائكيّة

كانت تغزل الصباحات

تهيئ الأصابع

وتضع حياتها على مائدة الوجد

يتيم هو الشاطئ

والقلب ينزف طفولتها في غربة الأيام

بينما ترسم أنت الغيمات في الزرقة

تدق مساميرك

وتعلق مفتاحك الوحيد

راحلًا نحو الفجيعة الكبرى.


(نداء عادل)


والغزل مناطه الإتقان في العمل، لكن ثمة فرق بين العمل بجد، وبين العمل بحب، ولذا كانت الالتقاطة معبرة عن محبة الفعل بعد وصف.

الابتسامات تهيئ الوجه للإشراق، فكانت "تغزل الصباحات" سيرورة رائقة لنتاج "ابتسامة ملائكية".

هناك اختزال لافت لفعل الهدأة، يعقبه بدء حركة فعلية ذات مدّ مستمر "تهيئ الأصابع"، فيه سابق الفعل للوصول للتهيئة.

المقتطف مائي الإشراق في إحساس الخطو، فنرى "الشاطئ" "الغيمات" على الرغم من تشعب الصور والتراكيب، إلا أن الحركة لا تهدأ، معبرة في ذلك عن صورة بانورامية كانت الحركة فيها هي الأفعال المضارعة، "تغزل .. تهيئ .. تضع .. ينزف ..ترسم ..تعلق"، هذه الأفعال تعبر عن استدارة للالتقاطات الحسية المؤطرة في شكل مقتطف من حالة شعورية، ترسمها الكلمات.

رسم خطوط النص المقتطف 3 إدراكات:

1- بدء الالتقاطات "بابتسامة ملائكية".

2- كليك وصفي "يتيم هو الشاطئ".

3- راحلًا نحو الفجيعة الكبرى.

الإحاطة التصويرية؛ ارتبطت بتعدد المشاهد ومحركاتها، بمعنى أن الابتسام اقترن بالملائكية والصباحات، وكأن ذلك إعلام بنقاء الصورة في تخلّقها البِكر،  ثم تشدّ رحال الحرف للوجد؛ الذي يجعلنا نفكر في الاختلاف بين الوجد والقلب!

وأحسب - وهذا رأيي - أن القلب إحساس فعلي يتوافق مع ما يكون ضمن أداة فعلية تؤثر عليه، أي أنه يكون في حركته تحت المعطيات والبرهان لاتخاذ قرار، أما الوجد؛ فهو المحل الذي إن توصل إليه، لا يكون إلا لبلوغ عميق، يملك عصب المشاعر.

ولذا نرى أن الوجد اقترن بـ "تضع حياتها" = تسليم.

والقلب فيه اقتران بحالة بـ "ينزف طفولتها...."=تفاعل بين أخذ ورد.

ونلاحظ انشقاق المقتطف إلى شطرين، كان محدداهما:

1-

بابتسامة ملائكيّة

كانت تغزل الصباحات

تهيئ الأصابع

وتضع حياتها على مائدة الوجد

يتيم هو الشاطئ

والقلب ينزف طفولتها في غربة الأيام.


2-

بينما ترسم أنت الغيمات في الزرقة

تدق مساميرك

وتعلق مفتاحك الوحيد

راحلًا نحو الفجيعة الكبرى.

وبين هذين الانشطارين؛ دارت رحى التفاعلات في الغوص في صراط بينهما، ليكون:


(والقلب ينزف طفولتها في غربة الأيام)

هو المعبر عن محرك الفعل والتأثير بين الإدراكين.

ملاحظين أن المقتطف النصي، اعتنق الأمكنة بعدما كان البدء في الزمن الصباحي، ولذلك كان التركيز على الذاكرة المكانية كـ "مائدة .. شاطئ .. الغيمات .. وغيرهم" من الواضح أو المستتر.

وختام المقتطف واضح نحو مكشوف "راحلًا نحو الفجيعة الكبرى" وفي حقيقته استتار فيما ماهية "الفجيعة الكبرى"!


هذا بعض من إطلالة على مقتطف من نص "إلى كاترين" من كتاب"حكايات لجبين كاترين" للدكتورة نداء عادل الصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب.


