بحث

Translate

 

متعة العمل | بقلم الأديبة المصرية خلود أيمن 


متعة العمل | بقلم الأديبة المصرية خلود أيمن
متعة العمل | بقلم الأديبة المصرية خلود أيمن 



السلام عليكم ،

متعة العمل : 

احتسيت قدح القهوة الذي يُعدِّل من مزاجيتي بعض الشيء في الصباح الباكر ثم ذهبت إلى عملي الذي يقع مقره في الشارع الخلفي لمسكني ، كنت أعلم أنه يومٌ شاق فقد استَلمتُ بعض القضايا التي تستلزم التركيز في اليوم السابق لذا أجَّلتها لهذا اليوم حتى أكون في أَوج تركيزي وقت الظهيرة وأستكمل العمل بكل جدٍ ونشاط دون أنْ يحدث أي خلل ، فتحت المذكرات وبدأت أُدوِّن بعض الملاحظات التي تُمكِّنني من حل القضية أو الوصول لمفتاح الحل على أقل حال ، بدأت أُفكر برَوية كيف يمكن مساعدة هذا الشخص وإخراجه من مأزقه ، بل كيف يمكن الوصول لثغرة الموضوع منذ أول وهلة ؟ ، لم آخذ وقتاً طويلاً حتى وجدت الحل ينبثق بذهني من خلال فكرة راودتني منذ الصباح الباكر بل منذ أمس حينما تلقَّيت هذا الملف الذي لفت انتباهي فقلَّبت بين صفحاته في عُجالة قبل أن أغادر المكتب وقد وضعت في خُطتي أنْ أبدأ به في اليوم التالي وها قد حدث ، لم تكن تلك المهنة هينةً أو سهلةً على الإطلاق ولكني اخترتها بمَحض إرادتي ولم تُجبرني عليها الظروف مطلقاً لذا أبذل فيها قصارَى جهدي دون الشعور بأي تعب مُضنٍ أو إجهاد بل أنتظر النتيجة بلهفة المشتاق الذي ينتظر عودة محبوبه بعد طول غياب ، وبعدما انتهيت من وضع الخطوط النهائية للقضية أَغلقت الدفتر وغادرت في هدوء دون أنْ أُزعِج أحداً من زملائي كما اعتدت وكنت في قمة سعادتي بعدما توصَّلت لحل تلك القضية التي أثارتني منذ وضعت أوراقها على مكتبي المُبجَّل ، أَجلْ إنِّ الوقت الذي يمضي في أداء ما نُحِب لا نشعر به بتاتاً ولا نشعر بالإرهاق حِياله إنما تنتابنا المتعة فحَسب ولا نوِدَّه أنْ يمضي سريعاً كما هو الحال دوماً ...



 

المهمشين | بقلم الأديب المصري وحيد عبد الملاك 


المهمشين | بقلم الأديب المصري وحيد عبد الملاك
المهمشين | بقلم الأديب المصري وحيد عبد الملاك



المهمشين 

المعلقين بالطباشير 

فوق ذاكرة النسيان 

مساء الخير 

الساكنين بئر خاوية 

من أسماء 

من صور بشر 

مقصوصة بمقص النسيان 

المغمورين بتراب 

من خجل 

من أسى 

من شجن 

من وقود ونار 

من لعبة طفل 

بساق واحدة 

ونصف عين 

عارية مصقولة 

ملفوفة فى ورقة شجر 

اسم الخريطة وطن 

وأنفاسها السهر

وحكايتها عجوز 

تنام بين جفون قهوة 

باردة 

وليلة أطول من الزمن …

    




سَكَنَ الرُّوحِ فِي مِيثَاقِ النَّقَاءِ | بقلم الكاتبة والشاعرة المصرية ريهام كمال الدين سليم 


سَكَنَ الرُّوحِ فِي مِيثَاقِ النَّقَاءِ | بقلم الكاتبة والشاعرة المصرية ريهام كمال الدين سليم
سَكَنَ الرُّوحِ فِي مِيثَاقِ النَّقَاءِ | بقلم الكاتبة والشاعرة المصرية ريهام كمال الدين سليم


 قَرَأْتُ بالأَمْسِ عِبَارَةً تَقُولُ: "يَسْكُنُ الرُّوحَ مَنْ كَانَ لَنَا عِندَ الشَّدَائِدِ أَكْثَر قُرْبًا وَأَحَنّ يَدًا." فَكَتَبْتُ هَذِهِ النَّثِيرَة.


يا مَن حَفَرُوا فِي الوُجْدَانِ

مِيثَاقَ القُرْبِ

حِينَ تَجَلَّتِ الخُطُوبُ

وَتَهَدَّمَتْ سُدُودُ السَّرَابِ

أَنتُمْ وَشْمُ الأَزَلِ فِي صَفَحَاتِ الرُّوحِ

أَنتُمْ نَسِيجُ السَّمَاوَاتِ

حِينَ تُطَرِّزُ الشَّدَائِدُ المَشَاعِرَ بِالنَّقَاءِ..

فِي عَتْمَةِ الوَهَنِ

تَسَاقَطَتْ أَفْلَاكُ المَظَاهِرِ

وَانْحَسَرَتْ أَمْوَاجُ التَّظَاهُرِ عَنْ شُطْآنِ الحَقِيقَةِ

فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا أَنْفَاسُكُمْ

دافئةً كَمُوقِدِ الشِّتَاءِ

رَفِيقَةً كَهَمْسِ الغَيْمِ لِلْجَدَبِ..

يَا مَن كَانُوا لِلرُّوحِ عُكَّازًا حِينَ اِنْحَنَى الظَّهْرُ

أَنتُم الرُّحَمَاءُ

لَا تَشُوبُكُمْ مَآرِبُ

وَلَا تَعْلُو فَوْقَكُمْ أَهْوَاءٌ عَابِرَةٌ

أَنتُم النُّورُ فِي أَزِقَّةِ الظُّلْمَةِ.. 

