بحث

Translate

 

سقف الحرية | بقلم الأديبة المصرية خلود أيمن 


سقف الحرية | بقلم الأديبة المصرية خلود أيمن
سقف الحرية | بقلم الأديبة المصرية خلود أيمن 



السلام عليكم ، 

سقف الحرية : 

الحرية الحقَّة لا تخرج من حدود العقل ، فالإنسان الذي يُعمِل عقله في أمور جادة مفيدة هو مَن يشعر بالحرية التي تحقِّق له السعادة المرجوة ، فالحرية إنْ يمنحها المرء لذاته لن يمنحها له أحد ، فلا بد أنْ يحدد كل فرد ماهية الحرية بالنسبة إليه حتى لا يشعر بأنه محاصر ومقيَّد أغلب الوقت لا يتمكن من ممارسة حياته كما يشاء ، فإنْ لم يضع حداً لتلك الحرية التي ينادي بها الجميع لسوف يغرق وتنحط أخلاقياته وتضمحل مبادئه وقيمه وسيتحول لشخص آخر لا يعرفه نظراً لرغبته في تطبيق مفهوم الحرية السائد الذي يركض وراءه الجميع بلا تفكير في تبعاته الوخيمة التي تؤذيه بالفعل ، فعقل كل شخص هو ما يمكِّنه من تحديد السقف الذي سيصل إليه من تلك الحرية المُفرِطة التي يتَّبعها الجميع بلا رادع حتى تضيع حياتهم بلا رجعة ويندمون بعد فوات الأوان ...



 أنا والمراكبي | بقلم الأديب المصري د. طارق رضوان جمعة 


أنا والمراكبي | بقلم الأديب المصري د. طارق رضوان جمعة
أنا والمراكبي | بقلم الأديب المصري د. طارق رضوان جمعة 



الشخصيات: طارق( أديب ومفكر مصرى يجلس فى قارب فى النيل، هارباً من الضوضاء )


المراكبى ( شاب يعمل على قاربه ليجد قوت يومه، لكنه محبط من الأيام)

الزمان: قبل الغروب

المكان: قارب يسير فى النيل


المراكبى ( متعجبا) ماذا تكتب يا استاذ؟ لما لا تستمتع برحلتك فى النيل كسائر الناس؟!

طارق( مبتسماً): متعتى أجدها فى الكتابة، فهى شريك حياتى فى فرحى وحزنى، وأنا أخترت القارب بعيداً عن الناس حتى أجد الهدوء وجو مختلف لأكتب بشكل أفضل

المراكبى( مرتبكاً): اعتذر لمقاطعتك فلم اعتاد هذا من قبل فى الغالب أجد شاب وخطيبته أو اسرة ترغب فى قضاء وقت ممتع ورحلة فى النيل. يمكنك استكمال كتاباتك لن ازعجك.

طارق( يهز راسه) لا عليك دعنا نتسامر قليلاً فمعرفة الرجال كنوز.

المراكبى: كنوز!! الكنوز يا استاذ مع الاغنياء أما نحن فقد سرق الزمن ضحكتنا وفرحنا. حتى الحياة نسينا نعيشها. هو حضرتك كنت بتكتب عن ايه؟

طارق( سعيداً): عن الحب ، هل تؤمن به؟كنت اقول ان اوله هزل وأخره جد وله أنواع فاقت الحد والخيال لكن منبعه وأصله كله من الله بمعنى أن هناك  تفاعل ومحبة بينا وبين اى وكل شىء حولنا يعنى مثلا القارب ده ربنا سخره يخدمنا والنهر ده كذلك وإلا كان اغرقنا، بينا وبينهم اصبح فيه حب.

المراكبى( مسننكرا) : ونعم بالله لكن حب ايه إللى انت جاى تقول عليه... نحن نعيش وسط طغيان المادة وظلمها، الأغنياء هم أصحاب الحق حتى لو ظالمين. 

طارق( مدافعاً عن موكله الحب): يا صديقى إن للحب معانى دقيقة لا يدرك جلالتها وحقيقتها إلا بالمعاناة. فالمعاناة هى سمة الحياة وسنتها. حتى الأنبياء وأصحاب المبادىء والفلاسفة لم يكونوا بمنأى عن ذلك بل هم الأكثر معاناة ومع ذلك هم أكثر من عرفوا الحب ونادوا به. دعنا ننسى ما ينغص فكرك من المادة وظلمها لتتذوق وترى الحب فى كل ما حولك. 

