Articles by "نقد"
‏إظهار الرسائل ذات التسميات نقد. إظهار كافة الرسائل

   

قراءة في رواية (نزلاء القصر) لفاتن عبد المنعم | بقلم دكتور / جمال فودة عضو الاتحاد الدولي للغة العربية - كاتب وناقد وأكاديمي مصري


قراءة في رواية (نزلاء القصر) لفاتن عبد المنعم | بقلم دكتور / جمال فودة عضو الاتحاد الدولي للغة العربية - كاتب وناقد وأكاديمي مصري
قراءة في رواية (نزلاء القصر) لفاتن عبد المنعم | بقلم دكتور / جمال فودة عضو الاتحاد الدولي للغة العربية - كاتب وناقد وأكاديمي مصري



 بداية العنوان على عكس المضمون؛ فالحديث عن (نزيلات) وليس نزلاء!، ومن ناحية الموضوع ركزت الكاتبة على الحياة الاجتماعية (لمجموعة نساء) واتخذتها مصدراً للرواية، وإن كانت لا تعني بموضوعها فحسب، بل تحاول أن تؤديه أداءً فنياً تتخير فيه اللفظ، وتحاول أن تؤثر به في عقل القارئ وقلبه؛ باستخدام عبارات تمتاز بالتصوير والتشخيص مما أضفى مسحة بيانية على صورها، كما وظفت في كثير من مواضعها التراث الديني، واستلهمت بعض ألفاظه ودلالاته 


   ويتميّز أسلوب (فاتن عبد المنعم) بحسن الصياغة مع الميل إلى الاسترسال والتفصيل، والإكثار من الصور البيانية، وإن كانت تلجأ إلى التكرار والإطناب، وكثيراً ما تعيد في معانيها وتستطرد في وصفها، ومع الاهتمام البالغ بالأسلوب إلا أن فقر الجانب الفكري قد نال من بنية الرواية لمحدودية الأحداث وقلتها، فضلاً عن الميل إلى حشد الألفاظ المترادفة والكلمات المؤكدة دون حاجة إلى ذلك يقتضيها الموقف أو تحتاجها الفكرة. 


   واللافت للنظر كثرة الشخصيات في القصة؛ مما أفضى بالقارئ إلى متاهة لم يستطع بسببها من معرفة ملامح الشخصيات ولا تمييز أبعادها النفسية والجسدية والفكرية، وفي بعض الأحيان نشعر أننا تلاميذ في حصة دراسية نتلقى شرحاً وتوضيحاً للمعلومات، وتأصيلاً للمفاهيم، ويظهر ذلك جلياً في مقدمة الرواية التي جاءت بصيغة مقالية تقريرية بحتة، كما زاد من صعوبة متابعة الأحداث عدم تقسيم الرواية لفصول، وعدم وضع عناوين توحي بمضمون الفصول.

   وهناك بعض الأحداث ـ التي أراها من وجهة نظري ـ غير مقبولة منطقياً ولا واقعياً (كإجراء تحليل DNA) للنسوة محور أحداث الرواية، وكذلك أسلوب خطاب الطبيبات المشرفات على تأهيل النسوة؛ إذ جاء على قدر يفوق مستوى أولئك النسوة الثقافي والمعرفي.

   وظلت الكاتبة تؤكد على الفطرة التي نشأت عليها النسوة وكأنها جُبلت على الانحراف لسبب أو آخر، وهذا عكس ما فطر الله الناس عليه من الخير والصلاح، ثم ما لبثت أن جعلت خوفهن من العقاب والفضيحة عبر كاميرات المراقبة، لا خوفهن من الله أو رغبتهن في الالتزام، وقبل النهاية فجأة تحول المشهد لنجد الرغبة في الالتزام هي الدافع لتغيير حياتهن للأفضل.


   في الحقيقة لقد بهرني أسلوب (فاتن عبد المنعم) بطابعه الفني والإنساني، وحسبي في ختام هذه القراءة أن أقول إنها مبدعة لا تُعرف وإنما يُتعرف عليها من خلال إبداعها فهو لسان حالها وترجمان ذاتها، لقد وجدت فيها صوتاً من أصوات الحركة الادبية الراهنة في ثقافتنا العربية، ولا تفي هذه القراءة العجلى بما يستحقه نتاجها، وأرجو أن يسعفنا الوقت من الرجوع إلى أدبها مرة أخرى للوقوف على أسراره وسبر أغواره، وهذا ما نرجوه في المستقبل القريب.



قراءة نقدية في رواية "الكاتيوشا" | بقلم الناقد والأديب الفلسطيني طلعت قديح 


قراءة نقدية في رواية "الكاتيوشا" | بقلم الناقد والأديب الفلسطيني طلعت قديح
قراءة نقدية في رواية "الكاتيوشا" | بقلم الناقد والأديب الفلسطيني طلعت قديح 


ركوة حرف

ظلال الكاتيوشا 

كاتيوشا للأديب وحيد طويلة

ليست امرأة، هي لغة المرأة الاستثنائية في جوف حبر وحيد الطويلة، لغة أجاد فيها الصهيل بصوت مهرة جامحة بنكهة "لبوة شيك" في مكان واحد!

أجمل الافتتاحات التي فجّرها الطويلة ومرغت أنف امرأة بـ3كلمات (أحب امرأة غيرك)، جملة بصوت ارتطام الكاتيوشا!

هل اتخذ الكاتب أن يهز بنات حواء بالجملة الأكثر استفزازا لهن، فجعلها أسلوبا للصدمة والترويع في النسق الأول لروايته المعنونة "كاتيوشا".

لكن الأمر لم يكن ممهدا لاستمرار هذا الأسلوب، حيث أن حدثا أطاش به، وهي عملية إنزال جوي جعل مما سبق دخانا يقترب من أنف امرأة، مرغت الجملة في رمال متحركة من التفسير والتبرير.

ليس صعبا أن يكتب أحدنا بقلم امرأة مستعارة، فتاء التأنيث حاضرة في سن القلم، وكثير التبديلات النحوية واللغوية متاحة؛ لكن "وحيد الطويلة" استطاع المروق إلى الشيفرة الحارقة ليس للنفس الأنثوية بل إلى ما يقترب من الحرقة الأنثوية التي تحتاج لامرأة غارقة في ذاتها، وإلى ملكة خاصة في تقمص القهر والنزعة الإنسانية، والانحناءات في مكون التأثيث الداخلي للمرأة.

إذا كان نزع الصاعق هي (أحب واحدة غيرك) ، فإن إطفاء مفعوله كان في جملة: (الفاعل يتيم يارشيد بدون المفعول به).