طلعت قديح





التكرار وحركية النظام الصوتي | قراءة في قصيدة (صمت صارخ) للشاعر: سعيد الصقلاوي بقلم دكتور/جمال فودة عضو الاتحاد الدولي للغة العربية كاتب وناقد وأكاديمي مصري

التكرار وحركية النظام الصوتي | قراءة في قصيدة (صمت صارخ) للشاعر: سعيد الصقلاوي بقلم دكتور/جمال فودة عضو الاتحاد الدولي للغة العربية كاتب وناقد وأكاديمي مصري



(القصيدة)

صارخ بينهم

صارخ حولهم

صارخ عندهم

صارخ

صارخ

صارخ

لا أذن تسمعه

لا عين تتبعه

لا قلب يودعه

هجروه

أطرق في المجهول

في الزمن المطلول

في العلة والمعلول

في الفاعل والمفعول

في العرض وفي الطول

يتلبس وحدته

ويساير غربته

ويساءل نظرته

جهلوه

فمه مفتوح

صمت ينخره

وهواء يمخره

وغياب يحفره

التفتوا للصوت الساكت

واندهشوا للنظر الباهت

والتجئوا للوقت الفائت

وانتبهوا

بيقين

سمعوه

قد سردته الدهشة

وأضاءته الحكمة

في جوهرها

عرفوه





(القراءة النقدية)

يعد التكرار من الظواهر الأسلوبية التي تلعب دوراً بارزاً في كشف إبداعية النص الشعري، إذ يصور تموجات الحالة النفسية التي تعتري المبدع، لهذا فإن التكرار يتميز في الشعر الحديث عن مثيله في الشعر القديم بكونه يهدف بصورة عامة إلى الإبانة عن دلالات داخلية فيما يشبه البث الإيحائي، إذ ينزع إلى إبراز إيقاع درامي سيكولوجي.

واللفظ المكرر يمثل بؤرة أو نقطة ساطعة في جسم القصيدة تجذب نحوها الوسائل الفنية الأخرى لتتحد كلها وتسهم في كشف وإزالة الأغلفة التي تحمل في طياتها المعنى الحقيقي، فضلاً عن دوره في إثراء موسيقية النص من خلال الإيحاء بسيطرة العنصر المكرر وإلحاحه على فكر الشاعر وشعوره.



ويقوم التكرار في القصيدة الحديثة بوظيفة إيحائية بارزة، وتتعدد أشكاله وصوره تبعاً للهدف الإيحائي الذي ينوطه به الشاعر، وتتراوح هذه الأشكال ما بين التكرار البسيط الذي لا يتجاوز تكرار لفظة معينة أو عبارة معينة، وبين أشكال أخرى أكثر تركيباً وتعقيداً يتصرف فيها الشاعر في العنصر المكرر بحيث تغدو أقوى إيحاءً.



لقد برزت ظاهرة التكرار بشكل واضح في شعر" سعيد الصقلاوي “، وأخذت عدة مظاهر للحضور خلال النص الشعري، فمنها تكرار الحروف، وتكرار الألفاظ (أسماء وأفعال)، وتكرار العبارات، الأمر الذي يضع بين أيدينا مفتاحاً للفكرة المسيطرة على الشاعر في أعماق اللاشعور، إذ إن إيقاعية التكرار تمثل عوداً نفسياً للمغزى الدلالي اعتماداً على التجانس النفسي في التطابق الصوتي، وبه يصبح تشكيلاً نامياً ذا دلالات خاصة من خلال التشابهات الصوتية للوحدات الإيقاعية.



لقد عمد الشاعر "سعيد الصقلاوي " إلى استخدام بعض الحروف وتكرارها في قصيدة بعينها، مما أثرى الإيقاع الداخلي بلون من الموسيقى الخفيفة تستريح له الآذان وتقبل عليه مستمتعة به، ففي قصيدته السابقة (صمت صارخ) تكرر صوت الراء (ست عشرة مرة) وهو صوت لثوى مجهور، تتكرر فيه ضربات اللسان على اللثة تكراراً سريعاً؛ ليعطى رعشة مكررة تجسم ما أصيب به الشاعر من إحساس بالضياع وفقدان للأمل، هذا فضلاً عما لهذا الصوت من قوة ووضوح سمعي يوحيان بالصخب العنيف الذي لا يقوى الشاعر على كتمانه.

ليس معنى هذا أن الصوت المفرد يحمل دلالة ذاتية قبلية كامنة فيه، إذ من الممكن أن يحاكى كل هذه المعاني صوت آخر مختلف في صفاته عن صوت "الراء " ولكن الشاعر استطاع أن يشحن هذا الصوت بهذا البعد الدلالي من خلال موقعه في السياق.