المراكبى( مندهشاً) : كيف انسى المادة وانا أوفر قوت يومى بالكاد ولا يمكننى الآن أن اتقدم لخطبة أى فتاة.

طارق: اتعلم يا صديقى الأزمة ليست فى الحب منذ البداية بل المشكلة تكمن فيك انت. لو انك زرعت حباً بينك وبين الأقارب والجيران والأصحاب لحصدت ثمراً يكفيك ذل الأيام وغدرها. رصيدك محدود وكاد ان ينفذ مهما بلغ الثراء فمن عاش لنفسه فقير وان كان قارون زمانه. 

المراكبى: وما أدراك انى لم أفعل. انا فعلت كل هذا وربما أكثر وما حصدت الا خيبات وصدمات لم اتوقعها، وحين كان لدى فرصة الإنتقام لم اغتنمها ولن أفعل.


طارق( مستحسناً ما قاله المراكيى) : يا صديقى الإحباط والصدمات اصابوك لأنك بنيت توقعات وانتظرت المقابل. الحب الصادق يكون فى الله ولله ولا ينتظر مقابل وبهذا ثق تماما أن ما ستحصده أعظم بكثير مما كان يمكنك توقعه. التجارة مع الله يا عزيزى وحينها ستدرك ان للحب مفاهيم حسية وروحية ملموسة فقط لمن يحسن الحب ويجيده، حينها ستسمو روحك لتكون ملائكية.

المراكبى( أوقف التجديف): كيف للمرء ان يجمع بين كل هذه المعاناة اليومية من عمل ورعاية الأسرة وحياة اجتماعية ساخرة ماكرة صعبة ورعاية ذاتية وغير ذلك؟

طارق: الحب بسيط والفرق بين العشق والحب واضح، فالعشق مرض. لا تنتظر ان تاخذ كل شىء من شخص واحد لأنك بهذا تجهده وتخنقه. العشق احساس مرضى وحب مفرط. لكن الحب احساس فطرى. الحب هو تعلق روح بروح بين الإنسان وربه، بين انسان وإنسان أو بين انسان وحيوان أو حتى جماد. الحب لا يهتم بمظهر أو جمال جسد. الحب جنة الله على أرضه.

المراكبى: وكيف اعرف ان ما بى هو حب صادق؟

طارق: حين تنكسر بداخلك الغيرة المرضية، حين لا تنتظر المقابل، حين تشعر بالأمان، حين لا تشعر بوجود اى أعداء لك وكان الجميع احبابك، حين ترضى عن نفسك وعن ما ومن حولك فأنت فى قمة الحب.

المراكبى: زدنى

طارق: المحب يدمن ويطيل النظر لمن يحب تحديقاً ومعاينةً. فالعين هى باب النفس. والمحب ترى لمعة الحب فى عينيه حين يرى أو يسمع اسم الحبيب. 

المراكبى: من ابن تأتى الغيرة المرضية ؟

طارق: الغيرة لا بأس بها لكن المرضى منها مفجع. تاتى الغيرة المرضية من شخص لم يتلقى حب كافى فى طفولته، فهو هش نفسياً مدمر لمن حوله اجتماعياً، يقوم بملاحقة من يحب بشكل عقيم خانق.

المراكبى: هل سمعت عن الرجل الذى مارس الجنس مع ٣٠٠ بغى؟ هل بداخله كل هذا الحب لهن؟

طارق: يا صديقى مدمن الجنس هذا هو شخص يلهث خلف ارضاء شعوره بأنه مرغوب من الجنس الآخر ، بدليل انه بمجرد أن تقول له البغى" انا أحبك" يتركها ليبحث عن بغى اخرى.. فهو مريض يستحق العلاج والشفقة.

المراكبى: وهل خلق الله لكل شخص نصفه الاخر؟

طارق: بالتأكيد  فالحب رزق، ورزق الله يأتى لك دون عناء إذا ما احسنت التوكل والإيمان به، فلا حيلة لك ولا حاجة لك أن ترهق ذاتك. ها قد أتى  المساء ... ونيس الاحبة فدعنا نعود للشاطىء والديار. جعل الله حياتى وحياتكم كلها ارزاق جميلة.



