بحث

Translate


صِراع الأفكار | بقلم الأديبة المصرية خلود أيمن


صِراع الأفكار | بقلم الأديبة المصرية خلود أيمن
صِراع الأفكار | بقلم الأديبة المصرية خلود أيمن 

 


 السلام عليكم ، 

صِراع الأفكار ( أنت سجين أفكارك ) :

تكدست الأفكار في عقلي ، تزاحمت وكأنها تَوِد القضاء عليّ ،  كانت كلها مأسوية ، سوداوية ، توحي بنهاية واحدة ، ربما تكالبت جميعها ضدي ولا أدري ما سر تلك الأفكار العنيفة التي تضرب بي دُفعةً واحدة بلا هوادة لدرجة أنني بدأت أفقد حبي للحياة بالتدريج وأزهد فيها أكثر من ذي قَبْل ، أحاول نفض تلك الأفكار ولكني أفشل في كل مرة وحينما أتخلص من أيها تهاجمني أخرى بغتةً بحيث تكون أكثر شراسة ممَّا سبقتها ، لقد سئمت صِراع تلك الأفكار ومحاولتها الانقضاض عليّ في كل الأوقات ، أحاول الهرب والنجاة ولكني لا أجد السبيل لذلك ، أحاول شغل وقتي بقدر الإمكان ولكن لم يَعُد لديّ طاقة للقيام بأي عمل على أكمل وجه ممكن ، أَوِد الفرار من هذا العالم البغيض ربما يهدأ لهيب الأفكار المضطرم بعقلي الذي يُشعِل النار بقلبي من حين لآخر ولكن إلى أين فكل الطرق تؤدي لنفس النتيجة ، فالأفكار كالسجن الذي تُلقي نفسك فيه ولا تتمكن من النجاة منه مهما حاولت دون أنْ تدري ما عقوبتك وأي جُرم اقترفت ، فلا تترك ذاتك لها حتى لا تعصِف بك وتُودي بك لنهاية مأسوية لا ترغبها البتة ، فإنْ وجدت كل الأفكار التي تجتاح كيانك تسير على نفس الشاكلة فلتُحجِّمها بقدر الإمكان كي تنعم ببعض الهدوء والسكينة والراحة ولو لبعض الوقت القصير وترحم ذاتك بعض الشيء من سيل الأفكار الفتاكة التي تؤرقك بلا رحمة بك ...




 

العلامة | بقلم الأديب المصري علاء عبد الستار


العلامة | بقلم الأديب المصري علاء عبد الستار
العلامة | بقلم الأديب المصري علاء عبد الستار

 


العلامة فى مجتمع هى الطريقة التى يعرف بها الإنتماء إلى مجتمع ما بواسطة الأفراد ففى مجتمع الحشرات على سبيل المثال يعرف الأفراد عن طريق فيرمونات رائحة يتم أصدارها من الحشرات فعند إستقابلها من باقى الأفراد يتم التأكد بإنتماءه للمجموعة، ففى حالات تم رصدها تم تغير رائحة أفراد من النمل نتيجة إختلاطها مع صرصور أثناء الدفاع على الخلية مما أدى إلى إنتقال فيرمونات الصرصور إليهم، و كانت النتيجة مهاجمة باقى النمل المتغير رائحته (رغم أنه من نفس الخلية و نفس الشكل) و ذلك لتغير الرائحة إلى رائحة العدو، و فى كائنات أخرى تستخدم الترددات الصوتية مثل مجتمع الحيتان، أما فى المجتمعات البشرية فيتم التعرف على أفراد المجتمع عن طربق الرؤية و تكوين مخزون فى الذاكرة للوجوه البشرية، فيسهل تعرف افراد مجتمع ما هى طريق لون البشرة أو تركيبة الجسد أو اللغة أو اللهجة بجانب ذلك إستخدام حركات الوجه أو إشارات اليد، و هى تختلف من مجتمع إلى مجتمع فمثلا حركة الرأس بالإرتفاع و الإنخفاض تعنى فى مجتمع الموافقة لكن فى مجتمع آخر قد تعنى الرفض رغم إنها نفس الإشارة، فمثلا تم رصد 250 حركة باليد يستخدمها الإيطاليون ( و هم أكثر شعب يستخدم إشارات اليد )يصل المعنى إليهم أى الإيطاليون بمجرد عمل إشارة من هذه الإشارات فى حين لن يفهم الغريب عنهم معنى هذه الإشارات، يستخدم المجتمع هذه العلامات لتمييز أفراد مجتمعهم عن الغرباء و هى آلية موجودة فى جميع الكائنات لكنها تطورت لدى البشر بفضل قدراتهم العقلية المتطورة.



