بحث

Translate

 

رحلة الحياة | بقلم الأديبة المصرية خلود أيمن 


رحلة الحياة | بقلم الأديبة المصرية خلود أيمن
رحلة الحياة | بقلم الأديبة المصرية خلود أيمن



السلام عليكم ، 

رحلة الحياة : 

الحياة رحلة غامضة لا تُفهَم في أغلب الأوقات ، قد تمنحك أموراً وتحجب عنك أخرى أنت في أَمَسْ الحاجة إليها ولكنها قد تعطيك إياها ذات يوم إنْ كففت عن التفكير فيها ، هي مجموعة أيام قد تكون مميزة أو متشابهة بحَسب نظرتك لها وحسب رغبتك في تغييرها نحو الأفضل ، فبعض الأيام تكون مشرقة وبعضها تكون حالكة ولا ندري كيفية تغيير هذا الوضع وعلَّ القادم يكون أفضل حالاً ، ولكن تقبُّل الحياة على أي حال هو ما يجعلها يسيرة هينة لينة ويجعلنا قادرين على المُضي فيها بنفس الروح التي خُلِقْنا بها دون أنْ تشوبها أية منغصات تغيِّرها نحو الأسوأ وتجعلنا أكثر جحوداً وطمعاً من ذي قَبْل ...



 قلبي على سفر | بقلم الأديب المصري علي كمال


قلبي على سفر | بقلم الأديب المصري علي كمال
قلبي على سفر | بقلم الأديب المصري علي كمال


قلبي ..على سفر
سنوات مضت
سنوات قد تأتي
يظل قلبي على سفر
كطائر ضائع تحت المطر
سفينة العمر مثقوبة
تتقاذفها الأمواج في بحر القدر
تبحث عن مرساتها
تبحث عن خلاصها
عن شاطئ عليه تنتظر
قلبي ..يظل على سفر
يهرب من مدن الخوف
مدن لا يزورها ضوء القمر
أعمدة شوارعها مكسورة
أرصفتها مهجورة
ليس بها غير الثلج وأوراق الشجر
ساحاتها
ميادينها
ليس بها غير رائحة الموت والحفر
مدينة يضجر منها الضجر
تقاتل أهلها
فهجرها الحب والمطر
قلبي ..على سفر
يبحث عن مدينة الحب
لم يغزُها الفُرس
ولم يحرقها التتر .
مدينة للحب
لا يعرفها المغامرون
المقامرون
المتاجرون بالبشر
أبحث عن مدينة للحب
على أشجارها
تغرد العصافير
تضيء سماؤها النجوم
يؤنس لياليها القمر
عندها يستقر قلبي
ويفرغ حقائب السفر

 

عرفات الله... حين تتهجد الأرواح وتتنزل الرحمات | بقلم أ. د روحية مصطفى أحمد الجنش أستاذ ورئيس قسم الفقه الأسبق بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات القاهرة 


عرفات الله... حين تتهجد الأرواح وتتنزل الرحمات | بقلم أ. د روحية مصطفى أحمد الجنش أستاذ ورئيس قسم الفقه الأسبق بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات القاهرة
عرفات الله... حين تتهجد الأرواح وتتنزل الرحمات | بقلم أ. د روحية مصطفى أحمد الجنش أستاذ ورئيس قسم الفقه الأسبق بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات القاهرة 



عرفات.. ذلك الوادي المبارك الذي تتهادى فيه الأرواح كما لو أنها عرفت خالقها لأول مرة، فاطمأنت، وسكنت، وألقت عن كاهلها أوزار الأيام وثقل الأعوام. إنه الموعد السنوي الذي تنتظره القلوب العطشى إلى الغفران، فتُساق إليه خاشعة راجية، باكية دامعة، وكلها أمل أن تكتب في زمرة المعتوقين من النار.

في عرفات، لا فرق بين غني وفقير، ولا بين عالم وجاهل، الكل يرتدي البياض، والكل يرفع يديه، والكل يهمس: "يا ربّ".. كم هي عظيمة تلك اللحظة التي يجتمع فيها الناس من كل فجّ عميق، يلهجون بدعاء واحد: "اللهم اغفر لنا واعتق رقابنا".

عرفات ليس مجرد مكان، بل هو حالة روحية، ومقام من مقامات التوبة والرجوع، هو الموعد الأعظم بين العبد وربه، حيث يباهي الله بعباده ملائكته، ويُشهِدهم على غفرانه.

في عرفات، تعرف الله أكثر.. ترى رحمته تتنزل مع كل غروب، وتسمع نداء السماء: "قد غفرت لهم" ، عرفات الله... ذلك اليوم المشهود الذي تتجلّى فيه معاني الرحمة والكرم والإحسان الإلهي في أبهى صورها، ويشرق فيه نور العبودية الخالصة والتسليم الصادق للحقّ سبحانه، من الحاج وغير الحاج ، ففي هذا اليوم، تمتدّ رحمة الله لتَسَع كل شيء، وتطرق أبواب القلوب التي أقبلت عليه برجاء ومهابة، مهما تباعدت الأجساد أو اختلفت الأماكن.