 

طاقة العُمر المكنونة | بقلم الأديبة المصرية خلود أيمن 


طاقة العُمر المكنونة | بقلم الأديبة المصرية خلود أيمن
طاقة العُمر المكنونة | بقلم الأديبة المصرية خلود أيمن



السلام عليكم ، 

طاقة العُمر المكنونة : 

إن أشق أمور المرء أنْ يكون بداخله تلك الطاقة الجبارة ولا يتمكَّن من استغلالها أو توجيهها فيما يفيد رُغم امتلاكه مزيد من الوقت أيضاً وهذا ما يضيِّع منه أفضل فترات حياته ويجعله فاقداً الثقة في نفسه ويشعر أنه لا قيمة له أو معنى لكيانه وكأنه عالةٌ على المجتمع لا يضيف إليه أى جديد ويظل على هذا الحال البغيض إلى أنْ يجد العمل أو المهنة أو حتى تلك الموهبة التي تُحيل حياته لشُعلة من الحماس والطاقة التي يفنيها فيما يُحِب ويبدع فيه ويكرِّس كل جهوده دون كللٍ أو توقف وبهذا يجد أن الحياة لا تنقضي بلا طائل ، فتلك الطاقات المكنونة إنْ لم توجَّه في الوقت السليم سوف تتبدَّد لا مَحالة ولن نتمكن من استعادة تلك الفترة بفعل تقلُّص الجهود ونقص القدرات بمرور الوقت وتدهور الصحة وشيئاً فشيئاً نجد أن الحياة قد أُهدِرت في اللاشيء وكأنها لم تمضِ كما أردنا لها أنْ تسير ، فسبحان مَنْ وضع بداخلنا كل هذا البأس والقوة وجعلنا راغبين في إفناء حياتنا في تقديم إنجازات تشهَد على قدراتنا وتساهم في النهضة والتقدم سواء على المستوى الشخصي أو على نطاق أوسع يَخُص المجتمع دون أنْ نُحجِّمها أو نتكاسل عن تقديمها بأفضل شكل ممكن حتى نظهر بصورة جيدة أمام أنفسنا قبل العالمين ...


 الصداقة الزوجية | بقلم الأديب المصري د. طارق رضوان جمعة 


الصداقة الزوجية | بقلم الأديب المصري د. طارق رضوان جمعة
الصداقة الزوجية | بقلم الأديب المصري د. طارق رضوان جمعة


قضية مقالى اليوم هى ما يؤرق الكثير من منازلنا الزوجية ليس فى الوطن العربى فقط ولكن فى العالم اجمع فى ظل التكنولوجيا الحديثة ووسائل التواصل الإجتماعى، تلك العولمة التى جعلت العالم قرية صغيرة. فاليوم نتحدث لا لندفن رؤوسنا فى الرمال خجلاً، بل لنحصن بيوتنا ونحميها من التداعى. 

جميل ان تتزوج، ورائع أن يكون لك شريك حياة، ولكن الأروع والأجمل أن يكون الشريك صديق، رفيق وقت الضيق. أتحدث عن الصداقة الزوجية الحميدة التى هى اقوى وأهم من العلاقة الحميمة. لكن تلك الصداقة ليست وليدة اللحظة ولا تأتى بعد زواج مخادع قام على التجمل فى فترة الخطوبة، فكما يحتاج بناء البيت قبل أن تسكن فيه إلى قواعد وأعمدة وديكورات، كذلك العلاقة السليمة بين الزوجين تنشأ منذ اول يوم خطوبة. فالعجب كل العجب ممن يخدع طرفه الأخر ، نصفه الأخر ، فهو يخدع نفسه بتجمله قبل أن يخدع الطرف الأخر وبالتالى سيكون حصاده زواج لا حياة فيه... سبحصد خسائر مضاعفة لذاته. فكيف لعاقل ان يغش نفسه ويخون ذاته ويسبب لنفسه معاناة تدوم سنين وربما عمراً طويلاً بمجرد سعادة وقتية قصيرة؟!