لم يغب عن أحداث الرواية المتتابعة الالم الفلسفي، إما باستحضار مقولة فلسفية أو قول خاص للروائي، دون أن يداري شيئا يحفظ غيرة الرجال لكونه رجلا، لكنه قلم الكاتب المحترف، كشخصية البطل، حيث يخمش وجه حبيبته بقول آخر: صاحبتكِ!

يتحسس "وحيد الطويلة" كينونة المرأة بمجسّات خاصة به، يرخيها دون إفراط، ويقبضها حال تطلب الأمر ذلك. أحكم إدخال أنماط عديدة من التراجيديا والدراما التصويرية حتى وصل إلى تقمص تأثيرات الاستجابات بشكل أتقن فيه دور "الجوكر" الذي يتفنن في إتقان شخصية كل قناع يرتديه.

لسان الراوي العليم كاشف لحال بطل الورق، لنقل أن "رشيد"فعل كل شيء وتفنن في كل شيء، دون أن يفعل شيئا!

مابين أسماء ورشيد دارت رحى الكاتيوشا، طحنت فيها ما يصل من الذكريات لذاكرة تهتم بخريطة التفاصيل، وكأنها ترفض أن تكون ذاكرة على مقاس الذكاء الاصطناعي في إدراج رواية رتيبة تكون فيها الحركة الدائرية للأحداث ككتالوج معد مسبقا.

عمل الطويلة على إيجاد التجسيد الحميمي في صورة فلسفية بعيدة عن الإسفاف رغم جرأة الصورة التعبيرية رأيناها في مقطع: (سقط مريضا، دخل المستشفى، دخلت خلفه، نامت عنده، كانت تنظر إليه وهو نائم تائه، يرفع أصابعه واحدا تلو الآخر كأنه يعدد خياناته في أحلامه، كان منهكا وقضيبه متقد، تذكرت كيف كان يقول: "ما في قضيب إلا على مريض"، فكرت للحظة أن تقطعه ويرتاحا معا.

في الصباح التالي خرجت للشارع، انتقت أجمل شاب، شاب وفتي، أخذته لبيتها في غياب الأطفال في المدارس، كان يريد أن يأخذها عنده، رفضت، ساقته لسرير زوجها، سريره التي شاهدته فيه مع جارتها، ذهبت لآخر الشوط، فعلت ما تفعله حبيبة مشتاقة، تهتكت حتى خر صاحبها كل مخزونه.

حين انتهت، لبست على عجل، دون أن تدخل حماما أو تغير ملابسها، دون أن تمسح آثار انتقامها، طارت إلى المستشفى، دخلت عليه بسوائلها وسوائل صيدها، كانت تشعر بها تسيل على ساقيها الجميلتين، جلست في مواجهته، وضعت السيقان على وجهه.

أحست أنها انتقمت بما فيه الكفاية، لذا بكت كثيرا وحلست أمامه مبللة تحت دموعها.)

وأتى تجسيد آخر بغرض آخر بقوله: (لا يجب أن تنتقم من بنات جنسها، كانت عفيفة مثل ناقد كبير أنت تعرفه، مهووس بالنساء، يطير خلف أي فستان، لكن فضيلته الكبرى التي لا يمكن إسقاطها من تاريخه المجيد أنه لم يضاجع امرأة متزوجة على مدار رحلته النسائية. كأنها تعرف أن الهاوية أقدم كثيرا من الجسر، لا تحتاج سنارة ولا غمازة، غمزة واحدة تكفي لانهيار أي نطع.)

أجاد الطويلة تركيب الأحداث ضمن حدث واحد ومكان واحد، وجعلنا نتذوق أكلة واحدة بتوابل ومذاقات متعددة، كل بمقدار، فالنكهة الأولى فالثانية تختلف عن الأخيرة وهكذا.

رواية كاتيوشا ليست رواية تجميعية لقصاصات ما، تجعل منها وجبات نفسية نوعية، هي رواية الكشف والاكتشاف، يكشف فيها الكاتب عن حرائمه الجميلة، جرائم العاشق الحق حتى وإن كان رجلا بلا ذاكرة!

رجل كان اتكاء حكايته كلها على 3 قنابل: ( أحب واحدة غيركِ.)


4-5-2024

غزة المحتلة


طلعت قديح




 

قراءة في ( على قيد البقاء ) للكاتبة أشواق الدعمي | بقلم الأديب العراقي/ عماد الدعمي


قراءة في ( على قيد البقاء ) للكاتبة أشواق الدعمي | بقلم الأديب العراقي/ عماد الدعمي

قراءة في ( على قيد البقاء ) للكاتبة أشواق الدعمي | بقلم الأديب العراقي/ عماد الدعمي




على قيد البقاء نصوص نثرية استطاعت 
الكاتبة من خلالها أن تعبر عما يدور في خلجاتها بشفافية عالية وبسلاسة مفرطة فهي لم تطرق أبواب الضباب والانزياح بل عبرت بطريقة سلسلة لا تحتاج الوقوف والتأمل مستخدمة طريقة المباشرة فيما أرادت الوصول إليه،  وأغلب نصوصها كانت واقعية ولا نستبعد أنها صدرت من تجارب عاشتها الكاتبة مع الزج بالمخيلة التي ينتج عنها الإبداع. 

النصوص مالت للسرد والقص مع زج بعض التساؤلات...

قالت في نص ( لا تكن كالشمس )ص ٣٥

لا تقطف أزهارك بحجة انعقاد رحيقها 

فلا تعود لك بعد القطف 

ليلك ونهاري حينما أدعوك إلى الضياء

لا تدعوني إلى العتمة .

وقد استعانت بالاقتباسات القرآنية في هذا النص / لو أرجعت البصر كرتين /

الشمس والقمر متناقضان أحدهما يفضح الأسرار والآخر يعتني بها .

وقد ورد اقتباس اخر في نص ( هل تنطق القصيدة ) ص ٧٨

ماذا لو

خذلني الصمت 

وانحلت عقدة لساني ...

إن غاية الكاتب تكمن في مواضع الدهشة والضربات الحادة التي تؤثر على المتلقي ونحن نؤكد أن الكاتبة استطاعت الزج بهذه الضربات .. كما ورد في نصها ( قد لا يطول انتظاري كثيرا ) ٣٣ قالت :

البطولة ليست بالوصول إلى القمة

البطولة هي المحافظة 

على بقائك في القمة ...

وقالت في نص( بحرٌ وصمتان) ص ٩٥

إلى أن يأتي ذلك اليوم

سأتكلم فيه عنك بحيادية تامة

حديث لاشأن لقلبي به...