حِينَ امْتَدَّتْ أَيْدِيكُمْ كُوشَاحٍ سَمَاوِيٍّ

تَعَرَّتْ مَعَادِنُ البَشَرِ

بَقِيتُمْ كَجِبَالٍ لَا تَهُزُّهَا العَوَاصِفُ

وَكَالبَلْسَمِ يَتَسَلَّلُ لِلْنُّدُوبِ فَيُرَمِّمُهَا

سَكَنْتُم الرُّوحَ

لَا بِالْوُعُودِ

وَلَا بِالكلماتِ الزَّائِفَةِ

بَلْ بِتِلْكَ اليَدِ الَّتِي

تَحْمِلُ الْكَوْنَ بِأَكْمَلِهِ فِي لَمْسَةِ صِدْقٍ

فَيَا أَنْتُمْ

مَرَايَا النَّقَاءِ فِي زَمَنٍ تَشَوَّهَتْ فِيهِ الوُجُوهُ

أَنتُمْ العَهْدُ الَّذِي لَا يَنْكَسِرُ

وَالسَّنَدُ الَّذِي لَا يَزُولُ

أَنتُمْ النَّبْعُ الَّذِي تَتَوَضَّأُ مِنْهُ الأَرْوَاحُ لِتُصَلِّي صَلاةَ النَّقَاءِ

حَيْثُ لَا رِيَاءَ يُعَكِّرُ صَفْوَ النِّيَّةِ

وَلَا زَيْفٌ يُخْفِي جَوْهَرَ الحَقِيقَةِ

أَنتُمْ القِبْلَةُ الَّتِي يَتَّجِهُ إِلَيْهَا القَلْبُ حِينَ تَضِلُّ البَوْصَلَةُ

مِنْكُمْ يَكُونُ السَّلَامُ

وَعِندَكُمْ يَنْتَهِي الضَّجِيجُ

فَأَنْتُمْ لِلْحَيَاةِ مَعْنى

وَلِلرُّوحِ وَطَنٌ لَا يُهْدَمُ.




Yesterday, I read a phrase that said:

"The soul is inhabited by those who stood closest to us in times of hardship, with the gentlest of hands."

Inspired, I wrote this prose:


O you who engraved upon the soul

A covenant of closeness

When adversities revealed themselves,

And the barriers of illusions crumbled,

You are the eternal imprint on the pages of the spirit.

You are the fabric of the heavens

When hardships embroider emotions with purity.

In the darkness of weakness,

The constellations of appearances collapsed,

And the waves of pretense receded from the shores of truth.

Nothing remained but your breaths—

Warm as a winter hearth,

Gentle as the whispers of clouds to parched lands.

O you who became a crutch for the soul when the back bent,

You are the compassionate ones,

Untainted by ulterior motives,

Unshaken by fleeting desires.

You are the light in the alleys of darkness,

Your hands extended like a celestial mantle.

As the true nature of humans was laid bare,

You stood steadfast like mountains untouched by storms,

Like a balm seeping into wounds to heal them.

You dwelled within the soul—

Not with promises,

Nor with hollow words,

But with that hand

That holds the entire universe in a single touch of sincerity.

O you,

Mirrors of purity in a time where faces have been disfigured,

You are the unbreakable vow,

The unwavering support,

The fountain from which souls cleanse themselves

To pray the prayer of purity—

Where no hypocrisy mars intentions,

And no falsehood conceals the essence of truth.

You are the direction to which the heart turns

When the compass loses its way.

From you, peace emerges,

And with you, the noise subsides.

For you are the meaning of life,

And the homeland for the soul that can never be destroyed.


 حوار مع ملك الموت | بقلم الأديب المصري د. طارق رضوان جمعة 


حوار مع ملك الموت | بقلم الأديب المصري د. طارق رضوان جمعة
حوار مع ملك الموت | بقلم الأديب المصري د. طارق رضوان جمعة 




إذا رأيتم أديب يهرول... وثمانية وعشرون حرف وراءه فلا توقفوه

إذا رأيتموه هائم بين السطور فلا 

تتبعوه. ففي رحم قلبه جنين نص يتخبط، يوشك أن يولد لمتابعوه.


فنحن الموتى، الناجون من المعركة،

الخارجون من التوابيت، نتساءل:

كم قبر يكفي، ليواري تلك الأشلاء؟

كم شمعة تكفي، لإزاحة هذا الظلام؟

كم فرح يكفي، لنسف هذا الحزن؟

كم موت يلزمكم كي تلحظونا؟

كم عُمراً يلزمنا لننسى ما عشناه


هنا نقف احتراما لميلاد أخر... هو الجد الأكبر للحزن، الرعب، الكارثة، الخسارة، اليأس، الوحدة، الخوف، الوحشة.. كلها نفحة من الموت وفوحةٌ من مفهوم الحقيقة الأبدية. هو الزائر الذى لا يمهلك الوقت لتعبر عن حب، وتعتذر عن خطأ، وتحتضن أمّا هي في أمسّ الحاجة لعطفك حين عجزها، لتحاكي أباً طالما رمقك بعين دامعة شوقا لحديثك وقت وحشته، لتُقبّل زوجتك شكرا وعرفانا وتمنحها فرصة البوح، لتحضرٓ زفاف ابنتك التي حاولت مراراً الإفصاح عمّا في قلبها لك، لابنك التائه بحثاً عن ملاذك، ترجوه أن ينتظر حضور إخوة الدم والروح والرحم.. أولئك الذين لم تلقهم منذ عدة سنوات.. خصومةً وجفاءا !! وياللأسف… الموت لاينتظر. فهو خلاص الروح من ظلمة وسجن الجسد. هو الخلاص من ضنك العيش والم اختبار الحياة.


روي في المناقب عن الصحابي الجليل ابن عباس (رض): إنه أغمي على النبي صلى الله عليه وآله في مرضه، فدق بابه، فقالت فاطمة عليها السلام: من ذا ؟ قال: أنا رجل غريب أتيت أسأل رسول الله صلى الله عليه وآله أتأذنون لي في الدخول عليه ؟ فأجابت: إمض رحمك الله [ لحاجتك ]، فرسول الله عنك مشغول . فمضى ثم رجع، فدق الباب، وقال: غريب يستأذن على رسول الله صلى الله عليه وآله أتأذنون للغرباء ؟ فأفاق رسول الله صلى الله عليه وآله من غشيته وقال: يا فاطمة أتدرين من هذا ؟ قالت: لا يا رسول الله، قال: هذا مفرق الجماعات، ومنغص اللذات، هذا ملك الموت، ما استأذن والله على أحد قبلي، ولا يستأذن على أحد بعدي، استأذن علي لكرامتي على الله ائذني له، فقالت: ادخل رحمك الله . فدخل كريح هفافة وقال: السلام على أهل بيت رسول الله.