 أتحدث عن صداقة زوجية  لا تخشى لوم أو تقريع، لا يهددها شبح الطلاق بأنواعه الرسمى منه أو العاطفى. ويبقى السؤال كم واحد منا يتمتع بهذة الصداقة الزوجية؟ من منا يمكنه الإعتراف لشريك حياته بكل وادق تفاصيل مشاعره  وكأنه أمام مراته ويتحدث لنفسه دون تردد أو رهبة؟

ماذا لو ان زوجة وقعت فى حب رجل أخر عير زوجها أو العكس؟... أصبحنا نسمع عن هذا كثيرا. ماذا لو انها أخبرت زوجها بذلك أو العكس؟ تُرى ما موقف الزوج حينها؟ بالطبع الغالبية سيكون رد فعلهم السب والضرب والطلاق كنتيجة حتمية فورية.

سؤالى هنا هل ما فعله الزوج هو حكمة لا ندركها وعلاج لزوجة المفترض أنها كل حياته وان بينهما حب دفين ، ام ان ردة فعله تلك هى انتقام ذكورى لكرامته المهدرة؟  الم يخطر بباله قبل الطلاق أنها اعترفت له كاستغاثة مما أصاب قلبها من ضعف عاطفى ووهن؟  ذلك الضعف الذى ربما تسبب هو فيه بغيابه عنها أو اهماله لها. أرى أنه كان جديرا به ان يحاول أن يساعدها فى محنتها.

كم أسرة تعانى من روتين زوجى ؟ كم أسرة تخشى لوم الأهل والمعارف فالتزمت الصمت رغم الألم ؟ ازواج لكن غرباء تحت سقف واحد. 

الصداقة الزوجية هى احترام، امان، تواصل فكرى بعيداً عن حياة الملل والرعاية والرهبة من شريك الحياة ، بعيدا عن الخرس الزوجى. أتحدث عن حياة زوجية  يسودها المرح والتسامح، حياة تمنح مزيد من الوقت والاهتمام بالطرف الأخر للغوص  فى أعماقه النفسية وتقبل العيوب بل رؤيتها كمميزات إن أمكن أو على الأقل محاولة إصلاحها. أتحدث عن تقارب روحى ليس فيه انا وهى بل انا وزوجتى زوج واحد ، كيان واحد، علاقة اكتمال واكتفاء. اتحدث عن حياة زوجية يكون فيها الزوجين على سجيتهما حين يتحدثان. 

إن رسالتى هذه هى ما تنادى به الأديان والفلاسفة من سكن ورحمة. ولا تنسى قبل أن تحكم على مقالى وافكارى أن ما كنا ننكره بالأمس ونستحى منه صار اليوم أمراً ملحا لدراسته ومعالجته. ستتمنى غداً لو انك قرأت أكثر وتعلمت أكثر عن فنون الحياة وحكمتها القائمة على الإقناع والاقتناع دون عنف ولا زيف. أريدك أن تتحرر من كل مخاوفك أمام شريك حياتك، أن تشعر بالأمان كما لو انك ببيتك تلبس ما تشاء وتفعل ما تشاء ، فإن لم تستطع ذلك فأنت ميت فى صورة حى.

ابحثوا عن اهتمامات مشتركة، وهذا لا يعنى التلاصق دوما بينكما ولكن اجعلوا بينكما مسافات صحية. جددوا علاقتكما لتخلو من الرتابة المميتة والأنانية بعيدة كل البعد عن استنزاف طاقة شريك الحياة. 

وختاماً جاء فى الحديث النبوى" ألا اخبركم بأفضل من درجة الصلاة والصيام والصدقة، قالوا بلى يا رسول الله، قال:" إصلاح ذات البين فإن فساد ذات  البين هى الحالقة. لا اقول حالقة الشعر  ولكن تحلق الدين" رواه ابو داود والترمذى وقال حسن صحيح . والحالقة هنا تعنى استأصل الدين وقطع الرحم كما يحلق الموس شعر الرأس.

لا تتركوا النساء فريسة فما اكثر الصيادين.  لا تروى زرع غيرك وأهتم بثمار حديقتك. حفظ الله بيوتنا وأهلنا.



 "أنا" | بقلم الأديب المصري د. طارق رضوان جمعة 


"أنا" | بقلم الأديب المصري د. طارق رضوان جمعة
"أنا" | بقلم الأديب المصري د. طارق رضوان جمعة


ما من يوم إلا تناجى أعضاء الجسم اللسان فتقول له اتق الله فينا، فهو من يًظهر ما بالنفس وما بالقلب من خير او شر، ولا يكب الناس على وجوههم  إلا حصاد ألسنتهم ، لذلك قالوا لسانك حصانك إن صنته صانك وإن أهنته أهانك.  يقول المتنبى : 

ملأى السنابل تنحنى بتواضع  والفارغات رؤوسهن شوامخ


"أنا"... لا بأس من قول " أنا" إلا إذا كانت تنم عن كبر وغرور. فبين الثقة والغرور خيط رفيع.