والشاعر إذ يسعى إلى استغلال قيمة الإمكانيات الصوتية، فإنما يهدف إلى إيجاد نوع من التماثل الصوتي الذي يساعد على تجسيد التجربة الشعرية، لذا فالشاعر يتعامل مع الأصوات تعاملاً خاصاً يستنطق من خلاله خصائصها السمعية التي تؤثر في إنتاج الدلالة.

وفي بعض الأحيان يلجأ الشاعر " سعيد الصقلاوي " إلى تكرار بعض الحروف كأداة ربط نغمي بين أجزاء القصيدة، حيث تصبح مطلعاً للجملة الموسيقية التالية التي ترتبط بسابقتها إيقاعياً ودلالياً، مما يؤدي إلى تتابع حركة الموسيقى الداخلية مع تتابع الحروف المتكررة لفترة زمنية معينة في القصيدة؛ ذلك أن للشعر خصائص تنظيمية وتنسيقية تميزه عن أي بناء لغوي آخر، وتحديد النسق ينبع من طغيان ظاهرة لغوية في التركيب الشعري، يبرز من خلال تكرارها ودورها الإيقاعي الذي يشكل المعنى تشكيلاً خاصاً.

ومن ذلك قوله:

صارخ

لا أذن تسمعه

لا عين تتبعه

لا قلب يودعه

هجروه



لقد تخلل حرف النفي (لا) أجزاء القصيدة لينفي كل ملامح الاستجابة، ومن ثم يثبت له كل مظاهر التجاهل، من أذن لا تسمع، وعين لا ترى، وقلب لا ينبض، ولعل الشاعر أراد بتوزيع حرف النفي على هذا النسق المتفاوت المواقع، أراد التركيز ـ موسيقياً ـ على هذه الحروف المتتالية كأداة ربط نغمي، فضلاً عما تمثله من تلوين موسيقي محبب لدى المتلقي.

إن الشاعر موجه بإيقاع مسيطر يطلب تشكيله، وعليه أن يلبى بإخضاع الكلمات لمطالب هذا التشكيل، الذي يستدعى الكلمات ويكسبها قيمتها في أنظمة لغوية تحقق بنية القصيدة ودلالتها الرمزية.

هذا، ويمثل تكرار الألفاظ والعبارات ملمحاً أسلوبياً مميزاً في شعر " سعيد الصقلاوي "، يعتمد عليه كثيراً كأسلوب فني يحتوي على إمكانيات تعبيرية متعددة بواسطة الإلحاح على إعادة هيئة التعبير لاستثارة المخزون والمكبوت النفسي من المشاعر والأحاسيس.

ومن أشكال التكرار في شعر" سعيد الصقلاوي" ما يسمى بـ (الترديد) وهو تعليق الشاعر لفظة في البيت متعلقة بمعنى، ثم يرددها فيه بعينها ويعلقها بمعنى آخر في البيت نفسه، ويعد التكرار بالترديد من الأساليب التي تتميز بقدرتها على ترتيب الدلالة والنمو بها تدريجياً في نسق أسلوبي يعتمد على التكرار اللفظي، كما أن هذا الأسلوب يجعل المتلقي مشاركاً مشاركة فعلية في استكشاف جماليات التعبير الفني، إذ يدفعه إلى قراءة البيت مرة ثانية ليقف على أثر التوزيع والاختيار اللذين يعدان من أبرز سمات العمل الإبداعي.

ومن نماذج الترديد في شعر "سعيد الصقلاوي " قوله:



صارخ بينهم

صارخ حولهم

صارخ عندهم



في النموذج السابق نلاحظ تكرار/ تردد كلمة " صارخ " هذا التردد يقوم على اكتساب معان ٍ جديدة من الألفاظ المجاورة مما يخرجه عن النمط المألوف ، ويعدل به عن دلالة المطابقة إلى الناحية الإبداعية ، لأن العنصر المتردد في سطور القصيدة هو نفس العنصر الأول فيها ، لكنه في المرة الثانية غيره في المرة الأولى ، وفي المرة الثالثة غيره في المرة الثانية وهكذا ؛ لأن وجود اللفظ نفسه أكثر من مرة في بنية تركيبية مختلفة يحدث التفاتاً من الأول إلى الثاني إلى الثالث ، ولا شك أن هذا التغاير يجعل المتلقي أكثر انتباهاً لما حل به من تغيير.