إن الخطاب الشعري منذ وجود الشعر وللآن يحاكي النفوس ويدخل القلوب وكأنه ترجمة لأحاسيس الناس في كل زمان ومكان وهذه السطوة الكبيرة على النفوس جعلت من الشعر العربي أن لا يموت أبدا مهما دارت الدنيا ومهما اختلفت الحياة وتطورت ، وذلك يعود لعملية الابتكار وخلق التجديد فالكل ينتظر ما سيأتي به الشاعر من جديد ومن إبداع يهز الوجدان ويجعلنا منغمسين في عالم جديد لم نعرفه من قبل ، وهذا يولد لدينا أن عملية الخلق والإبداع والابتكار في النصوص الشعرية هي سر تواجد الشعر في كل الأزمنة ، ومن خلال هذه العملية نستطيع معرفة التفاوت بين الشعراء وذلك من خلال الهيمنة الشعرية على أكثر المتلقين والتي لا تحدث إلا من خلال الإبداع والابتكار والتجديد بما لم يطرق سابقا، وإن كان موجودا ولكنه جاءنا بطريقة أقوى من التي جاء بها مسبقا.

وحين ظهرت ما يسمى بقصيدة النثر كان لابد على الجديد أن يضع قدما له وبقوة ، خاصة بعد قرون مضت وقصيدة العامود هي المهيمنة على الساحة الأدبية لذا توجب على كتّاب النثر أن يتسلحوا بما يجعل لهم الشأن بذلك . ونحن نرى أن كتابة النثر وإن وصلت لقمة الذروة فهي لا تؤثر كما يؤثر الجرس الموسيقي على المتلقي ..

والكاتبة أشواق الدعمي كتبت بطريقة الشعور السليم والفطرة والسليقة رغم سيطرتها على اللغة وهذا بحد ذاته نجاح يحسب لها لأنها ابتعدت عن التكلف في جميع نصوصها التي وردت في المجموعة 

قالت في نص ( اصمت ) ص ٦٨

اصمت ودع الحروف تتطاير

اصمت لا تتكلم ولا تكتب

اجعل اوراقك فارغة

فأي الكلمات لا تستطيع

وصف الألم 

لذا أنظر إلى الورقة البيضاء

وتأمل .. حجم الألم 

وقالت في نص ( قارورة المواعيد ) ص ٥٠

آه يا قارورة مواعيدي التي امتلأت 

وزادت جرحا فوق جرح 

لم يخرج منك موعد

يحظى بذاك اللقاء ...

كلمات غاية من الجمال والرقة تصل فيها إلى المعاني بسهولة ومن دون رتوش وتكلف معبرة بطريقة جميلة عما تريد أن تصل إليه. 

المجموعة ضمت ٧٩ نصا وطبعت في بغداد دار السرد للطباعة والنشر والتوزيع




 "دمج طلاب ذوي الاحتياجات الخاصة بين مؤيد ومعارض" : ندوة تفاعلية حول تحديات وفرص دمج طلاب ذوي الاحتياجات الخاصة للأستاذة/ إيمان فتيحة 


"دمج طلاب ذوي الاحتياجات الخاصة بين مؤيد ومعارض" : ندوة تفاعلية حول تحديات وفرص دمج طلاب ذوي الاحتياجات الخاصة للأستاذة/ إيمان فتيحة

 "دمج طلاب ذوي الاحتياجات الخاصة بين مؤيد ومعارض" : ندوة تفاعلية حول تحديات وفرص دمج طلاب ذوي الاحتياجات الخاصة للأستاذة/ إيمان فتيحة 





"دمج طلاب ذوي الاحتياجات الخاصة بين مؤيد ومعارض" : ندوة تفاعلية حول تحديات وفرص دمج طلاب ذوي الاحتياجات الخاصة للأستاذة/ إيمان فتيحة
الأستاذة / إيمان فتيحة 


كتبت / ريهام كمال الدين سليم 


مساء الأربعاء الماضي الموافق الثامن والعشرين من فبراير عام 2024 نظمت دكتورة/ زهراء غنام - استشاري الصحة النفسية ومديرة أكاديمية ZG - ندوة تحت عنوان "دمج طلاب ذوي الاحتياجات الخاصة بين مؤيد ومعارض" 


ألقت المحاضرة الأستاذة/ إيمان فتيحة السيد - أخصائي الإرشاد الأسري والنفسي والتربوي ومسئولة الدمج بمدرسة "النصر للبنين الإسكندرية EBS" - حيث أدار الحوار الأستاذ الدكتور / علاء الدين متولي، وشارك في النقاش عدد كبير من أساتذة الجامعة والمتخصصين وأولياء الأمور. 


كانت الندوة فرصة قيمة لاستكشاف ومناقشة التحديات والفرص المتعلقة بدمج ذوي الاحتياجات الخاصة في المجتمع. كما يعكس حضور عدد كبير من أساتذة الجامعة والمتخصصين وأولياء الأمور اهتمامًا بالموضوع ورغبة في المشاركة في إيجاد حلول عملية وفعَّالة..


تبنت الندوة منهجية شاملة أتاحت لكافة المشاركين التعبير بحرية والمشاركة في النقاش، بما في ذلك ذوي الخبرة في مجال تربية أطفال ذوي الاحتياجات الخاصة. إذ أمكن هذا في تحقيق نتائج أكثر إيجابية.


باختصار، كانت ندوة "دمج طلاب ذوي الاحتياجات الخاصة بين مؤيد ومعارض" فرصة قيمة لتعزيز الوعي والتفاهم بين جميع الأطراف المعنية،  كما كانت فرصة مهمة لمناقشة قضية حساسة تثير الجدل في المجتمع حيث تهدف هذه الندوة إلى تسليط الضوء على التحديات والفرص المتعلقة بدمج هذه الفئة في المجتمع، وتشجيع الحوار البناء بين مؤيدين ومعارضين لتحقيق تقدم في هذا الصدد.


من الجوانب الإيجابية لهذه الندوة، فإنها فتحت المجال للتواصل والتبادل الفعَّال للآراء والخبرات بين مختلف الأطراف المعنية بهذه القضية. كما وفرت منصة للمؤيدين لتقديم أفكارهم وتجاربهم الناجحة في تعزيز الشمولية وتعزيز مشاركة ذوي الاحتياجات الخاصة في المجتمع.