وقال الطبرسي وغيره ما ملخصه : إن رسول الله صلى الله عليه وآله، قال لملك الموت: إمض لما امرت له، فقال جبرائيل: يا محمد هذا آخر نزولي الى الدنيا إنما كنت أنت حاجتي منها، فقال له : يا حبيبي جبرائيل إدن مني، فدنا منه . فكان جبرائيل عن يمينه، وميكائيل عن شماله، وملك الموت قابض لروحه المقدسة.


فلما قُبض رسول الله صلى الله عليه وآله، جاء الخضر عليه السلام فوقف على باب البيت وفيه علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام ورسول الله صلى الله عليه وآله قد سجي بثوب، فقال: ( السلام عليكم يا أهل البيت (كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون اجوركم يوم القيامة) إن في الله خلفا من كل هالك، وعزاءا من كل مصيبة، ودركا من كل ما فات، فتوكلوا عليه، وثقوا به واستغفر الله لي ولكم ) . وأهل البيت يسمعون كلامه ولا يرونه، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: هذا أخي الخضر جاء يعزيكم بنبيكم.


وكانت السيدة فاطمة تنادي وتندب أباها قائلة:

وا أبتاه! واصفياه، وا محمداه! وا أبا القاسماه! وا ربيع الأرامل واليتامى!

مَن للقبلة والمصلّى؟ ومَن لابنتك الوالهة الثكلى؟ رُفعت قوتي، وخانني جَلَدي، وشمت بي عدوي، والكمد قاتلي. يا أبتاه بقيت وحيدة، وحيرانة فريدة. فقد انخمد صوتي، وانقطع ظهري، وتنغَّص عيشي، وتكدَّر دهري.


فما أجد - يا أبتاه - بعدك أنيساً لوحشتي، ولا راداً لدمعتي، ولا معيناً لضعفي، فقد فني بعدك محكم التنزيل، ومهبط جبرئيل، ومحل ميكائيل. انقلبت - بعدك - يا أبتاه الأسباب. وتغلَّقت دوني الأبواب. فأما الدنيا بعدك قالية، وعليك ما تردّدت أنفاسي باكية.


لا ينفد شوقي إليك، ولا حزني عليك.

يا أبتاه، انقطعت بك الدنيا بأنوارها، وذوتْ زهرتها وكانت ببهجتك زاهرة.

يا أبتاه! لا زلت آسفة عليك إلى التلاق. يا ابتاه! زال غمضي منذ حقَّ الفراق. يا أبتاه! مَن للأرامل والمساكين؟ ومَن للأمة إلى يوم الدين؟ يا أبتاه! أمسينا بعدك من المستضعفين! يا أبتاه! أصبحت الناس عنا معرضين! ولقد كنَّا بك معظَّمين في الناس غير مستضعفين!

فأي دمعة لفراقك لا تنهمل؟ وأي حزن بعدك لا يتصل؟ وأي جفن بعدك بالنوم يكتحل؟ وأنت ربيع الدين، ونور النبيين. فكيف بالجبال لا تمور؟ وللبحار بعدك لا تغور؟ والأرض كيف لم تتزلزل؟ رُميتُ - يا أبتاه - بالخطب الجليل. ولم تكن الرزية بالقليل. وطُرِقتُ - يا أبتاه - بالمصاب العظيم، وبالفادح المهول.


وقد ذكر ابن القيم في كتاب الروح : أن الملائكة تنزل على المحتضر وتجلس قريبا منه ويشاهدهم عيانا ويتحدثون عنده ومعهم الأكفان فهم إما من الجنة وإما من النار، ويؤمنون على دعاء الحاضرين بالخير والشر، وقد يسلمون على المحتضر ويرد عليهم تاره بلفظه وتارة بإشارته وتارة بقلبه، حيث لا يتمكن من نطق ولا إشارة، وقد سمع بعض المحتضرين يقول: أهلا وسهلا ومرحبا بهذه الوجوه.


يقول أحد المشايخ أن ملك الموت عندما يأتي لقبض روح شخص يتشكل له بصورة جميلة، أو بصورة صديق يحبه ذلك الشخص إن كان الشخص مؤمناً، وإن كان كافراً فإنه يتشكل بصورة مخيفة أو وحش أو ثعبان أقرع وغيره. 


وعن لقاء موسى عليه السلام لملك الموت فإن الله تعالى لم يبعث ملك الموت لموسى وهو يريد قبض روحه حينئذ، وإنما بعثه إليه اختباراً، وإنما لطم موسى ملك الموت لأنه رأى آدمياً دخل داره بدون إذنه ولم يعلم أنه ملك الموت، وقد أباح الشرع فقأ عين الناظر في دار المسلم بغير إذن.


وقد جاءت الملائكة إلى إبراهيم وإلى لوط في صورة آدميين فلم يعرفاهم ابتداء، ولو عرفهم إبراهيم لما قدم لهم المأكول، ولو عرفهم لوط لما خاف عليهم من قومه.


ولما دخل ملك الموت على سليمان بن داود ـ عليهما السلام ) فجعل ينظر الى رجل من جلسائه يديم النظر اليه فلما خرج قال الرجل لسليمان عليه السلام: من هذا؟ قال: هذا ملك الموت، قال: لقد رأيته ينظر الي كأنه يريدني، قال: فماذا تريد؟ قال: أريد أن تخلصني منه فتأمر الريح حتى يحملني الى اقصى الهند، فأمر سليمان عليه السلام الريح ففعل الريح ذلك، ثم قال سليمان عليه السلام لملك الموت بعد ان اتاه ثانية: رأيتك تديم النظر الى واحد من جلسائي، قال: نعم كانت أتعجب منه لأني كنت أمرت ان اقبض روحه بأقصى الهند في ساعة قريبة وكان عندك فتعجبت من ذلك


وحين يسأل الله ملك الموت من بقي يا ملك الموت؟ وهوأعلم فيقول مولاي وسيدي أنت أعلم بمن بقي بقي عبدك الضعيف ملك الموت فيقول الجبار عز وجل : وعزتي وجلالي لأذيقنك ما أذقت عبادي انطلق بين الجنة والنار ومت فينطلق بين الجنة والنار فيصيح صيحة لولا أن الله تبارك وتعالى أمات الخلائق لماتوا عن آخرهم من شدة صيحته فيموت‎.