فالصارخ أولاً كان (بينهم) فلم يسمعوه، ثم ابتعدوا عنه، فصار (حولهم) قريباً منهم، لكن هيهات! انتهى به المطاف (عندهم) حاضراً غائباً.

وهكذا يتضح لنا أن التردد كنمط تكراري يتحقق معه دفع المعنى إلى النمو تدريجياً وصولاً إلى الحد الذي يحسن الوقوف عنده، حتى يمكن أن نعد اطراد المعنى تداخلا ً مع وجوه الحال المناسبة فيه.



لقد جاء التكرار ليكشف لنا عما تموج به نفس الشاعر تجاه اللفظ المكرر، إذ يكتسب التركيب معاني إضافية مع كل مرة يتكرر فيها، مما يقوى ويؤكد الدلالة المطروحة، ويجعل الحركة الناتجة عن هذا التكرار إيقاعاً يسرى في بنية النص، كما تسري هذه المعاني المتدفقة.



* ثمة شكل أخر من أشكال التكرار في شعر" سعيد الصقلاوي " ألا وهو تتابع اللفظ المكرر في أوائل السطور بشكل متتال ٍ، وتتعدد مظاهر هذا النمط التكراري، فقد يكون المكرر حرفاً أو اسماً أو فعلاً، ويحقق هذا الشكل بملامحه المتعددة توازياً صوتياً واضحاً نتيجة للترجيع الصوتي، كما أنه يساهم في ترابط مكونات / سطور القصيدة، فهو وسيلة ناجحة في تمديد العبارة، وعرض الكثير من تفاصيل الفكرة / الصورة التي يعرضها، يقول الشاعر:

أطرق

في المجهول

في الزمن المطلول

في العلة والمعلول

في الفاعل والمفعول

في العرض

و في الطول



لا شك أن تكرار حرف الجر (في) بهذه الصورة يحفر بعمق في ذات الشاعر ليكشف عن مدى المعاناة التي تكسو التجربة، فالحرف " في " بمثابة محور ارتكاز ينطلق منه الشاعر إلى تصوير بعد معين من أبعاد رؤيته الشعرية، فإذا ما انتهى من هذا البعد انطلق إلى بعد آخر من خلال التكرار.



من العرض السابق لبنية التكرار بوصفها ـ ظاهرة أسلوبية ـ يتضح لنا كيف تمثل مظهراً من مظاهر الحركة وإثارة الدلالة، كوسيلة إيقاعية تكشف عن إبداعية النص الشعري، فضلاً عما تقوم به من تنويع للموسيقى الداخلية وتعزيز للنغمة التي يستعين بها الشاعر على بث خواطره؛ حيث يجعل اللفظ وتراً من أوتار عدته الموسيقية داخل العمل الفني.



ومن ثم يعد التكرار تأكيداً للتنوع، وتوقيعاً لفظياً للثراء الدلالي؛ لكونه مثيراً حسياً لمجموعة من المنبهات الترابطية داخل الذهن الشعري المنتج للقصيدة التي أصبحت ـ بشكلها هذا ـ معادلاً رمزياً يوازى فيمة الداخلي الخارجي والخارجي الداخلي، بحيث لا يتضح الفصل ولا تتبين الحدود.


رشيد عيادي.. الوجه المشرق للجزائر | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد 


رشيد عيادي.. الوجه المشرق للجزائر | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد



تنبعث رائحة الأصالة وعطر الصحراء الجزائرية من بين لقطاته التي تتغلغل في قلب تضاريسها وأبنائها لترسم مسار موهبته التي تستوحي أفكارها من بيئته الأم، تلك التي تمتاز بفرادتها وجمالها وتنوعها وسحرها العجيب الذي لا يمكن تفسيره قدر الشعور بأثره في النفس، ولذا كان الفن بأشكاله المتعددة مرسالاً بين البشر وحواسهم ليترجم لهم ما يعجزون عن صياغته بالكلمة، ولتكون الصورة وسيلة فناننا في التعبير عن ما يختلج في صدره معانقاً إحساسه بوطنه وأهله ولتحمل توقيع المصور الفوتوغرافي الجزائري رشيد عيادي..