وما أنا إلا عبد لله فقير... فأنا من أصد الرياح العاصفات بعمق ذاتى. وانا من يرنو إلى سحر الجمال واجوب أروقة الخيال فى عيون الحالمات. أنا ساكناَ، متحصناَ فإن لى وإن بى للجمال  محبة، أقوى وأعظم بل أشد وأمتنا من ان يبيت بداخلى ظن بسؤ مبهماَ أو معلناَ فأصده وأحده بالحب ، بالايمان، بالروح التى لا تعرف  الإرهاق والإزهاق  بل تصل البعيد الأبعدا ، تصل المدى كى تهزم العتم البغيض الاسودا.

يا ابن ادم على ماذا التكبر والغرور وحولك أرض تملأها القبور ؟! ما انت ببحر وما انت صخور. أنسيت ان الأرض يملكها رب غفور؟! كم فقدنا من أناس لهم نخل واسوار ودور! كم فارقنا من اهل وخل اتاهم بغتة قدر يدور ، فدع التكبر والتجبر، إن التكبر للبعيد وبيل. اجعل فؤادك للتواضع منزلاَ ، إن التواضع للشريف جميل. لأمر ما قد خلقنا الله فلما الغرور؟ لعمرك... لا ينال الفضل إلا تقى القلب محتسب صبور. أما ترى دنياك داراَ تموج بأهلها كأنها بحور ؟! فلا تنسى الوقار فإن اخرتك فتور. هذه الدنيا لنا معبرُ والخير معروف والشر منكرُ. لا فخر إلا فخر أهل التقى غداً إذا ضمهم المحشرُ. ما أحقر الإنسان فى فخره وهو غداً فى حفرة يقبرُ.

فكلما  صغر العقل زاد الغرور... تلك الغرور رمال متحركة يغرق فيها المنطق. الغرور هو من يُظهر للناس نقائصك كلها ولا بخفيها إلا عليك. 

يا أبن ادم ما حاجتك إلى  غرور هو مخدر يسكن الم الغباء؟! إن الغرور زهور لكنه لا يثمر بل ينقص السرور ، فالغرور مركب السفهاء فى حياة من تراب وعلى تراب وإلى تراب. أتريد أن تكون مغروراً؟ المغرور هو ديك يعتقد أن الشمس تشرق كل صباح لكى تستمتع بمهارته فى الصباح. 


" أنا" كلمة تُقال غالبًا في سياق الكِبْرِ، والتعالي، وتضخيم الذات، والإعجاب بالنفس،، وهذه كلها صفات قبيحة، ويكفي في ذم "الأنا" كونها شعار الطغاة والمتكبرين، وبسببها باؤوا بسوء العاقبة: فقد قالها إبليس: وذلك لما عصى أمر ربه بالسجود لآدم عليه السلام استكبارًا؛ فقال: {أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} [الأعراف: 12]

 وقالها النمروذ: وقد كان ملكًا لبابل وكان متجبرًا طاغية يدَّعي الربوبية؛  فهذا الطاغية المتجبر لما دعاه إبراهيم عليه السلام إلى توحيد الله، مبيِّنًا له أنه هو وحده الأحق بالعبادة؛ لأنه هو الذي يحيي ويميت، قال النمروذ، وقد تملَّكه الكبر والغرور: أنا أحيي وأميت؛ قال الله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [البقرة: 258]. 

  وقالها فرعون: لما دعاه نبي الله موسى عليه السلام إلى الإسلام، فتكبَّر وتعظَّم في نفسه، معلنًا أنه خيرٌ منه؛ لأنه يملك جنات وأنهارًا ومُلكًا واسعًا، وأما موسى وأتباعه فقوم فقراءُ ضعفاء لا يملكون شيئًا؛ قال الله عز وجل: {وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ * أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ} [الزخرف: 51، 52]. وأعظم من ذلك ادعاؤه الربوبية والألوهية؛ قال الله تعالى: {فَحَشَرَ فَنَادَى * فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى} [النازعات: 23، 24]، وتطاوَلَ على الذات الإلهية العَلِيَّة؛ فقال كما حكى عنه القرآن: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ} [القصص: 38].   