 

الترفع عن الإساءة للآخرين | بقلم الأديبة المصرية خلود أيمن


الترفع عن الإساءة للآخرين | بقلم الأديبة المصرية خلود أيمن
الترفع عن الإساءة للآخرين | بقلم الأديبة المصرية خلود أيمن 

 

السلام عليكم ،

الترفع عن الإساءة للآخرين : 

من أجل النجاة في تلك الحياة عليك الترفُّع عن رد الإساءة بمِثلها والارتقاء عن رد الظلم بالظلم فنحن على يقين أنَّ الله قادر على جلب الحقوق لأصحابها دون أي تدخُّل منهم ، فمناجاة الله وحُسن الظن به تجعل المرء مُحاطاً بهالة من الطمأنينة تمنعه من التردي لمستوى مَنْ يتعامل معهم محاولاً رد الأذى أو خلافها من الأمور التي لم يحث الإسلام عليها مطلقاً ، فهو على علم أنَّ تلك الحقوق التي سلبها إياه الآخرون سوف تُرَد إليه في الدنيا والآخرة على حد سواء ، فلم ييأس أو يبتئس أو يفكر حتى في جلبها لنفسه بطرق غير مشروعة أو محبَّذة من المجتمع ككل ، فكل ما أمر به الدين هو في الأصل لصالحنا ولم يكن فيه ضرر لنا ذات يوم بل نحن مَنْ نجلب الأذى لأنفسنا حينما ننصرف عنه ونتصرف بهوجائية وعشوائية وكأن الكون يسير بلا نظام يحكُمه وكأننا غافلون عن أن الله خالقه وواضع قوانينه وهو الأدرى بما هو أنسب لنا ولحياتنا في المُجمَل وما علينا سوى طاعته ، فلو فكر كلُّ منا مَلياً لابتعد عن طريق الأذى أو رد التصرفات السيئة للآخرين واكتفى بالابتعاد عنهم تماماً من أجل الحفاظ على رِفعة وسُمو أخلاقه الذي يُميِّزه عمَّن سواه وهذا هو أسلم حل قد أُوجِد على وجه البسيطة منذ خُلِق البشر أجمعين ولا علينا الحياد عنه أو محاولة تحريفه أو اتباع ما يناقضه حتى لا نُلاقي المصير العسير أو العاقبة المُهلِكة التي تُدمِّر حياتنا وآخرتنا لا مَحالة ...




 دراما رمضان بين فوضى المحتوى وقرارات التصحيح | بقلم أ.د روحية مصطفى


دراما رمضان بين فوضى المحتوى وقرارات التصحيح | بقلم أ.د روحية مصطفى

دراما رمضان بين فوضى المحتوى وقرارات التصحيح | بقلم أ.د روحية مصطفى 



 


قال الله تعالى: "ٱدْخُلُوا۟ مِصْرَ إِن شَآءَ ٱللَّهُ ءَامِنِينَ" (سورة يوسف: 99).، شهر رمضان فيضٌ من الرحمة لا ينقطع، ونفحاته تتوالى، تحمل إلينا البركة والخير، وتمسح على قلوبنا بحنوٍّ إلهي. ومع بداية العشر الأواخر من هذا الشهر الفضيل، جاء إلينا من لطف الله ما يطمئن نفوسنا، وكأنها بشارة خفية بأن الخير لا يزال يغمر هذه الأمة، وأن مصر، التي كانت ولا تزال أرض الأمن والإيمان، تستحق أن تشرق عليها أنوار الإصلاح والارتقاء، نحن أمة كُتِب لها الخير، وواجب علينا أن نرفع رؤوسنا، ونرتقي بما يليق بنا، فمن حقنا أن نُقاد إلى دروب النور، ومن حقنا أن يكون بيننا من يحمل راية الإصلاح، ليعيد للأمة مجدها ويصون قيمها.