فهذا حاجٌّ قد بلغ عرفات الله مع إشراقة الشمس، يقف فيها حتى غروبها، يتنقل بين صلاةٍ خاشعة، وذكرٍ عطر، ودعاءٍ ملؤه الرجاء، وتسبيحٍ وتهليلٍ وتكبير، واستغفارٍ يفيض من قلبٍ أثقله عبء الذنوب ، نعم إنه يوم العودة إلى ربّ العباد، يوم تُسفك فيه دموع التوبة على ذنوب تراكمت، منها ما هو صغير كالهَمسة، ومنها ما هو كبير كالجبل، لكنها جميعًا تهوي أمام باب الرحمن إذا ما طرقه العبد بقلب منكسر ونفسٍ صادقة ، إن رحمة الرحمن وفيض كرمه يتنزّلان في هذا اليوم تنزّلًا يليق بجلاله، فينزل سبحانه إلى السماء الدنيا، ويُلقي على عباده نظرة رضا لا تُرد، فيباهي بهم ملائكته الذين قالوا يومًا: "أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء؟"، فيُريهم الحقُّ أن هؤلاء العباد – وإن عصَوا، وإن زلّوا – فإن في قلوبهم موضعًا للتوبة، وحنينًا للرجوع، وأنه سبحانه يعلم ما لا يعلمون ، فهم ليسوا مفطورين على الطاعة كملائكته، بل جبلوا على الضعف والنقص، ومع ذلك فتح لهم ربهم بابًا واسعًا من الرحمة، ليعودوا إليه بقلوب منكسرة، ونفوس متطهّرة، فيُكتب لهم أن يُبعثوا من عرفات طاهرين أنقياء كما ولدتهم أمهاتهم… لا يحملون من الذنوب شيئًا، إلا ما كان من حقوق العباد.

بل إن الله تعالى، بلطفه ورحمته، دلّ عباده على مواطن الخير ومظان الرحمة في هذا اليوم المشهود، الذي لا يُقضى ولا يُعوَّض، فـمن فاته عرفات الله فقد فاته الحج، إذ هو ركنه الأعظم، ويومه الأكبر، كما قال الحبيب المصطفى ﷺ: "الحج عرفة". هو يوم الحج الأكبر، ويوم التجلّي والعتق والقبول، وقد بيَّن لنا رسول الله ﷺ – وهو الذي لا ينطق عن الهوى – أفضل ما يُقال فيه، فقال: "خيرُ الدعاء دعاء يوم عرفة، وخيرُ ما قلتُ أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير."

فمن فاز في هذا اليوم العظيم، ونزل من عرفاته بقلب خاشع ولسان ذاكر، غفر الله له ما تقدم من ذنبه، وبدأ صفحة جديدة بيضاء، لا يكتب فيها إلا الرضا، ولا يُسطر فيها إلا القبول.

وهذا الإحسان الإلهي لا يقتصر على من وقف بعرفات بجسده وروحه، بل يمتدّ فيضه ليشمل سائر العباد في كل بقاع الأرض. فقد شرع الله تعالى صيام هذا اليوم العظيم لغير الحاج، وجعل فيه من الفضل ما لا يُقدَّر بثمن، إذ يكفّر ذنوب عامٍ مضى وعامٍ آتٍ، ما لم تكن من حقوق العباد.

ذلك لأن المظالم لا تُمحى إلا بردّ الحقوق أو عفو أصحابها، فـمن ظلم أخاه، أو أكل ماله، أو أهدر حقه، أو أساء إليه بأي صورة من صور الظلم، فلن يُجزئ عنه حج كل عام، ولا عمرة كل يوم، حتى يُعيد الحقوق أو ينال العفو ممن ظلمه.

فيا سعادة من طابت سريرته، وصفت نيّته، وخرج من يوم عرفة خفيفًا لا يحمل في قلبه حقدًا، ولا في رقبته مظلمة.

ولا يقتصر العمل الصالح في يوم عرفة لغير الحاج على الصيام فقط، بل هو يوم تتسع فيه أبواب الخير وتتنوع طرق القربات، فكل عبادة تُتقرب بها إلى الله تدخل في فضل هذا اليوم العظيم.

فمن دعاء واستغفار، وتسبيح وتهليل، وقراءة للقرآن، ومدارسة للعلم، وإصلاح ذات البين، وكثرة الخطى إلى المساجد، والدعوة إلى الله تعالى، والسعي على الأهل والولد، وعيادة المريض، وحسن العشرة، وأداء الواجبات… كلها من أعمال يوم عرفة التي لا تُحصى ولا تُعد.

فمن لم يُكتب له أن يقف بجسده في عرفات، فليكن له وقوف عند حدود الله الذي عرفه، وقفة صدق وتوبة وإصلاح، فذاك هو الوقوف الأعظم الذي لا يخيب معه الرجاء.





سلامُ اللهِ | بقلم ريهام كمال الدين سليم شاعرة وكاتبة مصرية 


سلامُ اللهِ | بقلم ريهام كمال الدين سليم شاعرة وكاتبة مصرية
سلامُ اللهِ | بقلم ريهام كمال الدين سليم شاعرة وكاتبة مصرية 



سلامُ اللهِ.. 