تخيم السكينة على أعماله وكأنه يتعمد التعمق في اللحظات التي يعيشها الإنسان بين الصمت والكلمات، والتي يميل فيها إلى التواصل بحواسه مع نفسه وكل ما يحيط به وكل ما يمكن أن تنسج معه علاقةٌ تخلق رابطاً من الذكريات التي لا تموت، فتبدأ مع الطبيعة وتنتهي بها في طريقٍ يمر به الإنسان ليشكل همزة وصل بين البدايات والنهايات، والتي يبرز من خلالها البيئة التي ترعرع فيها وكبر بين أحضانها وألِفَ مفرداتها، لذا نرى حرصه على التقاط بصمات التراث الجزائري ورقصاته الشعبية وهي تتداخل مع بعضها لتمتزج وتعكس حالةً من التصوف والإستغراق في التأمل والبحث عن الذات، فالقلب مرآة للأرض تحن إليها وتتكامل معها وتذوب بكليتها مع كل عناصرها التي تحمل بداخلها شيئاً منا ونحمل بداخلنا كل ما فيها وإن لم ندرك ذلك..


تطوف عدسة عيادي مختلف المناطق الجزائرية وتنتقل كجسرٍ بين الجبل والصحراء والمدينة بمختلف أبعادها وتناقضاتها والتي تزخر كل منها بحكاياتٍ لم نعرفها من قبل عن الجزائر وعن تراثها الغني بالتفاصيل المبهرة والتي يغوص فيها عبر رحلةٍ روحية تحتفي بالحياة وترصدها بين ألوان الأضواء والظلال وايقاعات الشجن اللا متناهي والذي يتسرب من الأعين كما تنساب حبات الرمال من قبضة اليد، ولعل الوجوه التي تتأرجح بين غيابٍ وحضور في أعمال مصورنا هي العنصر الأكثر دفئاً وتأثيراً في الحالتين وكأن هناك دوماً سعياً للتواجد الجماعي الذي يترسخ في ملامح الأفراد الذين يشعرون بالوحدة ويبحثون عن هذا الإحساس عبر استعادة ذكرياتهم وذاكرتهم التي ازدحمت بالأحداث وباتت خاليةً من البشر الذين كانوا يزينون الصباحات ويضحكون بين الأزقة ويطلون عبر النوافذ ويتبادلون بصحبتهم أطراف الحديث الذي غاب بغيابهم وغابت معه الكلمات ومذاق الأيام..


كما نلحظ تلك المقارنة بين الماضي والحاضر في صور رشيد عيادي بأسلوبٍ بعيد عن المباشرة لكنه يتجلى في اختيار الأماكن والأشخاص والحالة التي يعيشونها والتركيز على عناصر تنحاز إلى الجذور وترى ملامحها حتى في ذروة الصخب الذي تعيشه المدن، والذي يرتدي ثوباً مختلفاً في لقطاته التي يحاول أن تكون توأماً لمجموعته التراثية لتقدم وجهاً متكاملاً للمجتمع الجزائري، وهو ما قدمه في عدة معارض هامة، كما فاز بالمرتبة الأولى التي استحقها بجدارة في (الصالون الوطني للصورة الفوتوغرافية) التابع لوزارة الثقافة والفنون وذلك تقديراً لأعماله واسهاماته في نقل الحالة الجزائرية إلى المتلقي وكل محب لها وراغبٍ في التعرف على أسرارها..


رشيد عيادي.. الوجه المشرق للجزائر | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

رشيد عيادي.. الوجه المشرق للجزائر | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

رشيد عيادي.. الوجه المشرق للجزائر | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

رشيد عيادي.. الوجه المشرق للجزائر | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

رشيد عيادي.. الوجه المشرق للجزائر | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

رشيد عيادي.. الوجه المشرق للجزائر | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

رشيد عيادي.. الوجه المشرق للجزائر | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

رشيد عيادي.. الوجه المشرق للجزائر | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

رشيد عيادي.. الوجه المشرق للجزائر | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

رشيد عيادي.. الوجه المشرق للجزائر | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

رشيد عيادي.. الوجه المشرق للجزائر | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

رشيد عيادي.. الوجه المشرق للجزائر | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

رشيد عيادي.. الوجه المشرق للجزائر | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

رشيد عيادي.. الوجه المشرق للجزائر | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

رشيد عيادي.. الوجه المشرق للجزائر | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

رشيد عيادي.. الوجه المشرق للجزائر | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

رشيد عيادي.. الوجه المشرق للجزائر | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

رشيد عيادي.. الوجه المشرق للجزائر | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

رشيد عيادي.. الوجه المشرق للجزائر | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد



رشيد عيادي.. الوجه المشرق للجزائر | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد
رشيد عيادي 


رشيد عيادي.. الوجه المشرق للجزائر | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد
خالد جهاد