وبقدر ما غمرتنا مشاعر الحزن والخزي مما تعرضه شاشات رمضان من مشاهد لا تليق بقدسية الشهر الفضيل، من عُري وخيانة وبلطجة وسفاهة وشعوذة، وترويجٍ لصورة مشوّهة لا تمتّ بصلة لشعب مصر الأبيّ، ذاك الشعب الذي حفر اسمه في سجل الخلود، وصاغ حضارته بمداد العزة على مر العصور، في ميادين الفن والتاريخ والمجتمع ،  بقدر ما امتلأت قلوبنا اليوم بالرضا والسرور. إذ جاءنا الصباح بخبر أثلج صدورنا، وأحيا الأمل في نفوسنا، حيث أصدرت القيادة السياسية توجيهات صارمة بمراجعة ما يُعرض على الشاشات، في خطوة تعكس إدراكًا عميقًا لمسؤولية الإعلام في تشكيل وعي الأمة وحماية قيمها.

إن التأثير السلبي الذي تمارسه بعض الأعمال الدرامية لا يقتصر على الإساءة إلى الصورة المجتمعية، بل يمتد إلى تشكيل وعي الأجيال القادمة، حيث تسهم هذه الأعمال في ترسيخ مفاهيم العنف، والخيانة، والانحراف كأمور اعتيادية في حياة الناس، إن الأوطان لا تُبنى إلا بالثقافة الراقية والفن الهادف الذي يسمو بالمجتمع ويرتقي بأخلاقه، وفي هذا السياق، لم يكن غريبًا أن تحظى أعمال مثل "قطايف سامح حسين" بإعجاب واسع من الجمهور، لأنها قدّمت محتوى نظيفًا ومسليًا في الوقت ذاته، مما يدل على أن الفن الهادف ليس مجرد حلم، بل هو مطلب جماهيري حقيقي.

بل وزاد هذا الخبر بهاءً وسرورًا أن أعلن أحد المخرجين المعروفين بإثارة الجدل اعتزاله، وكأنها لمسة رحمة أرادها الله لمصر، لتستعيد شاشاتها هيبتها ورسالتها الحقيقية، فما ذلك إلا بشارة خير، وصفحة جديدة تُكتب بأيدٍ تسعى لإصلاح ما أفسده الفن الهابط، فجزى الله قيادتنا السياسية خير الجزاء، وأعانهم على تحقيق الأمن الفكري والثقافي لمجتمعنا، حتى تبقى مصر كما كانت دائمًا، بلد الأمن والأمان، وواحةً للاستقرار، ونافذةً حضارية مشرقة تُقدّم للعالم ثقافةً تليق بمكانتها.

ويبقى السؤال: هل نحن على أعتاب عصر جديد يعيد للفن المصري مكانته الأصيلة ويمنحه دوره الحقيقي في بناء الوعي والارتقاء بالذوق العام؟ إن نجاح هذه الخطوة لا يقتصر على القرارات السياسية فحسب، بل يعتمد على وعي الجمهور ودعمه للفن الهادف الذي يرتقي بالوجدان والعقل ، فالمجتمع شريك أساسي في عملية الإصلاح ، فهي ليست مجرد قضية فنية، بل هي معركة وعي وحفاظ على هوية ثقافية تضرب جذورها في عمق التاريخ.

وما بين الماضي العريق والمستقبل المأمول، تظل مصر أرضًا للخير والعطاء، تنبض ثقافتها بأصالة لا تندثر، ويبقى الفن المحترم الهادف مرآةً تعكس وجهها الحقيقي، نقيًا، راقيًا، ومعبرًا عن هويتها العريقة. وصدق الله العظيم حين قال: "فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً ۖ وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ ۚ كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ" (سورة الرعد: 17).





وادي الجن | بقلم الأديب المصري / سامح رشاد 


وادي الجن | بقلم الأديب المصري / سامح رشاد
وادي الجن | بقلم الأديب المصري / سامح رشاد 



وادي الجن

" لا جَمَال إلا وبه قبضةٌ من جَمالكِ"

فكرتُ لوهلةٍ وأنا أتذكركِ

أن أغلقُ جميع نوافذي وأعطلُ ساعتي وأنتظركِ حتى مطلع الفجرِ!