رحمَتُهُ عليكُم.. 

وقلبي ودُّهُ.. مِلءُ الدّهورِ.. 


إِليكم مالَ ريحانُ المعاني.. 

فأنتم غيمةٌ.. 

غيثُ الشُّعُورِ.. 


كأنَّ الحَرفَ قَد نالَ الأماني.. 

إذا يومًا تَدَبَّرتُم سُطُوري.. 


تُصَافِحُنِي نواياكُم ضِياءً.. 

فأَنتم مطلَعُ الفجرِ الطَّهُورِ.. 


وَعَدْتُ السَّعْدَ أَن أبقَى وَفِيًّا.. 

وَأَن أرعَى مَوَاثِيقَ الصُّدُورِ.. 


وأنثرُ في الدروبِ نسيمَ صدقٍ.. 

يُغنّي في المدى لحنَ السرورِ..



 

حقيقة المرء | ومضة بقلم الأديبة المصرية خلود أيمن 


حقيقة المرء | ومضة بقلم الأديبة المصرية خلود أيمن
حقيقة المرء | ومضة بقلم الأديبة المصرية خلود أيمن



السلام عليكم، 

حقيقة المرء : 

قد يتعرض الإنسان لموقف أو صدفة أو ظرف معين يُظهِر ما بداخله من طبائع مستترة كانت بحاجة لتلك الفرص كي تظهر على حقيقتها ويعرفها الجميع وتنكشف أمامهم ، فالمرء لا يخرج منه سوى ما يشكِّل طبيعة شخصيته وفطرته التي جُبِل عليها ، فلن تُجبره الظروف على اتخاذ نهج لا يمثِّله أو يُعبِّر عن خِصلة فيه بشكلٍ أو بآخر ، فلن يكون أحداً سواه ، فلا بد أنْ يتحرك المرء وِفقاً لما يُمليه عليه ضميره ولا يتَّهم الظروف بأنها المتسببة في خروج هذا الشخص من داخله وكأنه وضعته داخله بالإجبار ...



 

دليل تصحيح أخطاء المحرم في منى | بقلم أ.د روحية مصطفى الجنش أستاذ ورئيس قسم الفقه الأسبق بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات القاهرة 


دليل تصحيح أخطاء المحرم في منى | بقلم أ.د روحية مصطفى الجنش أستاذ ورئيس قسم الفقه الأسبق بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات القاهرة
دليل تصحيح أخطاء المحرم في منى | بقلم أ.د روحية مصطفى الجنش أستاذ ورئيس قسم الفقه الأسبق بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات القاهرة


تُعد منى من المناسك العظيمة التي يقف فيها الحاج شاهدًا على تعظيم شعائر الله، وهي موطن المبيت ورمي الجمرات، وموضع الإكثار من الذكر والدعاء في أيام معدودات. وقد بيّن النبي ﷺ بفعله وقوله كيفية أداء المناسك فيها، ووجّه الأمة لهدي التيسير والانضباط. لكن كثيرًا من الحجاج – عن جهل أو تقليد – يقعون في أخطاء تُخلّ بالكمال، أو تجرّ إلى المخالفة. وفيما يلي بيان أبرز هذه الأخطاء، مع تصحيحها وبيان الوجه الصحيح المستند إلى السنة.

الخطأ: ترك الجهر بالتلبية عند الإقامة في منى وأثناء رمي الجمرات، حيث يمر الزائر بأفواج من الحجاج لا يكاد يسمع منهم ملبّيًا.

الصواب: الجهر بالتلبية من السنن المؤكدة، وخصوصًا في منى، حيث يُستحب الإكثار منها ورفع الصوت بها للرجال، ما لم يشق عليهم، تأسّيًا بالنبي ﷺ الذي لبّى حتى رمى جمرة العقبة ، قال ﷺ: «أفضل الحج العج والثج» الترمذي بإسناد صحيح ،  والعج: رفع الصوت بالتلبية ، كما جاء في الحديث: «ما من ملبٍّ يُلبي إلا لبّى من عن يمينه وعن شماله من حجر أو شجر أو مدر...» الترمذي بإسناد صحيح ، "والثج"، وهو ذبح الهدي والأضاحي، وإراقة دمائها وسيلانها، وقيل: إنه يريد بذلك كل أفعال الحج من أولها إلى منتهاها؛ لأنها تبدأ بالذكر والتلبية، وتنتهي بالذبح والهدي؛ فذكر الحدين ليشمل ما بينهما من أعمال، كأن كل أعمال الحج عظيمة وجليلة وينبغي إتمامها .

الخطأ: الذهاب مباشرة إلى عرفات يوم الثامن من ذي الحجة، دون النزول والمبيت في منى.

الصواب: المبيت بمنى في يوم التروية (اليوم الثامن من ذي الحجة) سنة مؤكدة، وليس واجبًا على الراجح من أقوال أهل العلم وهو مذهب السادة الأحناف ، لذا لا يُلزم من تركه بدم، لكن فاته فضل عظيم ومخالفة لهدي النبي ﷺ  ، قد ثبت في صحيح مسلم أن رسول الله ﷺ نزل بمنى يوم التروية، وصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، ثم خرج إلى عرفة بعد شروق الشمس، وقال: «خذوا عني مناسككم» [رواه مسلم].

