سكينة | قصة قصيرة بقلم الأديب المصري علاء عبد الستار
![]() |
| سكينة | قصة قصيرة بقلم الأديب المصري علاء عبد الستار |
ذهبت لقراءةِ الفاتحةِ على قبرِ صديقي الذي غبت عن زيارته منذ فترة طويلة، فالحياة أخذتني في محطاتها المتعددة
دخلت المقابر، لكنها لم تكن مثل أي مرة سابقة؛ فلم أعد أميز الوقت بين الساعات والأيام، مع كل السحب الرمادية التي كست السماء كحجاب ثقيل يخفي الشمس وينبئ بعاصفة قادمة. والأعجب أن القبور تكاد تكون خالية تمامًا من الزوار، كأن العالم نسي أهله، حتى حارس المقبرة لم أجد له أثرًا، ولا صوت خطوات أو همسة تحيي المكان.
سابقت خطواتي على الماء المبلل الأرض، ورغم أن كل ما حولي مريب
الجو البارد، والصمت المثقل،
إلا أن سكينة غامضة كانت تملؤني، كأن المكان يحمل سرًا يدعو للهدوء والتأمل. توقفت أمام قبره، والحجر البارد يحمل اسمه بحرفية باهتة، فقرأت الفاتحة بصوت هادئ يتردد في الفضاء، ثم أتيت بعدة آيات من سورة البقرة، تتدفق الكلمات كماء يروي الأرض اليابسة.
فجأة، شعرت بيد دافئة تربت على كتفي من الخلف، قلبى يخفق بشدة.
أدرت وجهى
فإذا به صديقي الذي توفى، وجهه مضيء بهالة ساحرة، وعيناه تحملان هدوءًا عميقًا. قبل أن أفتح فمي بكلمة، بادرني بصوته الهادئ والمألوف:
«انتظرتك طويلًا يا صديقي، أين كنت؟»
#علاء_عبد_الستار