ومن وادي الجن

ألملمُ بعضًا من حباتِ الخردلِ والنعناع الأخضرِ وأرويهما بدماء الأرضِ

فتصير يقطينة

منها تأكلين وعليها تُرحين رأسكِ حين تنامين وحين تفرغين 

وأن أجلبُ لكِ

من الأصقاع البعيدة

رُطبًا جنيًّا وشجرة حنطةِ بأكمام تنضحُ بعطر الريحان

وحدائق رمانٍ

كُلي واِشربي

وبلّلي شفتاكِ الحِبلى بقافية الندا

ومن سعفِ النخلِ أخرجُ لكِ لُؤلُؤةٌ متعصَّرةٌ تتوهج وتدَّحرج بين جلابيبكِ كياقوتة مُنكسرة

فاقتربي وصَرْصَري

وأن أغزلُ لكِ من الزبد الأبيضِ عَرِيشتين مكتنزين 

كفستقتين بريتن

من ثمارها تقطفين وتحت ظلها تجلسين 

وأخريين بهما تنكشُين الفجر

كلما غاب اللّيلِ.

يا لكِ من خيالات وصور.




جوهر المرأة | بقلم الأديبة المصرية خلود أيمن


جوهر المرأة | بقلم الأديبة المصرية خلود أيمن
جوهر المرأة | بقلم الأديبة المصرية خلود أيمن

 


 السلام عليكم ، 

جوهر المرأة : 

إن المرأة لتُعطي وقتما تُحسن سقياها بينبوع الكلمات العَطِرة التي لا تنضب حتى لا يجف ماؤها الذي يروي عطشك وتلهُّفك للمزيد من حنانها وعطفها فإنْ بخلت عليها لن تجد سوى الجَفاء والبُعد الذي لم ترغبه يوماً ، فكُنْ معطاءً حتى لا تُحرَم من فيض كرمها وجُودها عليك بكل ما تملك من حب وحنان وطيبة فتروق لك الدنيا وتَطيب بكل ما فيها لدرجة أنك لم تَعُد ترغب في شيء سوى الجلوس في رِحابها والاستمتاع بكل لحظة معها إِذْ تُولِّد داخلك شعوراً بالصفاء والسلام والراحة والأُلفة التي لم تعتدها من قَبْل ، فتلك المشاعر لم تعشها سوى بعد أنْ اقتحمت حياتك تلك الأنثى التي لن تُعوِّضك الحياة بمثيلٍ لها ، فاحرص عليها واهتم بشأنها حتى تظل تشع نوراً يُضئ عتمتك ويَجلي همك وقتما تجتاحك أي نوبات ضيق أو حزن ، فدور المرأة لو تعلمون عظيم في حياة أي رجل لن يستشعره إلا إذا فقدها أو ضاعت منه ذات يوم ، فالجميع لا يشعرون بقيمة الشيء  سوى بعد اختفائه ويعتريهم الندم إثر تلك الخسارة الفادحة التي لحقت بهم وأَحلكت حياتهم مرة أخرى وأحالتها لأيام مكرَّرة لا جدوى منها ...




 

الرجعة بين الفعل والقول.. رؤية فقهية وأبعاد أسرية | بقلم أ. د روحية مصطفى أحمد الجنش أستاذ ورئيس قسم الفقه الأسبق بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات القاهرة 


الرجعة بين الفعل والقول.. رؤية فقهية وأبعاد أسرية | بقلم أ. د روحية مصطفى أحمد الجنش أستاذ ورئيس قسم الفقه الأسبق بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات القاهرة
الرجعة بين الفعل والقول.. رؤية فقهية وأبعاد أسرية | بقلم أ. د روحية مصطفى أحمد الجنش أستاذ ورئيس قسم الفقه الأسبق بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات القاهرة 



الرجعة بين الفعل والقول.. رؤية فقهية وأبعاد أسرية 

( امرأة أفقه من مالك )

أ.د روحية مصطفى 

الأسرة هي نواة المجتمع، واستقرارها غاية من غايات الشريعة الإسلامية، ومن أجل ذلك جاءت الأحكام المتعلقة بالطلاق والرجعة محكمة ومتوازنة، بحيث تُبقي على الحياة الزوجية متى أمكن ذلك، وتمنح الفرصة للتراجع عن الطلاق الرجعي قبل أن يصبح بينونة.

ومن هنا، كان بقاء المرأة المطلقة طلاقًا رجعيًا في بيت زوجها خلال عدتها أمرًا إلهيًا يحمل في طياته حكمًا عظيمة، قال الله تعالى: ﴿ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ ﴾ [الطلاق: 1].