الخطأ: جمع الصلوات في منى يوم التروية أو أيام التشريق.

الصواب: المشروع للحاج في منى أن يقصر الصلاة الرباعية (الظهر، والعصر، والعشاء) بدون جمع، فيصلّي كل صلاة في وقتها، كما فعل النبي ﷺ في منى، فقد كان يقصر الصلاة ولم يجمعها، رغم كونه مسافرًا ، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: "صلّيت مع النبيِّ ﷺ بمنى ركعتين، ومع أبي بكر وعمر وعثمان صدراً من إمارته" متفق عليه . 

الخطأ: التفريط في السؤال عن حدود مِنى، والمبيت خارجها دون تحقق أو ضرورة.

الصواب: يجب على الحاج أن يتحرّى المبيت داخل حدود مِنى، وأن يسأل القائمين على الحملة أو الجهات المختصة إن لم يكن على علم بالحدود؛ لأن المبيت في منى واجب من واجبات الحج، وتركه دون عذر يُلزم الحاج بدم (ذبح شاة).

 تنبيه: كثير من الحملات تنزل خارج منى – خاصة في العزيزية أو مناطق قريبة – بحجة الزحام، وهذا لا يُسقط الواجب، ويجب التنبه لذلك، والسعي للمبيت في المكان الصحيح داخل حدود منى ، الدليل: قال ابن قدامة رحمه الله: "فإن ترك المبيت لغير عذر فعليه دم، لا نعلم في هذا خلافًا" .

الخطأ: إضاعة الأوقات في منى بما لا يُفيد؛ ككثرة اللهو، أو الانشغال بالمحادثات الدنيوية، أو الترفيه الزائد، أو متابعة ما لا ينفع عبر الهواتف.

الصواب: ينبغي أن يحرص الحاج على استثمار أيام منى في ذكر الله، والدعاء، وتلاوة القرآن، وتعليم الآخرين، والتفكر في النعم، ومراجعة النفس؛ فهذه الأيام هي "أيام التشريق" التي قال فيها رسول الله ﷺ: «أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله» [رواه مسلم].

الخطأ: عدم الالتزام بالنظافة الشخصية أثناء أيام منى، مما يؤدي إلى انتشار الروائح الكريهة والتسبب في أذى الآخرين، وظهور أمراض أو عدوى.

الصواب: يجب على الحاج المحافظة على نظافته الشخصية بقدر المستطاع، والحرص على استخدام الماء والصابون غير المعطر للوضوء والاستحمام، وغسل اليدين، وارتداء ملابس نظيفة  ، فيجب أن نجعل من الحج سلوكًا راقيًا يظهر فيه جمال الإسلام في تعاملك مع نفسك ومع الآخرين، فالنظافة جزء من العبادة، وأدب من آداب الطريق والرفقة .

أما مايخص الأخطاء المتعلقة برمي الجمار فهي : 

الخطأ: توكيل بعض الحجاج الأقوياء غير العاجزين في رمي الجمرات، رغم قدرتهم على أداء النسك بأنفسهم.

الصواب: الأصل أن الحاج يرمي الجمرات بنفسه ما دام قادرًا؛ لأن الرمي من شعائر الحج العظيمة التي شُرعت لإظهار الانقياد والتعظيم، ولا يجوز التوكيل فيها إلا لعذر معتبر ككبر السن، أو المرض، أو الضعف الشديد، أو الخوف من الزحام المؤذي، {ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَـٰٓئِرَ ٱللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى ٱلْقُلُوبِ} [الحج: 32] . 

الخطأ: اعتقاد بعض الحجاج عدم جواز رمي الجمار قبل الزوال مطلقًا في أيام التشريق، دون علمٍ بوجود خلافٍ معتبر بين أهل العلم في المسألة.


الصواب: الأصل أن وقت رمي الجمار في أيام التشريق (11، 12، 13 من ذي الحجة) يبدأ بعد زوال الشمس، وهذا هو مذهب جمهور العلماء (المالكية، الشافعية، والحنابلة)، مستدلين بحديث جابر رضي الله عنه: "كان النبي ﷺ يرمي الجمرة إذا زالت الشمس" – رواه مسلم.

ومع ذلك، فقد ذهب الحنفية إلى جواز الرمي قبل الزوال في يوم النفر (الثاني عشر)، بل أجازوه في سائر أيام التشريق عند وجود عذر كمرض، أو زحام شديد يخشى معه الضرر، نبغي للحاج أن يعلم الخلاف الفقهي في هذه المسألة، وأن يلتزم بالرمي بعد الزوال إن تيسر له ذلك، اقتداءً بهدي النبي ﷺ، فإن اضطر إلى الرمي قبل الزوال لوجود عذر معتبر، فلا حرج عليه، خاصة إذا أخذ برخصة الحنفية.

الخطأ: اعتقاد بعض الحجاج أن الجمرات تمثّل الشياطين، فيقومون برميها بالأحذية أو الحجارة الكبيرة، ويصاحبون ذلك بالسباب والشتم، ظنًا منهم أنهم يطاردون الشيطان أو ينتقمون منه.