ويحكى ملك الموت عن المرة التى ضحك فيها والمرة التى بكى فيها فيقول: كنت استعد لاقبض رجل وجدته يقول لصانع احذيه اتقن صنع الحذاء ليكفى من اللبس سنة . فضحكت وقبضته قبل ان يلبسه . فقال له الله: وما ابكاك ؟ فقال : بكيت عندما امرتنى ان اقبض روح امرأه وذهبت اليها وهى فى صحراء جرداء وكانت تضع مولودها


كل شيء يموت، حتى الموت.. سيُذبح ما بين الجنة والنّـــار، سيُأتى به على هيئة كبش أملح ويذبح. كم من موت نعانيه قبل موتتنا الكبرى! تموت القلوب حين تغدرُ وتخون، تموت الإنسانية عندما تكره وتقسو، يموت الحب عند اللامبالاة وساعة الكذب، وتموت الأخلاق بموت النخوة والمروءة، تموت الشعوب جهلا وتخلفا.. تموت بانسداد الأفق ، ويموت الدين حينما يكون نفاقا ورياءا، يموت الأمل ساعة الخيبة، نموت نحن ألف مرة ومرة قبل أوان الرحيل… وبموت من نحب نموت.


عندما تفارق النفس الجسد يصبح اسمها "روحاً" بعدما كانت نفساً، تتنفس حبا وأملا وشوقا.. تتنفس تعبا وضنكا وضيقا… اليوم هي تتنفس راحة لم تنشدها يوما.


لكن لماذا لا يكون الموت جميلا..؟ ولماذا لا نستشعر لذة هذه المتعة، متعة النهاية.. حيث نشوة بداية أخرى لم تتلوث بعد بأخطائنا، فى رحلة جديدة لمكان لم تزره من قبل وسط أناس أخرين.


"هل سافرت يوماً إلى مكان بعيد وأنت في شوق شديد، أو حنين قوي إليه..هل عدت من غربتك يوماً إلى وطن الطفولة والأحباب... هل وجدت قلبك يدق فرحاً وغبطة ؟.. تلك هي جمالية الموت.. حيث انسياب الروح في مملكة السلام، و انطلاق الشوق إلى الرب السلام.." جماليةٌ لك أن تتخيلها.


الروح لا تفنى؛ هي كالجنة والنار.. لا نعلم مستقرها أو مآلها، لا علم لنا بماهيتها أو تركيبتها، فقط يبقى صيتها وأثرها


الموت جميل للمتعبين الذين شاقوا الحياة وقاسوا مرارتها، للفقراء الذين عايشوا كدر الحاجة وضنك الفاقة.. للمحبين الذين طعنتهم الخيانة، هو رحمة للمرضى والعجائز.. هو رحمة بالخلق حين موت الظالمين.


الموت هو مرادف الحياة، والحياة هي الوجه الآخر للموت.. بموتنا نحيا، ، نرحل لمقابلة الرحمن، نشكو إليه ظلما وخذلانا.. نحكي له أوجاعا وآلاما، نرجوه مرحمة وإحسانا .. نرفع له دعوانا في حق الظالمين والمجرمين والقاتلين والغاصبين.. ونلتمس عنده انتقاما.


حكمة الموت بالغة، حكمة تبعث على الطمأنينة، هو يقتلنا كل يوم.. يستأصل من أنفاسنا عمرا فندنو منه أكثر، يأخذ من نحب فيقتل فينا شعورا لا يحيا..يجتث كل شيء قبل أن نسلمه أراوحنا طواعية…ثقةً فيه، واحتراماً لموعد لا يخلف.


ختاما، ففي نهاية مضمار الحياة نتوج بالموت، كجائزة تعب، وذكرى مرور..لقد ابتدع الإنسان صورة مرعبة للموت، لكنه ملاك رائع. لماذا يخشونه؟ أنه ضوء لامع، لكنهم يربطون بينه وبين الظلام. هو ملاك البشارة بالرحمة، لكنهم يستقبلونه بالعويل والصراخ، رغم أنه ليس رسول الحداد والنواح. أيها الموت.. أنت تستحق الثناء.. أنت دائم الأثر .





 الافتقار الروحي | بقلم الأديب المصري د. طارق رضوان جمعة 


الافتقار الروحي | بقلم الأديب المصري د. طارق رضوان جمعة
الافتقار الروحي | بقلم الأديب المصري د. طارق رضوان جمعة 



الخيال ليس بالشىء البعيد عن الحقيقة، لكنه يساعدنا على فهم الواقع والحقيقة. والخيال ما هو إلا جزء من الحقيقة. لكن اين باقى الحقيقة ؟ ولصالح من يتم اختفائها ؟

فى الواقع نحن جميعا نرى الحقيقة ورغم انها ثابتة لا تتغير إلا أن كل فرد من البشر يراها حسب وجهة نظره وطبقا لما يلائم مصلحته.


ويبقى السؤال إذا كنا نختلف فى رؤيتنا للحقيقة، فهل الحقيقة نفسها ترانا؟ للإجابة على ذلك عليك أن تعلم أن الحقيقة هى من تختار من يستحق أن يراها بوضوح أو كما يقول رجال الدين هى نور بصيرة أقوى من نور البصر وذلك فضل من الله يهبه لعباده الصالحين. 


ففى حياتنا نمر بتجارب ونخطىء أحيانا ونحتاج من يساعدنا فى تصحيح مسارنا، فقد نطلب المساعدة من صديق لكنه ليس له القدرة على حل ما تمر به من مشكلة، وقد نطلب المساعدة من صديق أخر أقوى من الصديق الأول لكن تدخله قد يصلح جانب من المشكلة ويفسد جانب أخر. حتى أقرب الأقربين رغم شدة حبهم لنا تختلف قدراتهم وظروفهم عندما يحاولون مساعدتنا. لكنك بعد المزيد والعديد من التجارب لن تحتاج إلى مارد يظهر امامك ليخبرك أن عقلك هو صديقك الوحيد الذى يمكنه ارشادك بما يتناسب مع ظروفك لحل ما تمر به من أزمات.


فهكذا نلتقى فى حياتنا بأشخاص كُثر، يحل بعضهم مشكلات لنا دون ضرر، والبعض سيساعدنا فى حل مشكلات، لكنه سيترك أثر ضار لنا، فكلاهما يحبنا، ولذلك تذكر دائما أن تضع الشخص المناسب فى المكان المناسب


نلتقى فى حياتنا بأشخاص أقوياء فلا يجب ان ننخدع بقوتهم، فهناك أمور لا يصلح فى حلها استخدام القوة لأنها غالبا تحتاج إلى الحكمة.