وذلك لأن وجودها في بيتها خلال هذه الفترة قد يكون سببًا في عودة الألفة والمودة بين الزوجين، فلا يكون الطلاق مجرد انفعال مؤقت، بل يظل الباب مفتوحًا لمراجعة القرار قبل فوات الأوان.

الرجعة بين اللفظ والفعل

من الأحكام التي تميز بها مذهب الحنفية في مسألة الرجعة أنها لا تتوقف على اللفظ فقط، بل تصح بالفعل أيضًا، كالجماع ومقدماته، دون الحاجة إلى تصريح الزوج بلفظ الرجعة. وهذا التوسع في مفهوم الرجعة يأتي في سياق التيسير، ومنع التسرع في إنهاء رابطة الزواج متى كان هناك مجال لإصلاحها.

بل إن الأحناف ذهبوا إلى أبعد من ذلك، فقرروا أن الرجعة تصح حتى لو كان الزوج مكرهًا عليها، أو نطق بها مازحًا أو هازلًا أو مخطئًا، لأن الرجعة في حقيقتها استدامة لعقد النكاح، وما دام الفعل المختص به موجودًا، فإنه يغني عن اللفظ.

وقد قال الإمام الكاساني رحمه الله:"وَكَذَا كَوْنُ الزَّوْجِ طَائِعًا وَجَادًّا وَعَامِدًا لَيْسَ بِشَرْطٍ لِجَوَازِ الرَّجْعَةِ، فَتَصِحُّ الرَّجْعَةُ مَعَ الْإِكْرَاهِ وَالْهَزْلِ وَاللَّعِبِ وَالْخَطَأِ، لِأَنَّ الرَّجْعَةَ اسْتِبْقَاءُ النِّكَاحِ."

كما قال أيضًا: "وَكَذَا إِنْ جَامَعَتْهُ وَهُوَ نَائِمٌ أَوْ مَجْنُونٌ."

وهذا الاتجاه الفقهي يعكس حرص الشريعة على تلمّس أدق سبب يمكن أن يُبقي على الأسرة ويحافظ على كيانها، خصوصًا في مسائل تعم بها البلوى، حيث قد يتردد الزوج في اتخاذ قرار الرجعة صراحةً، بينما يكون سلوكه العملي شاهدًا على رغبته الضمنية في استدامة الحياة الزوجية.



تجربة واقعية.. رجعة بفعل الزوجة 

في أحد البيوت التي أوشكت جدرانها أن تنهار بفعل الطلاق، جلست امرأة تنظر إلى زوجها الذي طلقها طلاقًا رجعيًا الأولى أو الثانية ، بينما لم يبقَ على انتهاء عدتها سوى يوم واحد، كانت تعلم أن بقاءها في بيت الزوجية خلال العدة أمر شرعي، وأدركت أيضًا أن ذلك قد يكون فرصة لإصلاح ما فسد من العلاقة، لم تشأ أن ترحل قبل أن تمنح نفسها وزوجها فرصة أخرى، فالطلاق وإن كان شرعًا، إلا أن آخر العلاج الكيّ.

كانت تحاول أن تتقرب منه، أن تذكّره بالأيام التي جمعتهما، لكنه ظل جامدًا، صامتًا، مترددًا حتى اللحظة الأخيرة ، ومع اقتراب نهاية العدة، قررت أن تستغل ما بقي من الوقت قبل أن تُسدّ الأبواب نهائيًا ، فانتظرت لحظة سكونه عند القيلولة، ثم اقتربت منه في هدوء، وطبعَت قبلةً على جبينه، وكأنها تقول له دون كلام: أما آن لك أن تراجع قرارك؟ لم يعترض، لم يُبعدها عنه، بل بقي على حاله كأنه لا يريد لهذه اللحظة أن تنتهي ، مضى اليوم، وانتهت العدة، فانتفض فجأة كمن أفاق من غيبوبة، وأدرك أن وقت الرجعة قد انتهى، فشعر بندم يمزق قلبه، والتفت إليها قائلًا: "لقد انتهت عدتكِ.. فات الأوان!"

لكنها، بابتسامة واثقة، ردّت عليه بهدوء: "بل ما زلتُ زوجتك، لقد راجعتني."

اتسعت عيناه في دهشة وسألها: "كيف؟ متى؟"

قالت: "أما حين قبلتُك ولم تعترض، أليس ذلك إقرارًا منك؟ أليس في ذلك دلالة على بقاء المودة؟"

تردد قليلًا ثم سأل في حيرة: "وهل تصح الرجعة بالفعل ومن الزوجة دون لفظ مني ، وبدون أن أنوي ذلك؟". 