الصواب: رمي الجمرات عبادة تعبدية محضة، شرعها الله تعالى تذكيرًا بعداوة الشيطان وانقيادًا لأمر الله، وليست موجهة إلى شيطان حقيقي ولا موضعًا للانتقام، وإنما الغرض منها الامتثال والاقتداء بسنة النبي ﷺ. وقد رمى رسول الله ﷺ الجمار بحصى صغار كحصى الخذف، ونبّه أمته بقوله: «بأمثال هؤلاء فارموا، وإياكم والغلو في الدين».النسائي بإسناد صحيح ،  فلا يجوز رميها بالأحذية أو الحجارة الكبيرة، ولا يشرع سبّها أو شتمها؛ لأنها ليست إلا مواضع عبادة، وتعظيم شعيرة الرمي يكون بالهدوء، والانضباط، والتسليم لله، لا بالغلو أو الإساءة. فالرمي تذكير لا انتقام، وتعظيم لا تهجم، ومن تعبد الله بغير هدي نبيه فقد أخطأ في القصد والطريقة.

الخطأ: قيام بعض الحجاج بتكسير الحصى من الجبال، أو اختيار الحصى الكبيرة، أو غسل الحصى قبل الرمي، اعتقادًا منهم أن ذلك أنظف أو أفضل تعبديًا.

الصواب: المشروع أن تكون حصى الجمرات بحجم حبة الحمص أو البندق تقريبًا، كما ورد عن النبي ﷺ، حيث رمى الجمار بمثل حصى الخذف، أما تكسير الحصى من الجبال فلا حاجة إليه، ويكفي أخذ الحصى من أي موضع مباح. وأما غسل الحصى فليس من السنة، ولم يفعله النبي ﷺ ولا أصحابه، بل هو من البدع التي ينبغي اجتنابها، إذ العبادات تُبنى على الاتباع لا على التحسين العقلي ، فالرمي عبادة يُقصد بها الامتثال لا التنظيف، والزيادة على هدي النبي ﷺ لا تُقرب إلى الله بل تُبعد عن السنة.

الخطأ: يظن بعض الحجاج أن الحصاة لا تُجزئ إلا إذا أصابت العمود الموجود في وسط المرمى، بينما يتهاون آخرون في التأكد من وقوعها داخل الحوض، فيرمون دون عناية، وقد لا تقع الحصاة في المرمى أصلًا.


الصواب: لا يُشترط لصحة الرمي أن تُصيب الحصاة العمود القائم، فهذا العمود إنما وُضع علامةً لتحديد مكان الحوض، وليس هو المقصود بذاته، وإنما العبرة في الرمي أن تقع الحصاة داخل المرمى (الحوض الدائري) ولو لم تُصِب العمود، وعلى النقيض، لا يُجزئ الرمي إذا لم تقع الحصاة في الحوض، حتى لو رُميت بقوة أو بُذل فيها جهد، فمن لم تقع حصاته داخل المرمى فعليه الإعادة حتى يُوقن أنها وُقعت في الموضع المشروع، وهذه عبادة لا تُبنى على الظن أو الإهمال، بل على التحقق واليقين.

الخطأ: أن تظن بعض النساء أن لهن التوكيل في رمي الجمرات لمجرد كونهن نساء، دون تحقق عذر شرعي يبرر ذلك، كالمشقة الشديدة أو الخوف غير المحتمل.

الصواب: الأصل أن المرأة – كالرجل – تُكلّف برمي الجمرات بنفسها إذا كانت قادرة وآمنة. ولا يجوز لها التوكيل لمجرد أنها امرأة، إلا إن وُجد عذر معتبر كمرض، أو كِبر سن، أو خشية أذى لا تحتمله، أو ضعف ظاهر، وقد ثبت أن النبي ﷺ لم يُرخّص للضعفة من النساء – كسَودة بنت زمعة – في التوكيل، بل أذن لهم بالرمي في وقت يُخفف عنهم الزحام، وهو بعد منتصف الليل، كما في حديث ابن عباس في الصحيحين ، فتأخير الرمي إلى الليل رخصة ثابتة عند الحاجة، وهو أولى من التوكيل، ومن السُّنة أن تسعى المرأة إلى أداء النسك بنفسها ما دامت قادرة على ذلك؛ تعظيمًا للشعائر واقتداءً برسول الله ﷺ.

الخطأ: رمي حصى الجمار جميعًا دفعة واحدة.

الصواب: يجب على الحاج أن يرمي الجمرات سبع حصيات متفرقات، واحدة بعد الأخرى، كل حصاة مستقلة تُرمى بمفردها، ويُكبر مع كل رمية ، فإذا رمى الحصيات جميعًا دفعة واحدة، فإنها لا تُجزئ إلا عن واحدة فقط، ويكون قد ترك ستًّا من واجبات الرمي، ويلزمه إعادة الرمي إن أمكن، أو الفدية إن فات وقت الرمي ولم يُعده ، فقد ثبت أن النبي ﷺ رمى الجمار سبعًا سبعًا، يكبّر مع كل حصاة، وقال: "خذوا عني مناسككم" [رواه مسلم].