يجدر بنا أن نقدر جهود الأستاذة إيمان فتيحة السيد - أخصائي الإرشاد الأسري والنفسي والتربوي ومسئولة الدمج بمدرسة "النصر للبنين الإسكندرية EBS" - والتي تمتاز بروح العطاء والتفاني في خدمة هذه الفئة الهامة من المجتمع، والتي تعكس التزامها العميق بقضايا التنمية الاجتماعية والتضامن الإنساني. فإيمان فتيحة تمثل نموذجًا مشرقًا للأستاذة المبادرة والمتفانية في دعم تعليم الطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة. تتميز بقدرتها على خلق بيئة تعليمية شاملة وداعمة لجميع الطلاب، حيث تستخدم الأساليب والتقنيات المناسبة لتلبية احتياجات كل فرد. وما يميز الأستاذة إيمان فتيحة أيضًا هو تفهمها العميق لاحتياجات هذه الفئة وقدرتها على التعامل معهم بلطف واحترام. فهي تتبنى نهجًا فرديًا وشخصيًا مع كل طفل، مما يساعدهم على الشعور بالثقة والراحة خلال العملية التعليمية. 

بفضل جهودها، يتمتع الطلاب ذوو الاحتياجات الخاصة بفرص متساوية للتعلم والاندماج في المدرسة. تعكس أ. إيمان فتيحة روح التفاني والإيجابية التي يحتاجها كل مجتمع تعليمي لضمان شمولية ونجاح الجميع.  

علاوة على ذلك، يجب أن نذكر الدور الكبير الذي قام به مدير مدرسة النصر للبنين السيد الفاضل الأستاذ/ أحمد الشامي، فبفضل رؤيته القيادية وتفانيه في مهمته التعليمية، تمكن الطلاب من تحقيق إمكاناتهم وتطوير مهاراتهم. 

كما نذكر دور جميع أعضاء هيئة التدريس الذين عملوا بجدية واخلاص لتقديم تعليم عالي الجودة ودعم شامل للطلاب.

 

وفي النهاية علينا أن نشيد بدور الأستاذ الدكتور/ علاء الدين متولي في إدارة الندوة حيث ساعد في ضمان سير الأمور بسلاسة وتوجيه النقاشات بطريقة بناءة ومثمرة.

كما نشيد بالرعاية التي قدمتها دكتورة/ زهراء غنام - استشاري الصحة النفسية ومديرة أكاديمية ZG -  ، لهذه الندوة، إذ تبرز أهمية دعم المبادرات المجتمعية التي تسعى لتحقيق الشمولية والتضامن الاجتماعي.



لمشاهدة الندوة 👇🏻






 (قطر تقلب الموازين وتغير خارطة القارة الصفراء)!! | بقلم الصحفي والمحلل الرياضي/ سيف الدليمي


(قطر تقلب الموازين وتغير خارطة القارة الصفراء)!! | بقلم الصحفي والمحلل الرياضي/ سيف الدليمي

(قطر تقلب الموازين وتغير خارطة القارة الصفراء)!! | بقلم الصحفي والمحلل الرياضي/ سيف الدليمي 



 


فوز المنتخب القطري بكأس آسيا عام 2023 سيعمل وعمل ثورة جديدة في وسط الفكر والعقلية الشخصية قبل الكروية لدى الاعب العربي في قارة آسيا تحديدا قطر عملت لتغيير المعادلة الكروية في القارة الصفراء وطبخت هذا على نار هادئة منذ افتتاح اكاديمية إسباير وجنت الثمار من 2019 ليومنا هذا بعد حصولها على البطولة الآسيوية في الإمارات والثانية تواليا هذا العام. ما رفع سقف كل العرب واستضافة قطر لكأس العالم 2022 وتنظيم مبهر جعل العالم ينظر لنا ك قوة على كل الاصعدة. وغرست قطر الفكر الاحترافي في اللاعب العربي بشكل مختلف عما سبق للحد الذي يساوي الياباني والكوري ويتفوق عليه على فترات لأنه ركز على البناء الشخصي أي العقلية والكاريزما من هنا انطلق النجاح فالأكاديمية تهتم بكل صغيرة وكبيرة للفرد اللاعب في الأكاديمية وأنا اتابع هذا منذ تأسيسها عام 2004 لاحظت البطولات وأساليب التدريب والكوادر العالمية من جميع أنحاء العالم البعض يعيب على قطر تجنيسها وهذا مردود ما دامت تجنس عَرَبًا مسلمين انسانيين قادرين على إعطاء للبلد والأمة ما ترجوه منهم فهذا عظيم وعدوة النجاح والتخطيط والتطور مسنا فقد حفز السعودية لان تصنع دوري قوي وتستقطب أفضل الاعبيين في العالم والإمارات ولاحظنا تطور ملحوظ للبحرين وعمان والاردن وغيرهن من منتخبات عرب آسيا وصولا بالعراق الذي تعاقد مع رابطة الدوري الإسباني لإقامة دوري محترف على مستوى عالي ودخلت اكاديميات كبيرة وكثيرة مثل أكاديمية ريال بيتيس وإسبانيول وغيرهم وعلى رأسهم ريال مدريد وإن كان متأخرا وهذه العدوة الصحية جعلت العراق يبحث عن مغتربيه في المهجر ليستعين بهم لخدمة الكرة العراقية وجعلها رقما صعبا كما كانت.  قطر عملت صدمات كهربائية لعرب آسيا خصوصا وآسيا عموما فحال لسانها يقول لم ولن نعود فريسة سهلة للخصوم وحان دورنا لنتسيد القارة الآسيوية وفعلا هذا ما حصل واظنه سيستمر في السنوات القادمة في آسيا بعد احراز قطر كأس آسيا 2019 ليس كما قبلها فاكانها تقول بلسان عربي مبين! (جأناكم بعاصفة لا تبقي ولا تذر)!! وما اتوقعه سيكون لعرب آسيا نصيب الأسد في المحال القادمة بدأتها قطر واظنها ستسير على ذات النهج على الأقل على المدى القريب كل من العراق والسعودية والاردن.. واقولها بالحرف الواحد من سيصنع مجد آسيا مستقبلا في كرة القدم سيكون عرب آسيا لكن نحتاج الاستمرارية دون تقاعس حينها سنجني الثمار لا محالة. وحان الوقت للعرب أن يقولوا كلمتهم ويصلوا للعالمية لكن نحتاج إعادة إختيار روابط المشجعين في بعض البلدان وكل من يقود الجماهير فلا نرضى بالجاهل او مندس او طائفي لا يفقه شيء في التشجيع فالرياضة إذا خرجت عن الروح الرياضية فسدت وفسد كل من فيها وأصبحت يدا للشر وليس ببعيد ما حصل من مشادات وأجواء مشحونة بين الجماهير العراقية والجماهير الادنية وأثبتت قطر لا يوجد كبير إلا بالعمل والفعل لا مكان للتاريخ فالحاضر للافضل (ولكل مجتهد نصيب)






 

قراءة في قصيدة (سفر أيوب ) للشاعر بدر شاكر السياب | بقلم دكتور / جمال فودة - عضو الاتحاد الدولي للغة العربية كاتب وناقد وأكاديمي مصري