وقد يتبادر إلى أذهاننا سؤال هام وهو لما لم أحقق الكثير من طموحاتي رغم أني كنت أمتلك الإمكانية اللازمة لتحقيق تلك الطموحات؟!


للإجابة على هذا السؤال يجب أن نعلم أن المرء يملأ حياته بمعارف وصداقات تحتاج إلى فلترة. فالأصدقاء فى حياتنا لهم دور هام ، لكن من هم الأصدقاء؟ أو لماذا يحتاجون إلى تصنيف وفلترة؟ لأن هناك الصديق الذى يقوم بدور الموظف الذى يتقاضى أجره فى نهاية الشهر من صاحب العمل، فوجوده كما يقال " تأدية واجب" . هذا النوع يعطيك على قدر ما سبحصد منك، فالمشاعر بينكما محسوبة بالألة الحاسبة. وهناك صديق او أب او أم أو أخ أو أخت مبدعين فى العطاء لا ينتظرون المقابل أو الشكر.


إذا فالقضية تكمن فى ان هناك أماكن فى حياتنا فارغة تحتاج إلى مبدعين لدعمنا وليست العبرة بالكثرة ممن يلعبون دور الوظائف الشرفية فقط.

نحتاج أشخاص نلمسهم نشعر بهم.

نحتاج لمبدع، مبدع يدرك معنى الأبوة فيؤدي حقها، مبدع يدرك معنى الصداقة فيحفظها، مبدع يدرك معنى الأخوة فيقدسها، مبدع يدرك معنى البنوة فيحمدها.


انظر لمن حولك ستجد اغلبهم موظفين أجساد بلا روح، اشتقنا إلى أن يملأ تلك الفراغات في حياتنا بدلا من الموظفين أشخاص مبدعين.

أين المبدعين فى حياتنا؟!


فكما أن خطوة واحدة لن تمهد طريقا على الأرض، كذلك فكرة واحدة لن تغير الواقع. لتغيير حياتنا، يجب أن نفكر بالأفكار الصحيحة مرارًا وتكرارًا.


آلاف الأفكار تتطاير في رأسك كل يوم. الكثير منهم سلبيون ومخيفون، ونصفهم ليس ملكك حتى، ما عليك إلا أن تلتقطهم. لا تثق بهم. هذه مجرد أفكار ولن تصبح حقيقة إلا إذا ساعدتهم. عليك أن تثق بهذه الأفكار وتسعى لتنفيذها لأن ذلك يستدعى طاقة إيجابية من الكون حولك. فاستبشروا بالخير تجدوه.


فسر تعاستك هى انك تتبنى الأحزان وهى بدورها تستدعى طاقات سلبية من الكون، ولن يتغير الحال للأفضل حتى تتخلص مما علق بذهنك من مخاوف وأحزان. عليك أن تنطلق فى رحلة النجاح والسعادة بحرية.


كل الاضطرابات التي حدثت في الثلاثين عامًا الماضية لها مصدر واحد فقط: الافتقار الروحي. مليار شخص لم يعودوا يسمعون سوى الروبوتات، ولم يعودوا يفهمون شيئًا سوى الروبوتات، وملياري شخص أصبحوا روبوتات. 


أنا أؤمن بطاقة السذاجة. إنها تحرك الجبال وتصبح مفتاح النجاح في الحياة. نحن نسترشد بمشاعر بسيطة: الإهتمام، والفضول، والرغبة في شخص آخر، والحب، والخير والنور. كل ما هو أفضل عنا بسيط، وليس معقدًا.

سر جمال الحب أنه ليس مجرد شعور، بل هو حالة من الوجود تشعر فيها بالوحدة مع الكون. فالحب غير الأناني، بمجرد إيقاظه، يجعل جميع خلايا الجسم متناغمة. 

إنه يوجه طاقة العقل بقوة في الاتجاه الذي تريد إنجاز شيء ما فيه.

الحب يمكن أن يجعلك تحلق من جديد، حتى لو انكسرت أجنحتك. الخير ينتصر دائما على الشر. 


كذلك قد بتسأل البعض لماذا يعود الخير بالشر ؟ وللإجابة عن هذا يفترض بى أن أطلب منك ان تحاول ان تسير عاريا فى الطريق العام. فماذا تعتقد أن يحدث لك؟ بالطبع ستجد حرجا فى فعل ذلك لأنك تعلم أنك ستصاب بضرر جسيم من المارة. الأمر هو ذاته حين تسير بين الناس كالكتاب المفتوح.

حين تسير في العالم بروحك العارية، مفتوحة على مصراعيها. تكون روحك مرآة، ولهذا السبب نرى أنفسنا منعكسين في الآخرين. ويرى الآخرون انفسهم فينا. ولأن ارواحهم مليئة بالشر والرذائل يروا هذا فينا . هذه هي بالضبط الصورة القبيحة التي يرونها عندما ينظرون إلى روحك الطاهرة. ليس لديهم القوة والشجاعة للاعتراف بأنك أفضل منهم. 

وختاما افتح قلبك للناس بعناية.




 

بين الرجولة والذكورة | بقلم الأديب المصري د. طارق رضوان جمعة 


بين الرجولة والذكورة | بقلم الأديب المصري د. طارق رضوان جمعة
بين الرجولة والذكورة | بقلم الأديب المصري د. طارق رضوان جمعة


حتي وإن تعطر الرجال بأفخم أنواع العطور فستبقي رائحة الرجولة أفعال واقوال.

يقول أبو العلاء المعرى

مَشَى الطاووسُ يوماً باعْوجاجٍ

فقلدَ شكلَ مَشيتهِ بنوهُ

فقالَ علامَ تختالونَ.. فقالوا

بدأْتَ به ونحنُ مقلِدوهُ


عزيزى الذكر » عفواً «سيدى الرجل»: هل تعلم الفرق بين «الذكورة» و«الرجولة»؟..هل تعلم أن هناك مواقف أثبتت أن من النساء من هن أشد رجولة وثبات من كثير من الذكور؟ الرجل: قد يطلق ويراد به الذكر: وهو ذلك النوع المقابل للأنثى، وعند إطلاق هذا الوصف لا يراد به المدح وإنما يراد به بيان النوع كما قال تعالى: ( للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون ).