الخطأ: رمي أكثر من سبع حصيات عند كل جمرة، ظنًّا أن ذلك زيادة في الخير أو احتياطًا.

الصواب: السنة أن يرمي الحاج سبع حصيات فقط عند كل جمرة من الجمرات الثلاث، ويكبّر مع كل رمية ، والزيادة على هذا العدد مخالفة للسنة، ولا تُعدّ عبادة، بل قد تكون بدعة، لأن العبادة توقيفية لا تُزاد ولا تُنقص إلا بدليل.

الخطأ: رمي الجمرة الصغرى والوسطى يوم العيد (يوم النحر – 10 ذو الحجة)، مع أن هذا اليوم لا يُرمى فيه إلا جمرة العقبة الكبرى.


الصواب: في يوم العيد، الواجب هو رمي جمرة العقبة الكبرى فقط، بسبع حصيات متعاقبات، يكبّر مع كل حصاة. أما الجمرة الصغرى والوسطى، فلا يُشرع رميهما إلا في أيام التشريق (11 و12 و13 من ذي الحجة)، فقد جاء في حديث جابر رضي الله عنه في صحيح مسلم في صفة حج النبي ﷺ:«فَرَمَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الجَمْرَةَ الَّتِي عِندَ العَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ ضُحًى، وَرَمَاهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ" ولم يُذكر في يوم العيد رمي غيرها.

الخطأ: الاستمرار في التلبية بعد رمي جمرة العقبة يوم النحر.

الصواب: السنة أن يقطع الحاج التلبية بعد رمي جمرة العقبة الكبرى يوم العيد (10 ذو الحجة)، ولا يشرع له الاستمرار بها بعدها؛ لأن التلبية تنتهي برمي هذه الجمرة ، فعن الفضل بن عباس رضي الله عنهما قال:" أفضت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من عرفات... حتى رمى جمرة العقبة، فلم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة" متفق عليه .

الخطأ: الإصرار على الرمي في أول الوقت بعد الزوال مباشرة يوم العيد وأيام التشريق، رغم شدة الزحام، وتجاهل التيسير الذي جاءت به الشريعة.

الصواب: الأفضل أن يرمي الحاج في الوقت الذي يخف فيه الزحام، ما دام الوقت ممتدًّا من زوال الشمس إلى طلوع الفجر من الليلة التالية عند كثير من أهل العلم، وخاصة إذا ترتب على الزحام أذى أو خطر، وقد رخّص النبي ﷺ للضعفة من أهله أن يرموا ليلاً، فدلّ على امتداد وقت الرمي وسعة الشريعة، ويدخل في حكمهم اليوم كبار السن، والنساء، والمرضى، وكل من يخشى الزحام الشديد، الدليل: عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها أنها رمت الجمرة بعد غروب القمر ليلة النحر، وقالت: "كنا نفعل ذلك على عهد رسول الله ﷺ" مسلم . 

والله تعالى أعلى وأعلم 

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات





 

دليل تصحيح أخطاء المحرم في مزدلفة | أ.د روحية مصطفى الجنش أستاذ ورئيس قسم الفقه الأسبق بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات القاهرة 


دليل تصحيح أخطاء المحرم في مزدلفة | أ.د روحية مصطفى الجنش أستاذ ورئيس قسم الفقه الأسبق بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات القاهرة
دليل تصحيح أخطاء المحرم في مزدلفة | أ.د روحية مصطفى الجنش أستاذ ورئيس قسم الفقه الأسبق بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات القاهرة


تُعدُّ مزدلفة محطة مهمة من محطات الحج التي يجتمع فيها الحجاج بعد أعظم ركن، وهو الوقوف بعرفة، ليمضوا فيها ليلة مباركة يُكثرون فيها من الذكر والدعاء والمبيت تأسِّيًا بهدي النبي ﷺ. وقد بيَّن الشرع ما ينبغي للحاج فعله في مزدلفة من الجمع بين الصلاتين، والمبيت، وذكر الله عند المشعر الحرام، والتهيؤ لرمي جمرة العقبة. إلا أن كثيرًا من الحجاج – عن جهل أو تقليد – يقعون في أخطاء تُخلّ بالسُّنَّة أو تُعرِّضهم للحرج، وفيما يلي بيان أبرز تلك الأخطاء مع تصويبها وفق الهدي النبوي.

الخطأ: الإسراع الشديد عند الانصراف من عرفة إلى مزدلفة مما يؤدي أحيانًا إلى تصادم السيارات، والتزاحم الذي يُخرج عن مقصود العبادة.

الصواب: السنة أن يكون الدفع بسكينة وهدوء، فقد ثبت أن النبي ﷺ دفع من عرفة بسكينة، وكان يشير بيده ويقول: «أيها الناس، عليكم بالسكينة»؛ متفق عليه. وكان عليه الصلاة والسلام يُراعي حال الطريق، فإذا وجد فجوة أسرع، وإذا صعد مرتفعًا أرخى لناقته الزمام، فدلّ ذلك على التوسط والتوازن، وأن التأني أولى إذا دار الأمر بينه وبين الإسراع.