قراءة في قصيدة (سفر أيوب ) للشاعر بدر شاكر السياب | بقلم دكتور / جمال فودة - عضو الاتحاد الدولي للغة العربية كاتب وناقد وأكاديمي مصري
قراءة في قصيدة (سفر أيوب ) للشاعر بدر شاكر السياب | بقلم دكتور / جمال فودة - عضو الاتحاد الدولي للغة العربية كاتب وناقد وأكاديمي مصري



توظيف التراث في إنتاج الدلالة

قراءة في قصيدة (سفر أيوب ) للشاعر بدر شاكر السياب

دكتور / جمال فودة

عضو الاتحاد الدولي للغة العربية

كاتب وناقد وأكاديمي مصري

يعد التراث في شتى فروعه، وبكل قيمه الفكرية والروحية نبعاً فياضاً يستقى منه الشعراء على اختلاف مشاربهم، وإن كان " بدر شاكر السياب" أحد الشعراء المعاصرين الذين نهلوا من هذا الفيض الدافق، إلا أنه تميز بقدرته على الصياغة التعبيرية التي تسم أسلوبه بسمات جمالية دلالية وفنية، تضفي على التجربة عمقاً وتأصيلاً.


   وقد تنوع استلهام التراث في شعر (السياب) ، وإن كان التراث الديني أكثر ظهوراً في شعره ، وجاء تعامل (السياب) مع التراث الديني بأشكال متعددة ؛ كاستلهام التعابير الدينية ما بين قرآنية  ونبوية ، لكن الظاهرة الاستدعائية التي نقف عندها هنا  هي استدعاء القصص القرآني؛ إذ يأتي استدعاء النص القرآني متنوعاً ما بين الاتكاء على البعد الدلالي وحده  ، أو البعد الصياغي الخالص المهم في ذلك أن الخطاب الشعري كان يمتص الخطاب القرآني في إطار من القداسة التي تكسب الخطاب الشعري نوعاً من التعالي والسمو ، وتمنحه قدرات إضافية ليمارس فاعليته في التعامل مع الواقع.


   هذا، وقد جاء توظيف القصص القرآني في شعر السياب وغرسه في البناء الشعري باعتباره أحد لبناته، وإن كان ذلك لا يحول دون المتلقي ورد الصياغة إلى مصدرها الأصلي عن طريق تداعي المعاني، وإن ظهرت هذه القصة (قصة أيوب عليه السلام)  في حلة جديدة ، فإن طاقاتها الإيحائية تعمل في أعماق اللاشعور حتى تصل إلى استثارة مخزونها النفسي / الدلالي في وعي المتلقي ، وهذا ما ظهر في قصيدة  السياب "سفر أيوب " حيث يقول :


لكَ الحـَمدُ مهما استطالَ البـــلاء

ومهمــا استبدَّ الألـم

لكَ الحمدُ إنَّ الرزايـا عطـــاء

وإنَّ المَصيبــات بعض الكـَـــرَم

ألم تُعطني أنت هذا الظلام

وأعطيتني أنت هذا السّحر؟

فهل تشكر الأرض قطر المطر

وتغضب إن لم يجدها الغمام؟

شهور طوال وهذي الجـِـــراح

تمزّق جنبي مثل المدى

ولا يهدأ الداء عند الصباح

ولا يمسح اللّيل أوجاعه بالردى.

ولكنّ أيّوب إن صاح صــــــاح

لك الحمد، ان الرزايا ندى

وإنّ الجراح هدايا الحبيب

أضمٌ إلى الصدر ِ باقتــها

هداياكَ في خافقي لا تَغيــب

هاتها ... هداياكَ مقبولــةُ

أشد جراحي وأهتف

بالعائديــن

ألا فانظروا واحسدونــي

فهذى هدايا حبيبي

وإن مسّت النار حرّ الجبين

توهّمتُها قُبلة منك مجبولة من لهيب.

جميل هو السّهدُ أرعى سماك

بعينيّ حتى تغيب النجوم

ويلمس شبّاك داري سناك.

جميل هو الليل: أصداء بوم

وأبواق سيارة من بعيد

وآهاتُ مرضى، وأم تُعيد

أساطير آبائها للوليد

وغابات ليل السُّهاد، الغيوم

تحجّبُ وجه السماء

وتجلوه تحت القمر

وإن صاح أيوب كان النداء

لك الحمد يا رامياً بالقدر

ويا كاتبـاً بعد ذاكَ الشفـــاء


   حيث يتجلى ـ للقراءة الأولى ـ من عنوان القصيدة أن القصة قد اتخذت في نفس الشاعر مساراً نفسياً خاصاً، وتحددت أمامه ببعد شعوري يرتبط بأزمته الراهنة.

      ومن ثمَّ كان تعامل الشاعر مع قصة سيدنا أيوب عليه السلام بهدف إبراز المفارقة التصويرية التي تكشف ملامحها أبعاد رؤيته الشعرية، الأمر الذي يثري ظاهرة التناص من خلال اتساع المدى التأثيري بتدخل أكثر من مرجع في إنتاج دلالة النص الشعري، حيث تتشابه الرؤى والمواقف التي تمتد في نسيج التجربة، وتتداخل مع اقتباساته لتلتحم ببنية الدلالة الكلية، فتفجر طاقاتها الإيحائية والنفسية، وتشد النص إلى دائرتها وتحركه في إطارها. 

لقد لجأ الشاعر في المقطع الأول إلى تجسيد المجرد، (فالألم عطاء)، و(الرزايا ندى)، و(الجرح هدايا الحبيب)، إن التشبيه البليغ هنا يعكس حالة من الرضا الذي يبديه الحبيب عما يفعل محبوبه، وثمة لمحة صوفية يعنيها (السياب) (فالحبيب رمز للذات الإلهية).

ويتجاوز السياب مرحلة (الرضا) إلى مرحلة (الشكر): 

لكَ الحـَمدُ مهما استطالَ البـــلاء 

لكَ الحمدُ إن ٌ الرزايـا عطـــاء 

لك الحمد، ان الرزايا ندى 

 لك الحمد يا رامياً بالقدر

والملاحظ اعتماد (السياب) على ظاهرة التكرار، واستخدامه كبنية أسلوبية تلعب دوراً بارزاً في كشف إبداعية النص الشعري، إذ يصور تموجات الحالة النفسية التي تعتري المبدع، ويهدف بصورة عامة إلى الإبانة عن دلالات داخلية فيما يشبه البث الإيحائي، إذ ينزع إلى إبراز إيقاع درامي سيكولوجي. 