وقد تطلق الرجولة ويراد بها وصف زائد يستحق صاحبه المدح وهو ما نريده نحن هنا.. فالرجولة بهذا المفهوم تعني القوة والمروءة والكمال، وكلما كملت صفات المرء استحق هذا الوصف. وقد وصف الله بذلك الوصف أشرف الخلق فقال: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِم مِّنْ أَهْلِ الْقُرَى). فهي صفه لهؤلاء الكبار الكرام الذين تحملوا أعباء الرسالة وقادوا الأمم إلى ربها، وهي صفة أهل الوفاء مع الله الذين باعوا نفوسهم لربهم (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ). وصفة أهل المساجد الذين لم تشغلهم العوارض عن الذكر والآخرة (رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ). إنهم الأبرار الأطهار (فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ


متى تسقط الرجوله عن الرجل بنظرك ؟ إذا سقطت منه الشهامة والمروءة ، وخيانة العهد ونقض الوعد ، سقوطه في المحرمات والشهوات ، أن يكون كاذب ومنافق وأناني ، هروبه من المواقف والشدائد ، أن يكون سيء الأخلاق والطباع ، وأن يتخلى عن الفضائل ويتحلى بالرذائل.


إن ظننت للحظة أن باستطاعتك إثبات رجولتك بالتحدث عن نفسك فأنت حتما مخطئ.. فالرجولة تُشعر وتُلمس وتُرى.. تعيش ملاصقة لصاحبها كظله يراها الجميع إلا هو، تحضر معه إن حضر فتضيف لحضوره هيبة وسحرا، ولا تغيب إن غاب فتُطبع في عقول الناس تماما كما تُطبع ملامح صاحبها.

فالرجل، ولا أقصد الذكر، إذا أحب امرأة سقاها من كأس حنانه. الرجولة كنز فهى تقود إلى النجوم بينما الذكورة تقود إلى الموت. الرجولة هى أن تقاوم هوى نفسك وتحبسها عن الدنيا، فحاكم نفسه اقوى من حاكم مدينة. {والْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} والثناء من رسوله كما في الحديث المتفق عليه:" لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ، إِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ


الرجل المصاب بداء الحب يتحول من صياد إلى طريدة ، يتحول إلى حارس أمين على محبوبته. الرجولة شجاعة، فعش يوماَ واحداَ كالأسد خير من أن تعيش مئة سنة كالنعامة. فالجبناء يهربون من الخطر والخطر يفر من وجه الشجعان. 

ولأن الرجولة والأنوثة بينهما ترابط قوى ، بل هما وجهان لعملة واحدة تجد ان الرجل جذع الشجرة وساقها وأوراقها، أما المرأة فهي ثمارها. وقوة الرجل فى عقله بينما تكمن قوة الانثى فى دموعها، وبالمثل ليس كل إمرأة أنثى. الرجل هو المادة الخام التي تعمل فيها المرأة اللمسات الأخيرة.

الرجولة أسمى ما يمكن أن تبحث عنه المرأة في الرجل، فإن وجدته وجدت الحب الذي لا يذبل، والتواصل الذي لا يُقطع، والثقة التي لا تُخدش، متى وجدته وجدت إشباعا لقلبها وعقلها، وحظيت بمن يصلح لأن يكون رفيقا لدربها في الدنيا والآخرة. متى استشعرت الأنثى حضور الرجولة حولها ميزتها على الفور – دون حاجةٍ منك لاستعراضها –  كما يميّز الوليد رائحة أمه.

الرجولة أهم الصفات الإنسانية لأنها الصفة التي تضمن باقي الصفات. لا تكن جبانا فتموت آلاف المرات، ولكن كن شجاعا فالشجاع لا يذوق الموت إلا مرة واحدة. ولا يمكن أن نتعلم الشجاعة والصبر إذا كان كل شيء في العالم مليئاً بالفرح. الرجولة أن تخلق من اليأس أملاً، لأن اليأس فيه طعم الموت ولأن الشجاعة معنى الحياة. 


الرجولة بين المظهر والمضمون

الرجولة وصف يمس الروح والنفس والخلق أكثر مما يمس البدن والظاهر، فرب إنسان أوتي بسطة في الجسم وصحة في البدن يطيش عقله فيغدو كالهباء، ورب عبد معوق الجسد قعيد البدن وهو مع ذلك يعيش بهمة الرجال. فالرجولة مضمون قبل أن تكون مظهرًا، فابحث عن الجوهر ودع عنك المظهر؛ فإن أكثر الناس تأسرهم المظاهر ويسحرهم بريقها، فمن يُجلّونه ويقدرونه ليس بالضرورة أهلا للإجلال والتوقير، ومن يحتقرونه ويزدرونه قد يكون من أولياء الله وعباده الصالحين، وقد ثبت عن سهل بن سعد رضي الله عنه أنه قال: مر رجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (ما تقولون في هذا؟) قالوا: حري إن خطب أن ينكح، وإن شفع أن يشفع، وإن قال أن يسمع. قال: ثم سكت، فمر رجل من فقراء المسلمين، فقال: (ما تقولون في هذا؟) قالوا: حري إن خطب أن لا ينكح، وإن شفع أن لا يشفع، وإن قال أن لا يسمع. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (هذا خير من ملء الأرض مثل هذا)

رواه البخارى.


الرجولة هي الإستعداد لمواجهة المصائب التي لا مهرب منها برباطة جأش. ابتعدي عن رجل لا يملك شجاعة الإعتذار.. حتى لا تفقدي يوماً احترام نفسك.. وأنت تغفرين له إهانات وأخطاء في حقك، لا يرى لزوم الإعتذار عنها، سيزداد تكراراً لها.. واحتقارا لك. 

ورغم اتفاق جميع الخلق على مكانة الرجولة إلا أن المسافة بين واقع الناس وبين الرجولة ليست مسافة قريبة. وفي عصر الحضارة والمدنية المعاصرة، عصر غزو الفضاء وحرب النجوم، عصر التقنية والاتصال، ارتقى الناس في عالم المادة، لكنهم انحطوا في عالم الأخلاق والقيم، صعدوا إلى الفضاء وأقدامهم في الوحل والحضيض، تطلعوا إلى الإنجاز المادي وهممهم حول شهواتهم وأهوائهم (إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا).

وورث المسلمون من هؤلاء العفن والفساد، ورثوا منهم مساويء الأخلاق، وساروا وراءهم في لهاث وسعار، وصرنا بحاجة إلى تذكير الرجال بسمات الرجولة، وأن نطالب الشباب أن يكونوا رجالا لا صغارا ولا مجرد ذكور فكم بين وصف الذكورة والرجولة من فوارق.

إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا


وكم من مفاهيم خاطئة فكثيرون هؤلاء الذين يلجؤون إلى أساليب ترقع لهم هذا النقص فى سمة الرجولة وتسد لهم هذا الخلل، ومن هذه الأساليب:

١- محاولات إثبات الذات: التي غالبا ما يلجأ إليها الشباب المراهق، فيصر على رأيه ويتمسك به بشدة حتى تغدو مخالفة الآخرين .


٢- القسوة على الأهل: اعتقادا أن الرفق ليس من صفات الرجولة وأن الرجل ينبغي أن يكون صليب العود شديدًا لا يراجع في قول ولا يناقش في قرار، فتجد قسوة الزوج على زوجته والوالد على أولاده والرجل على كل من حوله.. مع أن أكمل الناس رجولة كان أحلم الناس وأرفق الناس بالناس مع هيبة وجلال لم يبلغه غيره صلى الله عليه وسلم.


ويعتقد البعض أن بعض التصرفات تدل على الرجولة فيعتنقوها ويتوارثوها: فليس من الرجولة ظاهرة التدخين لدى الناشئة والصغار، أو مشي بعض الشباب مع الفتيات أو معاكستهن ومغازلتهن، أو التغيب عن البيوت لأوقات طويلة، أو إظهار القوة والرجولة من خلال المشاجرات والعراك مع الآخرين .. غير أن كل هذه التصرفات لا تدل في واقع الأمر على اتصاف صاحبها بهذا الوصف الكبير الدلالة.. والحق أن الشاب أو الإنسان الذي يملك مقومات الرجولة ليس بحاجة إلى تصنعها أو إقناع الآخرين بها، فمالم تنطق حاله بذلك، ومالم تشهد أفعاله برجولته فالتصنع لن يقوده إلا إلى المزيد من الفشل والإحباط.


الرجولة هى الحلم حين تطيش عقول السفهاء، والعفو حين ينتقم الأشداء، والإحسان عند القدرة وتمكن الاستيفاء؛ فاستحقوا المدح من الله ".


والهمة هى علامة الفحولة والرجولة وهي أن يعمل على الوصول إلى الكمال الممكن في العلم والعمل، وقد قالوا قديما: "الهمة نصف المروءة"، أما غير الرجال فهممهم سافلة لا تنهض بهم إلى مفخرة، ومن سفلت همته بقي في حضيض طبعه محبوسا، وبقي قلبه عن الكمال مصدودًا منكوسا، إنها صورة مخزية من صور دنو الهمة، وأشد منها خزيا أن تعنى الأمم باللهو وتنفق عليه الملايين، وأن تشغل أبناءها به.


يقول كوندي : "العرب هَوَوْا عندما نسوا فضائلهم التي جاؤوا بها ، وأصبحوا على قلب متقلب يميل الى الخفة والمرح والاسترسال بالشهوات".


وهناك مقومات أخرى كثيرة كالجود وسخاوة النفس، والإنصاف والتواضع في غير مذلة، وغيرها من كل خلق كريم وكل سجية حسنة كلما اكتملت في إنسان اكتمل باكتمالها رجولته. وهذا الكلام فأين العاملون؟


الرجولة لا تشترى بالمال ولا بالكلام ولا بغيره، فأرح نفسك من عناء إثبات رجولتك..الرجولة عمل بطولي لا يُصنع في النوادي الرياضية ولا يقاس بأرقام كشوف الحسابات البنكية، لن تصل إليه بالصوت العالي ولن تناله بالاستعلاء على البشر، ليس زرا تضغط عليه أو ميزة تقتنيها، فهي أمر صعب لا يطيقه الكثيرون، إذ لا يمكن لصاحبها أن يعيش على هامش الحياة هائما على وجهه بلا هدف، حياته أسمى من أن تتمحور حول نفسه وأكبر من أن تدور في فلك ممتلكاته.


الرجولة كلمة حق وموقف حق، هي نصرة المظلوم على الظالم وابتغاء وجه الله في كل قول وفعل، هي الأخلاق الكريمة والمعاملة الحسنة، هي الشهامة عند حاجتها والشجاعة في وقتها، هي أن تحب لأخيك ما تحب لنفسك، هي أن تكون مستعدا للتضحية في سبيل ما تؤمن به، فأرح نفسك من عناء إثبات رجولتك..


كيف لي أن أصدق رجولة فرد ً يتحدث صاحبها عن نفسه باداء مسرحى مبالغ فيه كما يتحدث المتيم عن محبوبته، يرى نفسه أفضل من غيره تماما كما يرى المحبوب محبوبته أجمل النساء. كيف أصدق كلامك وأنت تضع نفسك في مرتبة فوق كل البشر ثم تدعي أن نظرتك الفوقية تلك هي الأصدق والأكمل! 


تصيبك الدهشة لما تراه من الميوعة والتخنث عند بعض الرجال ومما تراه من الاسترجال من بعض النساء حتى لا تكاد تفرق بين الصنفين، قديما كان الرجل إن لم يمنعه التدين من الميوعة منعه العرف والتقاليد . يجب على الأبوين أن يعلما ابنهم كيف يعيش بين الناس وهو رجل، يجعل الناس تفتخر به.


لن تقوم لنا قائمة إلا إذا أدرك الرجل أنه هو ساق هذه الأمة وساعدها، يتحلى بالشجاعة والعفة وبالأخلاق العالية، وتدرك المرأة أنها هي زهرة هذه الأمة، شيمتها الأخلاق والحياء والصفات الحميدة.


وتأمل حال بناتنا ترى العجب، فهده ترفع صوتها متأسية بالرجال، وأخرى تلبس لباسا تخجل العفيفات لبسه أمام إخوتها في بيتها، قدوتها شخصيات كل همها الزينة والسفور ولبس الملابس الفاضحة الخادشة للحياء، شخصيات لم تنجح في إنشاء أسرة متماسكة، أو لنقل لم تجد الرجل الذي تشاركه حياتها، لأنها تملك كاريزما رجالية لا تخضع لقيد ولا حدود.

وينشَأُ ناشئُ الفتيانِ منا..