وقالها صاحب الجنتين: وهو يحاور صاحبه مفتخرًا متكبرًا مغرورًا؛ قال الله تعالى: {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا * كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا * وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا * وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا * وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا} [الكهف: 34 - 36].  


 إن عاقبة أصحاب "الأنا" هي الصَّغار  والهلاك،.  فأما إبليس: فقد باء بلعنة الله والرجم والطرد، وصار من الصاغرين، بعد أن كان صاحب منزلة سامية؛ قال تعالى: {قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ} [الأعراف: 13]، قال كثير من المفسرين: "الضمير عائد إلى الجنة، ويُحتمل أن يكون عائدًا إلى المنزلة التي هو فيها في الملكوت الأعلى، {إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ}: أي الذليلين الحقيرين؛ معاملة له بنقيض قصده، ومكافأة لمراده بضده".   وقال تعالى: {قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ} [الأعراف: 18]؛ عن ابن عباس: أي: مقيتًا، وعنه أيضًا: صغيرًا مقيتًا، وقال السدي: مقيتًا مطرودًا، وقال قتادة: لَعِينًا مقيتًا، وقال مجاهد: منفيًّا مطرودًا، وقال الربيع بن أنس: مذؤومًا: منفيًّا، والمدحور: المصغَّر.   وقال جل وعلا: {قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ * وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ} [ص: 77، 78]، وقال: {قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ * وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ} [الحجر: 34، 35]، ومعنى (رجيم) أي: مرجوم، وأنه قد أتْبَعَه لعنة لا تزال متصلة به، لاحقة له، متواترة عليه إلى يوم القيامة؛ وعن سعيد بن جبير أنه قال: "لما لعن الله إبليس تغيَّرت صورته عن صورة الملائكة.


وأما النمروذ: فقد أهلكه الله بأضْأَلِ مخلوقاته؛ إذ أرسل عليه وعلى جنوده بابًا من البعوض بحيث لم يروا عين الشمس، وسلطها الله عليهم فأكلت لحومهم ودماءهم وتركتهم عظامًا بادية.  


 وأما فرعون: فقد أخرجه الله هو وجنوده من جناتهم وقصورهم وأموالهم، وأغرقهم في اليمِّ ليكونوا عِبرة لكل ظالم؛ قال الملك سبحانه: {وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ * فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ} [القصص: 39، 40].   


وأما صاحب الجنتين: فأرسل الله على جنتيه مطرًا عظيمًا مزعجًا، أقلع زرعها وشجرها، وصارت صعيدًا زَلَقًا؛ أي: ترابًا أملس لا يثبت فيه قدم، وذهب ماؤها غائرًا في أعماق الأرض، فأصبح يقلب كفَّيه حزنًا وأسفًا على أمواله الكثيرة التي أنفقها على جنَّتيه؛ حيث اضمحلَّت وتلاشت وتَلِفَتْ، ولم ينفعه حينئذٍ ما كان يفتخر به من ولد وعشيرة وأتباع، في دفع ما نزل به؛ قال الملك الجبار جل وعلا: {قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا * لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا * وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا * فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا * أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا * وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا * وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِرًا * هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا} (الكهف).   


نبينا عليه الصلاة والسلام يعلِّمنا التواضعَ والأدبَ: فإنه صلى الله عليه وسلم لما استعمل كلمة "أنا" مخبرًا عن شيء من خصائصه وكراماته التي أكرمه بها الله تعالى، فإنه قالها بأدب جمٍّ، وبتواضع، وامتنان، وشكر لربه الكريم، وأعلن أنه لا يريد بها فخرًا؛ ففي الحديث الذي رواه الترمذي، وصححه الألباني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أنا سيدُ ولدِ آدم يوم القيامة ولا فخرَ، وبيدي لواءُ الحمد ولا فخر، وما من نبيٍّ يومئذٍ آدمُ فمن سواه إلا تحت لوائي، وأنا أولُ شافع وأول مُشفَّعٍ ولا فخر».   فذِكرُ خصائصِ ومناقبِ النفس إنما يكون غالبًا في سياق الافتخار؛ لذلك فإن نبينا عليه الصلاة والسلام قال: «ولا فخر»؛ ليقطع ويدفع وهْمَ مَن يتوهم أنه يذكر ذلك افتخارًا، والسعيد من تأدَّب بأدب نبينا الكريم محمد عليه أفضل الصلوات وأزكى التسليم.  