واللفظ المكرر (لك الحمد) يمثل بؤرة أو نقطة ساطعة في جسم القصيدة تجذب نحوها الوسائل الفنية الأخرى لتتحد كلها وتسهم في كشف وإزالة الأغلفة التي تحمل في طياتها المعنى الحقيقي، فضلاً عن دوره في إثراء موسيقية النص من خلال الإيحاء بسيطرة العنصر المكرر وإلحاحه على فكر الشاعر وشعوره.


   إن إيقاعية التكرار تمثل عوداً نفسياً للمغزى الدلالي اعتماداً على التجانس النفسي في التطابق الصوتي، وبه يصبح تشكيلاً نامياً ذا دلالات خاصة من خلال التشابهات الصوتية للوحدات الإيقاعية.

 ومن خلال عملية انتخاب واعية لوحدة خطابية بعينها، تقيم مسافة فارقة بينها وبين مجمل الخطاب، وتقارب في الوقت نفسه بينها وبين السياق الذي ترد فيه يأتي استخدام الاستفهام؛ إذ يرى (السياب) في كل ما حوله من مظاهر مريرة لواقع غريب مواضع استفهام وتساؤل، ينبض بهما وجدانه فينعكسان على لغته وأسلوبه، والشاعر يعمد في كل هذا إلى توظيف السؤال في خلق المفارقة، وفي توليد المعاني التي تتفجر بها تجربته. 

ألم تُعطني أنت هذا الظلام

وأعطيتني أنت هذا السّحر؟

فهل تشكر الأرض قطر المطر

وتغضب إن لم يجدها الغمام؟


   إن الاستفهام أداة لتحويل الرؤيا من وجود " بالقوة " إلى وجود " بالفعل " ليس كمتحقق ولكن كوجود نصي شعري تتضايف فيه جميع العناصر في سباق يمنحها انسجامها على المستوى العميق، فالشاعر يوظف الاستفهام لأداء معنى غير قابل للتأطير تحت تحديدات بعينها، بل ربما كان غير قابل للتحديد إطلاقاً محتمياً بما يفتتحه تشكيله اللغوي من دوائر إيحائية رحبة.

      يستخدم الشاعر الاستفهام لإثراء تجربته وتجديد حيويتها وإكسابها دلالات نفسية تجعل قضاياه أكثر إعمالاً في نفس المتلقي مما لو ألقيت هذه المعاني خالية من أسلوب الاستفهام، إذ يزداد اقتناعه وتأثره بها لأنه شارك المبدع في تجربته ليصل بنفسه إلى مضمونها، ويستنبط الجواب دون أن يُملى عليه، واعياً أبعاده الدلالية والنفسية، ليصل إلى حقيقة مؤداها (الرضا بالقضاء والقدر في حالة العسر واليسر).

وكم كان " السياب " واعياً لفاعلية الاستفهام في تجسيم هذا المونولوج الداخلي:

هداياكَ في خافقي لا تَغيــب

هاتها ... هداياكَ مقبولــةُ

أشد جراحي وأهتف

بالعائديــن

ألا فانظروا واحسدونــي

فهذى هدايا حبيبي


   إن ( السياب) بهذا الفعل يدل على عمق يقينه وإيمانه بالله، وأنّ المصاب مهما كان عظيماً فهو هدية من الحبيب، فالشاعر يؤكد حبّه لربه، ويرى أنّ الابتلاء كلما اشتد، دّل على عِظم  محبة الله عز وجل لعبده، فأشد الناس بلاءً الأنبياء فالأمثل فالأمثل ، فهو راضٍ صابر محتسب، وقد جاء استعمال حرف التنبيه (ألا) ليلفت انتباه القارئ، ويطالب الآخرين بأن يحسدوه على ما يعانيه من أمراض وأوجاع، فهي عطايا وهدايا تميزه عن غيره فهو يرى أنها علامة قرب من الله .

ولا يهدأ الداء عند الصباح

ولا يمسح اللّيل أوجاعه بالردى.

جميل هو السّهدُ أرعى سماك

بعينيّ حتى تغيب النجوم

ويلمس شبّاك داري سناك.

جميل هو الليل: أصداء بوم

وأبواق سيارة من بعيد

وآهاتُ مرضى، وأم تُعيد

أساطير آبائها للوليد

وغابات ليل السُّهاد، الغيوم

تحجّبُ وجه السماء

وتجلوه تحت القمر


يرتبط الليل في العمل الشعري بدلالة النص حيث يبلور الشاعر من خلاله لحظة خاصة تضرب بجذورها في أعماقه، ومن ثم يكتسب مغزاه من خلال ارتباطه بالخبرة الإنسانية، أي بصفته معنى داخلياً وصيغة للتأمل، وتأتي صورة الليل في شعر (السياب) حاملة دلالات اليأس، والهم، والحزن، والأسى، والقهر، والظلم، والظلمة التي ترتبط بغياب النور / الأمل الذي يبدد عتمة الروح.


   وها هو الشاعر في غياهب الألم تسري روحه في أبعاد الفضاء باحثة عن الأمل الذي يخلصه من أسر أوجاعه، لكن هيهات فالليل / الألم مدركه وإن خال عنه المنتأى واسعاً!

يلجأ الشاعر في هذه الصورة إلى التشخيص إيماناً منه أن جميع مظاهر الكون الحسية والمعنوية إنما تجمع بينها الوحدة العميقة والعلاقات الوثيقة، والأشياء التي حولنا لها حياة خفية وكيان يشبه كياننا!

ولا يهدأ الداء عند الصباح

ولا يمسح اللّيل أوجاعه بالردى.

جميل هو السّهدُ أرعى سماك

بعينيّ حتى تغيب النجوم

ويلمس شبّاك داري سناك.

جميل هو الليل: أصداء بوم

وأبواق سيارة من بعيد

وآهاتُ مرضى، وأم تُعيد

أساطير آبائها للوليد

وغابات ليل السُّهاد، الغيوم

تحجّبُ وجه السماء

وتجلوه تحت القمر


    فالشاعر جعل الليل رمزاً للمعاناة ، وفي هذا الصمت الرهيب لا يمر الليل بل يمتد ويمتد، ويقذف الشاعر بوابل من الطلقات المتتابعة من الهموم والأحزان التي تنثال عبر المشاهد المؤلمة، إذ يصف لنا آلامه وعلاقته بالليل، فهو في الليل دائم السهر، وكأنّه نابغي يرعى النجوم ، وإسناد الفعل (تغيب) لغير فاعله ـ فالشمس هي التي تغيب لا النجوم ـ يعكس الأزمة الشديدة التي يعيشها، والتي يحاول أن يتعايش معها ؛إذ يصف الأرق والليل بالجمال ، في محاولة منه لتخفيف وطأة آلامه وإن كان الأمر عكس ذلك ؛فكأن الشاعر وصل به الحال إلى ائتلاف الأضداد ؛ لدرجة إعجابه بصوت أبواق السيارات، وأصداء البوم، وآهات المرضى، مما يعني أنه اعتاد هذه الأصوات التي تلازمه ليل نهار.