الخطأ: أن بعض الحجاج، خاصة المشاة، ينزلون قبل الوصول إلى مزدلفة، ويبيتون خارج حدودها، ثم ينصرفون إلى منى.

الصواب: يجب التأكد من الوصول إلى حدود مزدلفة قبل المبيت، لأن المبيت فيها واجب من واجبات الحج عند جمهور العلماء، وتركه بلا عذر يوجب دمًا. قال تعالى: ﴿فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ﴾ [البقرة: 198]، ومزدلفة كلها من المشعر الحرام. فمن نزل خارجها ولم يدركها فقد ترك الواجب، ومن فعَل ذلك فعليه دم.

الخطأ: أن بعض الحجاج يصلون المغرب والعشاء في الطريق إلى مزدلفة على العادة، دون مراعاة السنة النبوية.

الصواب: السنة أن يُؤخِّر الحاجُّ صلاة المغرب والعشاء حتى يصل إلى مزدلفة، ويصليهما فيها جمع تأخير، كما فعل النبي ﷺ، حيث قال حين طُلبت منه الصلاة في الطريق: «الصلاة أمامك»، ولم يُصَلِّ حتى بلغ مزدلفة، فجمع بين المغرب والعشاء بعد دخول وقت العشاء.

لكن لو خشي الحاج أن يفوته وقت العشاء أو أنه لن يصل مزدلفة إلا بعد طلوع الفجر، فإنه يصلي المغرب والعشاء في الطريق جمع تأخير، ولا يؤخر الصلاة حتى يخرج وقتها، لأن الصلاة لا يجوز تأخيرها عن وقتها بدون عذر معتبر شرعًا.

الخطأ: ظنُّ بعض الحجاج أن مجرد المرور بمزدلفة يكفي دون أن يمكثوا فيها أدنى مكث، فيتجاوزونها مباشرة دون وقوف.

الصواب: المرور فقط لا يُجزئ، بل يجب على الحاج أن يمكث في مزدلفة بعد نزوله بها، ولو قليلاً، لأن المبيت فيها من واجبات الحج عند جمهور العلماء.

والسنة أن يبقى الحاج في مزدلفة حتى يصلي الفجر، ثم يقف عند المشعر الحرام، فيدعو الله حتى يسفر جدًّا (أي ينتشر الضوء قبل طلوع الشمس) ، وقد رُخِّص للنساء والضعفة أن يدفعوا منها بعد منتصف الليل، كما ثبت أن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما كانت تترقّب غروب القمر، فإذا غاب دفعت إلى منى، اتباعًا لرخصة النبي ﷺ لأهل الأعذار.

الخطأ: إحياء بعض الحجاج ليلة المزدلفة بالصلاة والقيام والذكر، ظنًّا أن ذلك من السنة.

الصواب: السنة أن يقضي الحاج ليلة المزدلفة بالراحة والنوم استعدادًا ليوم النحر، لا بالقيام والتعبد ، ففي صحيح مسلم من حديث جابر رضي الله عنه: أن النبي ﷺ صلّى العشاء، ثم اضطجع حتى طلع الفجر، ولم يُنقل عنه أنه تهجّد أو أطال الذكر في تلك الليلة. وهذا يدل على أن السُّنّة في مزدلفة النوم والسكينة، وليس إحياء الليل كما يُفعل في ليالٍ أخرى.

الخطأ: الاستعجال في أداء الصلاة في مزدلفة دون تحرٍّ للقبلة.

الصواب: يجب على الحاج أن يتحرّى جهة القبلة قبل أداء الصلاة، خصوصًا في الأماكن العامة كمزدلفة، حيث وُضعت اللوحات الإرشادية لتحديد اتجاه القبلة بوضوح، ولا يُعذر بالجهل أو العجلة مع توفر الوسائل المساعدة ، وقد قال النبي ﷺ: "إذا قمتَ إلى الصلاة فأسبغ الوضوء، ثم استقبل القبلة" [متفق عليه]، والاستقبال شرط لصحة الصلاة .

الخطأ: البقاء في مزدلفة حتى تطلع الشمس، ثم أداء صلاة الشروق والانصراف بعدها.

الصواب: السنة أن ينصرف الحاج من مزدلفة قبل طلوع الشمس، بعد أن يُصلي الفجر ويذكر الله عند المشعر الحرام حتى يُسفر جداً، ثم يدفع إلى منى ، وقد ثبت في صحيح مسلم من حديث جابر رضي الله عنه: "أن النبي ﷺ صلى الفجر حين تبين له الصبح، ثم ركب حتى أتى المشعر الحرام، فدعا الله وذكره وكبره، ثم دفع قبل أن تطلع الشمس". ، أما البقاء حتى طلوع الشمس، فقد كان من هدي المشركين، ولذلك خالفهم النبي ﷺ وأمر بمخالفتهم، فلا يُشرع تأخير الانصراف تعبداً إلى ما بعد الشروق، بل يُعد ذلك من البدع المحدثة.

الخطأ: الاشتغال في مزدلفة بالتقاط الحصى قبل أداء صلاتي المغرب والعشاء .