على ما كان عوَّدَه أبوه




 

استثمار مراحل العمر المختلفة | بقلم الأديبة المصرية خلود أيمن 



استثمار مراحل العمر المختلفة | بقلم الأديبة المصرية خلود أيمن
استثمار مراحل العمر المختلفة | بقلم الأديبة المصرية خلود أيمن 

 

السلام عليكم ، 

استثمار مراحل العمر المختلفة : 

أياً كانت المرحلة العمرية التي تَمُر بها فعليك أنْ تستثمرها جيداً وتُخصِّص وقتاً من أجل تثقيف ذاتك وتطوير مهاراتك وعقليتك بالقَدْر الذي يسمح لك بتقبُّل كل أمور الحياة دون جزَع ، فَهمْ الواقع مهما بَدا مؤلماً ، القدرة على التعامل بصَرامة وحَزم مع وطأة المواقف المختلفة ، التحلي بالقوة وقت النَوازل والمِحن ، فتلك الفترة التي تعترض وتتمرد عليها وتمتعض منها طوال الوقت هي ما تُشكِّل شخصيتك بالفِعل وتجعلك تنضج بالقَدْر الكافي الذي يُمكِّنك من التفاعل مع كل أحداث الحياة بشكلٍ سليم دون أنْ تُصاب بالوَهن أو تَخور قواك للحظة تجد فيها الرياح تجرفك حيث شاءت وتتلاعب بك الأيام وتَطيح بك كيفما يحلو لها ، وقد يقذفك البشر في دوامات من الخِدع والمكائد والأمكار التي يدبرونها لك من حين لآخر ، فلا تستهن بتلك المرحلة التي تكون فيها لحَالك فقد تكون تلك الوَحدة هي القادرة على تعليمك المزيد من الأمور واكتشافك للمزيد من الخبايا والأسرار سواء عن نفوس البشر أو مجريات الأحداث التي لولا توسُّع آفاقك ما لحظْتَها أو استوعبتها لآخر يوم بحياتك ، فهي مرحلةٌ مميزة بالفعل تُشبه كثيراً مرحلة الطفولة ولكن على نطاق أشمل وأوسع ، فالفارق بينهما أنَّ الطفل يُدرك الأمور لأول مرة أما أنت على عمرك وبلوغك تتعرض للأمور لمرات عديدة إلى أنْ تدركها على شكلها الصحيح الذي غفَلت عنه في الماضي لما كنت عليه من البراءة والطيبة التي حملَها قلبك ولم يُفرِّط فيها حتى اليوم ولكنه أراد أنْ يتغيَّر بشكل طفيف يُمكِّنه من مواكبة الحياة والتعامل مع مُختلَف الأمور بحذرٍ وحِيطة أكثر من ذي قَبْل حتى لا يقع في أخطاء الماضي التي حاول مِراراً وتكراراً تجنُّبها وتفادى الوقوع فيها فهذا لا يَعيبه في شيء أو ينتقص من قَدْرِه ولكن له معنىً واحداً أنه يحاول التعلُّم واكتساب المزيد من الخبرات والوعي من تلك الحياة التي يعيشها وأنْ يكون شخصاً غير الذي كان عليه في الأمس القريب والذي ورَّطه في أمور جمَّة لم يتمكن من الخلاص من تبعاتها الوخيمة حتى اليوم أو تأثيرها الفتاك الذي ما زال عالقاً به ، ولكنه على النقيض لا بد أنْ يُزيده تباهياً وفخراً بذاته التي يحاول تطويرها نحو الأفضل دون أنْ يُوصِّلها  للحضيض أو يُغيِّرها تغييراً جذرياً وكأنها تبدلت تماماً ...




تربية المسلمين على مكارم الأخلاق ومحاسنها | بقلم فضيلة الشيخ أحمد علي تركي مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف 


تربية المسلمين على مكارم الأخلاق ومحاسنها | بقلم فضيلة الشيخ أحمد علي تركي مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف

تربية المسلمين على مكارم الأخلاق ومحاسنها | بقلم فضيلة الشيخ أحمد علي تركي مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف 

 



 


إن دين الإسلام سعى إلى تربية المسلمين على مكارم الأخلاق ومحاسنها، للفوز بالجنة وأعلى درجاتها، فجعل من علامة كمال الإيمان أن يحب المسلم الخير للآخرين كما يحبُّه لنفسه، فعن أنس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: 


لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ، حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ . رواه البخار


وفى رواية : حتى يُحِبَّ لجاره أو لأخيه.


وخرَّجه الإمام أحمد، ولفظه: لا يبلغ عبدٌ حقيقةَ الإيمان حتى يُحِبَّ للناس ما يُحِبُّ لنفسه من الخير .


قال النووي في شرحه على مسلم : 

وذلك سهل على القلب السليم، وإنما يعسر على القلب الدغل عافانا الله وإخواننا .


وقيل في هذا الحديث: إنه ربع الإسلام .


وهذا الحديث يُعتبَر ميزانًا يَعرف به المؤمنُ قدْر إيمانه، فمنْ يحبُّ الخير للآخرين، بحيث يُحبُّ لهم الصلاح والهداية، والحياة الطيبةَ السعيدة، ويفرحُ إذا أصابهم خير، ويَحْزنُ إذا أصابهم شرٌّ، ويسعى إلى إدخال السرور عليهم، فهذا مؤمن كامل الإيمان.


والإسلام بتعاليمه السمحة يُؤلِّف بين القلوب، ويجمع الشتات، ويلمُّ الشمل، ويجعل من الأمة جميعًا جسدًا واحدًا، كيانه يتشكَّل من أفرادها بمختلف صفاتهم وأوصافهم، وتفاوت درجاتهم، وعصبهم الذي يشده لبعضه هو الأُخوَّة والمحبَّة والصلة التي مستمدُّها من الشريعة المحمدية الصافية البيضاء الغرَّاء، ليلها كنهارها، ونورها الهادي والمبين للمعالم التي يُسترشد بها هم العلماء وأهل الخير من الصحابة والتابعين لهم إلى يوم الدين، جسد إذا تألم منه عضو تألمت سائرُ الأعضاء، وباتت ساهرةً على دَفْع الضرر والحرج عنه.


فما أعظم هذا الدين؛ حيث حرص على سلامة القلوب وتَرابُطها! وما أوسع فضله؛ إذ يثيبك على نفْعك لإخوانك المسلمين!


فهذا حديث عظيم جليل، حتى قال بعض العلماء: 

إنه أحد الأحاديث الأربعة التي عليها مدار الإسلام؛ حديث الأعمال بالنية، وحديث من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه، وحديث الحلال بيِّن والحرام بيِّن، وهذا رابعها: 

لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه .

وقد جاء في رواية عند مسلم: 


حتى يحب لأخيه أو قال لجاره ما يحب لنفسه .