   وتزداد الصورة الرمزية هنا ثراءً وإيحاءً لاعتماد الشاعر في بنائها على الروابط النفسية والشعورية العميقة، ففي الصورة التشبيهية (غابات ليل السهاد) يرتبط الطرفان برابط نفسي عميق، فكلاهما مؤلم؛ الليل بهمومه وأحزانه التي تخترق القلب، والسهاد بهواجسه التي تبدد الروح وترهق الجسد. 

إن استلهام الشاعر للأعلام يأتي كأصوات إضافية تحمل إسقاطات دلالية على الواقع المعيش، حيث يلتحم سياق الماضي بالحاضر ليوحي بأبعاد المفارقة.

وهكذا تكتسب تجربة الشاعرـ باستدعاء هذه الشخصيات التراثية ـ غنى وأصالة وشمولاً في الوقت ذاته، فهي تغنى بانفتاحها على هذه الينابيع الدائمة التدفق بإمكانات الإيحاء ووسائل التأثير، وتكتسب أصالة وعراقة باكتسابها هذا البعد التراثي الديني، وأخيراً تكتسب شمولاً وكلية بتحررها من إطار الجزئية والآنية إلى الاندماج في الكلي والمطلق. 


   ومن ثم، فإنه على قدر وعى الشاعر بملابسات الواقع الذي يعايشه، وإدراكه لأبعاد العلاقات بين أفراده، يتضح موقفه الفكري إزاء، وتتحدد رؤيته له، ويتجسد تعبيره عنه.

والمتابع لشعر (السياب) يدرك أن أظهر خواصه أنه خطاب مفتوح مهيأ لاستقبال أصوات إضافية تجعل من وعيه الفردي وعياً متعدداً، وتجعل من صوته المفرد أصواتاً متعددة، حيث يمثل الاستدعاء ـ على كافة مستوياته ـ ركيزة أساسية في إنتاج المعنى في شعره.




قراءة في كتاب: تجليات حرف : لأحمد طه حاجو | بقلم الباحث علاء لازم العيسى


قراءة في كتاب: تجليات حرف : لأحمد طه حاجو | بقلم الباحث علاء لازم العيسى
قراءة في كتاب: تجليات حرف : لأحمد طه حاجو | بقلم الباحث علاء لازم العيسى



( 1 )

    ورد في معاجم اللغة أنّ تجلّيات ، جمعُ تجلِّ ، تعني الكشف والانكشاف والظّهور ، وتعني التّزيين أيضًا ، فيقولون جلا العرُوسَ : زيّنها فهي مَجْلوّة . والظّاهر أنّ الكاتب والناقد أحمد طه حاجو استحضر كلّ هذه المعاني عندما وسَمَ إصداره الجديد بـ (( تجلّيات حرفٍ )) ، والّذي توقّف فيه ، وعلى مدى 136 صفحة ، عند مجموعة من الاصدارات الأدبيّة المتنوّعة ( 11 رواية  و6 مجاميع قصصيّة و4 مجموعات شعريّة ) مستكشفًا ما تطرح من دلالات وإشارات وربّما إيماءات وومضات ، من خلال قراءات واعية وصفها بالتحليليّة ، ممّا أعطى كتابه طاقة إيحائيّة منذ العتبة الأولى . كما أنّه أفرد أربع صفحات لقراءة كتاب ليس من الرواية أو القصص أو الشعر عنوانه    ( ديمقراطيّة بكعب عالٍ ) للمخرج كاظم نصّار ، وهو عبارة عن مقالات نقديّة للواقع العراقيّ بعد سنة ( 2003 ) نشرها كاتبها إلكترونيًّا ثمّ قام بجمعها وأصدرها مجتمعةً في هذا الكتاب .   

( 2 )

   تعامل الكاتب في مقالاتِه مع النّماذج الأدبيّة المختارة ، والّتي سبق أن نشر معظمها في صحف ومجلات عراقيّة وعربيّة متنوّعة وفي تواريخ مختلفة ، كلّ بحسب خصوصيّته ونوعه الأدبيّ ، وبصورة مباشرة بدون مقدّمة شارحة للمنهج النقدي الّذي سيتبنّاه ويتّبعه في قراءاته ، مكتفيًا بتوصيفه الشّخصيّ للعنوان الثانوي للكتاب (( قراءات تحليليّة )) الّذي زيّن به واجهة كتابِهِ المذكور . محاولًا توظيف كلّ الخبرات الفنيّة والإمكانات الأدبيّة والمعرفيّة الّتي يمتلكها ، لسبر أغوار تلك النّصوص ، والوصول إلى جواهر مقاصدها ، ملتزمًا بأسلوب جميلٍ ومهذّبٍ وراقٍ ، وبحياديّة تامّة ، في تقييم جودة العمل الأدبيّ .   


( 3 ) 

   ابتدأ أحمد طه حاجو مقالاته النقديّة أوّلًا بالفن الرّوائيّ لروائيين وروائيّات عراقيين وعرب ، غطّت ( 62 ) صفحة بالتمام والكمال ، ابتدأ فيها انطباعيًّا توضيحيًّا وانتهى تحليليًّا تأويليًّا ، فقام أوّلًا بتسليط الضوء على كلّ عملٍ من الأعمال المذكورة وذلك بعرض وذكر تفاصيله ، ثمّ التأويل ومناقشة أفكاره ، دون أن يسقط في فخ الأغراض الشخصيّة ، أو الأسباب الخارجة عن طبيعة النصّ وفضاءاته . ولإيمان الكاتب بضرورة التغيير الاجتماعيّ والسياسيّ عن طريق الإرادة الحرّة الواعية ، ولقناعته بدور الأدب في التغيير ، فقد اختار نصوصًا تتقارب في مضامينها والحياة العامّة وتتصارع مع مشاكلٍ نفسيّة واجتماعيّة ، كظلم المرأة واضطهادها والخيانات الزّوجيّة ( ص11، 27 ، 42 ، 57 ، 69 ) ، والحروب الظّالمة ( ص51 ) ، والدّجل والشعوذة ( ص16 ) ، وكانت لروايات الوجع العراقيّة حصّة الأسد في هذه الاختيارات ( ص 35 ، 51 ، 63 ) .   