َ الأنا شعار المتكبرين والمغرورين، وقد مضت سُنَّة الله تعالى بدَحْرِهم وإهلاكهم؛ لأنه جل وعلا لا يحب كل مختال فخور.


وختاماً تذكر ان الله خلق اللسان خلف أسنان وشفتين ليكونوا للانسان حاجزاً منيعاً لمينحوك فرصة التفكر والتدبر قبل أن تتفوه بما يحملك الذنوب والعيوب. تذكر ان الله خلق لنا اذنين لنسمع أكثر مما ننطق. رب أغفر لى ما كان منى ولم الق له بالاً، فإنى فقير بلا رحمتك. رب جازنى بالإحسان إحساناً وبالعصيان غفراناً.




وضعٌ مقيت | بقلم الأديبة المصرية خلود أيمن 


وضعٌ مقيت | بقلم الأديبة المصرية خلود أيمن
وضعٌ مقيت | بقلم الأديبة المصرية خلود أيمن



 السلام عليكم، 

وضعٌ مقيت : 

أنت مجبر دائماً على اتخاذ أوضاع لا تُعبِّر عمَّا يدور بخُلدك ، عما يَقبُع بقلبك ، عمَّا يستتر في نفسك ، ولا أعلم لِمَ يفعل الجميع هذا بأنفسهم رُغم أن إظهار الحقائق لهو أمر طبيعي فلسنا بحاجة لخداع الآخرين طوال الوقت أو التظاهر بخلاف ما يكمُن داخل أرواحنا ، فماذا سيحدث لو أوضح كل منا ما يكنَّه بالفعل دون تزييف أو مواراة فمِن الممكن أنْ يساهم أحد العابرين في تغيير تلك الشاكلة التي تسير عليها حياته أو تقديم يد العون والمساعدة بأي شكل كان ، فهذا أفضل كثيراً من البقاء على وضعٍ مخالف لما يَمُر به لأنه سيتسبب في تدمير شامل له في القريب العاجل وربما ينفجر على أتفه الأسباب دون أنْ يدري وقد يُتَّهم بالجنون في تلك الحالة ، فلا داعي لإثارة البلبلة في نفوس الغير وإبداء أمور على النقيض ممَّا نشعر فتلك لم تكن يوماً وسيلة للإنقاذ ولكنها تُحطِّم المرء أكثر ممَّا هو عليه وتُوصِّله لحالة يُرثَى لها على المدى البعيد ، فنحن لا ندرك خطورة الأمر سوى بعد أنْ نقع في المحظور ولا نتمكن من النجاة أو نجد مَنْ ينتشلنا بعد أنْ غرسنا في تلك الحالة المقيتة التي لا خلاص منها ...

 شبح "الحوت" | بقلم الكاتبة السودانية تسنيم عبد السيد 


شبح "الحوت" | بقلم الكاتبة السودانية تسنيم عبد السيد
شبح "الحوت" | بقلم الكاتبة السودانية تسنيم عبد السيد 



كأن أحداً ذاع فيهم: ترقّبوا "حوتاً" سيخرج عليكم من هذا الباب، وقفوا متوّجسين كمن ينتظر وفاءاً بوعد الحضور، فأوفى "الحوت" وأتى في الموعد تماماً بإطلالته البهية وحضوره الأنيق، أزال الهواجس وأعاد ترتيب فوضى القلوب، تسرَّب سريعاً لوجدان الناس واستقرَّ في ذاكرتهم..


قبول ومحبة كبيرة وجدها محمود عبد العزيز منذ بداياته، سحر الناس بصوته المميز والمختلف عن السائد وقتها، حتى أغنياتهم المسموعة ما عادوا يطيقونها إلا منه، فبصمة الصوت المميزة سرقت قلوبهم، وكأني بهم ولسان حالهم "ياريت لو في منك كتير"! في تلك البدايات نعم، كان الصوت هو جواز العبور لتلك المسامع والقلوب، لكن بمرور الوقت محمود لم يعد صوتاً جميلاً فحسب، بل كيان فني وإنساني متحرك، يحمل همّه وخيباته وأحزانه ويمشي بين الناس، يشاركهم مآسيهم ويضمد جراحهم فيزدادوا به تعلقاً، وفي كل يوم تتسع الدائرة و"الحوت" في مركزها لا يتزحزح، جيش جرار من المعجبين، دولة داخل الدولة مملكة اسمها "الحواتة" بزعامة "الحوت" الكبير محمود عبد العزيز، الذي أحبه الناس كأنه أول وآخر فنان، لا قبله ولا بعده..