الصواب: الأفضل أن يُبدأ بالصلاة ثم يُلتقط الحصى؛ لأن النبي ﷺ لم يلتقط الحصى فور نزوله، بل صلى المغرب والعشاء جمع تأخير، ثم بات، ثم صلى الفجر، وبعد ذلك توجه إلى منى  ، ويجوز أخذ الحصى من مزدلفة أو من أي موضع آخر، وليس من شرطه أن يُلقط من مزدلفة تحديدًا.

الخطأ: اعتقاد بعض الحجاج أن الوقوف وذكر الله في مزدلفة لا يُجزئ إلا في مسجد المشعر الحرام.


الصواب: الصحيح أن مزدلفة كلها موقف، كما ثبت عن النبي ﷺ في حديث جابر: "فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين ولم يُسَبِّح بينهما شيئًا، ثم اضطجع حتى طلع الفجر، فصلى الفجر حين تبين له الصبح، بأذان وإقامة، ثم ركب القصواء حتى أتى المشعر الحرام، فاستقبل القبلة فدعاه وكبّره وهلّله ووحّده، فلم يزل واقفًا حتى أسفر جدًّا، فدفع قبل أن تطلع الشمس"، وقال ﷺ: «ووقفت هاهنا وجمع كلها موقف» [رواه مسلم]. فلا يشترط الوقوف في المسجد، ويُشرع الذكر والدعاء في أي موضع من مزدلفة.

الخطأ : ظن البعض أن نزول النساء والضعفة من مزدلفة قبل الفجر لا يجوز.

الصواب : وهذا غير صحيح، بل هو سنة، وقد رخّص النبي ﷺ لأم سلمة ولأسماء بنت أبي بكر ومن معهما أن ينصرفوا قبل الفجر رفقًا بهن.

الخطأ : ترك التوجه إلى المشعر الحرام للدعاء بعد صلاة الفجر مع القدرة.

الصواب : هذا خلاف السنة، فإن النبي ﷺ وقف عند المشعر وذكر الله ودعا حتى أسفر جدًّا، فإن تيسر الوقوف والدعاء فهو من السنن المؤكدة. والله تعالى أعلى وأعلم





أنا مني | بقلم الأديبة السودانية ندى موسى 


أنا مني | بقلم الأديبة السودانية ندى موسى
أنا مني | بقلم الأديبة السودانية ندى موسى



مُمسكة بيدي،

احتضن قلبي

متماسكًة بين زلازلي،

يحتويني صمتي المُحبب

وتحتفي بي دواعي انكساري.


لم أكن يومًا رهينة فرحي،

ولم يُساورني سوء ظني

كم كانت تقودني صراعاتي.

أيُّ حقٍّ ذاك الذي يُهزم؟

ولم أكن سوى ندى

بين رمحٍ وسهم،

بين تحليقٍ يُشبهني

وبعض خبايا.


عشتُ شمسًا ولم أزل،

لا شيء أوجعني سوى صدقي،

وما زلت أرى،

وأسمع ما يعمهون.

مُمسكة بصدى صوتي

حين يرتد مفازًا،

خلتُ أني أغضب،

أثور،

يُتحفني التمنّي،

ويأسرني القبول.


متعبةٌ حين أبحث عنك،

وأعلم أنني مجهولة

بين ذاكرتي ووطني.

أُنفى من وطن النفاق،

فلستُ منكم…

أنا مِنّي،

من زُمرد قلبي،

من بلورِ حبٍّ لا يُضاهى.


لم أكن يومًا ظلًا

أو خيالًا،

ربما امرأة مؤرّخة

تحيا من نَسج المستحيل،

لا تُولَد مرتين،

ولا تُوجَد إلّا في الكتابات.


أُشفِقُ على هذا العالم،

وأعودُ متعبةً إليّ

بعدما أفرغتُ حانوتي الصغير

وما أودعتُ فيه من كلمات.


كلُّ قائلٍ يقول،

وكلُّ سائحٍ يسوح،

وكلُّ قلبٍ له الله.

وتظلُّ للريحِ أسرارها،

وللمطرِ أغنيات،

وللكتاباتِ معانٍ شتّى.


يأتي الشتاء شتاءً،

ويأتي الصيف صيفًا،

لكنّ فصولي كما هي…

روايةٌ لم تنتهِ.

وما زلت أدوّنها،

وما زال عقلي يثقله الكثير.


فكيف لي أن أُهزّ مخاوفي

لتتساقطَ عليّ طمأنينة؟

وكيف لحديثي الطويل

أن يكتمل،

وأنا أحمل جرّةً

تخرّ على رأسي…

ولا أُبالي؟


لم أضع مساحيق على وجهي،

فلم أعهَدْ سوى العيش في النور،

ولم أطعَمْ من طعام الضباع يومًا.

لقد وُلدتُ ملكة،

لأجعل حياتي

أسطورة كُبرى.


لم أعش يومًا لنفسي،

ولكني أحببتُني

حدّ الجنون،

حدّ الفخر دون تباهٍ.

من عجزي صنعتُ قوّة،

ومن انكساراتي بنيتُ قصورًا،

ومن خيباتي حصدتُني.


لذا… صدقتُ حين قلت:

لا أحد يشبهني

سِواي.