( 4 ) 

   وبحكم تخصّص المؤلّف الأكاديميّ بالإخراج المسرحيّ ، ولقناعته بإمكان تغذّي المسرح والرواية أحدهما على الآخر ، وبفضل اطّلاعِهِ على عدد من الكتب والمباحث النفسيّة ، أقام علاقات خاصّة مع النصوص الروائيّة ، مادة البحث ، منقّبًا عن ينابيعها المخبوءة . كقولِهِ مشيرًا إلى رواية من هذه الروايات : (( هذه الرواية ذكّرتني بمسرحية ( حياتنا السعيدة ) لبيكيت حيث الرمزيّة والعمق ))( ص12 ) ، وفي قراءة لأخرى قال موصّفًا أسلوب الرواية بأنّه : (( كان تحليليًّا أكثر من أن يكون سرديًّا أي قريب من أسلوب الكاتب المسرحيّ النرويجيّ هنريك ابسن والّذي عرف أسلوبه بالتّحليل المعمّق للأشياء ))( ص16 ) . أمّا عالم النفس فرويد فكان له حضورًا في قول الناقد مشيرًا إلى رواية من الروايات : (( إنّ الرّواية تناولت الفعل الإنسانيّ من الناحية السايكولوجيّة في تحليل رغبات الفتاة صفاء ، وبحسب فرويد إذ أنّه يرى أنّ الإنسان عبارة عن رغبة جنسيّة وهي الّتي تحرّكه في الحياة ))( ص70 ) .  



( 5 ) 

   وكما كان القاسم المشترك بين الروايات ـــ محلّ الدّراسة السّابقة ـــ قضايا الواقع العراقيّ وهموم الذّات العربيّة ، والاهتمام بالإنسان وعلاقته بالمجتمع والسّياسة ، والسّعي من أجل تعرية الواقع وكشف تناقضاته . كانت المجموعات القصصيّة الستّة المنتخبة للعرض والنقد تحمل نفس الهموم ، ابتداءً بمجموعة الدّكتورة رغد السهيل ( كُلُلوش ) ، الّتي كانت من وجهة نظر الكاتب (( صرخة تحريضيّة موجّهة للقارئ كي ينتفض على الدّمامة الّتي ألمّت بالواقع العراقيّ ))( ص74 ) ، علمًا أنّ هذا التوقّف هو التّوقّف الثّالث من قبل المؤلّف عند منجز الكاتبة السّهيل لأسباب لم يُفصح عنها ؟!. والّذي لمسته أنّ لمفردة ( تحريض ) حضور في أكثر من مقالة من مقالات الكتاب ، فهناك التّحريض ( ص71 ) ، والتحريض الإيجابيّ ( ص88 ) ، وعنصر التّحريض ( ص90 ) والتّحريض المضمر ( ص108 ) .    

( 6 ) 

   وللشعر والمجموعات الشّعريّة مكان ومكانة في (( تجلّيات حرف )) ، فكانت مجموعة ( غرقى ويقتلنا الظّمأ ) بأسلوبها السهل الممتنع ، وثيمة الشّجن والألم والأمنيات والتّسالات ، واستخدام طريقة بريخت الدّراميّة في التعامل مع المتلقّي ، وكم كنت اتمنّى لو زيّن الأستاذ الكاتب مقالته ببعض الشواهد الشعريّة الدّاعمة لرأيه فيما يتعلّق باستخدام الشاعر عبدالسّادة البصريّ لطريقة بريخت الدّراميّة في التّعامل مع المتلقّي ( ص111 ) . 

    وبعد الغرقى تأتي مجموعة الشّاعرة أسماء الرّوميّ ( معبد الذاكرة ) الّتي توحّدت ثيمتها بوحدة موضوعيّة وهي الذكرى والحنين والإخلاص لأحاسيس نتمنّاها ، وكانت رسالة تنويريّة لقلوب العاشقين كي يحبّوا بعضهم بعمق وصدق . و  ( بقايا إنسان ) الّتي عدّها الناقد ثورة شنّتها الشّاعرة المغربيّة كريمة دلياس ضد الطّغاة والحروب والجوع والحرمان والعوز . أمّا مسك الختام فكان الحُبّ والشّاعر حبيب السّامر ومجموعته ( على قيد الحُبّ ) ، ذلك العنوان الّذي يُدلّل على حالة حُبّ وقصائد حُبّ واستمراريّة في الحبّ ، كما عبّر عنه الكاتب ( ص121 ) .   


( 7 ) 

   وبعد قراءتي لكتاب ( تجلّيات حرف ) أقول : أن الناقد أحمد طه حاجو ، تعامل في تجربته النّقديّة في هذا الكتاب ، الّتي جمعت بين أكثر من جنس ونوع أدبيّ ، مع مفهوم النّقد ووظيفته باحترافيّة وجرأة بعيدًا عن المجاملة والتّزلّف والتّكسّب ، والدّليل على ذلك تعليقه بوضوح على بعض الضعف الّذي رافق بعض الأعمال ، كإشارته إلى أسلوب  أحد الروائيين في توظيف الصّدفة إذ قال : (( ففي الصدفة الثالثة أجد بأنّها مفتعلة ، فكثرة الصدف قد تحتسب من باب الاستسهال ))( ص25 )، وقوله أيضًا مشيرًا إلى واحدة من المجاميع القصصيّة الّتي ضمّها كتابه : (( إنّ هذه المجموعة احتوت على 125 قصّة قصيرة جدًّا قد روعيت بها عناصر القصّة القصيرة جدًّا من خلال البلاغة والفلسفة والاختزال واحتواء خاتمتها على الصّدمة لكنّ هناك ما يقارب 13 قصّة من المجموعة قد افتقرت إلى هذه المقوّمات حيث أنّها اتّسمت بالمباشرة وضعف الخاتمة ))( ص96 ) . 

    أخيرًا ، أبارك للكاتب تجلّياته ، وأشدّ على يديه ، وانتظر المزيد من عطاءاتِهِ وإبداعاتِهِ ، وأذكّر القارئ بما كتبه الأستاذ الناقد جميل الشبيبيّ عن الكتاب والكاتب : (( إنّ هذا الكتاب ثمرة جهد وتعب دون مقابل ، لكنه تواصل مع كتّاب لا تربط العديد منهم أيّة رابطة مع الكاتب سوى رابطة حُبّ الأدب ، والإخلاص لصوتِهِ المهموس ، ولذا ينبغي الإنصات له ، وعدّه ثمرة من ثمرات الرابطة الإنسانيّة )).  

  × تجلّيات حرف قراءات تحليليّة في روايات ومجاميع قصصيّة وشعريّة ، أحمد طه حاجو ، ط1 ، دار أمل الجديدة ، دمشق ، 2022 .