تلك العلاقة العجيبة بين محمود وجمهوه جعلت من الصعوبة بمكان قبول أحد بديلاً عنه أو حتى يشاركه نفس المكانة والمحبة..


إحدى قريباتي لا تعرف تعصب الحواتة لمحمود عبد العزيز، عندما إستمعت لواحدة من أغنيات محمود بصوت مشعل الجيلي أُعجبت بها جداً وقالت: " بختو مشعل صوته سمح وجمهوره جاهز"..

ليتها بتلك البساطة يا صديقتي!


لذلك دائماً ما أجدني أشفق على الفنانين الذين تشبه أصواتهم طبقة صوت محمود عبد العزيز أو قريبة منه، أمثال: مصطفى حمزة، حسين حمد، مشعل الجيلي، حذيفة بورتسودان، محمد عثمان حوتة...، لا أظن أنهم وجدوا فرصتهم حتى الآن، فشبح "الحوت" يطاردهم، لاعتقاد كثيرين أن هذه ليست أصواتهم الحقيقية وإنما يحاولون تقليد محمود..


الفنان مصطفى حمزة كان يمكن أن يكون منافساً قوياً لمحمود عبد العزيز، فبينهم تشابه كبير في الأصوات، وتزامن ظهوره مع بدايات محمود، وكلاهما يغني نفس لونية الغناء "مدرسة الهادي الجبل"، لكن أحدهما سبق الآخر، و"الحشاش" ملأ شبكته وتسيَّد المشهد واعتلى القمة لأعواماً عديدة عن جدارة واستحقاق، وابتعد حمزة عن الأضواء رغم أنه يمتلك رصيد من الأغنيات الخاصة..


ومع كل ذلك أرى أن كثير من جمهور محمود عبد العزيز متفهمين وقادرين على التمييز بين ما هو جيد أو مزيف، وعلى أصحاب تلك الأصوات المدهشة أن يفخروا بها ويجتهدوا في مشوارهم ويصنعوا مجدهم بعيداً عن "جلباب" محمود عبد العزيز، فالطريق ليس سهلاً، ولا ينسوا وهم يبنون ذلك المجد لأنفسهم، أن يُغنوا أغنيات محمود لأجيال قادمة، لم يحالفها حظّها السيء أن تشاهد "الحوت" في مسرح الحياة..


أخيراً أردد مع الخال أمين محمد الطاهر بعض مما كتبه مودعاً إبن أخته محمود عبد العزيز: 


ما بس صوتك.. ولا غنواتك.. القصة بتكمن في ذاتك.. في السر الكامن في الاحساس.. في السر الأودعو رب الناس في ذاتك،،

ما بس صوتك.. ولا غنواتك.. ديل آخر آخر حسناتك،،

يا قاضي حوائج كل الناس.. بالليل والناس هماً نايمة.. ما مريّح بال كل الأجناس.. نغماً والناس غماً هايمة...

 



 

زرعتُ زهورًا | بقلم الأديب المصري وحيد عبد الملاك 


زرعتُ زهورًا | بقلم الأديب المصري وحيد عبد الملاك
زرعتُ زهورًا | بقلم الأديب المصري وحيد عبد الملاك



زرعتُ زهورًا

وانتظرتُ — ككلّ الأغبياء —
أن تنبت الزهور
أو يهطل المطر
أن تضحك الشمس
أو يهمس القمر

انتظرتُ… وانتظرت
لا زهور، ولا عابرين
تحت شُرفتي
وناقوسُ الصمتِ
يُرسلُ الضجر

الفجرُ والجنون
وأغنيةٌ من أطرافِ الوطن
بكيتُ… وبكيت

لماذا — هنا — حتى الزهور
تُنكرني؟
وأنا الفرعون
والتاريخ، والنيل
أنا العطرُ الباقي
من دمعةِ وطن…