فكان الجواب أن الرجعة عند الأحناف تصح بالفعل، كما تصح مع الإكراه، والهزل، واللعب، والخطأ، لأن الرجعة استدامة للنّكاح، والفعل المختص به أدل عليه من القول، خصوصًا في هذه المسائل التي تعم بها البلوى ، بل أجازو الرجعة بفعل الزوجة وسكوت الزوج مثل الحالة الواردة في المسألة .

الرجعة في سياقها الإنساني والاجتماعي : 

لا تقتصر أهمية هذه الأحكام على الجانب الفقهي فقط، بل لها أبعاد اجتماعية ونفسية عميقة، إذ إن الطلاق ليس مجرد إجراء قانوني، بل هو قرار يهزّ كيان الأسرة، ويؤثر على الزوجين والأبناء والمجتمع بأسره.


ومن هنا، نجد أن الشريعة وضعت ضوابط تحافظ على استقرار الأسرة، فجعلت الطلاق الرجعي فرصة لمراجعة الذات، كما أوجبت على المرأة البقاء في بيت الزوجية خلال العدة، وأباحت للزوج أن يراجعها بالفعل لا بالقول فقط، وكل ذلك من أجل منح العلاقة الزوجية فرصة جديدة للحياة.

الخلاصة : إن الأحكام الشرعية المتعلقة بالطلاق والرجعة تحمل في جوهرها بعدًا إنسانيًا واجتماعيًا، يعكس حرص الإسلام على استقرار الأسرة، ورغبته في تقليل حالات الطلاق التي قد تكون وليدة لحظة غضب أو انفعال.

ولهذا، فإن التوسع في مفهوم الرجعة، ليشمل الفعل إلى جانب القول حتة وإن كان من الزوجة ووجود مايدل على إقرار الزوج بذلك ، هو صورة من صور التيسير التي تتماشى مع روح التشريع الإسلامي، الذي يسعى إلى تقليل الهدم، وتعزيز البناء، والمحافظة على الروابط الأسرية بكل وسيلة ممكنة.  والله تعالى أعلى وأعلم.




 

تأمَّلتُ! | بقلم الشاعرة والكاتبة المصرية ريهام كمال الدين سليم


تأمَّلتُ! | بقلم الشاعرة والكاتبة المصرية ريهام كمال الدين سليم
تأمَّلتُ! | بقلم الشاعرة والكاتبة المصرية ريهام كمال الدين سليم 

 


تأمَّلتُ القمرَ يتهادى في دربِ الليلِ

وحيدًا كأنه حكيمٌ اعتزلَ ضجيجَ الأرضِ

فهمسَ لي: 

"السكينةُ كنزُ الأرواحِ والوحدةُ ليست إلا لقاءً خفيًّا مع النور"


تأمَّلتُ الشمسَ وهي تسكبُ نورَها على الأرضِ بسخاءٍ

تغيبُ عن الأفقِ في هدوءٍ وخجلٍ

فأسرَّت لي: 

"العطاءُ لا ينتظرُ شكورًا" 


تأمَّلتُ النجومَ وهي تتناثرُ في عمقِ الليل

كأنها أصداءُ أرواحٍ تبحثُ عن مستقر

فقالت لي: 

"البريقُ ليس لمن يملكُ القوة

بل لمن يصنعُ الأملَ في الظلام."


تأمَّلتُ البحرَ وهو يُحدِّثُ الرياحَ 

تارةً هادئًا كروحِ الزاهد

وتارةً هائجًا كقلبِ الثائر

فأخبرني: 

"التناقضُ هو سرُّ الوجود

وفي العمقِ تكمنُ الحقيقةُ لا السطح."


تأمَّلتُ الزهرةَ تُزهرُ وسطَ الصخور

تتحدَّى الجدبَ بعطرِها وألوانِها

فقالت لي:

"الجمالُ لا ينحني أمامَ القسوة

والإصرارُ يُحيي حتى اليابس."


تأمَّلتُ الطيرَ وهو يشقُّ السماءَ بجناحيهِ

يواجهُ العواصفَ بلا خوفٍ ولا ندم

فقال لي: 

"الحياةُ أفقٌ لمن يجسرُ

والحريةُ أن تُحلِّقَ ولو بأجنحةٍ من وجع."