حين يغيب ظلي | بقلم الكاتبة المصرية أميرة محمد
![]() |
حين يغيب ظلي | بقلم الكاتبة المصرية أميرة محمد |
"ها أنا، كعادتي، أَجلسُ ليلًا وحيدةً،
وبداخلي مشاعرُ من الغضبِ والحُزنِ،
مشاعرُ لازمتني، وأصبحت كظلّي،
ورغمَ أنَّ الشمسَ تَغيبُ ليلًا،
يستمرُّ ظِلّايَ في مُلاحقتي،
يَجعلانني كثيرةَ التفكير،
مُتعبةً،
فَاقدةً لكلِّ طاقتي.
ظِلّايَ لا يترُكاني، يَشُدّاني من الجانبين،
حتى تُمزِّقَني أنفاسي.
وليس الظِلُّ وحدَهُ مشكلتي،
بل لا أجدُ مَن يَحمِلُ معي هذا الثِّقل،
ولا حتى مَن يراهُ حَولي،
لا أحدَ يُلاحظُ كيفَ يُنهِكاني.
عندما يَراني الناسُ صُلبةً، مُتحدّيةً،
يَظُنّون أنني بخير،
لكنَّ ما يَرونه ليس قُوّةً...
إنَّها غريزةُ البقاء.
أنا لا أَقهرُ شيئًا،
بل أُقاوِمُ كي لا أَنتهي.
حينَ استَسلَمتُ قديمًا،
تَرَكتُ ظِلّي يَشُقّني،
لم أَعُدْ أَرجو البقاء،
ولا أَرغبُ في القتال.
تَخيَّلتُه جُزءًا مِنّي،
فانهارت بقيّةُ أجزائي.
لكن في لحظةٍ حاسمةٍ، أدرَكتُ أنَّه ليس منّي،
بل هو ظَلامٌ لا فائدةَ منه،
جانبٌ مُعتِمٌ في حياتي،
يَزولُ مع شُروقِ الشمسِ حينَ تَسطَعُ في كَبدِ السماءِ،
فَيَتسلّلَ نورُها إلى كلِّ الزوايا،
فلا ظِلَّ لي،
ويَختفي في هُدوءِ الليلِ الحقيقي.
مُنذَ ذلك الاكتشافِ،
لم أعدْ أَسمحُ له أن يَشُقَّ صدري،
أنا أُقاوِمُه،
وأَدفَعُه عنّي كُلَّما اقترب.
أنا في انتظارِ شَمسي التي ستَسطَعُ،
وسَتأتي قريبًا.
وفي انتظارِ لَيلٍ هادئٍ،
يَختفي فيه كلُّ ظِلّ،
ويَبقى فقط صوتُ السكينةِ،
وصوتُ الأمانِ،
لِيَهدأَ قلبي،
وتَغفو عَينايَ أخيرًا،
في سَكينةٍ صافيةٍ،
بلا أفكارٍ،
ولا خَوفٍ.